اللاجئون العراقيون بدمشق يجدون عزاءهم في الانترنت للتواصل مع الأهل

دمشق:يرتاد مئات اللاجئين العراقيين في دمشق مقاهي الانترنت من اجل التواصل مع الأهل والأصدقاء في العراق، وإدارة شؤونهم وأعمالهم، فضلا عن قضاء أوقات الفراغ، حتى باتت هذه الظاهرة إحدى حاجاتهم الملحة خصوصا أنها الوسيلة الأرخص مع ما تمنحه من فرصة التواصل المرئي الصوتي.
وبينما يضطر بعض العراقيين إلى اللجوء إلى مقاهي الانترنت، يستغل آخرون هذه الفرصة ليفتتحوا مقاهي خاصة تدبر لهم لقمة العيش في دمشق.
وتحدثت سيدة تواجدت في مقهى للانترنت وسط دمشق للوكالة المستقلة للأنباء (أصوات العراق) عن معاناتها في الإقامة بسوريا في حين أن ابنتها المتزوجة مقيمة في العراق، وابنها الكبير مقيم في ألمانيا مع أسرته، وقالت أنها هاجرت من العراق منذ نحو عامين، لكنها تتواصل مع أبنائها وبقية أهلها عن طريق الإتصالات الهاتفية والانترنت، إذ إنها تذهب في كثير من الأحيان مع احد أبنائها المتواجدين معها في سوريا إلى المقهى لتكلم أحبائها بين فترة وأخرى، حتى وان اقتصر ذلك على دقائق معدودة.


ويقول ابنها الذي كان يرافقها إن المشهد quot;لا يخلو في بعض الأحيان من الدموع التي اختلط أمرها علينا، هل هي دموع الفرح برؤية الأحبة عبر شاشة الكومبيوتر الصغيرة، أم هي دموع الحزن على فراقهمquot;.


ويعد انخفاض تكلفة الاتصال وما تقدمه الشبكة من خدمات واسعة في الاتصالات كالاتصال المرئي بالصوت والصورة، من أهم الأسباب التي تدفع العراقيين إلى تفضيل هذه الوسيلة على غيرها من وسائل الاتصالات.
ويرتاد رجال الأعمال العراقيون مقاهي الانترنت لإدارة أعمالهم، فضلا عن طلبة الجامعات والدراسات العليا الذين يبحثون عن مواد وبحوث تفيدهم في دراستهم وتطوير مهاراتهم كلٌ حسب اختصاصه.


وقال أبو يوسف (تاجر عراقي) لـ (أصوات العراق) انه quot;كان يعمل في العراق بمجال الأقمشة والألبسة الجاهزةquot;، وأشار إلى انه اضطر للهجرة إلى سوريا منذ عام ونصف تقريباً بعد أن quot;اختطف أحد أبنائه، وأطلق سراحه فيما بعد مقابل مبلغ كبير من المالquot;.
وأوضح أبو يوسف انه لجأ إلى استخدام الانترنت من اجل عقد الصفقات مع التجار داخل العراق بسبب ارتفاع تكلفة الاتصال عن طريق الهاتف الخلوي.
وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عدد العراقيين المتواجدين في سوريا بنحو 1.2 مليون عراقي هربوا من العنف الذي اجتاح بلادهم في البلاد بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003.


وشجع التحسن الامني مؤخرا في العاصمة بغداد وباقي مناطق العراق على عودة العديد من العوائل العراقية من سوريا، لكن المفوضية ورغم ترحيبها بعودة العراقيين الا انها حذرت في شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي من عودتهم، وقالت انها ترحب بتحسن الوضع الأمني ومستعدة لمساعدة الأشخاص الذين يودون العودة إلى العراق، إلا أنها لا تعتقد أن الوقت مناسب لتنظيم أو تشجيع العودة حيث لا يزال الوضع الأمني في العديد من مناطق البلاد قابلا للانفجار وغير ثابت.


وقال علي (20عاما) لـ (أصوات العراق) quot;ازور المقهى بشكل يومي تقريباً واقضي مدة تتجاوز الساعتين أحياناً بهدف التسلية والبحث عن أصدقاء جدد من مختلف أنحاء العالم والتواصل معهم، وفي بعض الأحيان للبحث عن مواضيع تفيدني في دراستيquot;.
وذكر ياسر، وهو صديق علي، انه ليس من quot;هواة الدردشةquot; و إنما يزور المقهى للإطلاع على quot;آخر الأخبار ومراسلة الأصدقاء في بغداد والاطمئنان عليهمquot;، مشيرا إلى أن هناك أشخاصا يقضون معظم أوقاتهم في مقاهي الانترنت، وعندما يدخلون إلى إحدى غرف الدردشة يفقدون الإحساس بالوقتquot;.
أبو عبد الله، وهو لاجئ عراقي، يملك مقهىً للانترنت ويقوم بإدارته شخصيا، قال إن quot;تزايد أعداد العراقيين الذين لجأوا إلى سوريا في الأعوام الماضية شجعه على استثمار أمواله في المقهىquot;.


وأشار أبو عبد الله إلى شاب عراقي كان يزور المقهى بشكل يومي تقريباً ويقضي فترات طويلة من النهار جالساً أمام الكومبيوتر لتلقي الدروس عن طريق الإنترنت من إحدى الجامعات الأوربية لمتابعة تعليمه.


ولا يقتصر الانترنت على الشباب فقط، وإنما في كثير من الأحيان، تجد رجلا مسنا أو امرأة عجوز تدخل إلى مقهى الانترنت ومعها ابنها أو حفيدها أو قد تجد عائلة عراقية بأكملها جالسة في إحدى الزوايا ليتواصلوا مع الأهل والأصدقاء داخل العراق وخارجه.
وفي مقهىً آخر تواجدت مجموعة من الطلبة الذين كانوا يفتشون عن بحوث ومواضيع تفيدهم لتطوير مهاراتهم الدراسية مع اقتراب موعد الامتحانات النصف سنوية، سألنا احدهم واسمه خالد (طالب في المرحلة الثالثة في كلية العلوم) عن مدى استفادتهم من الانترنت؟ قال quot;نحن نبحث عن مصادر لبحوثنا في الجامعة، إضافة إلى تقارير حديثة تساعدنا على الاطلاع على آخر المكتشفات العلميةquot;.