مقبرة وادي السلام في النجف حلم المثوى الاخير لكثير من الشيعة في العالم


جاك شارملو منالنجف (العراق): ينظر رضا موسوي الزائر القادم من ايران لإحياء ذكرى عاشوراء بعيون دامعة الى مقبرة وادي السلام في النجف، مستشكفا الامتداد الواسع للمكان الذي يحلم بان يكون مثواه الاخير.وبدا رضا الواقف وسط الحقائب واكياس السفر بالغ التأثر قبل صعوده الى الحافلة عائدا الى مسقط رأسه اصفهان لكن من المؤكد ان قلبه باق في المكان.ويزور مئات الالاف من الشيعة النجف (160 كلم جنوب بغداد)، حيث مرقد الامام علي بن ابي طالب، كما يزورون المقبرة التي يحلم معظمهم بدفنه في ترابها وهي الاكبر للمسلمين الشيعة في العالم.
وامضى رضا المتقاعد الذي كان يعمل في مجال البناء اربعة ايام في النجف برفقة عدد من معارفه لإحياء ذكرى مقتل الامام الحسين ابن الامام علي العام 680 ميلادية بايدي جيوش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية.
واستقبلت النجف خلال عاشوراء عشرات الالاف من الزوار.
ويقول إنه صلى في الروضة الحيدرية، مقام الامام علي في المدينة القديمة في النجف، كما مارس الضرب بالزناجيل السبت الماضي، اي اليوم الاخير لذكرى عاشوراء.
ويوضح رضا رغم الدموع التي يذرفها quot;انا سعيد بوجودي هنا في النجف، لكن ما اريده حقيقة هو ان ادفن قرب الامام علي (...) السبيل الوحيد لتحقيق حلمي كان هو وفاتي خلال الزيارةquot;.
ورغم العلاقات الجيدة بين البلدين الجارين، فان الصعوبات الادارية وتكاليف النقل تجعل دفن الشيعي الايراني في النجف امرا شبه مستحيل الا اذا توفي في المكان.
ولا يبدو رضا صاحب الوجه الدقيق الملامح واللحية البيضاء الذي يرتدي قبعة سوداء مستعدا لملاقاة الموت قبل اوانه ولذا صعد الى الحافلة في رحلة تستغرق 12 ساعة على الاقل.
وتتجاور القبور في وادي السلام مبنية من الاجر الاغبر اللون كما ان هناك قبورا على شاكلة مسجد صغير في حين بني فوق بعضها عدة غرف من اجل عائلة المتوفي.
ويؤكد ابو سيف نجاح، احد العاملين في المقبرة quot;عدم وجود ارقامquot; حول اعداد المدفونين هناك مضيفا quot;البعض يقول خمسة ملايين في حين يقول اخرون ان العدد عشرون مليونا (...) لكن الله فقط يعرفquot;.
ويعود تقليد دفن الشيعة في المكان الى القرن الثامن عندما اكشتف الخليفة هارون الرشيد خلال رحلة صيد مكان قبر الامام علي، السر الذي كتمه سكان المنطقة طويلا.
ومنذ ذلك الحين، بات الشيعة على اقتناع بان دفنهم قرب قبر الامام سيساعدهم على دخول الجنة.
وللاعتناء بمستلزمات دفن حوالى 200 شخص يوميا في وادي السلام، هناك ما لا يقل عن 90 مؤسسة تتخذ من وسط المقبرة مقرا لها تعمل منذ اجيال عدة في تقديم الخدمات بهذا الخصوص. وكتبت على واجهات المؤسسات اسم المعني بغسل المتوفي وتكفينه ودفنه ولاي قبيلة يعمل.
وباستثناء هؤلاء الاشخاص، لا يستطيع احد ان يعرف المكان المخصص لدفن افراد هذه العائلة او العشيرة.
ويقول مسؤول اخر عن عملية الدفن هو عماد الانصاري ضاحكا بينما كان يقود احد الزائرين الى قبر والده quot;لا توجد خريطة لوادي السلامquot;.
ويتنقل الانصاري دون صعوبة بين الممرات الرملية الضيقة المحاطة بشواهد عادية او كبيرة تعطي الانطباع بانك تسير وسط مصغر لاحدى المدن التي توقف فيها الزمن.
ويقود الزائر باتجاه قطعة ارض جديدة تطل على بحر النجف، وهو بحيرة من الماء الملح تمتد الى الغرب من المدينة نحو الصحراء.
ويوضح الانصاري ان quot;ضيق المكان ليس السبب اذا كان الايرانيون يريدون ان يدفنوا موتاهم هنا لكن يجب تنظيم الامر بين الحكومتين وهذا امر يتجاوز قدراتناquot;.