بات واضحا وبشكل لالبس فيه مدى خطورة المليشيات الدينية الفاشية المسلحة والبدائية ذات الروحية والنمط والنموذج الإيراني المتخلف على وحدة العراق السياسية والفكرية والنفسية والكيانية !، كما أضحى معلوما مدى خطورة نتائج ترك الحبل على الغارب لتلكم الجماعات بإستمرارية التواجد الشاذ في الشارع العراقي وبما يشوه كل صور ومعاني النصر الكبير الذي تحقق على الفاشية البعثية القومية العنصرية المهزومة بمساعدة قوى الحرية في العالم، وهاهي تصريحات الفاشي المتخلف ونائب محافظ البصرة المدعو سلام المالكي والمنتسب لعصابات المختل مقتدى الصدر والتي يهدد فيها بفصل جنوب العراق عن الوطن العراقي تؤكد ماذهبنا إليه سابقا من أخطار التقسيم والتشطير التي تهدد تلك المليشيات بجر العراق إليه !، وهي أخطار حقيقية ذات توجهات ملموسة وقدرات دعم لوجستي إيرانية المصدر ومدعومة من بعض الأطراف الإقليمية والجماعات العصابية السلفية والأصولية للإجهاز على حاضر ومستقبل التجربة الديمقراطية في العراق؟ ولاأدري حقيقة من هو سلام المالكي هذا ولادوره في النضال ضد الفاشية البعثية؟ ولانعلم سوى أن العديد من المجرمين والمنحرفين قد تدثروا بعباءات الدين والطائفية ليتسللوا لعالم السياسة في ظل الفراغ السياسي والأمني وخلو الساحة العراقية من القوى الفاعلة التي تستطيع حفظ وصيانة الديمقراطية الوليدة نتيجة للتقصير الكبير لإدارة قوات التحالف خلال الأسابيع الأولى لتحلل النظام البعثي البائدوالفشل في الوصول لصيغة سياسية توافقية تستطيع سد الفراغ القاتل وتمنع حالة التشرذم والتشظي واللوذ والإحتماء بالطائفة والمذهب ! وإنحلال كل الشعارات الوطنية التوحيدية الجامعة، وتصريح هذا الفاشي الصغير سلام المالكي بفصل الجنوب العراقي وإقامة إمارة مهدوية طالبانية مضحكة لاتنفصل عن الهلوسات السابقة التي أدلى بها ( الشيخ الذي كان طبالا بعثيا) عبد الستار البهادلي قبل شهور قليلة وطالب خلالها أتباع مقتدى بشراء ( جارية إنكليزية أو دانماركية) لتكون في ( خدمة السيد)!!، فهل هذه النماذج البائسة والمريضة والمغرقة في أميتها وجهلها وتخلفها هي من يهدد بفصل الجنوب العراقي؟ ليشكلون مع عصابات الإرهاب وإمارات الموت الطائفية الفلوجية المجرمة وهيئة علمائهم من المنافقين وضباط المخابرات البعثية البائدة بؤرا للتدمير الذاتي للعراق؟ ماذا يحصل حقيقة ؟ وكيف تدهورت أحوال العراقيين إلى الدرجة التي سمحت لسقط متاع القوم بالبروز والهيمنة بل والتهديد بتغيير الخرائط والإستراتيجيات ! ففي أكتوبر / تشرين أول من العام الماضي تهيأت لي الظروف لزيارة مدينتي البصرة بعد غياب وهجرة دامت لأكثر من 22 عاما كاملات ؟ فماذا وجدت؟ لقد صدمني الموقف صدمة تامة وعنيفة وخيل لي منذ ساعات اللقاء الأولى بأنني في مدينة ( الأهواز) الإيرانية او مايشابهها ! وليس في مدينة عراقية عربية ؟ فلقد تغيرت المعالم بفعل حروب النظام البائد والتدمير المنهجي الذي كان متبعا، ولكن التغيير الأكبر كان في الديموغرافية السكانية التي شهدت تحولا كبيرا عن حالة ماقبل العقدين الدمويين الماضيين، وكان المشهد الأكثر دراماتيكية هو حجم ودرحة المؤثرات الإيرانية في المدينة سياسيا وتعبويا وحيث هيمنت على المدينة الأحزاب الدينية والطائفية المتخلفة غير التي نعرفها سابقا وبرزت أسماء غريبة عن الثقافة العراقية لأحزاب وجماعات ودكاكين طائفية مغرقة في ضحالتها وجهالتها من أمثال ( ثأر الله )!!و ( سيد الشهداء)!! و ( منتدى الولاية)!! و( منتدى الفضلاء)!! و( حزب الله العراقي)!! وغيرها من التنظيمات الواجهة لأجهزة المخابرات الإيرانية النشطة التي سربت عناصرها لتلكم الأحزاب بكل سحناتهم وأشكالهم الغريبة والمتجهمة والمسلحة ليشكلوا ظاهرة كارثية في الشارع المصري في ظل تجاهل القوات البريطانية والحليفة لتلكم العصابات وهي تحتل مكاتب وبنايات الدولة العراقية وتمارس تعبئتها الإرهابية وتهدد بتفجير الموقف؟ وكانت سيطرة الجماعات الدينية على حياة البصريين واضحة إلى الدرجة التي باتت تفرض نفسها كظاهرة حياتية في فرض القوانين الدينية المتشددة ومضايقة المسيحيين وإضطهاد النساء ومصادرة الحريات والقيام بتشكيل عصابات القتل والخطف والإغتيال والتهريب وتوزيع المخدرات والأفيون وحبوب الهلوسة الوردية اللون القادمة من إيران والتي يدمنها العديد من عناصر مايسمى بجيش المهدي الذي يطلق البصريون عليه إسما آخر وهو ( جيش الوردي)!! نسبة لحبوب الهلوسة الوردية اللون التي يتعاطاها ( الإخوة المؤمنون)!!.

لقد أضحت مسؤولية الحكومة العراقية الحالية تاريخية وحاسمة في ضرورة تصفية تلك المليشيات الإرهابية وإنهاء سطوتها على الشارع العراقي وإسترداد هيبة الدولة والأمن الإجتماعي وطرد العناصر الغريبة خارج الحدود والمباشرة بنشر ثقافة الحرية والإنفتاح، وعلى إجراءات الحكومة العراقية الحالية سيتحدد مستقبل العراق والإقليم ككل، فإما قيام عراق حضاري دستوري تعددي وإما خيارات الموت والتشظي والطائفية والتخلف.... كما أن وحدة العراق وإستمرايته كدولة موحدة متعلق أساسا بتصفية جماعات الموت تلك وإرسالها لمكانها الطبيعي وحضنها البيولوجي وهو ( مزبلة التاريخ)، والتاريخ لن يرحم المهزومين؟.