اجاب آدام ايريلى مساعد المتحدث الرسمى باسم الخارجية الامريكية اثناء مؤتمر وزارته الصحافي ليوم 11 الجاري على سؤال وجهه احدهم حول رد فعل الادارة الامريكية تجاه تجربة اطلاق ايران للصاروخ شهاب / 3 قائلا " ان الولايات المتحدة لديها مخاوف جدية تجاه برنامج الصاروخ الايرانى المتوسط المدى الذى اقترب من نهايته والبعيد المدى الذي فى طريقه للاكتمال، وترى ان مثل هذه المجهودات تمثل تهديدًا للمنطقة كما انها تمثل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة الخارجية.. لذلك سنواصل اتخاذ الخطوات اللازمة للتعاطي مع مجهودات ايران لتطوير نظامها الصاروخي وسنعمل مع دول اخرى تشاطرنا الشعور بالقلق حيال هذا الملف ".
واشنطن تريد ان تقنع دول الجوار الايرانى ان نظام صواريخها متوسطة المدى المعلن عنه يمثل تهديدا لامن واستقرار دول وشعوب المنطقة اما بعيدة المدى فيمثل تهديدا حقيقيا لامن واستقرار دول وشعوب الاتحاد الاوربي.. اما برنامج الصواريخ الاسرائيلى الخفي الذى تتستر عليه واشنطن وتحيطه تل ابيب بستائر من الكتمان فليس له اضرار لا على دول وشعوب المنطقة ولا على دول وشعوب الاتحاد الاوروبى.
واشنطن تعمد الى سكب مزيد من الزيت على نار الفتنة الايرانيه بين صفوف مجلسى النواب والشيوخ الامريكيين بالادعاء ان تطوير نظام صواريخها يهدد المصالح الامريكية فى المنطقة وما حولها طمعا فى الحصول منهما على تأييد اكثر صراحة ووضوحا بتبنى موقف عقابى متعدد التوجهات ( اقتصادى / سياسى / مالى / عسكرى / ) تقوم به ضد ايران على المستوى الفردى. واشنطن تريد ان تقنع العالم ان ايران تتحول بالتدريج من ممر لعبور الارهاب كما جاء فى تقرير لجنة تحقيق حادث 11 سبتمبر المشؤوم الى دولة تصنع الارهاب اولا بعدم رضخها لمطالب دول الجوار وثانيا بعدم استماعها لنصائح اصدقائها من الاوروبيين خاصة وثالثا لانها لا تنفذ التعهدات التى تلتزم بها امام الشرعية الدولية، لذا لا بد من اجبارها على الانصياع لتكليفات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاستعداد منذ الان للحصول على دعم مجلس الامن حين تفشل مساعى اقناعها سلميا بتفكيك برنامجها النووى حتى لو اقتضى الامر محاصرتها اقتصاديا وسياسيا للحد من شرورها !!.
واشنطن تشير الى مواصلة تعاطيها مع الملف الايرانى منفردة عن طريق خطوات الحصار الامريكى او الاممى او باثارة القلاقل الداخلية !! ومع دول اخرى تشاطرها القلق على رأسها اسرائيل، واذا كانت دول اوروبية مثل فرنسا والمانيا وبريطانيا تتعامل مع طهران من منطلق الحرص على مصالح الطرفين السياسية والاقتصادية والاستثمارية فاسرائيل تتعامل معها اولا من منطلق انها مصدر تهديد لامن واستقرار شعبها سواء بشكل مباشر او بالتعاون الاستراتيجى مع سوريا او بدعمها لنشاطات حزب الله وثانيا من منطلق ان حليفتها واشنطن قالت ان تطوير ايران لنظامها الصاروخى يهدد مصالحها فى المنطقة !!.
الدول الاوروبية تسعى عن طريق تبادل الاراء الى اقناع طهران باخضاع مراكزها العلمية التى تتعامل مع الذرة سلميا لمزيد من التفتيش الدولى الدورى حتى تكسب الوكالة الدولية الى صفها وبالتالى تسقط عنها شبهة التعامل مع السوق النووية السوداء، وتعمل من ناحية اخرى على فرملة اندفاع موسكو لانهاء خطوات استكمالها لقدراتها النووية فى مقابل الحصول على جزء مما تحتاج اليه لدعم اقتصادها الذى بدأ يتعافى مؤخرا على امل ان تدفع عنها مخاطر الحصار او الدمار !!. اما اسرائيل وامريكا فموقفهما مختلف كلية !!.
كشفت الصحف البريطانية فى منتصف شهر يولية الماضى النقاب عن خطة اسرائيلية جاهزة لتدمير المفاعل الايرانى فى منطقة بوشهر تعتمد – كما قالت صحيفة صنداى تايمز يوم 18 يولية - على توجيه ضربة جوية قريبة الشبه بالضربة الجوية التى وجهتها الى المفاعل الذرى العراقى عام 1981 وعلى تصفية كوادر العلماء الايرانيون من الصف الاول والثانى القادرون على دعم مخطط طهران لتطوير امكانياتها النووية. يقول الاعلام البريطانى ان تصاعد المخاوف الامريكية تجاه قدرات ايران الذرية واصرارها على انتاج قنبلة نووية كما اشارت الى ذلك تقارير اجهزة الاستخبارات الغربية " سيوفر لها امكانيات امتلاك مقومات اعلان التمرد والعصيان تجاه المخططات الامريكية والاسرائيلية فى المنطقة وربما يشجع دول اخرى على السير فى طريقها خاصة بعد ان تعاملت بنجاح مع السوق السوداء النووية ".
نقل عن ارييل شارون رئيس وزراء اسرائيل قوله مؤخرا " لن نسمح لايران وفق اى سيناريوهات ان تتحول الى دولة مالكة للاسلحة النووية خاصة وان تقاريرنا تؤكد امكانية تحقيق ذلك خلال عامين فقط، فهل ننتظر حتى نفاجأ بانه اصبح فى حوزتها 20 قنبلة نووية ".. ونقلت صحيفة صنداى تايمز عن خبرائه العسكريين الذين اشرفوا على وضع ما اصبح يعرف باسم " مستقبل اسرائيل الاستراتيجى " قولهم " ان اى هجوم ضد المفاعل النووى الايرانى سيكون بالطائرات إف / 15 التى ستعبر الاجواء التركية وفق متابعات ارضية عن طريق احدث التقنيات التى ستصاحبها حتى تحقق اهدافها التدميرية " واكد هؤلاء الخبراء ان ضربة الطيران الاسرائيلى ربما لا تستهدف مفاعل بوشهر فقط بل قد تمتد يد اسرائيل الطويلة الى اماكن تخصيب اليورانيوم فى موقع ناتانز وموقع انتاج الماء الثقيل فى اراك " لان ايران اصبحت تمثل بالنسبة لاسرائيل قنبلة انتحارية قابلة للانفجار فى اى وقت ".
الملفت للنظر ان وثيقة مستقبل اسرائيل الاستراتيجى التى اعتمدها ارييل شارون فى بداية العام الحالى توصى " بمهاجة وضرب قدرات اية دولة تحاول تطوير قدرتها النووية، حتى لا تشكل فى اى وقت فى المستقبل مصدر تهديد لاسرائيل ".. وتؤكد ان الانتقادات التى توجهها واشنطن وبعض العواصم الاوربية لمثل هذه الخطوات لا يجب ان تثنى اسرائيل عن هدفها، لان النتيجة النهائية سوف تكون لصالح الجميع. على مستوى آخر تكشف الوثيقه استعدادات اسرائيل لتلقى ضربات فجائية من جانب حزب الله فى الجنوب اللبنانى عير حدودها الشمالية استجابة لاوامر من طهران فى حالة عجز الدفاعات الايرانية عن صد او حصر نتائج الضربة الجوية فى اضيق نطاق ممكن.
نقطة الضعف الوحيدة التى تشير اليها الوثيقه هى امكانية تعرض المصالح الاسرائيلية والاسرائيليون انفسهم فى الخارج لعمليات ارهابية، ربما لهذا السبب زادت فى الآونة الاخيرة جرعات ادعاء واشنطن بوجود خيط ما يربط بين طهران وهجمات 11 سبتمبر المشئومة.. وزادت ايضا ضغوطها على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكتثيف زيارتها التفتيشية لايران والتحقق مما يرد فى تقارير المخابرات الغربية من معلومات تعاملاتها الخفية المشبوهه التى تنكرها القيادة الايرانية.. الى جانب ما يردده المسؤولون الامريكيون والعراقيون منذ فترة حول دورها فى تأجيج نيران العمليات الهجومية والانتحارية ضد قوات التحالف الدولى بقيادة امريكا فى العراق وضد حكومته المؤقته وضد العاملين الاجانب المتعاقدين للعمل مع الطرفين !!.
التوافق الامريكى الاسرائيلى ضد ايران بوضعها فى دائرة الدولة الارهابية اذا وصل الى نهاية خطته سيشعل المنطقة كلها وسيقلب اوضاعها لان ايران ليست بالسذاجه المفرطة التى تجعلها لقمة سهلة الهضم امريكيا واسرائيليا، وفى الوقت نفسه لا يجب التهوين من امر هذه الخطة خاصة وانها مالت فى مرحلتها الاخيرة الى اظهار طهران بمظهر الارهابى المصر على امتلاك ترسانة من الاسلحة النووية :
- لاشاعة الفوضى وعدم الاستقرار فى المنطقة والمقصود هنا العراق واسرائيل.
- ولتهدد المصالح الامريكية والمقصود بها امدادات النفط العراقى واستثمارات النفط فى بحر قزوين !!


* استشارى اعلامى مقيم فى بريطانيا

[email protected]