في الوقت الذي يقترب فيه العراقيون التواقون للحرية والتجديد من موعد الانتخابات العامة في البلاد, نقلت وكالات الانباء عن تسجيل صوتي على أحد المواقع الإسلامية التي تروج للموت تعهد فيه من يفترض أنه الارهابي أبو مصعب الزرقاوي بشن حرب على الانتخابات والمشاركين فيها من مرشحين وناخبين ومراقبين ومشرفين. وحث التسجيل من سمّاهم ابناء الطائفة السنية على (القتال) ضد الانتخابات، التي وصفها بأنها مؤامرة ضدهم من جانب الولايات المتحدة ومن وصفهم بحلفائها من الشيعة, وأضاف "لقد أعلنا حربا مريرة على مبادئ الديمقراطية وكل من يسعى لتطبيقها".
من هو الزرقاوي؟ وما هو سر تحديه السافر لآول عملية ديمقراطية في العراق؟ ومن يوفر له الدعم المالي والتسليحي واللوجستي ليقوم أتباعه بقتل من يشاؤون وتدمير ما يشاؤون ومتى يشاؤون؟
هل هو حقا ذلك الشخص المطلوب للعدالة في الاردن, أم انه قيادي بعثي من فلول النظام السابق ينفذ خطة متفق عليها وتعليمات الحزب لمرحلة ما بعد السقوط؟ كيف استطاع رجل غير عراقي ـ لو افترضنا وجوده على أرض العراق ـ فرض نفسه وأرائه وقيادته على مئات وربما الالاف من البعثيين العراقيين وأتباعهم وزجهم في معارك ومواجهات دموية تفضي نتائجها في أغلب الاحيان الى قتلهم او اعتقالهم؟
أية وسيلة يستخدمها هذا الزرقاوي لآقناع ربات البيوت والصبية والبنات العراقيات في مدن وقرى مناطق التوتر بفتح أبواب منازلهم لآستقبال وأيواء واطعام غريب يحمل معه كل أدوات الموت؟ أين الرجال العراقيون من كل هذا وهم الذين ادعوا من قبل ان الطيارين الامريكيين يختلسون النظر الى نسائهم (ليلا) وهن نائمات؟
هل حقا ان الزرقاوي يمتلك هذا القدر من سحر الشخصية بحيث يقبل به هؤلاء العراقيون والعراقيات ليكون ولي نعمتهم و(أميرا) عليهم؟ ما هي المواهب والكفاءات التي يمتلكها هذا الزرقاوي والتي جعلته يقتل ويختطف ويعتقل ويفجر ويهدد ويرهب العراقيين باسم العراقيين؟ كيف تمكنت شركة مايكروسوفت الامريكية خلال أقل من أسبوع واحد من تحديد منزل شاب سّرب دون عمد فايروس (سارس) الى شبكة الانترنيت العالمية من قرية صغيرة في ألمانيا, فيما تعجز القوات الامريكية المجهزة بأحدث وسائل الرصد والتنصت عن تحديد مكان تواجد الزرقاوي ومكاتبه وشبكة اتصالاته وتنظيماته واعتقاله او قتله؟ هل من المستحيل حقا رصد ومراقبة شبكات الانترنيت الناطقة باسم الارهابيين او حتى التشويش عليها, أم ان ذلك يدخل في باب احترام (الرأي والرأي الاخر) فيما نسمع بقيام اقمار التجسس بمراقبة وتسجيل النداءات الهاتفية لرئيس هذه الدولة او تلك؟
لو افترضنا جدلا ان هؤلاء العراقيين انما ينفذون أوامر الزرقاوي طمعا في الاموال التي يغدقها عليهم ـ وكل ما قيل عن طلب الاستشهاد والجنة هو محض هراء ـ أما من وسيلة لتجفيف مصادر هذه الاموال وقطع طرق وصولها اليه وتوزيعها على أتباعه؟
هذه وغيرها أسئلة مشروعة يريد العراقيون لها اجابات صريحة ومقبولة, خصوصا وانهم باتوا يدركون انهم أصبحوا ضحايا لصراعات سياسية دولية هم ليسوا طرفا فيها وانما وقودا لها بأرواحهم وممتلكاتهم, ويتساءلون فيما اذا كان قدرهم ان يقدموا مزيدا من التضحيات البشرية والمادية من أجل ان يستمر هذا الصراع الدموي بين الطرفين المتناحرين.
وليس مبالغة القول ان استمرار أعمال العنف والقتل والتفجير في البلاد واعلان الزرقاوي وجماعته مسؤوليتهم عنها, وتهديد المواطنين الراغبين في التغيير وارهابهم قد يدفع العراقيين الى الاستسلام تماما لمطالب الارهابيين والامتثال لآوامرهم ومن ثم القبول بزعاماتهم لا راغبين بل مكرهين من أجل البقاء على قيد الحياة.
الانتخابات على الابواب, ويموت اكثر من عراقي دون اثم كل يوم, فيما يسري الرعب والخوف والتردد في نفوس الذين ما يزالون يرون في الانتخابات خلاصا من كل الازمات القائمة في البلاد.. وطريقا الى عالم الطمأنينة والتقدم والازدهار.. فهل سيُعلن أصحاب القرار في العراق عن اعتقال او مقتل الزرقاوي لآنقاذ الموقف قبل فوات الاوان.. أم ان اتفاقا لم يتم التوصل اليه بعد بين البعثيين وأصحاب القرار؟

[email protected]