ما تمخضت عنه حالة الصراع في النجف مؤخرا من محاولة للدولة والشرعية في العراق فرض سلطتها وسلطة القانون والنظام ومقاومة عصابات الطائفية والإجرام التابعة للمختل مقتدى الصدر أثبت وعلى المكشوف حجم ودرجة التشظي والإنفجار والتحلل الذي سيعانيه العراق فيما لو ترك الحبل على الغارب لتلكم الجماعات التخريبية والهمجية المتخلفة للعمل والتمدد والإنتشار السرطاني المقرف والذي سيأكا بإمتداداته المشبوهة ليس الوحدة الوطنية للعراق فقط بل سيخل بالأمن والسلام الإقليمي، وسيؤدي بالضرورة والنتيجة لخلق كانتونات طائفية دينية بدائية تعمق كل صيغ ومعاني التخلف وتخضع لهيمنة البطريركية الدينية السائدة في إيران والتي تلتقي في توجهاتها وركائزها الإستراتيجية مع فكر الجماعات السلفية والأصولية المتحجر السقيم، وهي عملية ذات أهداف إستراتيجية سيكون الخروج من عنق أزمتها المدخل الطبيعي لنفض غبار التخلف التاريخي عن شعوب المنطقة، لذلك فإن الصراع القائم حاليا وبرغم مأساؤيته يتحدد على أساس نتائجه مستقبل المنطقة وشعوبها بشكل عام، والسلطة في العراق بالتحالف والمساعدة من قوى الحرية في العالم قادرة على إعادة الأمن والنظام والسير في العملية السياسية للوصول بالوطن والشعب والمنطقة من خلفهما لبر الأمان رغم حملات التشويش والحروب النفسية وباقات المؤامرات الإقليمية , وقوانين وطرق وأساليب إدارة الصراع العراقي الملتهب تتطاب الصبر والمناورة والتكتيك عوضا عن القمع والبتر الشامل الذي كان متبعا في عرف النظام البائد الذي كان يقمع الإحتجاجات بالطريقة العربية القمعية الجماعية المعروفة تاريخيا! ولعل هذا مايفسر التباطؤ في الحسم والذي يستند لمثل وقيم وسياسات غريبة كل الغرابة عن ذهنية المتابعين للأوضاع في العراق، فالموقف حساس ويجب أن تقاس التحركات بموازين الذهب الدقيقة، وأي تصرف غير محسوب سيؤدي لنتائج كارثية مؤلمة، ولكن برغم الجراح والآلام والمعاناة فلقد أسفرت الأزمة عن خلاصة مهمة إختصرت كل مراحل التطبيق العملية وهي أن أساليب الخبث والتآمر ونشر الأكاذيب وعدم الحرص على الدماء والأرواح والأموال تظل إحدى أهم أدوات أهل ( الإسلام السياسي) والمبشرين بنظرية الخلافة الطوباوية أو الإمامة الميتافيزيقية! فكل شبء مشروع في عرفهم طالما أنه يحقق الهدف؟ وكل الشعارات والخيارات ممكنة من أجل كسب الصراع؟ وتلاشت القيم والمثل الدينية والأخلاقية الرفيعة والتي تكرس مكارم الأخلاق من أجل الهيمنة السياسية وفرض الرأي؟ ولعل تصريحات بعض رموز عصابة مقتدى ( التقسيمية والإنفصالية) لم يكن لها أن تفضح وتعلن لولا أزمة النجف التي أبانت عن المواقف وكشفت عن المصير الأسود الذي ينتظر الشعب العراقي ومن خلفه شعوب المنطقة فيما لو قدر له أن يخضع تحت نفوذ وهيمنة وسطوة تلكم الجماعات الظلامية المعممة الطاردة لكل أمل، والمبشرة بكل خراب، والناعقة على خراب شعبها وبلدها، والعاملة من أجل خدمة المشروع التقسيمي الطائفي المرعب الذي ترعاه الجماعات والأطراف المخططة له من خارج الحدود ومن إيران تحديدا؟ ولعل الرأي العام العربي المشغول بألف ملف وملف لم يتسن له الإطلاع على تصريحات المدعو آية الله الإيراني ( علي المشكيني) وهو أيضا رئيس مجلس الكرادلة في إيران ( مجلس الخبراء) الذي صرح به يوم الجمعة 13 أغسطس / آب الحالي وحيث دعا علنا ( لإخراج الأميركيين من العراق ولو تطلب الأمر إبادة نصف العراقيين!! فعراق بدون أميركيين مكون من عشرة ملايين إنسان أفضل من عراق محتل بعشرين مليون)!!! هل هذه دعوة عقلانية أو إنسانية؟ وهل هذا موقف مسؤول من إنسان يخاف الله؟ وهل يعبر هذا الموقف الدموي البشع عن سماحة دينية وخلق إنساني رفيع؟ وهل هي دعوة مسؤولة وملتزمة بالشرع والدين والعرف والأخلاق؟ ألا يكفي المشكيني مئات الآلاف من الضحايا وشلالات الدم المتدفقة بدلا من الدعوة لخراب الديار و ( تحديد النسل) في العراق بطريقة الإبادة لكي يصفو الجو لعمائم طهران أن ( تأخذ راحتها في تنغيص حياة الإيرانيين)!! ألا يعرف رجل الدين ( المسالم) جدا والحائز على درجة الإجتهاد الفقهي شيئا عن حرمة الدماء البريئة؟ أم أن التهور يراد له أن يطبق في العراق بينما يسعى الساسة الإيرانيون وبكل قواهم لإثبات براغماتيتهم في ساعات الخطر الداهم والوشيك!! ويتلاعبون بمراهقي السياسة والطائفية في العراق ويحركونهم كيفما شاؤا من أجل المصلحة القومية الإيرانية العليا بكل تأكيد وبعيدا عن الرتوش الدينية المزيفة!، أما مقتدى الصدر بكل مايمثله من عنجهية وغباء وتجبر وحب للسلطة فقد أثبت على الملموس من أن أكاذيبه لاتختلف عن أكاذيب أي سياسي إنتهازي وأفاق؟ فجماعته قد مارسوا الحرب النفسية والتلاعب بمشاعر الجماهير عبر نشرهم ( لكذبة) إصابته في وقت لم تكن فيه أية عمليات عسكرية!! بل وحددوا مواقع الإصابة ثم ظهر بعد حين وقد خرج من حفرته ( المقدسة) رابطا يده!! في كذبة بائسة وسقيمة ومفضوحة لاتليق بأي سياسي يحترم نفسه!! فكيف برجل دين يرفع الشعارات المهدوية.!!؟

إنها نماذج بائسة لمستقبل أسود ينتظر العراق فيما لو خضع العراقيون لإبتزاز وأكاذيب أهل الجهل والضلاله والنفاق وفقهاء ( أم المعارك ) وأخواتها!... وكان الله في عونكم ياأحرار العراق وأنتم تتصدون لكنس الفاشية الدينية والطائفية بعد أن ناضلتم طويلا لكسح الفاشية البعثية التي تلبست اليوم اللبوس الدينية... ولابد لأنوار الحقيقة أن تطرد كل قوى الظلام والتخلف.

[email protected]