مواطنون من مدينة الصدر يروون معاناتهم اليومية بعد اكثر من (40) يوما من المواجهات

بغداد: quot;حين القت ام محمد نفسها على ابنها الذي اصابته رصاصة قناص امام باب المنزل، لم تكن تعرف ان رصاصة قناص اخرى ستقتلها فوق جسد ابنها بالضبط،quot; هذا ما يرويه احد الجيران في قطاع (8) داخل مدينة الصدر (شرقي بغداد) التي تشهد اشتباكات يومية بين مقاتلين من جيش المهدي، وقوات عراقية وامريكية منذ اكثر من اربعين يوما.


ويقول ابو مهند وهو يشير متحسرا الى (بيت ام محمد)، إن quot;ام محمد، حاولت سحب ابنها الذي اصابته رصاصة القناص اثناء الاشتباكات، الى داخل المنزل، لكن جثتها بقيت مع جثته على الرصيف حيث يقع مسكنهما على الشارع العام، بينما ينظر الناس اليهما من خلال نوافذ المنازل دون ان يقوى احد ما على اخلائهما او اسعافهما.quot;


ويضيف ابو مهند quot;كنا نسمع صراخ ابو محمد طالبا من الجيران ان يساعدوه في الخروج من المنزل لاغاثتهم، خصوصا وانه فقد احدى ساقيه بانفجار وقع ببغداد العام الماضي، ويعاني من قصر النظر، لكن حين هرعوا اليهم، كانا قد توفيا.quot;


وتحفل مدينة الصدر الان، بشتى القصص عن حوادث تشبه حادثة ام محمد وابنها، خصوصا بعد ان شهدت معارك بين جيش المهدي التابع للتيار الصدري الذي يتزعمه الزعيم الشاب مقتدى الصدر، والقوات الحكومية التي تسندها القوات الامريكية، تزامنت مع الاشتباكات التي وقعت في البصرة عقب انطلاق خطة (صولة الفرسان) في الاسبوع الاخير في الـ(25) من شهر اذار الماضي.


ويروي عبد الخالق السويعدي (46 عاما)، بعد ان نقل عائلته الى منزل اخر في اطراف مدينة الصدر، أن quot;صاروخا انطلق من مروحية امريكية باتجاه منزلي بينما كنت فيه لوحدي، ولم اشعر الا بالنار وهي تلتهم المنزل وسط غبار كثيف.quot; ويضيف السويعدي quot;الحمد لله نجوت من الانفجار، لكن كان صعبا علي الخروج خوفا من ان يطلق المسلحون او الجنود النار علي، وفي النهاية، كنت مجبرا على الخروج امام القوات المشتركة رافعا يدي الى الاعلى، فلم يطلقوا علي النار، ونجوت باعجوبة من موت كاد ان يكون محققا.quot;
ويتحدث احمد كريم ( 40 عاما) عن قصف جوي امريكي شبه يومي يستهدف الاحياء السكنية، كون المدينة عبارة عن منازل متراصة ولاتوجد فيها مناطق مفتوحة مثل البساتين او الاراضي المتروكة.
ويضيف كريم الذي يسكن منطقة الاولى التي تتألف من تسع قطاعات سكنية وتسيطر عليها القوات الامريكية، إن الطائرات المروحية الامريكية quot;تحلق في اجواء المنطقة على مدار الساعة ليلا ونهارا، وتقذف بصواريخها باتجاه المدينة بين الحين والاخر.quot;
ويقول حازم الربيعي (32 عاما) وهو من سكنة (شارع الداخل) وسط مدينة الصدر، ان quot;رجلا كبيرا في السن حاول قبل ايام عبور الشارع العام من قرب محطة الوقود في شارع الداخل، غير انه سقط فجاءة عندما اصيب برصاص قناص مجهول في بطنه، ولم يتجرأ اي شخص على انقاذه حتى ظل ينزف، وتوفي بعد دقائق من اصابته.quot;
وكان نحو ستين نائبا برلمانيا من كتل مختلفة، اعتصموا اواخر نيسان/ ابريل الماضي في مدينة الصدر لمطالبة الحكومة بالرجوع الى طاولة الحوار وفك الحصار عن المدينة الذي أدى الى زيادة معاناة سكانها.
وتتهم الحكومة العراقية المسلحين باستهداف المدنيين في مدينة الصدر، فيما ذكر الجيش الامريكي ان المسلحين هم الذين يعرضون المدنيين للاذى بسبب اطلاقاهم الرصاص من اسطح المباني والدور .
ولم تصدر وزارة الصحة العراقية أي بيان او حصيلة عن عدد القتلى والجرحى في المدينة منذ اندلاع المواجهات المسلحة فيها اواخر اذار مارس الماضي.
وقال مصدراعلامي في الوزارة لـ(اصوات العراق) في وقت سابق إن الوزارة quot;غير مخولة بأعطاء حصيلة اعداد الشهداء والجرحى من المدنيين في مدينة الصدر.quot; مضيفا ان الدوائر الامنية في وزارة الداخلية هي المخولة بذكر اعداد المدنيينquot; دون ان يفصح عن مزيدا من التفاصيل .
ولم تعط وزارة الداخلية اي احصائية عن اعداد القتلى والجرحى من المدنيين، لكن مصدر اعلامي في مكتب الشهيد الصدر في الرصافة قال لـ(اصوات العراق) ان مستشفيي المدينة، الامام علي والصدر، يتلقيان يوميا عشرات الاصابات الخطيرة والمتوسطة لمدنيين من النساء والاطفال والشيوخ بسبب هجمات القوات الامريكية والقوات الحكومة.
وقال شهود عيان من اهالي المدينة لـ (اصوات العراق) إن مئات العوائل بدات بالنزوح من مناطق سكناهم طواعية، بسبب القصف اليومي على المدينة والاشتباكات .
ويقول عبد الزهرة الشويلي، انه quot;نقل كل افراد عائلته الى منزل اخيه في حي الشعب (شمالي بغداد) منذ اكثر من شهر، بسبب العمليات العسكرية الجارية في المدينة.quot;فيما يقول سعدي اللامي ان quot;معظم سكنة قطاع (11) تركوا منازلهم الى مناطق اخرى، بحثا عن ملاذ امن، بعد ان تركوا كل اثاث منازلهم وخرجوا بما هو يسير من ملابس وضروريات.quot;

اصوات العراق