يتشكل إتحاد المحامين العرب من نقابات وتجمعات المحامين في الدول العربية، وبهذا فهو يضم تقريباً اغلب إن لم نقل جميع المحامين العرب المنتسبين الى نقاباتهم. ويهدف الإتحاد الى رفع مستوى مهنة المحاماة بما يجعلها الظهير الفعلي للعدالة، وتطوير عمل المحاماة وتوفير المراجع والمصادر للمحامي ونشر نتاجاته القانونية وبحوثه الموضوعية والفقهية، وإقامة الدورات والندوات وحلقات النقاش، والمساهمة الفعالة في تطوير الأنظمة والقوانين، وغير ذلك من الأهداف السامية التي تعمل المنظمة وفقها. وهذه المنظمة يفترض بها ان تكون الصوت المعبر عن تجمع المحامين العرب في المحافل العربية والدولية.
لن أتطرق الى كون الأساس الذي تم تأسيس المنظمة عليه في انضمام الاتحادات والتجمعات العربية للمحامين في الأقطار العربية حصراً، لذا فإن هذا الأساس يتضمن أن لا يحتوي هذا الإتحاد للاتحادات والتجمعات غير العربية الموجودة ضمن الدول العربية، فلايمكن أن يضم المحامين الكرد ولا المحامين التركمان ولا الكلدان أو الآشوريين ولا الأمازيغيين والشيشان وغيرهم من القوميات غير العربية المتعايشة في دول عديدة.
ولن اتطرق الى مسايرة بعض النقابات لحكوماتها السياسية وكونها جزءا لايتجزأ منها وذيلاً يلحق بها، كما كان الحال في العراق، فهذه مسألة بحاجة الى شرح وتوضيح وتفصيل أكثر من هذا الموضوع.
ومانحن بصدده أنه يفترض ان تكون النقابة في أي بلد هي المعبر الحقيقي عن أوسع شريحة من المحامين في ذلك البلد، وكما يفترض أن يكون الأتحاد بحد ذاته القاسم المشترك الذي يضمن تحقيق أهداف وطموحات المحامين المنتسبين لهذا الأتحاد الأوسع.
أي بمعنى أن الأتحاد لايمكن أن يعمل بالضد من اهداف أي نقابة من النقابات المنتسبة اليه، والا لحدث التعارض والتناقض بين أهداف النقابة المحلية والأتحاد.
وعليه فأن اتحاد المحامين العرب وهو المنظمة الأوسع يتخذ المواقف السياسية والموضوعية وفق توجهات أكبر شريحة ممكنة من المحامين، وليس وفق التوجهات السياسية للأمين العام المساعد أو احد الأعضاء، ليصار الى امتطاءه وأتخاذه معبراً وجسراً لتمرير الأهداف السياسية والرغبات الشخصية.
وبأعتبار أن أتحاد المحامين العرب واجهة أخرى عريضة لمراقبة حقوق الأنسان ويقف بالضد من انتهاكها وخرقها، ويعمل على فضح خرق وتجاوز حقوق الأنسان من قبل السلطات والجماعات بالنظر لما يمثله من تجمع النخبة الواعية والمثقفة والمتطلعة الى حياة افضل والأرتقاء بمستوى الشعوب نحو الأفضل والدفاع عن الديمقراطية ولما تشكله من وعي قانوني عام لصالح الأنسان، فأن هذا الأتحاد يعمل بما تمليه عليه سياسة واهداف الأتحاد المنصوص عليها في النظام الداخلي الذي اقرته النقابات التي وقعت عليه عند تأسيسه وقيامه.
وعلى الأتحاد ان يبتعد عن الأنتقائية في الموقف السياسي، والتوازن في العمل السياسي والقانوني، كما أن على الأتحاد ان يلتزم ضميرياً دوماً الى جانب الشعوب ويبتعد قدر الأمكان عن أن يصير ذيلاً وتابعاً للسلطات، وكذلك في الأبتعاد عن صيرورة الأتحاد كرة في أحد الملاعب السياسية تستخدمها بالركل والضرب والتباهي وفق مشسئتها ورغباتها.
والعراق احد الدول المساهمة في اتحاد المحامين العرب.
ومن أسس العمل القانوني في المحاماة هو ان لايكون المحامي ظهيراً للمجرمين، وأن لايوظف المحامي امكانياته في تسهيل افلات المجرم من جريمته أو تخليص المتهم مما اتهم به اذا كان حقاً قد ارتكب الفعل المخالف للقانون، ولذا كان المحامي وعلى الدوام هو القضاء الواقف، وهو السند الأساس الثاني للعدالة، والظهير الآخر لتحقيق العدالة، وتمثل نقابات المحامين العرب وغير العرب النخبة المثقفة والمتميزة في النشاط الوطني والسياسي في كل زمان ومكان.
وماأستجد من أحداث اعتيادية في العراق لاتعدو كونها الا ضمن أحداث داخلية الشأن وخاصة بأهل العراق في مطالبتهم محاكمة رئيسهم المقبوض عليه لأتهامه بشتى الأتهامات وليس اولها جرائم القتل والأغتيالات ودفن الأحياء والأمر بقتل الناس بالأسلحة الجرثومية والكيمياوية، وتشريد الملايين وتجريدهم من جنسياتهم والأستحواذ على ممتلكاتهم، وليس آخرها بعثرة اموال العراق وأفقاره وتضييع ثرواته وتشريد قدراته العلمية والثقافية ومحاربة رموزه الوطنية وطغيانه ودكتاتوريته على حد زعم الشعب العراقي.
ويفترض بأن لكل متهم محام يدافع عنه ويحضر معه في جلسات التحقيق والمحاكمة بموجب وكالة رسمية معتبرة ووفق الطريق القانوني الذي رسمه القانون في العراق، مثلما يفترض ان للمتهم صدام حسين محامي سيان أن كان عراقياً أو عربياً او أجنبياً بشرط أن يكون الطريق القانوني في الوكالة قانونياً.
وضمن هذه المعادلة لاتعدو القضية الا اعتيادية يحكمها مبدأ ان المتهم بريء حتى تثبت أدانته، غير أن أتحاد المحامين العرب وبحكم وجود بعض المحامين المبتلين بالأعتقاد بصحة الفكر البعثي والصدامي للعرب لم يستوعبوا أن يكون قائدهم الرمز متهماً، فهم يعتقدون انه فوق الأتهامات وأن الشعب العراقي هو من يكون جديراً بالأتهام وأن الضحايا كانوا يستحقون الموت.
وبحكم تمكن بعض الشخصيات القانونية من استغلال وجودها ضمن الأتحاد قامت تلك الأسماء بتوظيف أسم الأتحاد وصوت المحامين في معادلة سياسية غير عادلة ولاتمت لهدف النقابة ولالأسس المشروع ولالمهنة المحاماة ولالحقوق الانسان حين استخدمت الأتحاد وسيلة لتمرير شعاراتها ومواقفها السياسية تحت مزاعم وحجج واهية وتحت غطاء الدفاع عن الحرية.
ولم نسمع ان الأتحاد وقف موقفاً للحد من الأستغلال المتعمد لأسمه وأستغلاله اعلامياً وسياسياً، كما لم يستطع الأتحاد أن يتصدى لمستغلي أسمه وحشره في موقف سيااسي مناويء للشعب العراقي ولنقابة العراق بأعتبارها من الأعضاء الفاعلين، ولم ينطلق صوت الأتحاد للدفاع عن كيانه كونه لايمثل تياراً سياسياً معيناً.
والمتمعن جيداً يجد ان نفس الأصوات كان خرساء حين كان الطاغية العراقي يقتل الحياة والانسان في العراق ويقمع الحقوق وينتهك العدالة، وكان بأمكان اتحاد المحامين العرب ان يسلك الطريق القانوني المنصوص عليه في النظام الداخلي باعتبار ان نقابة المحامين العراقية عضوا اصيلاً في الاتحاد بأستدعاء من يمثلها ومناقشته حول موضوع الدفاع عن ادكتاتور العراقي بدلا من الطريقة الغوغائية والاعلامية الديماغوغية التي اساءت للنقابة ولسمعة العدالة والقانون.
اطلع القاريء على تصريحات واتهامات اطلقها اشخاص يحتمون باسم النقابة ويتسترون خلف واجهتها شتمت شهداء العراق واساءت الى شعب العراق والى العدالة والقضاء في العراق دون وجه حق ودون ان تسلك الاصوات المذكورة الطريقة القانونية، بل ودون ان يمنعها احد من الدفاع عن طاغيتنا.
والغريب ان الاتحاد لم يحرك ساكناً في الدفاع عن عضو اصيل وفاعل فيه، والغريب ان النقابة وقفت تتضامن مع الشاتمين ومطلقي الاتهامات وكأنها تريد قابلة ان تكون الغطاء الذي يتبر قع به مطلقيها تحت زعم ان النقابة ضد الاحتلال، وكانها توحي بأن شعب العراق ونقابة المحامين العراقية العريقة مع وجود الأحتلال.
لقد توضح للمطالع هشاشة التضامن في نقابة المحامين مع الحق، وتلمسنا نحن المتابعين لما يجري على الساحة العراقية والعربية من احداث مدى فداحة الظلم في الموقف حين تنحاز النقابة وتتقبل ان يتستر خلفها من يريد ترويج شعارات الدفاع عن العهد البائد والطاغية المتهم وتحريفها عن قصدها الهادف الى استخلاص الحقيقة وتحقيق العدالة.
على ان اتحاد المحامين العرب الذي يناقش قضية انتهاكات حقوق الانسان في الدول العربية بورقة واحدة – وفق مايذكر المحامي عبد القادر العيادي في تقريره المنشور بالأنترنيت – ويمتدح انظمة معينة مبتلية بخرق وانتهاكات لحقوق الانسان، وكون الأتحاد جزء من المنظومة الرسمية العربية لايمكن ان ترتجي منه أن يقف مع مصلحة شعب من الشعوب أو يشير الى مكامن الظلم والطغيان في اية قضية، وليس أكثر أثباتاً من الصمت الذي لازم مسيرة الأتحاد ازاء مايحدث في العراق ايام مجازر الطاغية بحق العراقيين العرب والأكراد، واستعماله الاسلحة المحرمة دولياً ضد شعبه، وليس اكثر صمتاً من العداء لكل حقوق الأنسان والديمقراطية من قبل الطاغية الذي لم يجد همساً من الأتحاد يشير الى خروقاته وافعاله المريضة، وليس اكثر دلالة على ذلك من كون الأتحاد عربي يقتصر على العرب وفقاً لشعارنا البائد من المحيط الهادر الى الخليج الفاتر.