كان موقف آية الله السيد علي السيستاني من فتنة الصدر في النجف يتميز بالعقلانية والحرص الصادق على مصالح شيعة العراق والبلد. فقد أدان وجود المسلحين داخل الحرم العلوي، ودعا المسلحين، الذين اعتدوا على قدسية المكان وعلى القانون وعلى أمن سكان النجف، للخروج بلا سلاح. كما رفض مناورة تسلم المفاتيح إلا بشروط، خصوصا وثمة معلومات عن نهب جرى لهذه الكنوز الثمينة، والحاجة لخروج الجميع من المسجد، وإشراف لجنة مختصة على موجودات الكان للتأكد من عدم سرقة شئ منها.

وإذ أسجل هذه الحقائق كلها، وإذ أعبر عن سروري لصحة المرجع الكبير، فإنني أتساءل عن نتائج دعوته للعراقيين للزحف على المدينة. فالمعلومات ناقصة عن مواصفات الدعوة وهدفها بالضبط. والذي يقلق حقا هو أن يكون أتباع الصدر في مدينة الثورة [ الصدر ] في مقدمة الزاحفين. فهل ستؤدي الدعوة في التطبيق إلى حماية الحرم والمدينة، وسيادة القانون، ونزع سلاح جيش المهدي؟؟ أم قد يختلط الحابل والنابل، ويستغل الصدريون والصداميون والزرقاويون وضباط المخابرات الإيرانية هذه الدعوة لنشر الفوضى، أو للتحرش بالقوات العراقية والأمريكية بدلا من أن تكون السلطة في المدينة للحكومة الانتقالية وشرطتها وحرسها مع وضع المسجد والحرم تحت حماية وحراسة المرجع الشيعي الكبير؟؟ ترى ما هي الضوابط التي تمنع وقوع الفوضى والمعارك الجديدة، أو هروب جيش المهدي وسلاحه واختلاط أفراده بالجموع الزاحفة؟؟

لقد برهن الصدر في كل يوم وكل ساعة على قدرته على المناورة لكسب الوقت وتمييع شروط الحكومة منه. كما تأتينا يوميا معلومات جديدة عن دور مخابرات النظام الإيراني في جيش الصدر ودور مستشاريه الإيرانيين، الذين يحركونه ويوجهونه. وقد سعت إيران بكل الجهود والأساليب الظاهرة والملتوية لإبقاء الفتنة المسعورة في النجف لأسباب وحسابات شرحناها وشرحه العديد من الكتاب العراقيين والعرب. ومن هنا فليس بعيدا أبدا أن تنتهز
إيران الفرصة لإنقاذ جيش المهدي، ومنع الحكومة العراقية من فرض سيادتها على المدينة ونزع سلاح الصدريين.

إن الساعات القادمة قد تأتي بالأجوبة على هذه التساؤلات. ويجب على أية حال أن نثق بحكمة وبعد نظر السيد السيستاني، الذي يعلم قبل غيره مدى ما ألحقه مقتدى الصدر من ضرر بالغ بالعراق وشعبه وبالشيعة أولا، ومدى حقده على المرجعية نفسها. ونعلم أنه منذ يومين أو ثلاثة فقط
قام أعوانه بخطف عدد من آيات الله في الحوزة العلمية.