إن ما حدث يوم أمس، 1 آب الجاري، من تفجيرات قام بها إرهابيون ضد دور العبادة المسيحية في بغداد والموصل وقتل وجرح العشرات أغلبهم من النساء والأطفال وهم يؤدون صلاة القداس ليوم الأحد، لدليل آخر على إفلاس ما يسميه السفلة من أعداء شعبنا، بالمقاومة وجريمة بشعة أخرى تضاف إلى مسلسل جرائم الإرهابيين الزرقاويين والصداميين والصدريين ضد أبناء شعبنا.

نحن نعرف هؤلاء القتلة الذين اختطفوا الإسلام وارتكبوا أبشع الجرائم باسمه، نعرفهم أنهم أناس منحرفون شاذون حاقدون على شعبنا وعلى الحضارة وعلى كل القيم الإنسانية والبشرية جمعاء وأنهم لملوم من شذاذ الآفاق الذين لا عقل ولا خلاق ولا شرف لهم. ليس لدينا أدنى شك عمن يقوم بهذه الجرائم الوحشية في عراقنا الحبيب وقد طالت جرائمهم حتى كنائس أخوتنا المسيحيين المسالمين من أبناء شعبنا المعروفين بدورهم المشرِّف في تاريخ بلادنا، سواء القديم منه أو الحديث. ولكن ما يصعب علينا فهمه ويثير الحيرة والعجب إلى حد القرف هو كم من الجرائم البشعة الأخرى التي يجب أن تحصل في العراق لتتأكد الجماهير العربية والإسلامية ومنظماتها المدنية ومثقفوها ووسائل إعلامها وفضائياتها من أن هذه الأعمال الإرهابية البربرية هي ليست مقاومة وإنما هي جرائم ضد الإنسانية وأن شعبنا هو المستهدف وليس الاحتلال كما يدعون؟

كم من الضحايا يجب أن يدفعها شعبنا ليتأكد العرب والمسلمون والأحزاب اليسارية في العالم أن ما يسمى بالمقاومة يقوم بها نفر من القتلة المنحرفين السايكوباثيين الذين اتخذوا الجريمة مهنة لهم يرتكبونها ضد الإنسانية في كل مكان، سواء كان في العراق أو مدريد أو تنزانيا أو نيويورك أو أفغانستان أو الجزائر أو السعودية أو المغرب؟

نعم، جميع الدلائل تشير إلى إن هذه الجرائم البربرية تحمل بصمات منظمة (القاعدة) الإرهابية التي يقودها في العراق ممثلهم المجرم الأردني أبو مصعب الزرقاوي. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أين يقيم الزرقاوي وأتباعه وغيرهم من الإرهابيين الانتحاريين الأجانب الذين وفدوا إلى بلادنا عبر الحدود كالطاعون؟ من الذي يستقبلهم ويوفر لهم المأوى ويقدم لهم العيش ويمدهم بالسلاح والذخيرة وتسهيلات التنقل في ربوع بلادنا ويوصلهم إلى أماكن تنفيذ جرائمهم؟ لا شك إنهم عراقيون من فلول البعث الفاشي الساقط وأيتام صدام المجرم. إنهم نفس الأشخاص الذين يرهبون شعبنا يومياً ويقومون بالمظاهرات مرددين هتافهم النشاز(بالروح بالدم نفديك يا صدام) ويحلمون بعودة صنمهم إلى الحكم. إنهم ذات الجماعات التي قامت بقتل الأبرياء من أبناء شعبنا وتفجير مؤسساته الاقتصادية. إنهم نفس العصابات المنفلتة من الذين يقومون بتفجير محلات بيع الخمور وقتل أصحابها وفرض الحجاب على النساء واغتيال أساتذة الجامعات والعلماء وتهديد أصحاب الكفاءات العلمية بمغادرة العراق لتفريغ البلاد من العقول وشل الشعب واضطهاد أصحاب الديانات الأخرى على ترك دياناتهم وإعلان إسلامهم بالقوة. إنهم نفس الجماعات الضالة التي ترتكب يومياً الجرائم البشعة باسم الإسلام والإسلام منهم برئ.

إنهم ذلك النفر من رجال الدين في البلاد العربية ومنهم عراقيون الذين أصدروا الفتاوى تلو الفتاوى يحثون بها المسلمين في العالم بالتوجه إلى العراق للدفاع عن حياض الإسلام من الصليبيين والصهاينة، كما يزعمون وراحوا يشحنون الشباب المسلم بالحقد والكراهية والعداء ضد غير المسلمين "الكفار" مرددين ذات الخطابات البنلادينة في تقسيم العالم إلى (فسطاط كفر وفسطاط إيمان) وإما هم وإما نحن، ويطالبونهم بالجهاد ويبشرونهم بالشهادة لدخول الجنة والتمتع بحور العين. هذا الإرهاب الذي نشاهده في العراق ومناطق أخرى من العالم ما هو إلا نتاج لتلك الفتاوى التحريضية على القتل والتعليم الخاطئ لأبنائهم منذ نعومة أظفارهم.

ما هي الدول التي تقف وراء هؤلاء الإرهابيين؟ إنها ذات الدول، إيران وسوريا، اللتين تعاهدتا قبل الحرب على جعل العراق ساحة لمعاركهما الدموية وتصفية حساباتهما مع أمريكا بدلاً من أراضيهما باسم الإسلام والعروبة. إنها ذات الدول التي تعلن نعاطفها مع الشعب العراقي في العلن وتساعد الإرهابيين على قتلهم في السر وتهرب الأسلحة ل"المقاومة" بالشاحنات وهي مغطاة بالخضر والفواكه على أنها مساعدات "إنسانية" للعراقيين. إنها لعبة قذرة القصد منها تدمير شعبنا، ولكن هيهات فهذا الشعب مصمم على النصر المؤزر وسوف ينتصر ومهما تمادى الظالمون في غيهم.

وفي الوقت الذي نرحب فيه قيام القيادات السياسية والدينية ومؤسسات المجتمع المدني على إدانة تفجيرات الكنائس، وإن جاءت متأخرة، ولكننا نقول أيضاً إن تمادي المجرمين في جرائمهم وتطور الإرهاب إلى حد تفجير دور العبادة ما كان ليحصل لولا سكوت هؤلاء من قبل. فلو بادرت هذه القيادات إلى إدانة أعمال الإرهابيين منذ أن بدأت العصابات السائبة بإضطهاد النساء والمسيحيين والمندائئين وغيرهم بعد سقوط النظام مباشرة، لما تطورت الأمور إلى هذا الحد الرهيب. نعم إن سكوت هؤلاء عن جرائم الفلول الضالة من الصدريين والقاعديين وأيتام البعث الصداميين عن إدانتهم كما سكتت القوات الأمنية عن إيقافهم عند حدهم، الأمر الذي سمح لهؤلاء بالتمادي في غيهم في إرعاب شعبنا إلى أن تدهورت الأمور إلى هذا الوضع المزري حيث صار هم العراقيين وخاصة المسيحيين منهم، هو إيجاد منفذ لمغادرة وطنهم الذي أحبوه وضحوا في سبيله عبر قرون، وطن أجدادهم منذ فجر التاريخ.

مرة أخرى نطالب الحكومة بالوقوف ضد الإرهابيين بمنتهى الحزم والشدة وذلك بإعلان الحرب الماحقة على الإرهاب وملاحقتهم (من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية ومن غرفة إلى غرفة) كما أعلنها رئيس الحكومة الدكتور أياد علاوي قبل أيام. مرة أخرى نؤكد أن التساهل مع المجرمين هو الذي شجعهم في تصعيد جرائمهم ضد شعبنا.

ومما يثير العجب والاستياء هو هذا الهجوم الهستيري الوقح على السيدين وزير الدفاع حازم الشعلان ووزير الداخلية فلاح النقيب، لا لشيء إلا لأنهما تبنا موقفاً شجاعاً في فضح الحكومة الإيرانية والكشف صراحة عن دورها في إرسال الإرهابيين القتلة لقتل العراقيين وتدمير وطنهم. نطالب أعوان إيران من العراقيين بالكف عن شن هجومهم الهستيري على هذين الوزيرين الوطنيين بسبب دفاعهما بإخلاص عن بلادهما. كما نطالب السيدين وشعلان وبقية أعضاء الحكومة بالصمود الصلب في وجه هذه الهجمة والإصرار على قول الحقيقة وفضح الدول المتورطة في الإرهاب على العراق. يجب أن يفهم هؤلاء أنصار إيران وغيرهم أن المصلحة الوطنية فوق المصلحة الطائفية.