امهات، اباء، سياسيون، ممتحنوا حياة، واساتذة، وشوارع، وطلبة، وبيوت، ونقابيون، ومغتربون، وجوابو ارض بحثا عن حقوق الانسان، وقفوا جميعا في طوابير في طول العراق وعرضه، في انشداد، امام افق الانتخابات العراقية، ليبرهنوا على ان صناديق الاقتراع هي ثقافة المستقبل، وانهم في حالة اختبار تاريخي ضد ملثمي الوجوه الكالحة وضد سكاكين القتلة الذين يستمرئون الدم العراقي يوميا.

لقد اختار شعبنا هذه النقلة التاريخية لتكون اول ميلاد للديمقراطية الحقيقية في الشرق الاوسط، ولتكن مقرونة بتحقيق الحلم، امنا ومياها وكهرباء ولقمة عيش كريمة ومستقبلا ينطوي حتما على جلاء قوات الاحتلال.

ينبغي ان يخرج الاعداء من الكلام، ينبغي ان يصمت اعلام العروبة، ينبغي ان يصيروا في جهة اخرى، خلف خطوط لغتنا، ينبغي لهم ان ينحدروا ويندحروا الى الجهة التي تمنحهم جغرافية العداء، بعيدا عن ارواحنا، فلم تبق لهم اية بطولة بل العار كله. عليهم وفضائياتهم ان يخرجوا من جرحنا، من لغتنا، عليهم ان يرقدوا في جحورهم بوجوههم الملثمة وسكاكينهم المسممة، بعد ان عاثوا فسادا ، قتلوا وذبحوا وفجروا السيارات، وبثوا الرعب في قلوب الناس، وزرعوا الفرقة بين طوائف لا تاريخ لها بالفرقة، وصاحوا حتى بحت اصواتهم الكريهة مطالبين بالفوضى والحرب الاهلية وتهديم حرية العراقيين بمقاطعة الانتخابات التي راهنوا جميعا في الداخل والخارج على موتها، الا انها اخرستهم بطوابيرها التي صفقت لها كل شعوب العالم رغم كل البطش وجحيم الموت المجاني، فكان شعبنا مدعاة للاعجاب حين رفع صوته قائلا بان الانتخابات هي سليلة الديمقراطية حتى ون لم تكتمل كافة مقوماتها.

لقد باركوا هم وحكوماتهم انتصارات الشعب الفلسطيني في انتخاباته تحت ظل الاحتلال الاسرائيلي، وضاقت بهم الارض في انتخاباتنا تحت ظل الاحتلال الامريكي، فالاول شرعا والثاني كفرا فكشفوا وليس للمرة الاولى عن ازدواجيتهم. ان الديكتاتورية هي خيارهم لان الديمقراطية تحول دون تحقيق مهماتهم الكبيرة بعد ان خلقوا ارثا لمعاداتها من اجل بقائهم على كراسي الحكم ليورثوها، فشجعوا ثقافة العنف المجاني وطبلوا لها لاظهارها كثقافة وحيدة وسائدة.

نشعر بفخر لحظة الحرية، فلقد فاز العراق من جديد بالامهات والاباء والاخوة والاخوات وهم يقولون في طوابيرهم بانهم ليسوا خائفين، فشعبنا يقترع، انه يقدم الدرس الجديد للاخرين.