حرب الخليج الأولى هي تلك التي وقعت بين العراق وإيران . وحرب الخليج الثانية هي التي دخل فيها العراق إلى الكويت، والثالثة هي التي خرج فيها العراق من الكويت، يعني الدخول حرب، و الخروج حرب وبذا صار الداخل محروبا والخارج محروبا، بعد أن كانا فيما سبق مفقودا ومولودا!
أما حرب الخليج الرابعة فهي دخول أمريكا إلى العراق ... حتى هنا أنتجنا في الخليج أربعة حروب وهذا رقم قياسي لم يسبقنا عليه أحد في تاريخ الحروب , فما من حرب أنتجت أربعة نسخ قبل ذلك، وحتى الحرب العالمية بجلال قدرها لم تظهـر منها غـير نسختين فقط. ولكن هـل اكتـفـينا بهـذه النسخ الأربعة ؟ كلا، وألف كلا ... لأنه يبدو أن بيننا من يريد لنا الدخول في موسوعة جينتس بأي شكل من الأشكال، بعد أن فشلنا في الدخول إليها في جميع المجالات، بل وفشلنا في الدخول إلى أي شي عدا ظلمات التاريخ وغـياهـب الحياة . لذا هـذا البعض ينتج لنا النسخة الخامسة من حرب الخليج , وهي تلك التي تدور رحاها الآن في العراق بين العراقي والعراقي. وهذه تختلف عن سابقاتها بأنها حرب مجهولة الهوية، ولا نعرف، من يقودها ضد من؟... لكنها حرب والسلام ..!
ولكن هذه الحرب هي الاكثرخطورة بين سابقاتها. فالحرب الأولى كان صدام يريد بها تدمير إيران وفشل ,أصيبت إيران والعراق بعطب شديد ولكن لم يتدمرا . وفي الثانية أراد صدام تدمير الكويت وفشل، أصيبت الكويت بجرح كبير لكنها لم تتدمر . وفي الحرب الثالثة أراد العالم إنقاذ الكويت من براثن صدام ونجح . وفي الرابعة أرادت أمريكا إنهاء وتدمير نظام صدام ونجحت أيضا .
أما في هذه الحرب الخامسة فلا يبدو هناك هدف غير تدمير العراق، الجريح، شعبا وارضا، وهذا مكمن خطورتها الذي يجعلها تفوق كل سابقاتها خطورة . هـذا الخطر لا يمكن تداركه إلا إذا سكت أولئك الذين أدمنوا صنع الصدام، ليتحدث العقلاء، إنقاذا للعراق وشعبه ـ أو بالأحرى مابقي على سطح الأرض من شعبه . وكفانا خمسة حروب باسم الخليج، هـذا الخليج الذي كان آمنا، هادئا، سالما و مسالما، قبل ان يصطدم بصدامات صدام التصادمية . بعد كل هذا أما آن الأوان لمصادمي صدام، (ومن يصادمون معهم )، أن يصمتوا أو يـُصمـَـتوا قبل ان يحرقوا العراق؟