-1-


لعب الجامع الأزهر منذ ألف سنة تقريباً إلى الآن دورا كبيراً في نشر الثقافة العربية والإسلامية، وكان له الفضل الكبير في نشر الإسلام في آسيا وأفريقيا، وكذلك في أوروبا بواسطة بعثاته التعليمية إلى هذه المناطق، وبواسطة استضافته لآلاف الطلبة المسلمين من كافة أنحاء العالم، ومنحهم منحاً دراسة مجانية وتدريسهم في الأزهر. كما كان للأزهر الفضل الكبير في تخريج النخبة العربية المثقفة التي قادت جانباً من تيار التنوير العربي والإسلامي في العالم العربي عامة في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وفي مصر خاصة، من أمثال محمد عبده وسعد زغلول وطه حسين وعلي عبد الرازق وخالد محمد خالد وجمال البنا ومحمود شلتوت وغيرهم. كما لعب الأزهر دوراً سياسياً بارزاً على مدار القرون الثلاثة الأخيرة، وكان من أهم هذه الأدوار مقاومته المسلحة والسلمية لحملة نابليون على مصر (1798-1802) بقيادة الأشياخ: السادات، والشبراوي، والشرقاوي، والجوسقي، وغيرهم من الأشياخ، والدور الذي قام به الأزهر في ثورة عرابي 1881 بقيادة الأزهري أحمد عرابي، وكان الشيخ عبد السلام المويلحي أول نائب أزهري معارض في أول برلمان مصري أقامه الخديوي اسماعيل في عام 1878. وكذلك التعبئة الشعبية والسياسية التي قام بها الأزهر في ثورة
1919 المصرية ضد الاحتلال البريطاني لمصر (1882-1954) بقيادة الأزهري سعد زغلول، والدور السياسي الذي قام به الأزهر في الحرب العربية- الإسرائيلية 1948 وحرب السويس 1956 وحرب 1967 وتأييد أشياخه لكافة القضايا العربية العادلة.

فلم يكن الأزهر في يوم ما عبارة عن مدرسة لتخريج الأشياخ ونشر الإسلام في العالم فقط ، ولكن كان له ذلك الدور الثقافي والسياسي الكبير سلباً وإيجاباً في الحياة العربية. ولعل كل من يقرأ كتاب محمد البيومي (الأزهر بين السياسة وحرية الفكر، 1983)
يدرك تماماً الدور الكبير الذي لعبه الأزهر في السياسة والفكر العربيين، منذ ألف عام حتى الآن.

-2-

لكن بالمقابل، كان الجامع الأزهر وأشياخ الجامع الأزهر حجر عثرة كبير، بل صخرة صماء هائلة تعترض بقوة وبجبروت وبسلطان الدين الذي لا يُقهر، طريق تيارات الإصلاح السياسي والتعليمي والاقتصادي في العالم العربي. فقد تأخر الإصلاح السياسي والتعليمي والاقتصادي في العالم العربي تأخراَ كبيراً نتيجة لتأثير الأزهر السلفي والأزاهرة السلفيين وخريجي الأزهر السلفيين المتشددين المنتشرين في الأجهزة السياسية والتعليمية والاقتصادية العربية في كافة أنحاء العالم العربي. إن الدول الإسلامية غير العربية البعيدة عن تأثير الأزهر ورجاله وخريجيه تشكل شعوبها حوالي 81 ٪ من العالم الإسلامي كتركيا وإيران وإندونيسيا والباكستان وبنغلادش وماليزيا وغيرها، بينما لا يشكل العرب غير 19 ٪ من مسلمي العالم، ورغم ذلك استطاع العرب رغم هذه النسبة الضئيلة أن يكونوا عصب الإسلام وقفصه الصدري، وأن يكونوا هم أكثر من شوّه الإسلام، وخطفه، واستعمله استعمالاً سيئاً لأغراض سياسية وعصبية رخيصة، ونتج عنه هذا الارهاب الفظيع الذي يعاني منه العالم الآن من أقصاه إلى أقصاه.

-3-

في الدول الإسلامية غير العربية والتي لا تخضع للتأثير السياسي والتعليمي والتربوي والاقتصادي المباشر للأزهر، استطاعت هذه الدول كتركيا وماليزيا على وجه الخصوص أن تكون في طليعة البلدان المتقدمة سياسياً واقتصادياً وتعليمياً. فتركيا الدولة المسلمة أصبحت دولة علمانية منذ أن أسقط كمال أتاتورك الخلافة الإسلامية وألغاها في العام 1924 وطرد آخر خلفاء بني عثمان وهو الخليفة عبد المجيد بن عبد العزيز من تركيا ونفاه إلى فرنسا حيث عاش ومات هناك. وأصلحت تركيا الكثير من كيانها السياسي والاقتصادي والعلمي والتربوي والاجتماعي (ألغت أخيراً عقوبة الزنا) بحيث أصبحت الآن قاب قوسين من الانضمام للاتحاد الأوروبي الذي تسعى اليه منذ نصف قرن تقريباً. وماليزيا أصبحت في طليعة الدول المتقدمة اقتصادياً، وأصبح حجم الاستثمارات الأجنبية فيها حوالي 57 مليار دولار خلال عشرين عاماً فقط. وهو أعلى بكثير من مجموع كافة الاستثمارات الأجنبية والعربية في كافة أنحاء العالم العربي الذي ما زال اقتصاده خاضعاً لسياط "الربا" التي يرفعها الأزاهرة في وجه الاقتصاد العربي، مما دفع العرب لأن يستثمروا في الخارج حوالى 800 مليار دولار بعيداً عن سياط رجال الدين التي سدت المنافذ الاستثمارية، وحاصرت الاقتصاد العربي بالتفسيرات والاجتهادات الدينية المتزمتة والضيقة. والباكستان وإندونيسيا وبنغلادش أصبحت في طليعة الدولة التي فتحت المجال أمام المرأة وحريتها وحقوقها وخاصة في العمل السياسي. فتولت المرأة في هذه الدول رئاسة الدولة، ولم يلعن الله هذه الشعوب لأنها ولّت أمرها امرأة! في حين أن العالم العربي الإسلامي لم يولِ امرأة حتى الآن رئاسة دولة أو رئاسة وزراء أو رئيسة برلمان. وفي كثير من البلدان العربية ما زالت المرأة في الظل وفي العتمة السياسية وفي عتمة الحياة العامة، وما زالت تُكرَّس للخلف والعلف فقط، خوفاً من سياط الأزاهرة والمؤسسات الدينية الأخرى في العالم العربي التي تستظل بظل الأزهر!

-3-

كان الأزهر من ناحية أخرى، شوكة كبيرة في حلق الثقافة العربية بمصادراته المتتابعة للكتب وملاحقاته البوليسية المؤلفين، وعائقاً كبيراً أمام انفتاح الفكر العربي وحريته. ولا شك أن الأزهر في القرنين التاسع عشر والعشرين لعب دوراً سلبياً في تقدم الثقافة العربية تحت مسميات تقليدية كثيرة منها "الحفاظ على الثوابت" و "صون التراث" و "الحفاظ على الإسلام". وكأن الإسلام لا يملك من القوة الذاتية للحفاظ على نفسه بنفسه دون وقوف رجال الأزهر إلى جانبه، وهو الذي حافظ على نفسه بقوته الذاتية طيلة قرون طويلة ماضية، واستطاع أن ينتشر ويمتد ويؤسس إمبراطورية كبيرة وضخمة بدون وجود الأزهر ، وعندمـا لم يكن الأزاهرة قد خلقوا بعد. إن الكتب التي طعنت وجرّحت المسيحية والمسيح في أوروبا في العصر الحديث، لا تُعد ولا تُحصى. فلم تخشَ المسيحية من هذه الكتب ولم تمنعها ولم تحرقها. وأن المسيحية التي عاشت عشرين قرنا حتى الآن، لا يهدمها عشرون كتاباً، وأن الإسلام الذي عاش خمسة عشر قرناً إلى الآن، لا يهدمه خمسة عشر كتاباً. وهذا الفزع من الكتب هو أكبر مسبّة لدين عريق، عميق الإيمان في قلوب الناس، كما قال توفيق الحكيم في مقال له في مجلة "الرسالة" عام 1939.

-4-

لقد كان الأزهر شوكة كبيرة في حلق الثقافة العربية عندما لم يسمح للشيخ محمد عبده (1849-1905) بتطوير التعليم الأزهري، وأسقط مشروعه الاصلاحي الكبير بفضل تزمت شيوخه الأزاهرة وسلفيتهم المغرقة في الجمود وضيق الأفق وقصر النظر. في حين استجاب جامع الزيتونة في تونس (وهو أزهر تونس وأقدم تاريخياً من الجامع الأزهر) للمشروع الاصلاحي التعليمي الديني الذي قاده الطاهر حداد والطاهر عاشور وابنه الفاضل عاشور وغيرهم من الاصلاحيين، وأصبح جامع الزيتونة الآن بفضل هذا التيار الإصلاحي التنويري المنفتح، المنارة الإسلامية التقدمية التي لا تمارس أي نوع من أنواع القمع والسجن والمطاردة والمصادرة للثقافة العربية، ولا تحجر على الفكر العربي وحريته، ولا تقيم الحواجز البوليسية الثقافية التي يقف عليها شرطة دينيون متعصبون، يحكمون على الثقافة العربية بمقاييس القرن السابع الميلادي.

-5-

إن أثر بعض الأزاهرة – ونستثني هنا بإجلال كبير شيخ الأزهر المنفتح سيّد طنطاوي -وخاصة هؤلاء الذين يتمثلون في "مجمع البحوث الإسلامية" على الثقافة العربية المعاصرة يصل إلى حد الجريمة في بعض الأحيان، وهم الذين يقيمون المجازر الثقافية لكل كتاب ، ولكل رأي يعارض رأيهم هم ، وليس رأي الإسلام. فلو كانت الكتب التي يصادرها هؤلاء الأشياخ تعارض رأي الإسلام الحق لتم منعها في كافة الدول العربية الإسلامية، وفي كافة الدول الإسلامية غير العربية. فما بال هذه الكتب تًُصادر وتُحرق وتُجزر في مصر فقط؟

فمن المعروف أن كثيراً من الكتب التي صادرها الأزهر، كانت قد نُشرت قبل سنوات في مصر، كرواية "سقوط الإمام" لنوال السعداوي.

فهل الإسلام التي سمح بها قبل عدة سنوات هو غير الإسلام الذي منعها الآن؟

وهل الإسلام في لبنان وفي باقي العالم العربي هو إسلام مختلف عن الإسلام المصري الذي منع نشر رواية نجيب محفوظ "أولاد حارتنا" في كتاب بمصر، بينما نشرت مسلسلة في جريدة "الأهرام" في 1959 وتمَّ نشرها فيما بعد في كتاب ببيروت عن "دار الآداب"؟

فهل إسلام مصر عندما نشرت هذه الرواية مسلسلة في "الأهرام" هو إسلام مختلف عن الإسلام الذي منع نشرها في كتاب؟

وهل إسلام لبنان وإسلام باقي أنحاء العالم العربي التي سمحت بتداول هذه الرواية يختلف عن إسلام مصر الأزهري؟

أم أن المسالة مسألة شخصية من قبل رجال الدين الذين يسمحون ويمنعون كل على هواه، وكل على رأيه الخاص ، مما يؤدي إلى اقامة مجازر للثقافة العربية بين وقت وآخر ؟

إنها جريمة بحق الثقافة العربية ما حصل من حرق لكتاب طه حسين (في الشعر الجاهلي، 1926) رغم أن الأزهر متمثلاً بشيخه الأكبر خضر حسين قام بالرد عليه في كتاب (نقض الشعر الجاهلي)، وما حصل من طرد للشيخ علي عبد الرازق من سلك القضاء وسحب الشهادة الأزهرية العلمية منه، ومصادرة كتابه (الإسلام وأصول الحكم، 1925) الذي نفى فيه أن يكون الإسلام ديناً ودولة، والذي قام أيضاً شيخ الأزهر خضر حسين بالرد عليه في كتابه (نقض الاسلام وأصول الحكم) وصدّره بإهداء إلى (خزانة حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول ملك مصر الأعظم) ورجاه بأن: (يتفضل عليه بالقبول، والله يحرص على ملكه المجيد، ويثبت دولته على العز والتأييد). وكانت نقمة بعض الأزاهرة على عبد الرازق بسبب "أنهم رأوا في هذا المنطق ما يزعزع سلطانهم، ويعقل منافعهم في الاتجار بالدين، ويكشف عن حقائق هذه العمائم الضخمة التي لا ترتفع إلا لتستر وراءها الظلم والاستبداد"، كما قال المرحوم أحمد بهاء الدين في كتابه (أيام لها تاريخ). كذلك ما حصل لثماني كتب من كتب المصلح الديني جمال البنا من بينها: (نحو فقه جديد)، و(تفسير القرآن بين القدامى والمحدثين)، و(تثوير القرآن)، و(الإسلام وحرية الفكر) وما حصل لكتب خليل عبد الكريم الذي تم تكفيره، وكيف أن بعض الأزاهرة سطوا على مكتبة الجامعة الأمريكية بالقاهرة قبل عامين وصادروا أكثر من مائتي كتاب منها كتاب "النبي" لجبران خليل جبران الذي ترجم إلى معظم لغات العالم، وسداسية "مدن الملح"
لعبد الرحمن منيف، وروايات حيدر حيدر، وغيرها من الكتب القيمة، وما تمَّ لمئات الكتب ودواوين الشعر والرواية والقصص القصيرة والمسرحيات وأفلام السينما وغيرها من الأجناس الأدبية والثقافية من منع ومصادرة وحرق لدليل على أن الأزهر يساهم فعلياً في تقهقر الثقافة العربية، واقامة محاكم تفتيش القرون الوسطى لها، وخنق حريتها التي هي سرُّ ابداعها وسرُّ ابداع كل ثقافة في العالم، وأن على الأزهر أن يُبعد خناجره عن هذه الثقافة التي يهددها رجال الدين ورجال السياسة كذلك.

-6-

في الثلاثينات صدر كتاب المفكر المصري اسماعيل أدهم (1911-1940) (لماذا أنا ملحد؟ 1936) فلم يصادره الأزاهرة، وتم الردّ عليه بكتاب (لماذا أنا مسلم؟). وفي 1950 صدر كتاب خالد محمد خالد (من هنا نبدأ) ولم يصادره الأزاهرة، رغم أنه هاجم ضمناً الأزاهرة والكهنوت الديني، وتم الرد عليه بكتاب محمد الغزالي (من هنا نعلم). فهل كان اسلام الثلاثينات والخمسينيات الأزهري الذي اكتفى بالرد لا بالممانعة والمصادرة والملاحقة، يختلف عن إسلام اليوم الأزهري الذي استبدل القلم بالسكين؟ ولماذا لا يتم الرد على الكتب المخالفة للإسلام الأزهري بكتب مضادة كما تم في الماضي؟ لماذا لا يدافع الأزاهرة عن الإسلام دفاعاً مقنعاً عقلانياً موثّقاً إزاء ما يرونه من وجهة نظرهم أنه ضد الإسلام؟ كما تساءل سيد القمني المحاضر في "سوسيولوجيا الأديان" بجامعة القاهرة في معرض رده على تكفير الأزاهرة له، ومصادرة كتابه الموسوم بـ "شكراً ابن لادن" .

وما هي المقاييس الأزهرية التي يُقاس بها المنع والفسح والمصادرة والجزر للكتب؟

ألا يؤمن الأزاهرة بضرورة الاختلاف والمغايرة؟

ألم يسمع الأزاهرة بالحديث النبوي: "اختلاف أمتي رحمة" ؟

ألم يقرأ الأزاهرة كتاب "رحمة الأمة في اختلاف الأئمة" لأبي عبد الله الدمشقي؟

إن الإسلام دين العقل (أفلا يعقلون) (كررها القرآن 46 مرة)، والاختيار الحر (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (الكهف:29)، والمشيئة الانسانية (كلا أنها تذكرة فمن شاء ذكره) (عبس:12)، و (إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) (الإنسان:29)، فكيف يتحول الأزاهرة إلى شرطة ثقافية، وشرطة مُعممين، يمنعون ما يشاءون، ويفسحون ما يشاءون، ويحرقون الكتب، ويطردون مؤلفيها من وظائفهم (علي عبد الرازق وطه حسين وغيرهما) دون سند شرعي غير شرعهم هم، الخاص بهم؟

-7-

لقد لعبت السياسة ولعبت الأغراض الشخصية والأحقاد المشيخية الدينية دوراً كبيراً في قرارات منع الكتب ومصادرتها واحراقها. ولقد مرّت الشعوب الأخرى بمثل هذه المراحل من الجهل والتخلف ومصادرة الرأي الآخر. فامريكا البلد المفتوح والحر، كان يمنع إلى عهد قريب روايات كثير من الروائيين الأمريكيين. فروايتي الكاتب الأمريكي هنري ميلر (مدار السرطان ) و (مدار الجدي) ظلتا ممنوعتين في أمريكا حتى عام 1962 وصدرتا في أوروبا قبل أن تصدرا في أمريكا. ولكن الشعوب عادت إلى عقلها، واتزنت، وثابت إلى رُشدها. والفرق بيننا وبين هذه الشعوب أنهم يخطون إلى الأمام نحو الرُشد، ونحن نعود إلى الخلف نحو الغيِّ. فما كان مسموحاً به في الثلاثينات من القرن الماضي لم يعد مسموحاُ به الآن.

فما هو الحل؟

إن الحل لهذه المعضلة الكبيرة، هو تجريد رجال الدين من قواهم السياسية ومن سلطاتهم الثقافية، كما فعل الغرب في عصر التنوير، عندما طلب من رجال الدين أن يعودوا الى معابدهم ولا يتخطوها، وأن يكونوا هُداة لا قُضاة، وهي دعوة مرشد الإخوان المسلمين الشيخ حسن الهضيبي (1891- 1972) في الخمسينات لجماعة الإخوان المسلمين ولجميع رجال الدين، ولكن ما من مجيب. فمتى يتم إبعاد خناجر رجال الدين ورفع أيديهم عن الثقافة العربية لكي نطوي صفحة من مجازر الثقافة العربية، ولكي ينطلق الفكر العربي مُحلقاُ ومبدعاً، ولكي تزهر ثقافتنا وتزدهر وتلحق برفعة الثقافات الأخرى وغناها؟

(ينشر بالتزامن مع جريدة "السياسة" الكويتية، و "المدى" العراقية، و "الأحداث المغربية")

[email protected]