صرخات أب عراقي مفجوع في زمن الحواسم!!!

خمس إطلاقات اخترقت الجسد البض الرقيق، من رشاش كلاشنكوف نصف أخمس لامع وصقيل،ألا لعنة الله على كلاشنكوف هذا،خمس إطلاقات تهد الحيل وتبقر جدران مبنى البنتاجون، وتجعل من نوافذ مبنى الأمم المتحدة الذي يتحصن به كوفي عنان مجرد ركام،خمس إطلاقات صوبها لص مأفون نحو الطفل أحمد ذي الأحد عشر ربيعا، من دون شفقة ولارحمة، قتله بدم بارد من دون أن ترتعش له يد أو يهتز له جفن، جعل جسد الطفل البريء كالغربال، والسبب أن والد الطفل تردد في تقديم الفدية المطلوبة.
أحمد، وليد ، عصام، غيث، نجيب، مدحت، وقائمة عراقية تطول لأطفال تم قتلهم، لتقاعس عوائلهم عن دفع الفدية المالية، لللصوص الجدد الذين إجتاحوا العراق في غياب السلطة وإنفلات الأمن وانعدام المعايير الأخلاقية والدينية.مئات من الأطفال العراقيين يتم خطفهم وقتلهم وابتزاز عوائلهم ، وما من وسيلة إعلام عربية تكلف نفسها بالحديث عن هذه المأساة المفزعة.مئات من الأطفال يذبحون تحت مرأى ومسمع الجميع، لكن التغاضي يتسيد الموقف، خصوصا وأن كوفي عنان مشغول بتسريح لحيته، وقوات الإحتلال الأميركي يفزعها الزرقاوي،ورجال الدين مشغولون بالأمر بالمعروف والتهي عن المنكر، والسادة العرب من المحيط الى الخليج مهتمون بإعداد مطالعة الدفاع عن الطاغية، الذي كان يزرع في قلوبهم الخفيف في الأمس القريب.
مئات من الأطفال العراقيين يذبحون، والعالم لاه بشرعية مجلس الحكم ومحاكمة صدام، والإنقسامات الطائفية والتوزيعات والمحاصصات. ما أبشع هذا العالم وما أقسى بني الإنسان، حين تختلط عليه المعايير وتغيب عنه القيم العليا والمثل السمحاء.أي قتامة تلك التي تلبست نفسية العراقي حتى تحول الى مارد شيطاني ، لا يتردد من إزهاق الأرواح البريئة، وأي عتمة تلك التي حطت عليه حتى جعلت منه منزوع الرحمة والشفقة، ترى هل كان الضحايا الأبرياء يتوسلون قتلتهم، وبماذا نطقوا قبل تنفيذ هولاء الظلاميين تهديداتهم بهم.
كم طفل بريء نادى من كل قلبه (( أريد ماما ، جيبولي ماما))، أي قلب قد من صخر هذا الذي لا تردعه توسلات طفل وضراعته وبكائه السخين. أي مخلوق هذا الذي يعمد الى خطف طفل ليجعل منه أداة للإبتزاز والترويع والتهديد والسلب والنهب.كم ظالمة وشقية هذه الأرض التي تنجب غيلانا وشياطينا من هذا النوع، كم نكدة وبائسة ومفجعة تلك البلاد التي تنتج قتلة وسفاحين ولصوصا ومردة. وأي عقاب رباني حل بهذه الأرض، ليتحمل الأطفال وزر العذاب وإنطفاء المشاعر وتبدد الروح وشقاء الرؤى.
(( ولك بابة حمودي)) أسمعها تشق عنان السماء، ترتفع صارخة الى العلى في نشيج يهز البدن ويشل الأطراف ويدمي الروح،يصرخ بها أب مفجوع وأم ثكلى وعم منكود وخال بائس وجدة حائرة فزعة من كل هذا الإضطراب الذي حل في الربوع، حتى أحال العالم الى جحيم لايطاق.أمعقول هذا هو العراق الذي نعرف؟ وهل هو الوطن الذي نزفنا من أجله عرقا ودما وجهودا وتضحيات، هل هو هذا العراقي الذي نشأنا معه وكنا زملاء معه على ذات المقاعد الدراسية والمكاتب الحكومية، وإجتمعنا به في ذات المقهى وتنزهنا بالقرب منه في الحدائق والشوارع.وإذا لم يكن هو فمن يكون؟ عصابات جاءت من خارج الحدود؟ بأمر من ومصلحة من ولأجل من ؟ ومن ؟ ومن؟ ومن؟ ومن؟ ومن؟!!!!!!!!!!!!!!
أما آن لهذا النزيف أن ينقطع، ألم يحن الوقت للسكون والهدوء والراحة،هل بقي مكان للندوب والجرح والتمزيق، ألم تثخن البلاد والعباد باللآلام والرزايا والبلايا. فماذا بعد أنتم فاعلون؟دلوني بالله عليكم عن سبيل للخلاص من هذه الوهدة واللعنة التي حلت بنا، وماهو برأيكم الحل والسبيل للخلاص من كل هذه العتمة والسوداوية والمقت والكره ونزعة التدمير الذاتي التي تحل بنا. والى متى نبقى نأكل في أكبادنا ، ألم يحن الوقت للتوقف للتبصر، للتأمل، للتفكير؟
كانت الدنيا تدور حيث الفقر والغنى موجود فيها، ومازالت تدور على الرغم من العولمة وظهور الشركات العابرة للقومية، وتعاظم هيمنة وسائل الإتصال وإزدياد نفوذها على العالم.وانقسم العالم وتنازع وتخاصم ، وجاءت أجيال وتوالت حقب وتنازعت تيارات واتجاهات، وتخاصمت ميول وأهواء ورغبات، لكن العالم ما توقف ولا سكن عن الحركة والتغير.هل يمكن الركون الى مبرر إخراج الطاغية ثلة اللصوص والقتلة من السجون ليحدثوا كل هذا البلاء؟!!أي جيش عجيب هذا الذي تتحدثون عنه وأي قدرات خارقة يملكون حتى يعمدوا الى خلط الحابل بالنابل، ولماذا كل هذا الوهن والعجز والإضطراب، بإزاء هذا الشر الزاحف والقادم الى العراق.
الجميع يتغنى بحب العراق، والجميع يتمنطق بقيم التسامح والديمقراطية والحرية حقوق الإنسان، الجميع من دون استثناء، يتغنى بنبذ الطائفية والتسامي عن الرغبات والأهواء والمصالح الخاصة، لكن الواقع يكشف عن مسار شديد الإختلاف عن كل هذه الإدعاءات والمقولات، قد يقول البعض لم كل هذا التشاؤم، ونحن بدورنا نقول، ((هنيئا لكم الكمرة وربيع التي تعيشونها أيها المتفائلون))، فماذا بعد وأن الخطأ والصواب في هذا العالم الذي تغييب المعايير فيه، الى الحد الذي يتبدى للعيان واقفا على رأسه.

تورنتو