سوسن الجوفي من صنعاء: هل سيأخذ اليوم (الأول من أبريل ) حقه في الأكاذيب المفتعلة التي ينسج خيوطها كثير ممن يفبركون أحداثها المفرحة والمحزنة بهدف التسلية والمزاح ، أم أن ضغوط الحياة وهموم سعر الرغيف وأحداث وحسابات أخرى قللت من مساحة الضحك التي كان يخصص لها الكثير في هذا اليوم ليصبح تذكارا للصدق وليس لتجربة المقالب وسط بيئة اجمع الكثير بتشعب الكذب والمغالطة فيها بعيدا عن العيش في جو من الحب والصدق الدائم المبني على فضيلة الإنسانية ..
وسط سطور قليلة الضحك كثيرة الحزن سجلت (سبأنت ) واقف مع كذبة أبريل التي يجمع الكثير على إفتقاد متعتها والتسلية بأخبارها

رصيد مؤلم لا يحتمل الكذب
اعتاد هاني الجرادي الموظف في إحدى شركات الجي إس أم النقالة في الأول من أبريل بالتحايل على عددا من أصدقائه بمجموعة من الأخبار الكاذبة
التي يختلط فيها المحزن بالمفرح وبابتسامة باهتة يتذكر هاني مقالب الأعوام الماضية التي كان يخطط للكذب في هذا اليوم قبل دخوله بأيام
وكانت ردود أفعال اصدقائة متباينة بين الحزن والفرح ... واليوم لا يجد هاني وقت لحياكة بعض الأكاذيب والسبب أن القلوب ضاقت ولم
تعد تتسع للتسلية والمزاح ...
ورغم تأكيد كلا من عايده وثريا وسحر ( طالبات السنة الرابعة تجارة ) أن الكذب في الأول من ابريل هو كذب أبيض القصد منه الضحك وخلق جو يسلي الجميع إلا أن جميعهن لم يعددن خبرا مسليا لأبريل هذا العام كما حدث في السنوات الدراسية الأولى والتي كانت سحر المؤلف الرئيسي لهذه الأكاذيب وثريا وعايدة تقوم بنشرها لعددا من الزميلات تم تحديدهن مسبقا ...
تقول سحر لا ندري ما سبب تكاسلنا اليوم في إختلاق عددا من الأخبار المفرحة او العكس ربما لأن الكثير ليس لدية استعداد لتقبل المزاح
فكثيرات بيننا لسن بحاجة اليوم إلى أن نزودهن بأخبار سيئة تضاف إلى رصيد ما يعيشه الناس من واقع محزن .
أبو إسماعيل( 36 عاما إعلامي ) يقول لم تعني لي كذبة إبريل في الأعوام السابقة أي معنى ولكنها اليوم أصبحت جرسا للتذكير بكل هذا الكذب الذي
يحيط بنا ولم يعد الأول من ابريل مزحة كاذبة نستمتع بألم وصدمات الكذب المفتعل والمفبرك المبني على كسر التوقع لمن حولنا عندما نكون صادقين
معهم دوما بل أصبح صفة دائمة تلازم الكثير في التعامل .
وأضاف ابو اسماعيل كل ما حولنا اليوم يحاول ان يثبت صدقه في ذات الوقت تسكننا قناعات أننا نعيش أجواء من التمثيل على بعض ومع كل من حولنا من الكائنات .

وعود صارمة بالإنتقام
تحاول إسمهان تجاهل الكذب اليوم لكنها تعجز عن ذلك بسبب المقالب الكثيرة التي تجرعتها من عددا كبير من صديقاتها وإخواتها وعلى الرغم من
معرفتها التامة بأن من حولها يكونون حريصون من أخبار هذا اليوم إلا أنها قد حاولت إختلاق عددا من الأخبار الكاذبة والمفرحة في نفس الوقت
لأنها لا تحبذ نشر خبر محزن خوفا من ردة فعل المستمع لأن الخبر قد يسبب له ضرر وهذا يوقعها في الحرام كما تقول .
كذبة ابريل على الرغم من صدور عددا من الفتاوى بالنهي عنها لما تلحقه من ضرر بالشخص المفزوع منها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا
يحل لمسلم ان يروع مسلما ) .
إلا أن عادل وفوزي وطلال لا يتأخرون عن نشر أكاذيبهم في هذا اليوم ويتفقون جميعا بافتقاد متعتها وسط زحمة وضغوط غلاء المعيشة فاليوم لا
يمكن مقارنته بالأمس الذي كان هناك متسع من الوقت للضحك والمزاح والتسلية بين الأهل والأصدقاء وكان الجميع يتقبل عدم صحة تلك الأخبار
المفرحة والسيئة بصدر رحب وضحكات متعالية وبوعود صارمة بالإنتقام !!!
في حين لا تجد ياسمين النقيب 28 عاما ( موظفة ) حاجة للكذب اليوم فالجميع يعيش وسط بيئة تنتابها الكثير من شوائب المغالطات والكذب ...
وتأسف ياسمين ما وصل إليه حال الأمة العربية اليوم وكيف ان الكذب أصبح صفة تلازم الكثير معلقة / نحن بحاجة إلى يوم ينشر فيه الخبر الصادق أما الكذب فرائحته تفوح وتزداد يوما بعد يوم .

أصل الكذبة
هناك من يرجع اصل الكذبة إلى اليونانيين القدماء الذي خصصوا اليوم الأول من شهر ابريل لإقامة احتفالات ضخمة لآلهة الحب والجمال والربيع
والمرح ،وسط جو من الضحك والسعادة والمقالب الطريفة والبعض يعتقد أنها ظهرت في الهند مقترنة بعيد الربيع ..
فيما ترد بعض الروايات الأخرى ان كذبة ابريل ترجع لقصة إحدى ملكات بابل كانت تسمى ابريل كتبت على الباب السري لمقبرتها عبارة تقول : من كان محتاجا وفتح هذا الباب سيجد ثروة تكفيه وسلالته أبد الدهر .. لكن لم يهتم احد بهذا الباب المسحور حتى جاء (داربوش) ملك الفرس ومعه بردية
قديمة تشير إلى موقع المقبرة فقاد عشرة ألاف من رجاله وحضر حتى وصل الى الباب ودخل في دهاليز ضيقة جدا اجتازها زاحفا على بطنه وفي نهاية تلك الدهاليز وجد بابا أخر مكتوب عليه : ها أنت أيها الجشع قد وصلت إلى
نهاية الطريق ولو كنت محتاجا لما عرفت كيف تصل فعد من حيث أتيت بالحسرة والندم وعاد الملك داربوش وهو يهذي كالمجنون ويردد (كذبت أبريل ) .
وهناك رواية تقول انه عندما كان المسلمون يحكمون أسبانيا كانوا قوة كبيرة لا يستهان بها وحاول الفرنجة القضاء على المد الإسلامي في
أسبانيا لكنهم لم يفلحوا فأرسل الفرنجة جواسيسهم الى أسبانيا ليدرسوا ويكتشفوا قوة المسلمين التي لا تهزم فوجدوا أن الالتزام بالدين والتقوى
هو السبب في هذه القوة فحاولوا تحطيم قوة إيمان المسلمين بإرسال الخمور إلى أسبانيا مجانا وبدا الإيمان يضعف خاصة جيل الشباب حتى سقط أخر حصن للمسلمين في أسبانيا وهو غرناطة في أول أبريل واعتبروها آنذاك خدعة ابريل .
يظل الكذب كذبا سواء كان بفرح او بحزن والواقع المؤلم الذي أجمع عليه الكثير أننا أصبحنا ضحايا لواقع يكتنفه الكثير من المغالطات والكذب
الدائم سياسيا واجتماعيا وحتى على المستوى الأسري البسيط للأسف يلازم أفراده الأول من أبريل في كل تعاملاتهم .