يبدو أن عمليات التخريب والكر والفر والإحتماء بالمزارات الدينية المقدسة والإتكاء على عصا الشعارات الغيبية والركض خلف منطق الشعارات الوطنية المزيفة قد أضحت حالة عراقية عامة ؟ فتضخم دعايات وأكاذيب عصابة المخبول مقتدى الصدر بل وتحديها المعلن والسافر للسلطات العراقية، وسعيها الدؤوب لإحداث فتنة طائفية وتوسيع دائرة الفوضى عبر توسيع عمليات التخريب الشامل لتشمل الموارد الرئيسية للدولة العراقية كالبترول وتجهيزاته بعد أن سرقت تلكم العصابة المؤلفة من المجرمين والقتلة واللصوص وبمساندة لوجستية فعالة من قوات الحرس الثوري الإيراني وبإمداد تسليحي من عصابات الفلوجة وضواحيها من بقايا البعثيين المعتمرين لعمائم هيئة علماء القتل والخطف والتعذيب الطالبانية ! وفي ذلك تحقيق تام لأماني أعداء الشعب العراقي عبر زيادة معاناته وإنقطاع موارده المالية والمعاشية وتخريب كل مشاريع الإصلاح والتطوير للبنية التحتية المدمرة أساسا وهي عملية لاتعود بالخراب على قوات الإحتلال التي لايهمها بالقطع مصير الشعب العراقي ولازيادة معاناته! ولكنني أعجب أشد العجب من دعوة بعض المنظمات الجهادية العربية والإسلامية لعصابات مقتدى وعلنا بحرق الآبار البترولية العراقية!! وهي الدعوة النكراء التي أطلقتها للأسف جماعة ( الجهاد الإسلامي في فلسطين )؟؟ فهل يعي القوم حقيقة مايفعلون ويلجأون إليه ؟ وهل يتصورون أنه بحرق الآبار العراقية النفطية سيتحرر العراق وتتحرر القدس ويرمى اليهود بالبحر وتعم المجاعة أميركا وأوروبا ويموت الإسرائيليون كمدا وغيظا ويضطروا للهجرة المعاكسة خوفا من تخريفات البيانات الجهادية المجنونة؟ وهي البيانات التي لاتراعي الله ولا الضمير الحي ولايهمها مستقبل العراق والعراقيين بقدر مايهمها عبثها وإستهتارها بالمقدسات والإنسانية رغم شعاراتها الجهادية التي باتت تسير على نفس خطى وتصورات الجماعات الفاشية القومية التي أورثت الأمة العربية الهلاك وسببت لها من الهزائم العسكرية والحضارية الثقيلة مايخجل التاريخ من ذكره !، لتأتي جماعة الجهاد الفلسطينية لالتضمد جراح العراقيين بل وتساهم في حرقهم وتدميرهم وإنطفاء دولتهم وتعريض العراق لخطر التقسيم والتشظي وتدمير الموارد بحجة أن قوات الإحتلال هي من تستفيد من تلك الموارد؟ وهي حجة جاهلة غبية وحقود، ولكي لاأتفرع بعيدا عن صلب موضوعي لهذا اليوم أعود وأقول إن الشعارات الغيبية التي إنتشرت مؤخرا في الشارع العراقي بعد الفراغ الأمني والسياسي الكبير الذي حدث وعجز مكونات المجتمع المدني العراقي حتى اللحظة عن الوصول لصيغة توافقية ومقبولة لمستقبل السلطة والعملية السياسية في العراق رغم كل النشاطات الميدانية القائمة قد جعل من العراق ومن قسم من شيعته على وجه التحديد أسرى لشعارات دينية ومذهبية إستنفذت أغراضها في دول أخرى لتعود للعراق اليوم كحالة ميدانية شاخصة تؤشر على مدى الجهل والتخلف الذي طبع الحياة السياسية في العراق لتتمكن عصابات طائفية بائسة من فرض منطقها السقيم الذي تعجز الدولة العراقية للأسف عن دحره وإراحة الشعب من تصرفاتهم وممارساتهم وإرهابهم، فردا على مطالبات الحكومة العراقية بحل ( جيش المهدي)! رد مقتدى الصدر بأنه لايستطيع فعل ذلك لأن هذا الجيش يقوم بتمهيد الأمر للإمام المهدي لكي يكون جاهزا عندما يظهر ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا!!! بربكم هل هذا منطق يتمنطق به من يملك ذرة من عقل سليم ؟ وكيف إستطاع مقتدى أن يحدد زمن الظهور وفقا لروايات وإعتقادات إخوتنا الشيعة ؟ وهل يعجز الإمام الغائب عن تكليل الصعاب إن ظهر فعلا ليحتاج لأمثال مقتدى وعصاباته البائسة من اللصوص والقتلة لتمهيد الأمر؟ ترى أي مؤامرة خطيرة يتعرض لها الفكر السياسي الشيعي وهو يمتهن كل هذا الإمتهان الصبياني من قبل عناصر غبية مفلسة خضعت لأهوائها المتسلطة وتسير كالروبوت خلف من يحركها من دهاة ( علماء القتل والغدر)!! المستفيدين من رواج سوق الشعارات المهدوية التي لايؤمنون بها بل يتندرون عليها وعلى العقول الغبية التي تركض خلف سرابها الفاقع المخزي ؟

تصوروا لقد وصل التخريف حتى لشمال العالم، فقبل أيام كنت أتسوق في العاصمة النرويجية أوسلو من أحد محلات بيع المواد الغذائية العربية وإذا بي أسمع نقاشا محتدما بين عراقيين حول ( الإمام المهدي ) وخروجه القريب وكانت نقطة الخلاف حول إمكانية كاميرات التلفزة على إلتقاط صورته أو أخذ تصريح منه؟؟؟ والله العظيم كان هذا الكلام هو محور النقاش؟ ولقد دهشت حقيقة للموضوع ولجدية النقاش وصدف أن سألوني عن رأيي في الموضوع فأجبتهم بتندر من أن المهدي قد يقبل بحوار مع ( قناة الجزيرة)؟ ولكن ليس مع ( العربية )!! وحملت ماتسوقته ومشيت ؟ بماذا ياترى نصنف هذا الهذيان الهستيري ؟ وتحت أي عنوان يمكن أن نصنف تخلفنا الفكري والسياسي وشبابنا الذي يعيش في قلب الحضارة العالمية مازال يتناقش بغيبيات وروايات يعود أصلها للعصر العباسي المتأخر! إنها محنة المحن دون شك ؟.

الشعارات المهدوية والإستخدام السياسي.

لعل إيران كانت أول من إستخدم قضية المهدي في تعبئتها الإستراتيجية والشعبية خلال حربها المارثونية الطويلة مع العراق ( 1980 ـ 1988 )، فكان شعار الثوار الإيرانيين الشهير والقائل : { خدايا... تا إنقلاب مهدي.. خميني رانكهدار} أي ماترجمته: { إلهي حتى ظهور المهدي إحفظ لنا الخميني}!! وقد توفي الخميني منذ عام 1989 ولم يظهر أي أثر للمهدي! كما إستخدم الإيرانيون موضوع المهدي أحسن إستغلال في جبهات القتل وفي إيهام المقاتلين الإيرانيين بإن الإمام المهدي يقف إلى جانبهم لدرجة إن كلمة السر في أي هجوم إيراني كانت تبدأ بكلمتي { يامهدي أدركني}!! وهنالك قصص وروايات عديدة حول قيام الدعاية العقائدية الإيرانية بإلباس شخص معين رداءا أخضرا وتزويده بحصان أبيض ليمر أمام بعض القواطع القتالية ليوهم المقاتلين بأن المهدي معهم ويرعاهم وذلك لتقوية الروح المعنوية بعد أن فاقت خسائر الحرب كل الحسابات؟ ومع ذلك إنتهت الحرب بالطريقة المعروفة وبتجرع ( كأس السم) الشهير، ولم يتدخل الإمام المهدي بالموضوع لامن قريب ولامن بعيد!!، واليوم إستثمر مقتدى الصدر هذه القضية في صراعه من أجل السلطة والنفوذ وبلف عقول وقلوب البسطاء والمحبطين وهو كاذب في إدعاءاته وكاذب في تصريحاته وكاذب في كل تحركاته ولاأدري لماذا لم يصدع بتشكيل جيشه المهدوي أيام صدام البائد الذي قتل أهله وعشيرته؟ ولاأدري أين كانت كل تلك الروح الجهادية التي لوتوفرت وقتذاك لوفرت على العراقيين جميعا مذلة وعار الإحتلال الأميركي!! ولكنها الدعاية السلطوية المغلفة بروحية النصب والإحتيال الدينية!! ويبدو من إستقراء الوقائع من أن معارك الداخل العراقي لن تنتهي... حتى ظهور المهدي!! فلاحول ولاقوة إلا بالله.

[email protected]