لا شك أن انعقاد المؤتمر الوطني خطوة جيدة نحو التآلف الوطني، وضربة لدعاة المقاطعة وللإرهابيين وفي مقدمتهم عصابات المهدي الإيرانية الولاء. وكنت أتمنى،[ ولكن لا أتوقع!!]، لو أصدر المؤتمر قرارا بإدانة عدوان الصدر وعصاباته على المواطنين والقانون والعتبات المقدسة وأنابيب النفط.

إن وساطة لجنة المؤتمر للتفاوض مع الصدر تعبر طبعا عن النوايا النزيهة والحرص على استتباب الأمن ووقف النزيف. غير أنني أشك جدا في موافقة قائد المليشيات المذكورة على نزع سلاح عصاباته والتخلي عن العنف والتخريب، وعن جعل نفسه فوق القانون، وعن محاكمه وسجونه، وعن ارتباطاته بالمراجع الإيرانية الحاقدة التي تدعو لقتل نصف العراقيين. وأشك في موافقته على وجوب محاكمة القتلة من أفراد جيشه، وبينهم مجرمون محترفون وفدائيون من أعوان صدام. أشك جدا في أن يقبل السيد مقتدى عن ادعاء البطولة الوحدانية بثمن ضرب القانون وفرض قانونه الخاص وتلغيم المراقد المقدسة. فقد زادته تشبثا بمواقفه المظاهرات وصرخات التأييد من إيران والفضائيات العربية وسوريا والزرقاويين والصداميين، حتى كأنه تحول مع نفسه إلى المجاهد الأكبر والقائد الضرورة!

لنتذكر جميع المناشدات الدولية والعربية والإسلامية لصدام في الشهور التي سبقت سقوطه بعملية جراحية عسكرية كان مفر منها لإزاحته. لنتذكر كيف كان ذلك كله يزيده غرورا ووهما بأنه أقوى من الجميع، وأن تلك المناشدات والتحركات علامات ضعف الخصوم وجبنهم!

إن كل التجارب مع السيد مقتدى أكدت وتؤكد أنه يفسر كل الجهود الخيرة لحل الأزمة سلميا بضعف الحكومة أمامه ما لم ترضخ لشروطه هو. فقد فرضت الوساطة هدنة سابقة قام هو بانتهاكها وتدميرها. إنه في الحقيقة يلعب لعبة خططت لها إيران وتقوده، وما مقتدى الصدر غير بيدق في اللعبة، التي تجعله أسيرها حتى لو أراد الحركة قليلا.

إيران هي الرأس وهي اللاعبة ومعها سوريا، وفي اللعبة لاعبون آخرون كما بينا في العشرات من المقالات السابقة.

إن هدف جيش المهدي هو تدمير العملية السلمية وإدامة الفوضى والفتنة. وها هم، ورغم قرار تشكيل لجنة الوساطة الوطنية، يخربون أنابيب نفط جديدة في ميسان بعد تخريب أنابيب البصرة، التخريب الذي كلف شعبنا 126 مليون دولار.

إن السيد مقتدى يعيد مناورات صدام. وكلما ظل يوما آخر يلعب فإنه يكسب الوقت وينشر البلبلة ويضعف الحماس لاستخدام الطريقة الوحيدة لضرب خطره الإرهابي، أي الحل العسكري ولا حل سواه، كما كانت الحال مع صلف صدام وغروره وتشبثه بالسلطة إلى آخر مناورة.