ضحايا حافلة الموت في الاردن شتتهم الحادث وضيع ملامح بعضهم

سهير جرادات من عمان: مصابون غائبون عن الوعي، وواعون غارقون بألامهم واوجاعهم، ينتظرون من يسأل عنهم، متلهفون لمعرفة مصير اقاربهم واحبائهم ممن كانوا معهم في رحلة الموت، مترقبون لان يستدل عليهم ذووهم.. وسط هول الحادثة المروعة والذهول من بشاعة منظر تطاير الاجساد البشرية فوق بعضها البعض،وجد بعضهم انفسهم في حافلات وسيارات تقودها وجوه يجهلونها يخففون عنهم ويطمئنوهم، وهم يحملون في اجسادهم التي تنزف دما مشاعر امتزج فيها الخوف والالم وتساؤلات لا يجيبهم عليها احد..
عائلات جمعتهم حافلة ركاب، فرق شملهم الحادث الذي وقع امس بالقرب من جسر سلحوب بجرش ذهب ضحيته حوالي 22 راكبا واصيب 33، البعض نقل الى محافظة اربد لتلقي العلاج بمستشفياتها، والبعض الاخر نقل الى عمان لتلقي العلاج واخرون بقوا في محافظة جرش واخرون نقلوا الى محافظة البلقاء.


واجمع مصابون ممن التقتهم وكالة الانباء الاردنية أن سائق الحافلة توقف ثلاث مرات لاصلاح عطل اصابها، واجرى عددا من الاتصالات مع الشركة بخصوص ذلك دون جدوى.
وقبل ثلاثة كيلو مترات من موقع الحادث انبعثت بالحافلة رائحة quot; حرق quot; مما اضطر سائقها الى اشعال الهواية رغم برودة الطقس، وزاد السرعة بصورة ملحوظة ليعوض التأخير خلال توقفه لاصلاح الحافلة..


اباء يبحثون عن جثث ابنائهم وامهات لا يعلمن بوفاة فلذات اكبادهن
في غرفة رقم 101 بمستشفى الاسراء تصف غادة عبد الرحمن الحموري وشقيقتها جيهان بصوت مرعوب هول ما حدث في رحلة الرعب من العقبة الى اربد وانهما تشاهدتا اكثر من مرة.
واخبرت غادة شقيقتها قبل وقوع الحادث بثوان بأنها ستكتب وصيتها، اذا وصلت اربد بالسلامة.
وتضيف quot; اصبت انا وشقيقتي برضوض باليدين والقدمين وجروح متفرقة بالجسم، وابنائي اصطحبتهم لزيارة خالتهم بالعقبة quot;.
وتكمل ابنتي مرح نقلت لمستشفى الملكة علياء العسكري، وابني الى مستشفى جرش، وابنتي الكبرى احضروها معي للمستشفى وتجري حاليا عملية وحالتها جيدة quot;، وهي/ لا تدري بأن ابنتها قد توفيت بالحادث/.


اما ابنتها مرح سلامة / 14 عاما / التي ترقد على سرير الشفاء بمستشفى الملكة علياء لاصابتها بجرح قطعي بعينها اليمنى فكانت تسأل عن والدتها واخيها واختها التي لا تعلم بانها قد توفيت، وتصف كيف نقلها احد المارة الى المستشفى وكانت زوجته وابنه برفقته حيث كانوا يخففون عنها صدمتها.
فيما اكد عم المصابتين غادة وجيهان الدكتور باسم الحموري انه فقد ابن عم له العام الماضي بحادث حافلة تعود للشركة ذاتها.

ثلاث اسر للتعرف على جثة طفلة

في مستشفى الاسراء تصادف وجود ثلاث عائلات للتعرف على جثة طفلة في الثالثة عشرة من عمرها حيث كان كل من هذه العائلات يبحث عن ابنته وهن بسن متقاربة بين / 11-14 عاما/، غير مميزين ملامحها من شدة الاصابة.
مشاهدات وصور تتعدد وتختلط مع بعضها البعض..فهذا زوج العمة الذي حضر من العقبة للتعرف على جثة ابنة اخيه دانية الروسان التي كانت في زيارة له ولم يتمكن من التعرف على ملامحها،فطلب التعرف عليها من خلال ملابسها حيث كانت ترتدي quot;بنطلون جينزquot;، ولم تتعرف عائلة الضامن على جثة ابنتها فيما تعرف الاب المكلوم يسار الخصاونة على جثة ابنته العنود من خلال احساسه كأب ومن حلق الذهب الذي كان في اذنيها quot; حسب نائب المدير العام للمستشفى عزام ابو عليان.


وفي الوقت الذي ترقد فيه اسراء محمد عباس الاسود / 14 عاما / والتي تعاني من رضوض مختلفة في جسدها في مستشفى الاسراء ترقد شقيقتها سرى / 10 سنوات / بمستشفى الملكة علياء العسكري وتعاني من كسور بالقدمين، وكانتا قد اصيبتا بالحادث بعد ان انهتا زيارة لعمهما في العقبة ورفضتا العودة الا بمرافقة ابنة عمهما روان عبدالله الاسود التي ترقد بمستشفى الاسراء في العناية الحثيثة لاصابتها بكسر بالدماغ وحالتها حرجة وهي فاقدة للوعي وتتنفس عبر جهاز التنفس وبحالة غيبوبه تامة، كما عادت معهم ابنة خالهم دانية الروسان التي توفيت بالحادث.
ويرقد في قسم العناية الحثيثة بمستشفى الاسراء الشاب العشريني عمر محمد علي في وضع حرج واجريت له عملية لوقف نزيف بالكلية اليسرى ونزيف بالقولون ويعاني من تهتك بالطحال وارتجاج دماغي شديد، وكانت الساعة قد شارفت على منتصف الليل ولم يأت احد من ذويه للسؤال عنه.

وفاة طالب ذهب ليستجم بعد تقديمه امتحان الثانوية العامة

استقر الحال بطالب الثانوية العامة رامي القرم / 17 عاما / الذي توجه مع اصدقائه لمدينة العقبة للاستجمام بعد اداء امتحان الفصل الاول بغرفة العناية الحثيثة لاصابته بجرح بالنخاع الشوكي سبب له الشلل الدائم بحسب قول الطبيب المسؤول عن قسم العناية الحثيثة.
بدا القرم وسط اوجاعه ومعاناته يسأل عن اصدقائه بقوله quot; طلعنا شمة هوى، بعد تعب التوجيهي quot;وهو لا يدري بان صديق عمره حمزة ابو الشيح / 18 عاما / قد توفي وفالح ابو الشيح / 16 عاما / يرقد على سرير الشفاء في احد المستشفيات حسب قول ابن عمه الذي يرافقه بالمستشفى.
وعلى مقربة من رامي ترقد اعتدال محمود الديك / 28 عاما / التي اصيبت بكسر بالفك وجرح بالوجه واخذت تردد عبارة الحمدالله الدماغ سليم quot;.

عائلة شتتها الحادث

وترقد في مستشفى الاسراء فرح منصور السنجلاوي / 11 عاما / في العناية الحثيثة التي اجريت لها عملية ترميم وتجميل للجروح القطعية التي اصابت جمجمتها وفروة راسها.
فيما ترقد شقيقتها زين منصور السنجلاوي / 9 سنوات / بمستشفى الملكة علياء وقد اصيبت بكسر بالقدم اليسرى وجروح بالوجه، وحتى ساعة متاخرة لم يحضر ذووها للسؤال عنها وعن اختها فرح او عن شقيقها محمد / الصف الاول الابتدائي/ الذي يرقد بالعناية الحثيثة لاصابته بالراس واجريت له عملية لترميم فروة الراس وهو دائم السؤال عن والديه اللذين تم نقلهما لمستشفى جرش الحكومي.
وترقد بمستشفى الملكة علياء العسكري اسماء احمد القواسمة / 16 عاما / لاصابتها بكسر بالقدم وستخضع لعملية تثبيت الكسر بالبراغي كما اجريت لها عملية قطب لعينها اليمنى وتقول..ان والدتها وشقيقها نقلا الى مستشفى جرش بعد ان كانوا بزيارة لشقيقتها المتزوجة في العقبة وهي لا تعلم بان شقيقها حمزة / 17 عاما / قد توفي بالحادث وتضيف.. quot;كنت على وشك النوم ولا اذكر ما حدث وكل ما اتذكره ان الناس تطايروا quot;.
وخضع الشاب الثلاثيني محمد فواز الروسان لعملية جراحية استمرت ثماني ساعات لتعرضه لاصابة شديدة في الوجه والفكين والعينين والاذنين ووضع على جهاز التنفس الاصطناعي وحالته العامة حرجة.
اما وسيم مصطفى خشاشنة الطالب في السنة الخامسة بكلية الطب بجامعة عين شمس بمصر فكان في طريق عودته لمنزل عائلته لقضاء عطلة ما بين الفصلين عن طريق البحر quot;نويبع العقبةquot; ليوفر عن كاهل والده اجرة الطائرة، واستقل حافلة quot;الموتquot; باتجاه منزل ذويه بمدينة اربد ليصاب برضوض في الجسم وجرح وكسر بالذقن وحاجب العين اليمنى، ولدى سؤاله عن التخصص الذي يريد دراسته اجاب كنت اريد التخصص في quot; الباطنيquot; وبعد الحادث سأتخصص بالعظام لشدة الم الكسر في ذقني ويتمنى الشفاء قبل انتهاء اجازته في التاسع من الشهر المقبل ليتمكن من متابعة دراسته.

حالة واحدة بقيت في مستشفى الجامعة الاردنية

مدير مستشفى الجامعة الاردنية الدكتور عبد الكريم القضاة يبين انه وصلت مساء امس اربع حالات من مصابي حادث الحافلة حيث خرجت حالتان كونهما جيدتان، وخرج طفل من المستشفى لا يعاني من اي اصابة سوى انه كان مجهول الهوية وحضر والداه وتعرفا عليه وتسلماه، وبقيت حالة واحدة لشاب حالته العامة جيدة مصاب بكسر بيده واحد اضلاعه.