علي مطر من إسلام آباد: قصص وحكايات عمرها 650 عاما هي عمر المبنى الذي يخدم كمسجد للعبادة وكخان للسكن ومدرسة دينية أيضا في الهند. حين تحكى روايات وقصص عن اباطرة عظام تواضعوا وقللوا من قيمة انفسهم امام خالقهم وهم يؤدون الصلاة فيه. ولكانت الاشعة الساقطة على الحروف المدببة لهذه الحجارة عكست قصص علماء ورجال دين مروا بهذا المكان الذي ينعى من شيدوه، علماء قاموا بتدريس ادق التفاصيل الدينية وادق احكام الشريعة لنشئ الايام الغابرة ولغيرهم ممن ساروا على دروب التدين والتصوف والذين احيوا الايمان في قلوب من يحيطون بهم.

لكن كل ما تستطيع رؤيته الان من الجامع المسجد بمنطقة quot;كتلة فيروز شاهquot; القريبة من نيودلهي عاصمة الهند هو ساحة المسجد المحاطة بعدد من الغرف التي تخدم كاماكن لاقامة المدرسين والطلاب الدارسين بالمدرسة الدينية بالمسجد او كغرف للدراسة كانت في القديم مرتبطة بالمسجد. صعود بعض الدرجات وطريق مؤثر روحيا يأتي بعدها ينقل الزائر الى قاعة مبهرة للصلاة والتي لم يبقى من جدرانها سوى جدران ثلاثة مضى على تشييدها 650 عاما. فقد اختفى جدار المدخل او بصورة ادق الجدار الواقع على الجهة الشرقية للقاعة.. اختفى بالكامل.

يحتل الطالب الديني محمد تاج الدين خريج مدرسة العلوم الديوبندية مكان المحراب الواقع على الجهة الجنوبية من قاعة الصلاة. وهو يقوم بكل واجبات العناية بالمصلى وبضيوفه وبالقاطنين بالمدرسة الدينية ابتداء من صلاة الظهر الى صلاة المغرب يوميا.

ثلاث صلوات كل يوم

إدارة مساحة الاثار التابعة للحكومة الهندية التي يخضع لها المبنى لا تسمح بدخول المكان في اوقات صلاة العشاء والفجر. والامر غريب كما يبدو ولدرجة ان امام المسجد لا يستطيع دخوله لامامة صلاة الفجر وصلاة العشاء ويسمح له فقط بامامة ثلاث صلوات من الخمس المفروضة على المسلمين يوميا. المسلمون الهنود يرون ان هذا يمثل مسجد للصلاة وأن عليهم حقوقا تجاهه. اما مبررات المنع من جانب ادارة الاثار فهي ان هذا المكان معلم تاريخي ويجب الحفاظ عليه ودراسته.

تحفة فنية مقلدة في سمرقند

ولما كان هناك قليل من الناس ممن يفهمون لغة الحجارة فانه كان من الضروري الحديث مع تسليم الدين الذي يقوم بعمل الامام لمعرفة المزيد عن هذا المسجد المدهش،وهو سيقوم بسرد تاريخي للذكريات التي تضمها جدرانه الاثرية. لقد صلى فيه العديد من الاباطرة. في عام 1398م وعندما كانت قوات تيمور لنك مشغولة باقتحام مدينة دلهي فانه ادى صلاته في هذا المسجد وقد انبهر بروعة وجمال المعمار لدرجة انه اصطحب معه لدى عودته عددا من الفنانين والعمال المهرة ليقوموا باعادة بناء المسجد في سمرقند. ولكي يرى الزائر تلك الايام الباهرة الخوالي لهذا المسجد الجامع وكيف كانت صورته الاولى فان عليه ان يسافر الى سمرقند بأزبكستان ويلقي نظرة او نظرات ان شاء على مسجد بي بي خانوم الذي بناه تيمور خان قبل فترة قصيرة من موته.
كما ان امام المسجد سوف يتحدث عن العالم شاه ولي الله وهو عالم ديني شهير من منطقة جنوب اسيا والذي قام بتدريس علوم الحديث النبوي لفترة عشرة اعوام في هذا المسجد الذي اصبح حطاما بفعل السنين. المسجد حمل بين ظهرانيه الكثير من المعلومات عن التاريخ السياسي والاكاديمي لمسلمي الهند طوال مئات السنين الماضية.
هناك 92 مسجدا بمدينة دلهي خاضعة لادارة الآثار الهندية ولا يمكن السماح باداء الصلاة فيها ولكن المسجد الجامع مدار البحث يعتبر احد الاماكن التاريخية الشهيرة التي استطاع مسلموا الهند ان يكافحوا من اجل الصلاة فيه. وامام هذا المسجد عضو بمجلس الاوقاف الاسلامية التابع لمدينة دلهي. وهو يلقى الدعم في نضاله من اجل الصلاة بالمسجد من عدد هام من الشخصيات الهندية بمن فيهم شعيب اقبال نائب رئيس برلمان دلهي. حيث يستطيع المسلمون ان يؤدوا الصلاة اليومية وصلاة الجمعة ولكن دلهي لا تعترف بملكية المسلمين لهذا الوقف الاسلامي. وترتب على ذلك ان اي محاولة لاجراء اي تغيير مهما كان بسيطا يتطلب موافقة ادارة الآثار قبل الاقدام على اي فعل.
قد يتبادر الى الذهن ان امام المسجد يبالغ كثيرا عندما يحاول ابراز اهمية هذا المسجد. ولكن يمكن ادراك ذلك من حقيقة ان رجالا ونساء يؤدون الصلاة في شهور الصيف القائظ بدون ان يكون هناك وجود لاي شيئ فوقهم. كما ان ادارة الاثار تطالب الراغبين بدخول القلعة التي تضم المسجد حتى وان كان للصلاة بدفع مبلغ خمس روبيات كاجور دخول !
لا يوجد اي مدخل اخر للمسجد ولهذا فان الراغبين بالصلاة مجبرون على دفع الروبيات الخمسة في كل مرة يذهبون فيها لاداء الفريضة. هذا في الوقت الذي يدخل فيه المئات الى مسجد دلهي الجامع المقام بوسط مدينة اولد دلهي بدون اضطرارهم لدفع اي رسوم. معظم المصلين ينتمون الى الاماكن المجاورة للمسجد والذين ياتون اليه بصورة منتظمة في حين ان بعضهم قدم من اماكن اخرى نائية. بينما يقوم عدد من غير المسلمين بزيارة المكان ايضا لاخذ لمحة عن تاريخه. وهؤلاء الزوار من غير المسلمين يزورون هذا المكان اكثر من غيره من بين الاماكن التاريخية الاخرى بالهند.