وصلتني هذه العبارات التي تقطر حسرة من رجل عراقي، لا تسألوني إن كان سنيا أو شيعيا، أو مسيحيا أو صابئا، أو كرديا أو تركمانيا، فهذه الألوان اجهلها تماما ولا تعني لي شيئا..الذي اعرفه انه إنسان عراقي يكابد ألمه، ويصارع قلة حيلته، ويعاني من ضيق حالته، فقد شرح لي أوجاعه بخجل في السطور التالية "لي ابنة أخ طالبة في الصف الثاني بكلية التكنولوجيا.. جميلة كقمر.. لكنها أصيبت بضيق في الصمامات في قلبها.. تركت الدراسة وتغير حالها.. المشكلة أن والدها متوفى، وأمها معلمة وتعيل جيشا من الأطفال.. والأمر يتطلب دواء لها لا يوجد في العراق.. وحين سألت عنه في عمّان بواسطة احد المعارف قال أن العشر حبات بـ50 دولارا، وابنة أخي ربما تحتاج حاليا إلى مائة حبة..تصوري الأمر..وهكذا تذوب وردة من ورود الحياة بسبب الفقر والاحتلال.."
هذه حكاية مثيلاتها آلاف وربما ملايين من الحكايات عن عراقيين يتضورون ألما وسقما بصمت مطبق، حيث يتعذر عليهم الحصول على دواء يشفيهم أو يخفف أوجاعهم. هناك الكثير من العراقيين في ديارهم يعانون من أمراض مزمنة، مثل الضغط والسكري وأمراض القلب والتهابات الكلى والرئة وغيرها، ولا يوجد احد يؤمن لهم العلاج المناسب، حالهم يشابه حال تلك الفتاة التي أطلقت عليها اسم ليلى مجازا. هذا عدا عن الأطفال الذين بحاجة إلى التطعيم لوقايتهم من أمراض الطفولة المبكرة. أيضا هناك آلاف الجرحى والمشوهين الذين غصّت بهم المستشفيات والمستوصفات الصحية التي تكابد شح في الأدوية واللوازم الطبية..
إن العمليات الإرهابية المتواصلة التي ابتليت بها العراق، قطّعت السبل على الأكثرية من الناس البسطاء الطيبين، وحرمتهم من ابسط حقوقهم، كالشعور بالأمان وتأمين احتياجاتهم الأساسية من مأكل ومشرب ودواء. لم يعد يمر يوما على العراق دون أن يهز الرعب القلوب، ويفتك الأرواح، وتتساقط الضحايا، فتحفر القبور، وتُوارى عشرات الجثث وتُقام الجنائز ويبدأ العزاء. الخوف ملأ الأزقة والحارات، وسواد الثكالى خيّم على البلاد، وفتاوى القتل تتوالد بالساعات، والمجازر صارت تحبل بها وتنجبها ساحات الانترنت، والخلافات تتفاقم كل يوم بين من يريدون الإمساك بدفة العراق، مما يدفع بالإعتقاد، ان ما ينتظر الناس بين طيات الزمن هو اشد وأدهى وأمّر.
قال الله تعالى "الحسنة بعشر أمثالها".وأهل العراق بحاجة ماسة إلى من يساندهم ويؤمن لهم أدويتهم الضرورية. العراقيون في كربة وضيق فهم في احتياج شديد إلى تكاتف أثرياء وميسوري هذا العالم معهم، بأن يجودوا ببعض من مالهم، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ضحايا التفجيرات، وانتشال الجرحى الأبرياء من الجرائم البشعة اليومية. الحال في ارض ليلى اليوم يتطلب تأسيس جمعية خيرية عراقية تقوم بتوصيل الأدوية عبر الجو أو البر، لليلى ولأهل العراق كافة، ممن هم لا ذنب لهم في هذه الطواحين القاتلة التي تدور رحاها في طول البلاد وعرضها.. فهل هناك في أي قطر عربي أو غير عربي امرأة نبيلة أو رجل شهم يقوم بمساعدة هؤلاء الناس العُزل البسطاء دون أن يسأل إلى أي دين أو مذهب أو فئة ينتمون؟ هل هناك بشر على هذه الأرض تدفعهم إنسانيتهم للمساهمة بتأسيس هذا المشروع الخيري لنساء العراق وأطفاله ورجاله وشيوخه..؟؟ هل هناك مَن هو قادر أن يصغي لنبض ليلى المنهك ويحس بقلبها العليل ويمد لها يد العون ويسندها؟؟ إن ليلى في العراق مريضة..فهل هناك من مداوي؟؟؟

للمعلومة: عنوان ليلى بحوزتي لمن أراد أن يتواصل معها أو يوصل لها أي مساعدة.