بعد قرار منع التدخين في المقاهي والمطاعم واستثناء مقاهي الحشيشة
دخان الكيف في أمستردام يجلب طلاب المتعة ويقلل المدمنين

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: منذ تطبيق الحكومة الهولندية في الأول من شهر تموز الجاري قرار منع التدخين في الأماكن المغلقة بما فيها المطاعم والمقاهي اتجهت الأنظار لمحلات تدخين وبيع الحشيشة المعروفة في هولندا بـ Cofeeshop التي استثناها القرار الهولندي من قرار منع التدخين، لأن ما ينفثه الزبائن فيها ليس تبغًا فقط إنما مادة الماريغوانا التي يخلطها الزبون داخل لفافة التبع لتوزيع المتعة المتولدة منها على جرعات، حيث يكفي كيس الحشيشة الصغير لنحو سبع لفافات من التبغ أو حسب مزاج المدخن، إذ يفضل أصحاب الخبرة عدم شراء لفافة جاهزة من داخل محل الكوفي شوب، فتلك quot;مخصصة للسياحquot; حسب اسحاق ذي الاصل المغربي الذي لا يذكر متى بدأ تدخين الحشيشة، مضيفًا لإيلاف أن quot;الماريغوانا تولد في جسمي قوة كبيرة لا أجدها في غير أوقات تدخينهاlsquo; وتمنحني فوق ذلك رغة في الأكل أيضًاquot;.

لكن نموذج اسحاق يصنف كمدمن، ولا ينطبق على أفواج السياح من الشباب خاصة القادمين من دول غرب أوروبا لقضاء عطلة نهاية الاسبوع في أمستدرام التي تبدو لمتأملها عن قرب كماخور لأوروبا بفتحها بابي المتعتين الأشهر فيها متعة الجنس والكيف على مصراعيهما.

فالاسبانية لوث التي قدمت من مدريد بصحبة اصدقائها لتدخين لفافات الماريغوانا بحرية هنا في أمستردام تجد أن أجمل ما في هذه المدينة حرية تدخين ما هو ممنوع في بلدها وتلجأ مع آخرين لتدخينه سرًا في بعض الأحيان.

تجلس لوث مع بقية الفوج الصغير المكون من خمسة شبان قدموا بالقطار لأمستردام في رحلة اخذت منهم وقتاً أكل اليوم من أوله لمسائه. لكن متعة تدخين الحشيشة، كما تقول، ونسيان أعباء العمل ها هنا في أمستردام حبب لي المدينة. ولم تأبه لوث للقرار الهولندي بمنع التدخين في المقاهي فهي قادمة هنا لتدخين الحشيشة سواء داخل او خارج الكوفي شوب.

صاحب كوفي شوب سيربيا لم يهتم هو الآخر لمنع التدخين بل ربما سيزيد من زبائن المقهى الذي لا تفرغ زواياه ومقاعده من الزبائن الذين أغلبهم من سياح المدينة ومن سكانها أيضًا لكن بعدد أقل.

في كوفي شوب سيبريا كان الضحك طاغيًا بين ثلاثة مدخنين وقد حاول أحدهم اعادة اشعال لفافته فلم يجد لدى زميليه ما يشعلها على الرغم من اتقاذ لفافتيهما، وعلى الرغم من الشمعة المتقدة في كأس احمر صغير على طاولتهم فما كان منه إلا الانتقال لطاولة اخرى وأشعلها من الشمعة المشتعلة على تلك الطاولة لينفجر الجميع بضحك اتنقل لبقية رواد المقهى، وكان تبريره على عدم اشعالها من شمعة طولتهم ان الطاولة المجاورة أقرب لهم من طاولتهم.

على مقربة من ميدان الدام وسط أمستردام يقف شبان سمرٌ متفرسين بوجوه المارة بحثاً عن زبون يفهم بالاشارة او بلغة العين مايقدومونه من بضاعة مخفية عن أعين الشرطة.
فعلى الجسر العابر نحو حي quot;دو فالنquot; الشهير بعروض الأجساد الأنثوية والذي لايخلو من عابرين من مختلف الجنسيات يحرك الشبان السمر أصابعهم نحو أنوفهم أو يفركونها حيناً كإشارة لنوع البضاعة المقدمة سراً. وحين يقع زبونا بين أيدي أحدهم يرشده لمكان قريب من الأجساد، التي تنادي، من وراء الزجاج، عطش الذكور لمياه اللذة البللورية.

لا يريد هؤلاء الشبان ضياع وقتهم بحديث عن الحشيشة والعمل والمكان فربما يضيع وقت الحديث زبون طاريء ومعظم زبائنهم طارئون. وربما يعكس سباقهم للوقت وتحفزهم للمارة خوفهم من انتقال حي quot;دو فالنquot; لمكان آخر من المدينة بعد القرار الحكومين العام الماضي، بتحويل محلات عرض الاجساد الأنثوية الى غير مكانها المعتاد لتحله محلها ورش ومحلات تصميم أزياء يديرها مصممون ومصصمات شباب لاتطلب منهم بلدية أمستردام سوى اجور الماء والكهراء والغاز لمدة عام كامل.

يقول إسحاق إنه يخشى أن تلتفت الحكومة الهولندية لمحلات الوكفي شوب للمخدرات الخفيفية وتضيق عليها كما ضيقت على محلات الأضوية الحمر في امستردام وبات على أصحابها نقلها لمكان آخرquot;، مضيفاً quot;ترى ماذا سيقى في هولندا وفي امستردام تحديداً لو جردت من محلات الكوفي شوب ومحلات الجنس؟quot;.

لكن لدى سيم ذي الاصول اللاتينية بدائل دائماً متاحة في هولندا كما يقول لإيلاف، فزراع الماريغوانا في بيوتهم سراً لن يبخلوا عنا بما لديهم، مستبعداً أن تمنع هولندا تعاطي الحشيشة، ويشاركه جلاس كوفي شوب زفارتي زي quot;البحر الأسودquot; في مقاطعة خلدرلاند المنهمكين بتدخين الحشيشة quot;يومياً ومما توفر لهم من نقودquot;، حسب نادل المقهى التركي. ويلاحظ أن أغلب متعاطي المخدرات، خاصة الثقيلة، في هولندا من غير ذوي الأصول الهولندية.

وتحدث لنا س. احمد من مدينة ايندهوفن الهولندية، أن الشرطة ألقت القبض على شبكة تزرع الحشيشة في بيت السكن وهذه جريمة يعاقب عليها القانون الهولندي.
يضيف ( س ) أن الشرطة الهولندية تشن في احايين كثيرة عمليات مداهمة لمن تشك في انهم يزرعون ( الحشيشة ) في البيوت. إذ غالبًا ما تتطلب زراعة المخدرات شبكة سرية من ثلاثة الى اربعة اشخاص وتحتاج الى ظروف انماء خاصة بحسب. ومن هذه الظروف توفر نسبة حرارة عالية تتطلب استهلاكًا كبيرًا للكهرباء اضافة الى بيوت زجاجية صغيرة وغالبًا ما تزرع في الطبقة العليا من البيت تلافيًا لمشاكل الفضوليين. وتستعين الحكومة الهولندية احيانا بطائرات الهليكوبتر للكشف عن مزارع البيوت، حيث تزود هذه الطائرات بتقنيات رصد وكشف عالية الدقة. وتشير الاحصاءات إلى أن نسبة المتاجرين سرًا بالحشيشة في هولندا هم من العاطلين عن العمل، ومن الأجانب.

ويلجأ بعض مواطني جوار هولندا وفرنسا للسفر بالباص لاقرب قرية حدودية هولندية لشراء وتدخين الحشيشة فيها والعودة لبدانهم منتشين بمتعة الماريغوانا ضاحكين ملء أفواههم من كل نأمة أو حركة أمامهم بفعل دخان الكيف، الذي يبلغ سعر اللفافة السياحية منه نحو أربعة يورو.

يذكر أن هولندا شرعت تعاطي وبيع الحشيشة كمخدر خفيف منذ عام 1976 ونجحت سياستها، التي جوبهت بمعارضة داخلية وخارجية، في تقليل عدد المدمنين خاصة من الشباب مقارنة ببقية دول الاتحاد الاوربي. وتقدم البلديات الهولندية مساعدات اجتماعية ورعاية خاصة لمدمني المخدرات بضمنها جرعات مخدرة اسبوعيا خاصة لمدني المخدرات الثقيلة كالهيروين إذ يعامل المدمن في هولندا كمريض. ولا تزال سياسة هولندا بالسماح بتعاطي وبيع المخدرات تلقى معارضة خاصة من قبل عدد من اولياء الأمور إذ يلجا بعض طلاب المدارس لتدخين الماريغوانا في حلقات، وربما ساهمت من خلال المتعة التي تقدمها في انحدار متعاطيها الصغير نحو الادمان حسب تبريرات ذويهم.

لكن آخر الإحصائيات الهولندية تشير إلى أن عدد المتوفين بسبب الإدمان على المخدرات في هولندا بلغ 42 شخصًا وهي أقل نسبة في أوروبا.