يُقال إنه لا يمكن حملُ بطيختين بيدٍ واحدة، لكن يبدو أنَّ بعضنا يصرُّ على المنهج الذي يعني سقوط البطيختين. وإنْ أخذنا باقتراح السيد / محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ بإضافة فقرة تطالب (... بمقاضاة إرهاب الدولة المتمثل في الممارسات شارون الإرهابية على أرض فلسطين... ) وذلك في نداء إلى مجلس الأمن لإنشاء محكمة تردع مروجي الإرهاب والمحرضين عليه بيننا، أقول إن أخذنا باقتراح السيد فإنه من المتوقع أن يرفض مجلس الأمن النداء ونكون بذلك قد أسقطنا البطيختين.. ردع الإرهاب ومروجيه بيننا وبالطبع عدم فعل شئ لردع إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل.
إن إقحام إسرائيل في القضية التي نحن بصددها لن يؤدي إلى نتيجة طالما نحن نعرف أن الإرهابيين والمروجين لهم يستخدمون قضية فلسطين ومعها قضية العراق مطية لارتكاب جرائم أقل ما يمكن أن يُقال فيها إنه خسيسة.
لماذا لا نكون واضحين تماماً ونقول إن دولا ومجتمعات عربية تعاني من الإرهاب على تفاوت مستوياته وإن هذا الإرهاب يأخذ شكل الجهاد المقدس لدى فئات لا يردعها رادع وإن الأخطر يكمن في ثقافة كاملة تتغذى على المكنون الديني للمجتمعات وتجد من رجال دين متطرفين ومعتدلين وبين بين تبريراً دائماً.
ويسألني السيد / محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ (... هل من مهام أو أخلاقيات الليبرالي الحقيقي.. التحريض.. على الأخر مهما كانت المبررات ؟... )
ويمكنني أن ألاسن هنا بالقول : وماذا يفعل الإنسان العربي ليبرالياً كان أم غير ذلك تجاه تحريض لم يتوقف منذ عشرات السنين وأدى ولا يزال إلى سفك دماء البشر في أكثر من بلد عربي وغربي وآسيوي وفي المقدمة أيضا يأتي العراق.
ثم من هو هذا ( الآخر ).. إنه آخر لا يعترف بنسبيته ولا يقبل الحوار ولا يسمع إلا صوت نفسه متماهياً مع تصورات دينية وتاريخية ( الدولة الإسلامية مثلا ) ويعمل هذا الآخر بكل وسيلة ممكنة لإجبار ( الآخرين ) على قناعاته.
إنك يا سيدي تقول (... هب.. جدلاً.. أن مجلس الأمن تجاوب مع هذا الخطاب وطالب بتسليمه الشيخ القرضاوي مثلا، هل تدرك مدى ما ستقوده مطالبة كهذه من ردة فعل من قبل الشعوب العربية... )
وأنا أسألك : وهل يقيم القرضاوي وزناً للآخرين حين يفتي وهل تقيم الجماهير العربية وزناً للآخرين حين ينتكس وعيها في الخطاب الديني والمتشدد والأقل تشدداً وتعتبر الأقباط في مصر مثلا.. كفاراً.. وليسوا مواطنين في دولة مُعرَّفة قانونياً وسياسياً ودستورياً وجغرافياً بأنها ( جمهورية مصر العربية ) وليست دولة طالبان الإسلامية.
ثم أين ردة فعل الشعوب العربية تجاه الجرائم التي ترتكب باسم الدين في العراق أو في غيره وهل تظاهرت الجماهير العربية احتجاجاً على ذبح خمسين شاباً عراقيا بدم بارد على يد الإرهابيين في العراق.
إن كان من أحدٍ يحرض فهم هؤلاء الذين يرفعون الدين مطية وراية وبندقية وسكيناً للذبح وإنهم لا يحرضون على كراهية الغرب فقط بل يحرضون على كل من يخالفهم حتى في وجوب أو عدم وجوب إطلاق اللحية.
ثم إذا كنت راغباً في بيان يدين إسرائيل ويطالب بمقاضاتها على إرهاب الدولة الذي تمارسه في حق الفلسطينيين، فلماذا لا تتوجه بهذا الطلب إلى رجل مثل محمود درويش وهو الذي يمكنه من موقع شهرته الأدبية في العالم أن يصدر ويروج لبيان كهذا ؟
أم أن الليبراليين العرب في خطوتهم الجريئة هذه مطالبون بالشمولية المعيبة التي طالما وصمت تاريخنا، وعليهم أن يحملوا كل القضايا على ظهورهم.
وربما إن نجح نداء إلى مجلس الأمن في هدفه، ألا يمكن أن يشكل أساساً أخلاقياً ننطلق منه للمطالبة بمقاضاة إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل أو غيرها.
إن الليبراليين العرب حددوا هدفهم بقضية واحدة كما أشرت سابقاً وكما يشير نداؤهم إلى مجلس الأمن وهذه القضية هي ردع مروجي الإرهاب والمحرضين عليه حتى تكف هذه الثقافة الدموية عن الاستشراء والتوحش أكثر في حياتنا المرهقة.
ثم بعيداً عن وصف الليبرالي أو غيره من الأوصاف أقول لك إنني أؤيد النداء إلى مجلس الأمن الدولي من واقع خبرة إنسانية محضة لا علاقة لها بالليبرالية أو غيرها.
ومن واقع عملي فقد شاهدت على الطبيعة وعلى أرض الواقع ثلاث حوادث تفجير إرهابية بسيارات مفخخة في العاصمة العراقية بغداد، وهذا وحده سبب كافٍ بالنسبة لي لتأييد أي نداء يهدف إلى ردع الإرهاب وردع المحرضين عليه، وقد كتبت سابقاً عن حوادث التفجير هذه من واقع المشاهدة المباشرة.
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=25609
تحياتي سيدي
ورمضان كريم
رغم أن الإرهابيين بيننا لم يجعلوه كذلك وترى كما نرى جميعا ماذا فعل الإرهابيون في العراق في شهر رمضان الذي لم يردعهم عن ذبح البشر.

مقالات ذات صلة ببيان الليبراليين العرب:

نص البيان الذي وجهه اليبراليون العرب إلى الأمم المتحدة

*

د. احسان الطرابلسي
ردٌ على خالد شوكات
الغنوشية المتستّرة بثياب الليبرالية تفضحُ نفسها!

*

محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

البيان الفضيحة!

آل الشيخ يرد على منتقديه: اعترفوا بالخطأ

بل كله عيب أيها السيد المصري!

*

إبراهيم المصري
ليس عيباً.. وإنما ضرورة

*

د. خالد شوكات
القرضاوي وبن لادن لا يوضعان في سلة واحدة

*

د. رجاء بن سلامة
لماذا وقّعت البيان المجرّم لفتاوى الإرهاب

*


محمّد عبد المطّلب الهوني
فضيحة آل الشّيخ مردودة عليه

*

د. شاكر النابلسي

لا أب ولا أبوات لـ البيان الأممي ضد الارهاب!

لماذا كان البيان الأممي ضد الارهاب ولماذا جاء الآن؟

*

نصر المجالي
بيان فيه تحريض وتنوير

*

علي ابراهيم محمد
ما حاجتنا لبيان متوازن

*

د. إحسان الطرابلسي
بيان الليبراليين الجُدد وامتحان الصدقية

*

إنشقاق في معسكر الليبراليين العرب