ليس من شك ان التطابق بين شخصانية الاديب وبين نصه وطريقة تفكيره تعد من الامور التي تشكل جوهر (( النسق البنيوي )) لوعي هذا الاديب للحظته الحضارية والوجودية وفي تعاطيه مع شرعنة معطيات الفكر ازاء ضرورات وعي الحرية والاختلاف والاختيار.. ولكن الكثير من ادبائنا خاصة المنضوين تحت يافطات المؤوسسات الحكومية والعاقدين عليها الامال الواسعة في النشر والرزق والحظوة والسفر وبناء الشخصية الكارزمية، يخرجون عن الطور المهني والاعتباري في ما تمليه شروط وخصائص الشخصية المتمردة والنافرة لجوهر المثقف، وكذلك شروط العصرنة والحداثة من خلاصات حقيقية من الازمة القديمة لورطة المثقف مع لزوجة العصاب والحكومة الشاملة والحزب الضرورة والدم الازرق وكل ما يجعل المثققف بعيدا عن فضاءات الحرية التي تتسع للمغايرة ورمي الحجر !!
ان هذا البعض الحكومي من الادباء والذين يحملون في اجندتهم وسيرتهم عشرات الكتب والمؤلفات وربما الالقاب، وهي بطبيعة الحال هبات حكومية، هم اكثر كائنات الادب عرضة للتفكك امام اي انزياح حضاري اوتحول ابداعي حقيقي.. اذ ان حرفة الابداع لاتشبه الحرف المهنية الاخرى،، فهي ليست تدريبا خالصا وليست درسا لوحده يمكن الاستنارة بعطاياه التعليمية وليست تقليدا ابويا او وراثة تتناسخ فيها الجينات,, الوظائف والصبغات وتتماثل عندها الاشكال وتشابه العادات،،، انها لعبة سرية جدا وعملية معقدة لصناعة الشيفرات والاطلال على العالم،، وحتى هذه اللعبة ذاتها اصبحت امام اشكالات اكثر تعقيدا وتغييرات مدهشة او ربما سحرية، لايملك الدراية فيها ا واسرار خفايا التحول عند طقوسها الا اصحاب ( الخيمياء) ومالكو الطرق والمبصرون الحاذقون لمكونات ( الادبية ) التي يقول عنها مركبو العاب الحداثة بانها اشمل توصيف للقيمة الجمالية والاسلوبية للخطاب الادبي... ازاء هذا الوعي المعقد والضروري واهمية استحقاقاته الفنية والعملياتية، يظل ( فراخ الحكومات ) ومصنعو فرماناتها الثقافية في فرجة دائمة وربما يدخل بعضهم في النسيان او ستحملهم القطارات الراحلة بعيدا عن لعبة صنع الحرائق....... وبحكم عادة فاقدي الملكية والاهلية ينزع من تبقى من البعض الحكومي الى طرائق الحكومات ذاتها في ممارسة الشتائم الاعلامية وتوظيف الكاريزمات التي صنعتها في تقليب المواجع الوطنية والقومية وهموم القبيلة القديمة وربما ايديولوجيا البيت العريض وحكمة الاسلاف لنشر ماهو مضاد للرغبة الحقيقة للتغيير.
ولعل مراجعة اي مؤتمر اومهرجان ثقافي عربي وقراءة برنامجه واجندته وسلوكيات القيمين عليه سنجد هذه الاعراض الحكومية بكل ما تحمله من علامات مرضية بدءا من ارتفاع درجات حرارة الجملة الادبية مرورا بشيوع ظاهرة الشللية واختيار العناوين والشعارات الطنانة التي تسوق خطابيا ثقافيا قابلا للاستهلاك وصولا الىالوصايا او مفردات البيان الختامي التي تتضمن بطبيعة الحال كل الامال العراض التي تنقذ البلاد والعباد !!!!
اعتقد اننا امام ظواهر تتناسل عن بعضها البعض وتفرخ لنا مواطنين بدرجة ادباء لهم قدرات وطاقات عجيبة على صناعة الادب اليساري واليميني والديني والسلفي والليبرالي والعلماني وبمقادير ترضي الحكومات وتغازل احيانا القوى الطالعة !! وعلى كافة اجناسها وتسويق خطاب ادبي له مواصفات الخلطة السحرية،، في الوقت الذي يغفل الكثيرون عن اهم معطيات الثقافة والابداع القائمة على اساس الحوار والشفافية والجدة والمسؤولية ومقاربة الاشياء على اسس استحقاقاتها دون رمي الحجر في الفراغ ودون ممارسة لعبة اللصوص الصغار. ان هذا البعض الحكومي يصر على ان يظل حكوميا وبامتياز ويمارس عقد المؤتمرات والمهرجانات والاجتماعات على طرق الحكومة القديمة وبحراسة حرسها القديم، وينعت كل من لاينتمي الى هذه اللعبة بالشتائم الحكومية المعروفة والمتداولة
انتبهوا رجاء ايها الطيبون والحالمون من ( الهؤلاء ) لان المواسم الحكومية ليست مقدسة ورجال الحكومات ليسوا طاعنين في السحر!!!
التعليقات