سكنها الأمراء المعنيون والشهابيون منذ عقود
دير القمر: تاريخٌ يحتضن التراث والحكايات

حمامات اثرية

ريما زهار من بيروت: quot; لو لم يكن لبنان وطني لأخترت أن يكون لبنان وطنيquot;، بهذه العبارة يخلّد جبران خليل جبران انتماءه وحبه للبنان، هذا الإنتماء الذي بات الكثير من اللبنانيين لا يؤمنون به فيتركون البلد بحثًا عن بلاد أخرى لن يجدوا فيها بالطبع أي انتماء كلبنان، لكننا لو امعنّا النظر بروعة مناطقنا وجبالنا لفضلنا ذرة تراب على كل بلاد العالم، ولو تجولنا في سواحله وجباله لوجدنا اننا لسنا بحاجة إلى الذهاب خارجًا للسياحة، فلبنان بلد السياحة والجمال، وبلدة دير القمر التي زرناها خير دليل على ما نقوله. تستقبلك على مدخل البلدة يافطة كتب عليها بلدة دير القمر بلدة الامراء، وبالفعل هي بلدة الامراء المعنيين والشهابيين الذين حكموا لبنان في الماضي، وهي من أغنى البلدات اللبنانية تراثًا وتاريخًا، وهي تقع في قلب جبل لبنان وكانت عاصمته طيلة عقود عدة من الزمن، جعلها المعنيون عاصمة حكمهم منذ سنة 1518 وبقيت كذلك حتى انتهاء الحكم الشهابي سنة 1843 وسكن فيها اول متصرف قبل انتقاله الى بيت الدين صيفًا وبعبدا شتاءً.

كنيسة سيدة التلة

وquot;يُحكى انه ايام الفنيقيين انتشرت عبادة القمر، وبنى هؤلاء لآلهتهم المعابد والهياكلquot;. يقول احد مؤرخي دير القمر وسكانها لإيلاف جورج لطيف، واسم هيكل القمر هو بو سهرو أي دير القمر، ويقال انه في القرن العاشر تم تعريب quot;بو سهروquot; الى العربية حيث اصبحت دير القمر تحمل هذا الاسم، وبعض المؤرخين ينسب اسم دير القمر الى وجود حجر كبير لا يزال مثبتًا في حائط كنيسة سيدة التلة حتى اليوم محفورًا عليه هلالاً يعلوه الصليب فاتخذت دير القمر اسمها من هذا الشعار.

وتعلو دير القمر 850 مترًا عن سطح البحر، وتبعد 35 كلم عن بيروت، ويبلغ عدد سكانها 27000 نسمة بين مقيم ومغترب، وترك الامراء المعنيين والشهابيين آثارًا قيمة في دير القمر نذكر منها:
جامع الامير فخر الدين الاول
قصر الامير فخر الدين الثاني الكبير مطلع القرن السابع عشر
الخرج وقيصرية الحرير ايضًا مطلع القرن السابع عشر
قصر الامير احمد شهاب- قاعة العمود اليوم
قصر الامير يونس معن- ملك آل طحيني اليوم
سراي الامير احمد شهاب- ملك آل باز

مقر البلدية الاثري

سراي الامير يوسف شهاب- مركز بلدية دير القمر حاليًا
دار المعلم بطرس كرامة ndash; ملك آل البستاني.
دار المعلم نقولا الترك.

ويوجد في دير القمر 14 كنيسة واشهرهم كنيسة سيدة التلة العجائبية وشفيعة دير القمر، وكان فيها اول مدرسة اقامها الرهبان الجليلييون وكانت تستقبل اولاد الامراء واولاد عامة الشعب على السواء، وخمس مدارس وجامعتان: الجامعة اللبنانية الفرع الرابع وجامعة اللويزة.
وبتاريخ 31 آب 1864 اصبحت دير القمر البلدة الاولى في الجبل فيها مجلس بلدي، كما انها من اوائل البلدات التي تملك نظام صرف صحي، وايضًا من البلدات القلائل التي رصفت شوارعها وازقتها بالحجر الصخري،

قيصرية الحرير

واثناءها ازدهرت دير القمر واشتهرت بالصناعة والتجارة فكان فيها:
قيصرية الحرير- لبيع خيطان الحرير، وصناعة وبيع المجوهرات على كافة اصنافها
سوق السكافين لصنع الاحذية
سوق الحدادين
سوق النجارين
سوق الصباغين
تربية دود القز وكرخانة لفك خيطان الحرير وانوال عدة لحياكة هذه الخيطان
ومعاصر عدة لعصر الزيتون لاستخراج الزيت
ومصنع للصابون.
وكذلك كانت الزراعة مزدهرة فكانت زراعة التوت لتربية دود القز وزراعة القمح للطحين والشعير للخيل والخضار على جميع انواعه، وانبتت دير القمر رجالاًً عظامًا في جميع الحقول، فكان هناك المشرعون والقضاة والسياسيون والادباء والمؤرخون والاطباء والمهندسون والعسكر، وتبوّأ هؤلاء الرجال اعلى المراكز الادارية، فكان المحامون والمديرون العامون والقائمقامون وقائدو الدرك والقضاة، ومن اشهر رجالات دير القمر رئيس الجمهورية اللبناني الاسبق الرئيس كميل شمعون.

في البلدية

دوري شمعون خلال اللقاء

داخل بلدية دير القمر، وهي سراي قديمة تعود للامير يوسف شهاب، التقينا رئيس البلدية ورئيس حزب الاحرار دوري شمعون (ابن الرئيس الاسبق كميل شمعون) الذي اعتبر ان ما ينقص بلدية دير القمر اليوم لتكون من اهم المصايف اللبنانية هو الاموال، لأن لدى البلدية مشاريع سياحية كبيرة، واهمها انشاء فنادق لأن دير القمر لا تملك فندقًا، وهو يحاول ان يجعل الاشخاص المعنيين يهتمون بالموضوع، لكن الظروف السياسية لا تسمح بذلك من خلال الحروب الكثيرة التي مرت على لبنان.

اما هل سنشاهد نشاطات اجتماعية وفنية في دير القمر، فيجيب شمعون اذا لم تستجد امورًا امنية لان النشاطات بحاجة الى من يدعمها ماديًا من خلال ما يسمى صيفيات دير القمر، واهالي دير القمر يهجرونها حاليًا، وتغيرت طريقة الحياة في دير القمر.

متحف ماري باز

ويجب انماء السياحة على انواعها في بلدة دير القمر، يقول شمعون اما عن المغتربين فهم قليلون خارج لبنان من دير القمر، وهو كان في اميركا الشمالية حيث كان هناك اجتماع لحزب الاحرار، وكان للجالية اللبنانية اسئلة هناك وهي متى نعود الى لبنان؟ الامر منوط بالوضع الامني خصوصًا وان لبنانيي المهجر دخلوا في نظام معين وهو شراء المنازل بالدين والتقسيط ولديهم وقت طويل حتى ينتهوا من ذلك، لذلك لا يفكرون بالعودة اليوم، الا في حال هدأت الاوضاع في لبنان.

تمثالان من الشمع داخل المتحف للملك فهد وحسني مبارك

اما هل هناك بيع للاراضي في دير القمر كما يحصل في بلدات اخرى يجيب شمعون بالنفي، لكن هناك ظهورًا سياحيًا لبعض اهالي الخليج في البلدة، وخلال جولته في اميركا تبين له ان السياسية الاميركية تجاه لبنان ثابتة، وهي تريده اليوم سيدًا حرًا ومستقلاً، لكن هناك فريقًا في لبنان يريده دولة ضمن الدولة ولن يحصل ذلك.

* تصوير ريما زهار