أهالي غزة يمشون أكثر مما ينبغي بسبب أزمة المحروقات

مرفت أبو جامع من غزة: قطعت أمل أبو رجيله الطالبة الجامعية مسافة 5 كيلومترات، بعد طول انتظار على باب كلية العلوم والتكنولوجيا في خان يونس جنوب قطاع غزة،علها تلحق بسيارة تنقلها الى بيتها، ولكن دون جدوى كل السيارات التي تمر من أمامها كانت مكتظة بالركاب، فتواصل أمل طريقها سيرا على الأقدام، هذه المرة ليست محاولة منها في توفير مصروف جيبها لشراء هدية لعيد ميلاد صديقتها او حتى جسمها بحاجة إلى رياضة المشي للتخفيف من وزنها ولكنها اضطرت بعد أن خفت حركة السيارات إثر نفاد الوقود من محطات البترول في قطاع غزة،
وتوقفت حركة السيارات في شوارع غزة عن العمل باستثناء بعض السائقين الذين افلحوا في تخزين كميات بسيطة فترة افتتاح معبر رفح أوائل يناير الماضي وهم يتعكزون عليها لأيام قليلة فقط، وباتت الشوارع شبه خالية الا من المواطنين والطلاب الذين يترجلون في طرقهم للعمل.
وتسير أمل متلهثة بصحبة صديقاتها ومن السذاجة أن تسألهن عن رأيهن بالوضع في غزة، وعندما تطرحه فإن أمل تنفجر غضبا وألما وتلتقط أنفاسها وتقول :quot; أي حقوق التي يتحدث عنها العالم هذا نوع من الترف لعالم، يعيش حياته بكل دقيقة، الحيوانات فيه تعيش مدللة ومرفهة اما نحن هنا الكل يتفرج علينا بصمت ثم علا صوتها quot;ماذا فعلت لنا المؤسسات الحقوقية ونحن نعيش في عذاب منذ العامين -مدة الحصار -بلا ماء نظيفة أو كهرباء وبلا وقود أو غذاء ابسط حاجاتنا نفتقدها في غزة.

انطلقت أمل وصديقاتها تسير في انعطافات الطريق المتكسرة التي تطول أمامها وتداري وجهها الخمري من أشعة الشمس بكتبها، وتردد بكلمات سمعنا منهاquot; حسبي الله ونعم الوكيل quot;.

وكانت لجنة إدارة الأزمات الاقتصادية في القطاع الخاص في قطاع غزة،قد قررت التوقف عن استلام كميات الوقود القادمة من إسرائيل احتجاجا على سياسة التقليص التي تتبعها إسرائيل بحق القطاع، والتي خلقت أزمة وقود أدت الى شلل الحركة والحياة في غزة وفاقمت معاناة المواطنين.

ويعيش سكان قطاع غزة البالغ عددهم، مليون ونصف في مساحة لا تتجاوز 360 كيلومتر مربع محرومين من أبسط حقوقهم التي نصت عليها كافة الشرائع والاتفاقيات الدولية بينما يدلل العالم الذي يصف نفسه بالمتحضر حيواناته ويوفر لها الدواء والغذاء،ويأتي موقفه ملبدا بالصمت على ما يدور في قطاع غزة.

ولعل وصف جون جينج مدير العمليات في وكالة الغوث اللاجئين الاونروا أن وضع المساجين في العالم أحسن من وضع سكان غزة،وضرب جينج مثلا بان المساجين في أوروبا يتلقون العناية الصحية اكثر من العناية التي يتلقاها قطاع غزة لهو بعض وصف قليل جدا قياسا بما يعانيه سكان قطاع غزة.

واضطرت ام محمد quot; 35 عاماquot; التي تعمل في مؤسسة مجتمعية ان تقبل بالركوب واثنتين في كرسي واحد بجوار السائق كي تستطيع العودة إلى بيتها،بعد ان قطعت نصف الطريق سيرا على الأقدام ونصفه انتظار سيارة أجرة بينما ينتظرها خمسة من أطفالها وواجبات أخرى للبيت،
تقول أم محمد كنت بالسابق في دقائق اصل بيتي أما اليوم فان الوقت زاد رغم ان المسافة كما هي ولكني انتظرت كثيرا في الشمس ولم أجد مفرا الا أن اقبل بان نكتظ بالسيارة حتى نصل للبيت.

وقررت الطالبة الجامعية غدير إبراهيم quot;19 عاماquot; عدم الذهاب للجامعة رغم وجود محاضرات لها والاستعدادات للامتحانات الفصلية لانهالا تطيق الوقوف في انتظار سيارة أجرة تنقلها للجامعة ومنها للبيت بعد عناء السير على الأقدام، مشيرة إلى انها عادت بالأمس المساء الى بيتها وهو ما سبب ضيقا لها وإحراجا أمام أهلها المتحفظين وقالت :quot; الوضع أرهقني جدا وأخذ الانتظار كل وقتي الذي كان بالإمكان ان أستفيد منه في مراجعة دروسي.

وقال غدير :quot;لقد شل الحصار الإسرائيلي الحياة في غزة فهذا الواقع لا أعتقد أن يحتمله أي مجتمع في العالمquot;. وواصلت :quot; إسرائيل تحاول تدمير حياتنا،ولا أدري أين الضمير العربي والدولي إزاء هذه الجرائم المخالفة لكافة مواثيق حقوق الإنسان التي يتباهون فيهاquot;.


وبدأ التذمر على وجه السائق طلال أبو العلاquot; 50 عاماquot; الذي ينقل يوميا الموظفين والطلاب من خان يونس الى غزة وهو يصف سيارته في طابور من السيارات أمام محطة للبترول على امل ان يأخذ دورا اذا ما دخل السولار، ويقول طلال الذي يعيل سبعة أبناء معظمهم من طلبة المدارس والجامعات :quot; ثلاثة أيام وأنا اصف سيارتي هنا في انتظار الوقود، لم يدخل على جيبي أي دولار،ولا أدري كيفية تأمين المصروف لأبنائي فقررت ان يجلسوا في البيت بهذه الفترة ريثما تنتهي الأزمة،

وحمل محمود الخزندار نائب رئيس جمعية أصحاب شركات البترول خلال مؤتمر صحافي عقده في غزة إسرائيل مسؤولية تبعات قرار الاحتجاج محذرا من أنها ستؤدي الى أزمة بيئية وصحية وإنسانية خطرة في القطاع.

وأشار الخزندار إلىان قرار القطاع الخاص بالاحتجاج جاء نتيجة انقطاع توريد المحروقات وتقليصها الى كميات قليلة وبصورة غير منتظمة معتبرا ذلك مخالفا لكافة الاعراف والقوانين الدولية الانسانية واتفاقية جنيف الخاصة بحماية السكان الواقعين تحت الاحتلال.

وبين الخزندار ان قطاع غزة يحتاج الى 150 ألف لتر من الوقود يوميا، في حين تورد اسرائيل الى مخازن هيئة البترول في غزة حوالى 140 الف لتر كل اسبوعين.

وطالب الخزندار المؤسسات الدولية ودول العالم بالتدخل السريع والضغط على حكومة الاسرائيلية لاعادة توريد الوقود الى قطاع غزة بصورة منتظمة وتجميد قرار التقليص الذي اتخذته سابقا.
اذا ما استمرت ازمة الوقود قائمة فان قطاع غزة فان هذا سيعطل عمل المشافي والاسعاف ويؤدي الى توقف ضخ المياه وتزويد الكهرباء وسيشل كافة مناحي الحياة في غزة وهو ما حذرت منها حكومة حماس المقالة في غزة، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني لن يقف مكتوف الأيدي إزاء استمرار قهره وحصاره، وأن كل الخيارات مفتوحة أمامه وفي كل الاتجاهات لكسر الحصار المفروض عليه.
ودعت الدول العربية للتحرك الفوري والسريع لوقف الجريمة القادمة لغزة جراء ازمة الوقود وطالبت مصر بضرورة فتح معبر رفح البري وإنهاء الحصار المفروض على غزة.
وأشار استطلاع رأي أصدرته شركة الشرق الأدنى للاستشارات إلى ان 70% من المستطلعين،أشاروا الى انه لا يمكن الحصول على الوقود نهائيا مقابل 27% انه يمكن الحصول عليه وفقط 3% انه متوفر دائما.

وبين الاستطلاع الذي رصد انطباعات الغزيين حول الأوضاع السياسية والاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة مع تواصل اغلاق المعابر والحدود والتهديدات الاسرائيلية بشن عمليات عسكرية واسعة.ان 33% من المواطنين عاطلون عن العمل و64% يعيشون تحت خط الفقر وتعاني غالبية المواطنين quot; 70%quot; منهم من نقص المواد الغذائية و 79% منهم يعانون نقص الدواء، و94% يعانون من صعوبة أكبر في توفير البضائع والسلع منذ سيطرة حماس على القطاع في حزيران 2007، والأخطر بالتقرير ان نحو 41% من المواطنين يفكرون بالهجرة الى خارج القطاع.