رحمة على الفقيد السيد محمد باقر الحكيم. لقد جاهد بقوة لفرز الإرادة العراقية في منظمته عن الحسابات الإيرانية، ونجح لحد كبير. وكانت مواقفه السياسية معتدلة وعلاقاته بالقوى الوطنية العراقية متينة وصادقة. ولذلك فقد أثيرت شبهات كثيرة حول دور أجهزة المخابرات الإيرانية والحرس الثوري في عملية اغتياله، ضمن الخطة الإيرانية الواسعة لبسط السيطرة على الشارع الشيعي والساحة السياسية والدينية الشيعية في العراق.

إن دلائل ووقائع وشهادات كثيرة جدا تثبت بلا شك أن إيران وسوريا هما أكثر دول المنطقة عداء للعراق الجديد والأكثر تدخلا في شؤونه وفي العمل لتخريب مساره الجديد نحو الديمقراطية. إن تصريحات مسؤولين أمنيين إيرانيين كبار، وتقارير صحفية متتالية، واعتقال المئات والمئات من الإيرانيين في العراق، والكرم الإيراني في تمويل مؤسسات "إنسانية" و"خيرية" في أنحاء العراق، وإن ثبوت تسلل قادة بارزين في القاعدة وعلى رأسهم الزرقاوي من إيران للعراق،وغيرها من وقائع دامغة، تؤكد صواب تصريحات الزيباري وحازم الشعلان عن التدخل الإيراني المتزايد منذ سقوط صدام.

إن وزير الدفاع العراقي السيد حازم الشعلان يؤكد أن " التوغل الإيراني واسع وغير مسبوق منذ تأسيس الدولة العراقية، فالإيرانيون دخلوا مفاصل الدولة عموما وأسسوا مراكز استخبارية وأمنية عديدة في العراق"، و"هم يعترفون بوجود جواسيس لهم في العراق ومهمتهم هي زعزعة الأوضاع اجتماعيا وسياسيا.. " [ انظر الشرق الأوسط عدد 20 تموز 2004 ] . ولكن للسيد عبد العزيز الحكيم، حفظه الله، موقفا آخر ورأيا معاكسا. فقد صرح منذ أيام من إيران إنها لم تتدخل ولا تتدخل في الشؤون العراقية أبدا والله!!

ترى من نصدق: الحقائق والزيباري والشعلان أم السيد الحكيم!!؟؟

وفي الوقت نفسه يطالب الحكيم بإدراج قضية الحرب مع إيران في قائمة اتهام صدام. فهل نسي سماحته أن إيران رفضت قرارات مجلس الأمن عن الهدنة والسلم بعد تحرير أراضيها؟! وهي لم تكتف بذلك بل احتلت لسنوات أراضي عراقية جنوبا وشمالا وعملت على قيام "دولة ولاية الفقيه" التابعة لها!! فهل صدام يتحمل وحده مسؤولية استمرار الحرب ست سنوات أخرى بعد أن أشعلها هو عام 1980؟!

لا يكتفي الحكيم بكل هذه المواقف المناصرة لإيران بل يكرر مطالبته بدفع حوالي مائة مليار دولار تعويضات لإيران من العراق الذي أفقره صدام وحروبه ونهبه. وإيران هي في مقدمة الدول المطالبة بما يسمى "تعويضات" فادحة جشعة عن جرائم اقترفها صدام وعصابته في نفس الوقت الذي كان يقتل فيه مئات الآلاف من العراقيين بلا رحمة ولا هوادة. فأين "التضامن الإسلامي" يا خامنئي ويا رفسنجاني؟!!

إن تصريحات السيدين وزير الدفاع ووزير الخارجية عن التدخل الخارجي والإيراني بالذات يجب أن تكونا نهجا ثابتا لحكومة الدكتور علاوي في الصراحة والشفافية حول واقع التدخل الخارجي وإدانة دوله بالاسم، ووجوب تقديم شكاوى موثقة لمجلس الأمن عن سوريا وإيران.

أما السيد الحكيم فعليه مراجعة مواقفه جذريا، والوفاء لذكرى شقيقه الراحل. وعلى زملائه المتفهمين المقربين تحذيره من مواصلة هذا الانحياز الفاضح لإيران!!