تشتهر منذ القدم بصناعة الفخار والأجراس
بيت شباب... هنا الأجراس تدق لعروس البلدات

ريما زهار من بيروت: على مرتفع جميل من كتف وادي نهر الصليب، تتصدر بلدة بيت شباب اللبنانية قلب المتن الشمالي، حيث تعانقها اشجار الصنوبر والسنديان والشربين، فتبدو باطلالتها البهية كالعروس ليلة زفافها، اسمها السرياني بيت شبابو اي بيت الجار او الجيران، ترتفع عن سطح البحر من اسفلها الى اعلاها بين 650 و850 مترًا، مساحتها نحو 397 هكتارًا، تبعد عن العاصمة بيروت نحو 24 كيلومترًا، تتخللها شبكة طرق متعرجة داخل القرية وخارجها، وتصل بيت شباب بالقرى المجاورة حتى بيروت، عدد سكانها يقارب 14500 نسمة، أما المغتربون منهم فضعف هذا العدد، يحدها شرقًا بكفيا ومار بطرس كريم التين، غربًا الشاوية وعين عار وقرنة شهوان، شمالاً وداي نهر الصليب، وجنوبًا بكفيا وبحرصاف وساقية المسك وعين علق.

طفل على العين في البلدة

جارت الايام على بيت شباب ونكبتها منذ عهد المماليك سنة 1305، حيث دمرت بيوتها، فهجرها أهلها الى الشمال، ينشدون الأمان في أعالي الجبال.
هذه البلدة القديمة رافقت المدنية، ونعمت بالحضارة، واسهمت بكل حركة عمرانية، واعطت لبنان ما لم تعطه سواها صناعة وزراعة وثقافة وعمرانًا، وقد تميزت بطابعها الفني في البناء الاثري من تكوين للبيوت من الحجر الابيض المتناسق المداميك والزوايا، تتخللها اروقة وقناطر وواجهات مثلثة زجاجية في غاية الاتقان والروعة، يعلوها قرميد احمر وهي تشكل التراث اللبناني، كما تجد بعض البيوت وشرفاتها مسورة بقضبان من حديد جميلة الصنع، وبالقرب من المنازل حدائق يزرع فيها اشجار الفاكهة وجميع انواع الخضر.

صناعاتها

فوزي فاخوري يصنع الفخار

شكلت بيت شباب دورًا مهمًا في تاريخ لبنان الحضاري، وهي تفخر بما اعطته من طاقات بشرية وعلمية وفنية وصناعية، كما احتلت الصدارة بين القرى اللبنانية بصناعاتها الفريدة، هذه الصناعات على انواعها منها صناعة الاجراس التي اختصت بها عائلة نفاع في بيت شباب، وصناعة الاجراس والحدادة والموازين في بيت شباب قديمة، وهي البلدة الوحيدة التي تصب كل اجراس كنائس لبنان والبلدان المجاورة وشرقي تركيا وآسيا وتستورد النحاس والقصدير والفضة. اما تاريخ هذه الصناعة فمن المرجح ان يعود الى مطلع العهد الصليبي مع عائلة نفاع، يحافظون عليها بسرية تامة لأنها كنز ثمين في نظرهم يتوارثها الآباء عن الاجداد.

فخاريات

وقد ساهمت بيت شباب في تطوير صناعة الفخار بتنشيط العمل الفردي وقد اختصت بها ايضًا عائلة فاخوري، وصناعة الفخار من الصناعات القديمة في بيت شباب، وهي من التراث اللبناني ووجه صناعي عريق في البلدة، يتوافد اليها الزوار من كافة القرى اللبنانية لابتياع حاجتهم من الاواني الخزفية التي تصلح لتخزين الزيت والزيتون والعرق وكافة السوائل، وهي على جانب كبير من الجودة والنوعية العالية.
ومن تراث بيت شباب الحقيقي، صناعة النسيج ( الديما) والالبسة القطنية والحريرية والمطرزات المقصبة المزركشة بالفضة والذهب وكلها من صنع الايدي العاملة الشبابية، والحرير الطبيعي من غزل معاملها الستة التي تستقطب العديد من العمال، حيث ازدحمت فيها انوال الحياكة، ولا تزال بيت شباب تحافظ على هذا التراث الوطني.

صانع الاجراس نفاع يوسف نفاع

وهناك صحف ومجلات بقي اثرها خالدًا كانت تصدر في بيت شباب اهمها الحق والنديم والنتيجة والعلم والخبير وفتى الجبل والندى والليالي والدبور والحقيقة والمحراث والثقافة الوطنية والصحافة والخواطر الخ..
وفي بيت شباب مستشفى المعهد اللبناني للمعاقين، مستوصف الجمعية النسائية الخيرية الشبابية، مستوصف الرعاية الاجتماعية، ومركز للدفاع المدني وصيدليات ومكتبات ونواد، ومدارس خاصة ورسمية منها ثانوية راهبات القلبين الاقدسين، ثانوية النهضة الشبابية، مدرسة بيت شباب الحديثة، ثانوية بيت شباب الرسمية، متوسطة بيت شباب الرسمية، ومعهد فني عال للتعليم المهني والتقني الرسمي.

تراث

ومن تراث بيت شباب الاجتماعي، ومن تقاليده المتوارثة اقامة حفلات الاعياد في المناسبات برقصة السيف والترس على ايقاع الموسيقى الكرنيته، الدف، الصنوج وقرع الطبل، ثم حمل المحدلة والقيمة اضافة الى تربيع الجرس.

في البلدية

أجراس

يقول رئيس بلدية بيت شباب الياس الاشقر لإيلاف إن ما تحتاج إليه اليوم البلدة كي تصبح نموذجية الكثير من الاموال وهي ضيعة تراثية قديمة والاموال هي لتحديث الطرق والصرف الصحي والقنوات، وهناك مغتربون سيأتون هذه العام الى البلدة، وهناك نشاطات ثقافية كثيرة هذا الصيف من خلال مهرجان ينظمه كشافة البلدة بالتعاون مع البلدية، ومعرض ايضًا سيقام، وتأثرت الضيعة كسائر الضيع بالحرب اللبنانية، ويضيف ان صناعة الاجراس والفخار هي ابرز ما تتمتع به البلدة منذ القدم، وهي لا تزال تحافظ عليها رغم منافسة قوية من قبل المعامل الحديثة التي تصنعها. وكذلك تمتاز البلدة يضيف، بمركز اصبح اليوم مستشفى للمعاقين منذ اكثر منذ 25 عامًا.

* تصوير ريما زهار