ايلاف في البصرة بين لهيب معارك الفرسان وسطوة آل الصدر

صفاء الغانم من البصرة: عادت الحياة بخجل الى مدينة البصرة العراقية بعد 7 ايام من الاقتتال العنيف و الشرس بين مقاتلي جيش المهدي الجناح العسكري للتيار الصدري بزعامة رجل الدين الطامح الى تولي سدة المرجعية الدينية مقتدى الصدر، و بين الحكومة العراقية بإشراف ميداني من قبل رئيسها quot; نوري المالكيquot; لفرض القانون عبر العملية العسكرية quot; صولة الفرسان quot;. لكنها في الثاني من ابريل عادت لتنكفئ بعد عودة المعارك مرة اخرى.

وتجولت quot; إيلاف quot; في عدد من احياء المدينة و شوارعها الرئيسة، بعد اعلان الصدر اوامره لمسلحيه بالانسحاب و إنهاء المظاهر المسلحة، إثر وساطات ماراثونية بينه و الحكومة التي بدت عاجزة احيانا عن السيطرة و تحقيق الاهداف التي شنت من اجلها خطتها التي برزت ازاءها صولة ال الصدر.

و فتح بعض المتاجر و المحال ابوابه في اسواق العشار و المغايز و سوق quot; الخضارة quot; او ما يمكن تسميته بشورجة البصرة، امام مواطني المدينة الذين عانوا حصارا شديدا و نقصاً كبيرا في الغذاء و المياه الصالحة للشرب بسبب استمرار العمليات العسكرية التي بدأت بشكل مباغت.

و عانى بعض ضواحي البصرة من انقطاع تام للتيار الكهربائي بسبب استهداف محولات التغذية من قبل المسلحين كما حدث في التميمة، وذكر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في حديث من البصرة بثه التلفزيون الرسمي ان المسلحين استهدفوا 230 نقطة تغذية كهربائية في عدد من احياء المدينة.

و انتشرت في عدد من شوارع المدينة ابتداء من المنطقة المتاخمة لقيادة عمليات البصرة شمال مركز المدينة في المعقل و حتى منطقة القبلة 10 كم جنوب غرب، عدد كبير من مركبات و اليات الجيش العراقي المحترقة ما يوحي بشراسة المواجهات التي كانت دائرة في البصرة التي لم تشهد معركة بهذا الحجم منذ 20 عاما حين شن صدام حسين على المتمردين الشيعة حملة مماثلة اثر انتفاضة مارس 1991.

و طبقا لمشاهدات ايلاف و حديثها مع عدد من مسلحي المهدي، فإن عددا اخر لا يقل عن تلك التي تركت تحترق في شوارع البصرة، استطاع المتمردون الاستيلاء عليها و طلاءها باللون الابيض، تميزا لها.

و لاتوجد حتى اللحظة إحصائية رسمية بخسائر القوات الحكومية، لكن طبقاً لمشاهدات quot; ايلاف quot; و شهود عيان و مصادر ان اكثر من 50 الية توزعت بين مركبات quot; همر quot; و مدرعات اشخاص قتالية و التي تعرف باسم quot; عين جارية quot; و مركبات بيك أب حديثة مصفحة و عربات فورد طليت بألوان عسكرية، قد احرقت في عدد من شوارع المدينة، اضافة الى استيلاء جيش المهدي على عدد اخر و طلائها باللون الابيض و استخدامها في قتالهم ضد القوات النظامية.

ففي منطقة القبلة الواقعة جنوب غرب مركز البصرة 10 كم، استولى مقاتلو المهدي على 3 مركبات همر و 2 عين جارية و 6 عربات فورد موديل 2007 كانت لدى القوات العراقية و احراق عدد اخر.

ويقول قيادي في جناح الصدر المسلح، في منطقة القبلة لإيلاف: quot; لقد احكمنا السيطرة على حي القبلة طوال ايام المعركة و منذ الساعات الاولى و لم تستطع قوات نوري المالكي الدخول اليها، هي حاولت اقتحامها لكننا كنا لها بالمرصاد و مقاومتنا كانت عنيفة و ارغمناها على الانسحاب quot;.

و قبالة تلك السيطرة المطلقة لجيش المهدي كانت هناك سيطرة مماثلة لقوات الجيش الحكومي، على أحياء مركز المدينة و أحياء اخرى يمكن عدها خطوط تماس مع احياء يسيطر عليها المسلحون، فقد سيطر الجيش على منطقة مركز المدينة quot; العشار quot; و احياء الاندلس و الابله و الجزائر و البصرة القديمة و الموفقية و الجبيلة و المعقل و مناوي باشا و الجمعيات، عوضا من سيطرته التامة على اقضية و ارياف البصرة بالغالب، لكن منطقة التنومة ما زالت تشهد قتالا متقطعاً فيها، اما اقضية شمال البصرة فقد كانت السبب وراء نشوب معركة البصرة او انها الشرارة الاولى.

ففي ليلة 23 مارس و قبيل وصول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي برفقة وفد رفيع المستوى، اندلعت اشتباكات عنيفة في قضاء القرنة شمال البصرة 140 كم، بين ميليشيا جيش المهدي و قوات الجيش و الشرطة العراقية بمساندة بعض عشائر المنطقة و ابرزها عشيرة رئيس الوزراء ( بني مالك ) و ( بني سعد )، خلفت احراق مقار رئيسة للجيش و الشرطة و مكاتب تابعة للمجلس الاسلامي العراقي و حزب الدعوة ( جناح المالكي ) و اعطاب المحطة الكهربائية للقضاء، و اندلعت تلك الاشتباكات بسبب منع دخول شحنات سلاح كبيرة الى البصرة من مدينة العمارة لصالح الميليشيا العقائدية و الخلاصية، و استمرت تلك المواجهات لاكثر من 24 ساعة، خفت حدتها بعد التوصل إلى اتفاق بين السلطات المحلية و جيش المهدي بخروج قائد قيادة شرطة القاطع الشمالي العميد مطر الساعدي من القرنة مقابل اعادة فتح مراكز الشرطة فيها و عدم التعرض لعناصر المهدي.

لكن ذلك قطعا لم يرق للحكومة العراقية التي كانت تعد العدة لاقتحام المدينة و مطاردة 200 هدف لبسط القانون وانهاء مظاهر التسلح و الخطف و الاغتيال و قتل النساء و استفحال سيطرة الميليشيات على موارد النفط و الموانئ و الجريمة المنظمة.

اما المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المهدي الشرسون هي التميمية ( وسط مركز البصرة ) و الحيانية ( 8 كم غرب المدينة ) و حي 5 ميل شمال المدينة و اجزاء من حي الجمهورية. وتعتبر هذه المناطق المعاقل الحصينة لجيش المهدي.

و تتبع القيادات العسكرية لجيش المهدي اسلوب quot; حرب العصابات quot; في قتالها مع القوات العراقية حالياً او القوات البريطانية سابقاً، حيث يتوزع مقاتلو الميليشيا الشيعية و البالغ تعدادها 10 الاف عنصر في البصرة قدر الامكان في اغلب شوارع و مناطق المدينة حتى تلك التي يسيطر عليها الجيش في محاولة لارباك السلطات و الكسب الاعلامي اضافة الى المشاغلة من اجل التخفيف من حصار القوات الحكومية على المعاقل الحصينة.

و على الرغم من انتهاء العمليات العسكرية الرئيسة في البصرة فإن السلطات ما زالت تغلق الطريق المؤدي الى كورنيش المدينة حيث يقع مبنى البنك المركزي العراقي و عدد اخر من البنوك الاهلية و الحكومية و التي تعرضت في ايام المواجهة الاولى الى محاولة سطو من قبل الجماعات المسلحة.

وينتشر الان في شوارع البصرة بعد يوم واحد من اعلان مقتدى الصدر مبادرته بنزع فتيل الازمة و امره لمسلحيه بإنهاء مظاهر السلاح و انهاء الاقتتال مع القوات الحكومية، اعداد كبيرة من عناصر الجيش و الشرطة الوطنية اضافة الى عودة مراكز الشرطة المحلية فتح ابوابها بعد ان اغلقت في اغلب مناطق المدينة طوال ايام المواجهات.

و شهدت البصرة ايضاً صباح الثلاثاء الاول من ابريل مظاهر مشددة من قبل شرطة مرور البصرة في تطبيق قانون قيادة المركبات و وضع احزمة الامان اضافة لوحات التسجيل غير الرسمية و المركبات ذات المقود الايمن، اضافة الى تنظيم مسيرة الية بـ quot; الدراجات quot; لشرطة المرور في عدد من شوارع مركز المدينة.

فيما كانت حركة وزراء المالكي و قادة الجيش و الشرطة منسابة دون مخاطر التعرض لاستهداف من الجماعات الخارجة على القانون، حيث شوهدت حركة لموكب وزير الداخلية و مدير المرور العام بالإضافة الى قادة عسكريين اخرين في شوارع البصرة وهي تتنقل من مكان الى اخر دون عوائق.

فيما كان رئيس الوزراء و القائد العام للقوات المسلحة بحكم المنصب نوري المالكي، يجري زيارة الى موانئ العراق التجارية و النفطية في مدينة ام قصر الساحلية.