كريم السوداني/ نيوزماتيك/ بغداد: على الرغم من الحروب الطاحنة منذ ثمانينات القرن الماضي، وآخرها الحرب التي أسقطت نظام صدام حسين في مثل هذا اليوم التاسع من نيسان/أبريل 2003، ما زالت أمانة بغداد تحتفظ بالعديد من سيارات ملوك العراق، وبعض مقتنياتهم الشخصية من أيدي العابثين، خاصة في الفترة التي أطلق عليها العراقيون اسم quot;الحواسمquot;، وأعقبت سقوط النظام، حيث تعرضت جميع الدوائر، والمؤسسات الحكومية، والأهلية للسلب والنهب والحرق.

وفي بهو متوسط الحجم في أمانة بغداد تغفو سيارات يعود تاريخ صنعها إلى عام 1930،1932. عن تلك السيارات، قال المسؤول الإعلامي لأمانة بغداد، عادل العرداوي في حديث لـ quot;نيوزماتيكquot;، quot;آلت إلى أمانة بغداد العديد من ممتلكات الأسرة الملكية الحاكمة للعراق في عشرينات القرن الماضي، لتبقى في حوزتها، بإعتبارها ملك عام للشعب العراقي، وللدولة العراقيةquot;.

وأضاف العرداوي quot;كانت من بين تلك الممتلكات، مجموعة سيارات للأسرة المالكة، ابتداءً من فترة الملك غازي، وحتى عام 1958 في بداية الأمر، وعند تأسيس متنزه الزوراء الكائن في الكرخ عام 1970، ارتأت الأمانة أن تنشئ جناحًا خاصًا بتلك السيارات، وأضيفت لها سيارات قديمة تم شراؤها في جناح ضخم افتتح مع افتتاح المتنزه في عام 1970، وظل هذا الجناح حتى عام 1980-1981quot;.

المسؤول الإعلامي أوضح أنه quot;عند البدء بنفق الزيتون الذي قسم المتنزه إلى شطرين، الشطر الأول، ويقع فيه الجندي المجهول، والمنشآت الأخرى، والشطر الثاني هو المتنزه نفسه، ونظرًا لظروف الحرب العراقية ـ الإيرانية آنذاك، فإن الشطر الأول تحول إلى شبه ثكنة عسكرية ما جعل الأمانة تبادر برفع السيارات ونقلها إلى مكان أمين على شكل quot;سردابquot;، وحفظت هذه السيارات من تلك الفترة إلى يومنا الحاضرquot;.

ويقول العرداوي، quot;تضم السيارات نوعيات نادرة، من بينها quot;مرسيدس موديل 1932quot;، مصنوعة بشكل خاص هي واحدة من ست سيارات صنعها مستشار ألمانيا النازية أدولف هتلر، وأهداها إلى بعض الشخصيات من بينهم ملك العراق آنذاك الملك غازيquot;، مشيرًا إلى أنها ما زالت برونقها، وأثاثها، وطلاءها، وهي صالحة للاستعمال، حتى أن شركة مرسيدس المصنعة كثيرًا ما فاتحت الحكومة العراقية، وأمانة بغداد لكي تسترجعها، أو تشتريها بأغلى الأثمان، أو تستبدلها بعدة سيارات حديثة الصنعquot;، ورأى أن quot;المسؤولين العراقيين على مر العهود تصرفوا بحكمة، ووطنية بالغة، وأكدوا أن سيارة الملك غازي هي ملك عام للشعب العراقي، لا يمكن التصرف بها، وظلت السيارة إلى يومنا هذاquot;.

العرداوي أشار إلى أن quot;عدد السيارات الموجودة الآن هي 13 سيارة، سبع منها جاهزة للاستعمال، وستة بانتظار الصيانة والإصلاحquot;.

إضافة إلى تلك السيارات النادرة، المسؤول الإعلامي يقول quot;توجد عربتان تجرهما الخيول تشبهان عربات ملكة بريطانيا إليزابيث، ومصنعتان في لندن، كما تشبهان عربة الربل الموجودة حاليًا في العاصمة بغداد، وعليهما التاج الملكي الهاشمي العراقي المطلي بالذهب، وما زال محتفظًا برونقه، ولمعانهquot;.

وأشار العرداوي إلى أن quot;النظام السابق استولى على مقتنيات كثيرة من قصر الزهور وقصر الرحاب اللذين يعودان للعائلة المالكة، واعتبرها من ممتلكات quot;القصر الجمهوريquot;، وذهبت إلى هناك، ولم يتبقَّ سوى السياراتquot;.

وأضاف العرداوي بأن quot;هناك عددًا من السيارات القديمة من المتبرعين، فضلاً عن ثلاث سيارات للعائلة المالكة، كانت تستخدم من رئاسة الجمهورية العراقية للفترة من 1964-1970 في استقبال الضيوف من الملوك والرؤساء العرب الذين كانوا يتوافدون إلى العراق، وخاصة في مطار المثنى، وكانت سوداء اللون من نوع quot;رولز رايزquot; و quot;بلاي موثquot;، ومن نوع quot;كاديلاكquot; وهي سيارات طويلة الحجم، استخدمت من قبل الرؤساء عبد السلام محمد عارف، وعبد الرحمن محمد عارف، وأحمد حسن البكرquot; ثم استبدلت بسيارات المرسيدس الحديثة الصنعquot;.

وقال إن quot;المقتنيات تضم أيضًا مجموعة من السيارات المكشوفة التي تستخدم للمتنزه، أو لإلقاء التحية على أفراد الشعب في المناسبات الوطنيةquot;.

وفي حديثه لـ quot;نيوزماتيكquot; يضيف العرداوي، quot;تضم المقتنيات أيضًا دراجتين الأولى، دراجة هوائية من ثلاث عجلات، وفيها مقعد إلى الخلف يشبه العربة الملكية، بإمكان جلوس شخصين غير السائق، والدراجة الأخرى هي عبارة عن دراجة برمائية تعمل على الماء، اليابس على السواء، كان يستخدمها الملك فيصل الثاني في بحيرة الحبانية عندما تتحول إطاراتها إلى quot;مجاذيفquot; عند دخولها الماءquot;.

وبسؤاله عن موقع هذه السيارات من عدي صدام حسين إبان حكم النظام السابق، بعد أن عُرف عنه ولعه بمقتنيات الملوك، والأشياء النفيسة والغريبة، قال quot;يبدو انه لم يعرف مكان تلك السيارات، لأنها وضعت في سرداب لا يصل إليه أحد غير العارفين بهquot;.

وأضاف المسؤول الإعلامي أنه quot;خلال الفترة التي أعقبت سقوط النظام السابق، سيطرت القوات الأميركية على أمانة بغداد، كما فعلت مع وزارة النفطquot;، مشيرًا إلى أن quot;أحد لم يلتفت إلى السيارات داخل السرداب، بخلاف ما حدث مع أشياء أخرى كالكراسي، والمناضد، وغيرها من الأثاثquot;، مؤكدًا أن quot;القوات الأميركية لم تعرف هي الأخرى مكان هذه السيارات النادرةquot;.

وتعد أمانة بغداد حاليًا جناحًا خاصًا لتلك السيارات، كما يقول العرداوي، لكن عندما تستتب الأمور الأمنية، ليتمتع بها المواطن، ويرى كيف تطورت صناعة السيارات في العالمquot;.

ويؤكد المسؤول الإعلامي لأمانة بغداد على quot;وجود سيارة الزعيم عبد الكريم قاسم التي تعرض فيها لحادثة الاغتيال الشهيرة في منطقة رأس القرية في منتصف شارع الرشيد، مشيرًا إلى أن quot;السيارة عرضت في المتحف الحربي، باعتبارها سيارة تابعة لرئيس الوزراء العراقي، ووزير الدفاعquot;، لكن وكما يقول quot;استولت عليها المؤسسة العامة للسينما والمسرح أثناء تصوير الفيلم السينمائي quot;الأيام الطويلةquot;، الذي يروي جانبًا من حياة الرئيس السابق صدام حسين، باعتباره مشاركًا في عملية الاغتيالquot;، ويضيف quot;الشيء المؤسف والمحزن أن السيارة اختفت كما اختفت الكثير من الأشياء والمقتنيات الموجودة لدى مؤسسة السينما والمسرح، التي كانت بعهدتها الكثير من السيارات مثل quot;السير بيرسي كوكزquot; الانكليزية، والتي فقدت هي الأخرى، ولم نعرف شيئًا عنهاquot;.

ويروي العرداوي، قصة السيارات التي شُحنت إلى الأردن لصيانتها وإصلاحها في أواسط الثمانينات، ويقول quot;كانت بحوزة أمانة بغداد ثلاث سيارات تعود إلى الأسرة المالكة، منها سيارة للملك فيصل الثاني، وأخرى للأمير عبد الله، وكانت بحاجة إلى صيانة، وعندما زار العراق ملك الأردن حسين بن طلال، وهو يمت بصلة قرابة للعائلة المالكة في العراق وطرحت أمامه هذه المشكلة، على الفور أبدى استعداده بإصلاح السيارات الثلاث بعد شحنها إلى الأردنquot;، لكن مسؤول أمانة بغداد تأسف، لأن هذه السيارات لم تعد إلى العراق حتى اليومquot;.

واختتم العرداوي حديثه لـ quot;نيوزماتيكquot; معربًا عن أمله في أن quot;تعمل الحكومة العراقية على استرجاع تلك السيارات النادرة من المملكة الأردنية، لأنها ملك للشعب العراقي لتنضم إلى مجموعة السيارات الملكية الموجودة في بغدادquot;.

وكالة نيوزماتيك