الشيخ حمدان بن زايد يتكفل بعائلة جزائرية يكسوها جلد الثعابين

سليمان بوصوفه من لندن: طلب مكتب الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان من السلطات الجزائرية تزويده بتقرير طبي مُفصّل عن ثلاثة أفراد من عائلة جزائرية يعانون مرضا غريبا حوّل جلودهم إلى ما يشبه جلود الثعابين وذلك للتكفل بنقلهم خارج الجزائر وعلاجهم في مصحة مختصة. هذه اللفتة الكريمة تجاه العائلة التي طرقت كل الأبواب لتجدها موصدة تأتي نتيجة الانتشار الواسع لتقنية الأنترنت التي كانت السبب في إنقاذ جزائريين وجزائريات يعانون الفاقة وتنهش أجسادهم أمراض غريبة ولم يجدوا وسيلة لوضع حد لمأساتهم في وقت يسيطر فيه عمل الأساليب الملتوية كالرشوة والواسطة (المعريفة) والجهوية لحل أبسط المشاكل اليومية التي تعاني منها الأسر الجزائرية.

الصحافة الإلكترونية والكرم العراقي ينقذان كلْيَة شاعر جزائري

الصحف الجزائرية التي تُصدر طبعات إلكترونية بالإضافة إلى طبعاتها الورقية كانت ولا تزال مادة دسمة لوكالات الأنباء العربية والعالمية خصوصا في مجال نقل المعلومات الأمنية وأخبار الهجمات الإرهابية التي تستهدف الجزائر، غير أنّ الاهتمام تحوّل مؤخرا إلى الظواهر الغريبة التي بدأت تسيطر على المشهد الجزائري منها قضايا الاختطاف وظاهرة انتحار الشباب والهجرة عبر قوارب الموت إلى أوروبا هذه الظواهر خلفها الفقر الذي بدأ يزحف على التركيبة السكانية رغم أن الجزائر بلد مصدر للنفط والغاز وتشير أرقام شبه رسمية إلى أن ارتفاع أسعار الذهب الأسود كدّست ما مقداره 150 إلى 200 مليار دولار في خزينة الدولة خلال السنوات الخمس الأخيرة.

المواقع الإعلامية العربية نقلت نداء استغاثة نشرته صحيفة (اليوم) المحلية في شهر أيلول سبتمبرعام 2005. النداء جاء من شاب جزائري عرَضَ كليته وكلية والدته للبيع على صفحات الجريدة ليحصل على مبلغ مادي يسدد به إيجار الشقة التي يسكنها قبل أن يطرده صاحب الشقة إلى الشارع. ومن المفارقات أن الشاب الذي كان وراء الإعلان، شاعر جزائري معروف وهو: بوبكر زمال. الرئيس العراقي جلال الطالباني التقط الإشارة عبر (النّت) من بغداد وتبرع للشاعر بمبلغ 30ألف دولار هذا المبلغ يضاف إلى 5آلاف دولار تبرع بها رئيس شركة (عراقنا) للاتصالات شامل حنفي و5آلاف دولار أخرى جادت بها صحيفة (المدى) العراقية. الشاعر زمال ثمّن هذه المواقف وصبّ جام غضبه على وزارة الثقافة التي تدّعي التكفل بالمبدعين فيما تُبذّر أموال الشعب هنا وهناك على حد تعبيره.

موقع اليوتيوب وتضامن جزائريي المهجر مع أهلهم في الداخل

هذه اللفتة الكريمة من العراقيين جعلت المئات من الجزائريين المحرومين يتوجهون إلى الصحف الجزائرية ليعرضوا مشاكلهم، ماجعل بعض الجرائد تُخصّص صفحات كاملة للعائلات التي تطلب يد العون مع نشر صور مخيفة لأبنائها الذين يعانون أمراضا مستعصية.وتغتنم هذه الفرصة لتوجيه رسائل إنذار تتمثل في إحصائيات مقلقة حول واقع الصحة في الجزائر، من بينها أن 11ألف جزائري مصاب بالقصور الكلوي، 60 ألف إصابة بالجلطة الدماغية و 30 ألف حالة سرطان سنويا، 3 ملايين يصارعون السكري (25% شباب) فيما يعاني 26% من السكان من ارتفاغ الضغط الشرياني، بالإضافة إلى عودة أمراض كانت انقرضت منذ قرن مثل الطاعون والجذري نتيجة لجوء عدد من العائلات الجزائرية إلى الأكل من مكبات النفايات.

(منيب) كان من بين المحظوظين الذين تكفل به جزائريو المهجر، فالطفل يعاني ورما سرطانيا في ظهره حوّل حياته إلى جحيم وما إن نُشرت صوره على صدر صفحات الجرائد المحلية حتى أنشات مجموعة من الجزائريين في بريطانيا يترأسها شخص إسمه (إلياس) جمعية في موقع اليوتيوب للتكفل بقضية الطفل منيب الذي تحوّل إلى أشهر طفل في الجزائر خلال شهرين فقط من إطلاق تلك الحملة. النتائج كانت غير متوقعة بحيث استطاعت الجمعية جمع عشرات الآلاف من الدولارات وأرسلت منيب عبر طائرة خاصة من الجزائر إلى واشنطن حيث خضع لعملية جراحية دقيقة في مستشفى (مايو كلينيك) واستراح من الورم السرطاني. العملية أشرف عليها مجانا الجراح الجزائري الدكتور اسطنبولي وساعده في العملية جراح مغربي شاب رفض أن يتقاضى أجر العملية.

سخط الرأي العام على إهمال السلطات

الردود التي انهالت على الصحف المحلية حول تدخل شخصيات عربية لإنقاذ فقراء جزائريين كان أكثرها متهكّما كقول الكثيرين ( يبدو أن مسؤولينا لا يقرأون الصحف ولا يسمعون بالانترنت) غير أن الكثيرين تساءل عن معنى إنشاء وزارة للتضامن وهي الجهة المختصة التي يجب عليها أن تعالج مثل هذه القضايا. كما أن أعمدة الصحافة غالبا ما قارنت بين المليارات التي تدخل الخزينة كل شهر وبين تدهور القدرة الشرائية للمواطن. خصوصا مع الفضائح المالية المتكررة والسرقات التي تشهدها البنوك دون تحرك السلطات لسنّ قوانين رادعة تضع حدا لسلب أموال الشعب.

هل يستفيد الجزائريون من الطبابة في الخارج؟

يقول نعم (م، الوردي) وهو طبيب جزائري يعمل منذ أعوام في مستشفى اسكوتلاندي تعاقد مع مصلحة الرعاية الاجتماعية الجزائرية (كازورال) لاستقبال المرضى. يقول الطبيب : استفادة العائلات الفقيرة من هذا النوع من الطبابة يكاد يكون أمرا نادرا وغالبية المرضى الذين استقبلناهم على مدى سنوات يتمتعون بأكتاف عريضة والعاقل تكفيه الإشارة.