يوما بعد يوم يتصاعد التضامن مع مطالب الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، ويزداد عدد المتعاطفين في خيم الاعتصام الفلسطينية مع قضايا هؤلاء الأبطال الأشاوس.
ومهما تكن نوايا السلطة الفلسطينية ورغبتها في استغلال قضية الأسرى لتحويل أنظار الشعب الفلسطيني والمجتمع العربي والدولي عن قضايا الفساد التي أصبحت داء سرطانيا مزمنا لا في فلسطين وحدها بل في جميع أنحاء البلاد العربية تفتك بها وتعرقل نموها وتخرب حياة شعوبها، فإن من واجب جميع المنظمات الحقوقية والإنسانية العربية والعالمية وجميع الشرفاء والأحرار في العالم مساندة هؤلاء الأبطال والتضامن معهم ومع جميع المعتقلين دفاعا عن الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية، والمناضلين ضد الجهل والتجهيل والتخلف والإرهاب والإكراه والفساد.
وكم سيكون الأمر عظيما لو أن أولئك الأسرى الأبطال أضافوا لمطالبهم مطلبا إضافيا موجها للسلطة الفلسطينية يطالبها الإسراع وعدم المماطلة في إصدار القوانين وتشكيل الهيئات والمؤسسات ووضع الآليات الكفيلة بالقضاء على الفساد الذي فتك وعمَّ واستشرى، ومحاسبة المسؤولين عنه، تضامنا مع أبناء شعبهم الذي أصبحت هذه القضية تؤرق حياته وتقض مضاجعه.
وكم سيكون الأثر بالغا لو أن خيم الاعتصام الفلسطينية أضافت هذا المطلب الوطني المُلحَّ لمطالبها في وقفتها وتضامنها مع قضية الأسرى، ورفعت على الخيم شعار (نعم للأسرى، لا للفساد) لقطع الطريق على الذين يحاولون استغلال هذه القضية ويجهدون لتحويل أنظار الشعب عنها.
إن المعتقلين والرهائن الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية هم أبناء الشعب الفلسطيني وطليعته المناضلة وهم جزء لا يتجزأ من هذا الشعب وتطلعاته وقضاياه ونضاله من أجل الحرية والحياة الكريمة. وما يضير شعبهم يضيرهم، والعكس بالعكس.
لقد فاض بالمناضلين والكوادر الفلسطينيين، ولم يعودوا قادرين على الصمت والتستر على قادة السلطة الفلسطينية أو مجاملتهم فيما يتعلق بعقلية هؤلاء القادة التي عفا عليها الزمن. وصاروا يعبرون علانية وفي الفضائيات عن امتعاضهم وعما يعتمل في صدورهم ويعطل مسيرة شعبهم، وينتقدون صراحة الطريقة المتخلفة، العشائرية والفردية والارتجالية التي يُحكم بها الشعب الفلسطيني، والتي كانت متبعة فيما مضى في قيادة معسكر، ولا يدرك أصحابها أن الزمن والوضع قد تغير، وما زالوا مصرّين ومستمرين في تطبيقها وإتباعها في قيادة الشعب وبناء الدولة.
وبرغم المطالبة الملحة للمجلس التشريعي الفلسطيني، فما زال الرئيس الفلسطيني يرفض توقيع المراسيم الخاصة بمكافحة الفساد، كي لا تعطى لهذه القضية الشعبية الهامة صفة القوانين التي تلزم مراكز القرار والمسؤولية في السلطة الفلسطينية بالخضوع لها، وتكون سببا في كشف المستور ومحاسبة المفسدين الفاسدين من الأقرباء والموالين، والإطاحة ببعض الرؤوس الهرمة الكبيرة، مما يعني أن الخطب الرنانة والتصريحات الطنانة ليست أكثر من مناورات وكلام في الهواء غايته امتصاص الغضب الشعبي وإيهام الرأي العام العربي والدولي.


[email protected]