اعتاد الحكام العرب على عقد القمم الرئاسية بمناسبة او دون مناسبة وربما وضعوا جدولا زمنيا لمناقشة شجونهم واحزانهم المشتركة، مع الاخذ بعين الاعتبار ان هذه القمم تشاورية وتداركية وانقاذية مع جرعات عالية من المجاملات انسجاما مع معطيات ما تمليه وقائع السياسة المعاصرة.. وقد وضعت الجامعة العربية كل خدماتهاومؤسساتها تحت تصرف الشؤون الرئاسية العربيةحتى ان هموم الثقافات واحوا ل البلديات وازمة الدولار الامريكي وهموم الاصلاح واشكالية المصطلح النقدي وازمة قصيدة النثر والنص المفتوح اصبحت جزءا من الاجندات الرئاسية وتناقش بحمية قبلية في هذه القمم، لان الرؤساء العرب يؤمنون بنظريةالسيطرة الشاملة لكل شأن من شؤون المواطن العربي..
ازاء هذا الهوس السياسي والرئاسي يبحث المثقفون العرب عن حلول استقلالية لشجونهم وخلاصا واقعيا لهامشيتهم، واظن ان اكثر هذه مقبولية قي القمم الثقافية ودعوة رؤساء الاتحادات والروابط لحضور هذه الفعاليات ومناقشة الامور التي تخص شأنهم الثقافي وترحيل الملفات التي اعتاد الوؤساء والملوك العرب منقشتها في خلواتهم السرية،، اذ ان ثقافة الاصلاح وتطوير الاداء التعليمي والانفتاح على الاخر ومناقشة ظواهر العنف والارهاب وانتهاك القوانين واحترام الحريات وتنمية الوعي الديمقراطي والاعلامي، هي شؤون ثقافية وليست سياسية احترافية، وان تهياة العوامل النفسية والمعرفية والتعليمية تدخل في اطار تنمية الخطاب الثقافي في مستوياته المتعددة، ولعل النزوع نحو البحث عن حلول قممية يجب ان يتجاوز عقدة ما يصنعه الهامشيون من ولاءات زائدة عن الحاجة، وان يتحرر الرؤساء الجماليون من عقد الحكوما ت والاحزاب والعقائد ويمارسوا وعيهم واحساسهم العميق بالحرية والتعاطي مع المشاكل والهموم والهزائم بروية واناة وحكمة تقول ان الثقافة القوية يمكنها ان تصنع سلوكا قويا،، وبالتالي فان المثقفين سيكونون امام حقائق ومعطيات جديدة، لها القدرة عل تحريرهم من عقد الخوف والامتيازات الحكومية التي تذكرنا دائما بان للمثقف دورا يشبه دور المهرج او التابع او المفسر.. وهذا ما يجعل المثقف ذاته امام ضرورات لا يمكن تجاوزها واستحقاقات تفرضها كل التحولات والصدمات والتغيرات التي يواجهها الانسان العربي المعاصر، فضلا عن ان اكثر المشاكل والهزائم العربية قد صنعها الحكام العرب مثلما صنعتها القوة الغاشمة للفكر المهيمن عبر قنواته الاحتلالية والعسكرية والتقنية ,,, لان الاثنين قد وضعا كل العصوات في الطريق واعطوا للمواطن العربي بسيطا ومثقفا جرعات عالية من النعاس والاوهام والجهل وسرقوا اغلب ادوارهوحقوقه وجعلوه امام معارف قاصرة وثقافات لاشأن لها بالتنمية والوعي والحرية والرفاهية والوفرة والمعيش ,, وربما ورطوه بحداثات وتقانات لايمكن ان تنقذه من ازمة المكان والزمان والمهيمن والتابو والجسد الملعون ,, اذ جعلته هذه التوريطات يرطن بامتياز ويبحث عن حلول غير ارضية لازماته.
ومن هنا نجد ان ثمة ضرورة للبحث عن حلول عالية , وان لايترك المثقف العربي في هذا المكان او ذاك وحيدا ونهبا لحروب الاخرين،لان حكومات بعض المثقفين القيمين لها احكام قياسية، ولان بعض المسؤولين في الشأن الثقافي العربي ( قوميون جدا ) وان احكامهم لايناله الباطل من فوق او تحت !!! لذا يجب ان تكون هذه القمم الثقافية بمستوى المسؤولية وبمستوى التحديات الكونية التي تواجه الانسان والثقافة والوجود والهوية، وان يمارس الرؤساء المثقفون والجماليون صناعة اقدار جديدة وان يقترحوا حلولا اكثر انسانية وواقعية لتخليص المثقف العربي من اوهام كرسها الفهم الحكومي للتاريخ والحرية والثقافة , وان ينقذوا المثقف من ورطة الحكومات القديمة وحرسها القديم ايضا !!وان يمدوا ايديهم لبعضهم دون عقد او حساسيات،،، لكي يدرك الجميع ان الحزن العربي الطويل لايمكن الخروج عن اطواقه واوهامه وحتى انماط ثقافاته واشاعاته دون حلول من الداخل المختلج والمرتعش وجعا وانتظارا، واظن ان هذا الداخل وبحكم العادة يحتاج الى صدمات تأتي من القمم، لكننا لانريدها قمما حكوميا بل قمم ثقافية !!!!!!!!!!!!

[email protected]