ندرك مأساة الحزن والتراجيديا والدم الفلسطينية، وندرك ثلاثة حروب دامية ومعها هزائم، وكذلك انتفاضتين، الثانية فيهما مستمرة، والأولى خلفت جيلا ضائعان وجاءت بالقيادة على طبق من ذهب في اتفاقيات أوسلو، لا لتقيم دولة، بل لتحريك ثورات من خارج عالم ازرق ليس له قرار على ارض فلسطين. فإما الثورة،،، وإما الدولة، خياران أحلاهما مر،،، لكن المناضل المخضرم السيد ياسر عرفات لا يريد الإثنين معا، فلا هو بنى الدولة ولا ظل منفيا يمارس الثورة على عادة كل الثوار التقليديين في التاريخ الإنساني الطويل.

هو الزعيم والرفيق المناضل عرفات لا يريد لجيل مثل جيلي ولد غداة النكبة الأولى أن نرتاح،، ونريح أجيال آتية في تلك البقعة الصغيرة المنكوبة بكل آفات ما خلق على هذا الكون الواسع والمشكلة أن فلسطين صارت هي مباءة هذا الخلق الكوني،،،

فلسطين هذه الممتدة من البحر إلى النهر، قطعة ارض ممكن أن يشتريها أي ملياردير من جماعة أثرياء روسيا الجدد (الغاريشيين) بكل بساطة، بما فيها مساجدها وكنائسها وهياكلها التي نتقاتل عليها وسفحنا دما لا ثمن له، وذهب هباء ولم نحقق حالنا لا نحن عربا ومسلمين ولا أبناء العمومة اليهود. وحدهم "الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، من يهود متشددين ومسلمين من جماعة سيد قطب، هم مسيحيو الديار الشرقية، وهم عرب اقحاح يراقبون كل شيء ويدامون على شعائرهم في كنائسهم المقدسية سواء كانت قبطية أم أرثوذكسية أو لاتينية أو كاثوليكية، وحتى انجليكانية" ، وهم كانوا مناضلون أيضا ولكن بصمت من دون أقنعة سوداء أو عمليات انتحارية، ولكن عبر استلهام التاريخ، في انتظار المسيح الناصري مبشرا ونذيرا، فهو كان البشارة الأولى "لنبي من بعدي اسمه أحمد"، وليت قومي يعتبرون.

وفعلا جاء أحمد، واسري به، على متن البراق إلى المسجد الأقصى "الذي باركنا حوله" وهو كان هيكل بناه نبي الحكمة سليمان بن داوود صاحب المزامير الشهيرة والشاعر والفيلسوف، وكان معه السيادتين الملك والنبوؤة.

في التاريخ، الذي نقرأ لا حقيقة لوجود مقدس لأرض فلسطين، هي مثل غيرها من بقاع هذا الكوكب الأرضي الذي جعلنا فيها كبشر خلفاء لله "نقيم فيها العدل والتسامح من أجل هواية البقاء أو غصبا عنا"ن وغلا لقد صدق الملائكة حين جادلوا ربهم الذي خلقهم وخلقنا حين قال "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة"، ساعتها صعق الملأ الأعلى وهم كوكبة مستشاري رب العزة والجلال، مستنكرين قراره بالقول، حسب ما ورد في الآي الكريم "أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء؟؟؟" ، أجابهم "أني اعرف ما لا تعرفون"ولقد صدق؟؟

معناه في الصدق والعقلانية ومفهوم المنطق الذي علينا الاحتكام له هو ، أن كثيرا من المستشارين قوم لا يستشارون، حتى لو أنشانا لهم مجلس شورى هنا وهناك، وأجرينا أيضا انتخابات ديموقراطية ، فتتاليات الأحداث تاريخيا تؤكد أن "لا أمرهم شورى بينهم"، فهذه المقولة خدمت السنوات العشرين الأولى في الرسالة ، لأغراض الزعامات القرشية التي كانت تتذابح بعد موت أحمد على سحر ونحر عائشة بنت أبي بكر، ومن يكون كبير العائلة؟؟ فالدين لم يكن مكتملا بعد ولو أن قولا إلهيا أشار في خطبة الوداع "اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام دينا"، فذهب صاحب الفكرة ، ومن بعده كان على مجلس العشيرة أن يقررن فهم لا يرغبون بالمفكر وبوابة مدينة العلم ويعسوب الدين أن يتصدر الزعامة، ومن يومها صار شلال الدماء مدرارا.

ولن نذهب بعيدا، عن مقدمة الكلام، وهو ما يختص فلسطين، وهي قضية علقت بنا وعلقنا بها، نحن أجيال نضالات السنوات الخمسين الماضية، ونحن ذاهبون على قبورنا من دون حلول، ولا ساعة فرح بانتصار أو ، إنجاز على أرض الواقع وفي تلك الأرض بالذات "التي باركنا حولها" كما ورد في سورة الإسراء التي هي أيضا تحمل سورة "بني إسرائيل"، حسب ما قال به السلف الصالح في معاجم كثيرة.

قدسية فلسطين، مسالة بشرية تقررت منذ أبي العرب والعبرانيين، إبراهيم، وهو رجل عراقي من مدينة أور رغب الذهاب إلى المنافي البعيدة محتجا على والده كبير قومه، كعادة العراقيين تاريخيا سواء في الغزو العسكري أو الثقافي والفكري سواء بسواء، هنالك جاء إبراهيم جد الجميع ومنهم ياسر عرفات وآريل شارون وشمعون بيريس وايهودا باراك والملك عبد الله الثاني ، وكذلك حسني مبارك حتى معمر القذافي ومن ثم محمد السادس و(الملك) العلوي بشار الأسد.

هذه المحصلة من بعد قرون جاءت بالجميع واستهلها يعقوب وآله من "يوسف الصديق الثائر المعتدل ضد فرعون مصر ثم موسى الذي قاد أول انتفاضة في التاريخ ومارس بنضال حقيقي مسيرة الأربعين عاما في صحراء التيه في سيناء ولم يرغب لنفسه أن يحاصر في مقاطعة رام الله كما ياسر عرفات، فكان مع موسى "هارون أخيه المرشد والمستشار الحقيقي"،، وليس زمرة الفساد التي تحاول حكما او تموت فتعذرا بكل الممارسات بعد ألفي عام من الضياع،،، راهنا؟؟؟ وإلا لماذا محمد رشيد يسلب الشعب الفلسطيني اكثر من ملياري دولار يتسثمرها في الخارج تحت رعاية ونظر السلطة الفلسطنية وغيرها من جهات غربية تحميه ويعيش تحت حمايتها؟؟؟ وهو أصلا ليس فلسطينيا؟،، بل هو تركماني عراقي. وهو لا ينكر ذلك، وله علاقات مالية واستثمارية مع قادة القرار في "إسرائيل ياسر عرفات"!.

وإذا كان أبونا إبراهيم (العراقي) ابن اور تلك القرية العراقية الصغيرة، حقق لنا قدسيات وأمجاد واديان نتقاتل عليها، ودماء سفحت على مدى ثلاثة آلاف من السنينن فلماذا لا نفكر لحظة واحدة بين بعضنا البعض سواء عربا قوميين أو مسلمين متشددين،، في لقاء حوار جديد من مثل ما فعل إبراهيم حين اجاب والده حين سأله عن من هو الذي دمر الصنم المعبود الأكبر ، بقوله "لقد فعله كبيرهم هذا؟؟".

وختاما، القدس التي يدعى بانها عاصمة فلسطين هي للجميع، فلا هي عربية تاريخيان رغم عهدة عمر ابن الخطاب حين افتتحها ووقع عهده مع المطران الرومي صوفرونيوس بحمايتها،،، وعمر الرجل العادل لم يقل بعروبتها أو فلسطينيتها،،، لكنه كان يتحدث عن مستقبلها الباهر في ظل من العدالة الإنسانية،،، والحكمة والموعظة الحسنة في التعامل بين أقوام وأقوام متتالية من مختلف الأرومات والطوائف والأفكار والأيدولوجيات،،، وبالطبع لم يكن يكن في حسبان الخليفة العادل أو معوية بن أبي سفيان أول داعية قرشي لقومية عربية ناضجة ,هو أول مني بنى دولة حقيقية بمعاونة يهود سورية ، أن ياتي زمن يحاصر فيه زعيم عربي في شقة في قرية كان اسمها رام الله، وهي الآن ستكون عاصمة دولة مسخوطة يريدها عرفات اسمها دولة فلسطين.

المطلوب ان نعود إلى علمانية إبراهيم، وبالتالي فلسفة ابن أخيه لوط في التعامل الإنساني الذي ظلمه التاريخ والدين سواء بسواء ومن ثم رواية صبر أيوب إن صدقت ففيها تذكار مثير وكبير.

[email protected]