لاشك أن القارئ العراقي الواعي، تدينياً كان أم علمانياً، الذي عانى الأمرين من القمع السياسي والثقافي، لللنظام الدكتاتوري المنهار، بات يتحسس كثيراً، من مفهوم "الطائفية"، أينما قرأه أو سمعه، وبغض النظر عن المناسبة!. وغني عن الذكر أن أضلاع مثلث السلطة الصدامية كانت الطائفية والعنصرية والإضطهاد. ويعد كل رأس من هذا المثلث حجر الزاوية، ومرتكز البنية التحتية، للدولة القومية الشوفينية. ولا يخفى على عاقل أن الإضطهاد الإجتماعي، والإستغلال الإقتصادي، والقمع الآيديولوجي، هي المكونات الأساسية الحقيقية لجوهر السلطة المهزومة. ومعروف أن ضحايا الإضطهاد، جميعهم، كانوا ينحدرون من طبقة الكادحين، من الفئتين الإجتماعيتين الأكبر عدداً، ونعني بهما الفقيرة والمتوسطة. وفي خلال العقود الثلاثة الأخيرة، هيمن منهج الحكم الطائفي، وتحول إلى السمة الأكثر وضوحاً في ذلك النظام الفردي. الأمر الذي جعل الطائفية، لدى الرأي العام العراقي، سمة النظام الأساسية.

على أن تناول المفهوم الطائفي، من قبل بعض الكتاب، بالدراسة والتحليل، لا يخلو من أذى، كمحاولة إلصاق "تهمة" الطائفية، بالكاتب نفسه، بدلاً من النظام، الذي كان ينتهجها!. وفي الأغلب، يتوقع الباحث النزيه، الذي يدرس هذا المفهوم الشائك، جميع العواقب والتبعات السلبية، التي يسببها له متطرفون من كلتا الطائفتين، لغرض إشباع غريزة الأنانية، والرغبة في إشاعة التباعد والتفرقة، والتطير من حالة التلاحم المجتمعي. من ناحية أخرى، يعد الخوض في هذا المجال الحيوي، مفيداً لتطور المجتمع المدني المطلوب، الخالي بالضرورة من مفاهيم التمييز الإجتماعي. ومن البديهي، أن هذه المهمة، ينبغي أن تلقى على عاتق الكتاب الليبراليين حصراً. هؤلاء الكتاب بالذات، يتعين عليهم بيان الفشل التأريخي لمنهج الطائفية، الذي مارسه، على التعاقب، كافة حكام العراق السابقين، بعد التحرر من الإحتلال التركي الجاهل، في قيادتهم المجتمع والدولة، بإستثناء الفترة الوجيزة لحكم عبد الكريم قاسم.

بالرغم من هذه المعطيات السلبية، عالج العديد من الكتاب العراقيين الجريئين، هذه الإشكالية، بصدقية وتجرد ونزاهة علمية، ونخص بالذكر منهم: عزيز الحاج، وعبدالخالق حسين، وحامد الحمداني، وداود الحسيني، ويوسف أبو الفوز، وداود البصري، وأحمد النعمان، وسلمان شمسة، وضياء الشكرجي، ووداد فاخر، وحمزة الجواهري وغيرهم من نخبة المفكرين العراقيين ذوي المنهج الليبرالي المتحرر . وفي تصورنا أن توفر المناخ الليبرالي التعددي في العراق الجديد، قد ساعد هؤلاء المفكرين، في الإبداع بمناقشة المنهج الطائفي دون الإنزلاق، في مستنقع التحيز والحزبية!. وعلى النقيض من ذلك، قرأنا للأسف الشديد، لكتاب آخرين، مقالات وخطابات تلامس مفهوم "الطائفية" من الخارج، دون أيما إدانة صريحة له، مما يعكس إنحيازهم السافر، لهذه الطائفة أو تلك. ومن الواضح أن هؤلاء السادة، واقعون في أسر المنهج والفكر الطائفي، مهما حاولوا الظهور بعكس ذلك أمام قرائهم. والأنكى من ذلك فإن كتاباتهم، تعج بتوجيه الإتهامات إلى منتقديهم من الكتاب الليبراليين، ووصمهم بالعار الطائفي، كلما تصدوا لهم بقصد تقويم إعوجاجهم الطائفي!. ومما ينبغي ذكره، في هذا المجال، أن ذلك الأسلوب أصبح، في الآونة الأخيرة، السلاح التقليدي الذي يستخدمه الكتاب الموالون للحكم الطائفي السابق، ضد خصومهم التقليديين، الذين يلعنون جريمة المقابر الجماعية، ويدينون حملات الأنفال الفاشية. والواقع أن الكتاب الليبراليين، وغيرهم ممن لايتفيأون بالعباءة البوليت-ينية، لا مصلحة لهم بالتحيز إلى طائفة معينة دون سواها. وعموماً، فإن المثقفين الجريئين، في العراق وفي بلدان الشرق الأوسط، لم يسلموا من وابل التهم، التي ماإنفكت تلصق بهم جزافاً، كلما واصلوا التصدي، إلى ظاهرة إجتماعية ضارة بالمجتمع المدني، وكلما تمسكوا بالمبادئ الحضارية، المثبتة في إعلان جنيف لعام 1948 حول حقوق الإنسان، وفي مقدمتها منع التمييز بين القوميات والأديان والطوائف.

يدل مفهوم "الطائفية" على المنهج الذي يدعو حامله، إلى الدفاع عن، أو الإنحياز البائن لمصلحة طائفة مجتمعية بالذات، مع إهمال متعمد لمصالح الطوائف الأخرى. وحسبما نقرأ في مصادر التأريخ ، فإن "الطائفية"، أي المنهج المتحيز لمصلحة طائفة بالذات (عائلة، مجموعة، قبيلة)، وإهمال الأخرى، بدأت في العراق يوم قيام الدولة الأموية. ففي تلك الدولة، كما نعلم، سيطر تجار ورجال أعمال وإقطاعيون، منحدرون حصراً من عائلة واحدة، على مقاليد السلطة. وحرص النظام السياسي لتلك الدولة، على أن تكون تلك العائلة الثرية، مستحوذة على جميع المناصب الحكومية، عدا بعض المناصب الرمزية، التي أسندت، بقصد تجنب الفتنة، إلى أفراد من العوائل المتنافسة معها على السلطة. لكن ذلك لم يمنع الفتنة من القيام والإشتعال، حتى يومنا هذا. وقد ظل العراقيون،الذين إنحازوا منذ البداية إلى عائلة معينة، ينازعون عائلة الأمويين، على السلطة، لعقود كثيرة. لقد كان منهج الدولة الأموية هو العصبية القبلية، التي تعد أبغض أنواع المناهج الطائفية.

وبعد مئة عام تقريباً، جاء زعماء من العائلة العباسية المنافسة للعائلة الأموية، فبسطوا نفوذ عائلتهم بالسيف، حتى سمي قائدهم بالسفاح، من كثرة ماقتل من بني أمية. زعمت الدولة العباسية، أنها جاءت "لتصحيح" الأوضاع الطائفية الفاسدة، والثأر لما لحق أبناء عمومتهم، وباقي طوائف الشعب، والناس العاديين من ظلم وإضطهاد. والواقع أن بني العباس قاموا تلبية لمنافع عائلتهم وحسب. وفي ظل دولتهم التوتاليتارية والبيروقراطية، إستمر إضطهاد المسحوقين والفقراء والليبراليين من العراقيين، وخصوصاً ممن ينتمون إلى الطائفة الشيعية. واصلت أجهزة السلطة العباسية الطائفية، هي الأخرى، أساليب القمع والإضطهاد الإقتصادي والسياسي والآيديولوجي، إضافة إلى الإستحواذ على كافة الثروات والموارد، وتجويع الأغلبية من المواطنين. وقد إشتهرت الدولة العباسية، شأنها شأن سابقتيها الدولتين الأموية والراشدية، بقمع كافة أصحاب الفكر الحر، والمعتقدات الليبرالية والتصحيحية والإجتهادية والإنتقادية، المختلفة عن المعتقدات الدوغماتية الشائعة في القصر أحادي الجانب، القائمة على إلوهية الحكم والحاكم، ومنهج السلطة،القمعي البيروقراطي الطائفي، وعدتها خطراً على أمن الدولة. لقد أفتى رجال الدين، المستأجرون لدى الحاكم، في جميع تلك الدول البيروقراطية، بتكفير أصحاب الفكر الليبرالي والإصلاحي والتنويري، ووجوب إقامة الحد عليهم بتهمة إنتمائهم إلى الرافضة أو المعتزلة أو الخوارج أو غيرهم.

وفي خضم الأحداث التأريخية، ومع تبادل المواقع القمعية بين زعماء من الطوائف المتناحرة، تبلورت، على مر العصور في وادي الرافدين، طائفتان دينيتان رئيسيتان، هما السنة والشيعة. وقد إستطاعت الأولى، بحكم جبروتها المالي وإسنادها المباشر للحاكم القوي، من الأمويين والعباسيين والأتراك، إستطاعت الهيمنة السياسية والإجتماعية والإقتصادية، طيلة 14 قرناً، على مقدرات الشعب العراقي! ومما هو معروف أن كادحي وفقراء الطائفة السنية، كانوا هم الآخرون، يعانون من الإضطهاد السلطوي، مثلهم مثل فقراء الطائفة الشيعية، والمسيحيين والصابئة وغيرهم. وقد وجه التسلط بالأساس إلى المفكرين الأحرار منهم، المعارضين للتسلط العائلي البيروقراطي. ومن الجدير بالذكر أن المستفيدين من ذلك التسلط الطائفي، على مر الأزمنة، كانوا جماعة محددة منتفعة، من عناصر كلتا الطائفتين وغيرهما، من الأديان الأخرى. وهؤلاء كانوا من الأفراد الذين لاعقيدة لهم ولا فكر، عدا حب المال والشهرة. وقد شمل ظلم السلطة الطائفية، على الدوام، المفكرين والمثقفين الليبراليين، والأحرار من كلا الطائفتين ومن سائر الشرائح المجتمعية. ويشهد التأريخ أنه لطالما إستعانت السلطة البيروقراطية الطائفية، لقمع أحرار الطائفتين معاً، إستعانت بحثالة من المنتسبين للسنة والشيعة معاً!. ومعروف، على سبيل المثال، أن نظام صدام كان يستخدم الساقطين من أبناء الطائفة الشيعية، في أجهزة قمعه الدموية ولاسيما جهاز الأمن. وفي القطاع التجاري، الذي طالما إستغل فيه إنتهازيون وجشعون من الشيعة، إخوانهم العراقيين، من الشريحتين المتوسطة والفقيرة، بغض النظر عن إنتماءاتهم العرقية أو الطائفية!. وقد قاموا بتسويق البضاعة الرديئة، وغالية الثمن، والفاسدة أحياناً. لقد سمح النظام لأسباب تكتيكية خبيثة لضعاف النفوس، من الشيعة والسنة معاً، من المسيحيين والمسلمين، من العرب والأكراد، بإستغلال أشقائهم من الموزائيك العراقي، وجني الأرباح الخرافية. ومعروف أن هؤلاء كانوا ومايزالون، من أشد حلفاء النظام الصدامي!. وفي ساحة الفكر والثقافة، أمعن النظام الطائفي في قمع حملة الفكر المستقل الحر، من السنة والشيعة بنفس الدرجة، إلى جانب علماء الدين الشيعة الأحرار. وخير مثال على إضطهاد السلطة السنية لأحرار السنة، حرب الإبادة العرقية ، التي شنتها على مدى عقود، ضد المواطنين الأكراد، السنة والشيعة على السواء!.

ولعل فضيلة الخروج من "عنق الزجاجة الطائفي"، تبدأ بالمكاشفة الصريحة بهذه الحقائق التأريخية، دون تردد أو حرج. فإذا إتفقنا، أولاً، على أن الطائفية ليست المنهج الذي يحمل خلاص الأمة، وتوطيد ركائز المجتمع المدني الديمقراطي، الذي يحترم حقوق الإنسان العراقي أولاً وأخيراً، لابد لنا من قول الحق، والإعتراف بالحقائق التأريخية، والإقرار بنقاط الضعف الموجودة لدى متطرفي كلا الطائفيين. ولا أعتقد أن هناك من يجادل، مثلاً، في كون السلطة الأموية المقبورة، كانت طائفية حتى النخاع. وفي كون السلطة العباسية كانت دموية، وكانت تقمع الشيعة قبل السنة. وفي أن الإحتلال التركي العثماني كان شوفينياً، ويتلذذ بقتل العراقيين، عرباً وأكراداً، مسلمين ومسيحيين. وكان يتميز إلى جانب سطوته القومية، بطائفيته البغيضة. إلى ذلك كان الإحتلال الفارسي للعراق، بغيضاً وطائفياً إلى أبعد الحدود. ومن ناحية، لم نكن نسمع عن إنتعاش غالبية سنة العراق، خلال الإحتلال التركي السني. من ناحية أخرى، لم تكن غالبية شيعة العراق مرفهة خلال الإحتلال الفارسي. كذلك ينبغي على مفكرينا، قبل رجال الدين، أن يتفقوا على إدانة قمع سلطة صدام لأحرار السنة من العرب والأكراد، ولغالبية الطائفة الشيعية، ولاسيما علمائها ومثقفيها الليبراليين. علينا أن نكون منصفين، حينما يذكّرنا شخص بأن صدام، غير الملتزم دينياً، تملق الحكم السعودي آنذاك للتعبئة ضد إيران، فإنحاز كثيراً إلى الطائفة السنية، وبشر بالفكر السلفي الوهابي، وأطلق نفاقاً في البلاد ما تسمى ب"الحملة الإيمانية" وأسمى نفسه "عبد الله المؤمن" وإنتسب إلى الإمام علي (ع)، وكتب بيده الملطخة بدماء مئات الألوف، من الشهداء السنة والشيعة، عبارة "الله أكبر" على العلم العراقي. وكان ذلك كلمة حق أريد بها باطل!. فأي إيمان هذا لحاكم أمر بقتل رجال الدين الأحرار مثل: البدري، والأعظمي، والصدرين (رحمهم الله جميعاً)، ومهاجمة شعب كردستان، بالأسلحة الكيمياوية الفتاكة، وزج مئات الألوف من العراقيين في المقابر الجماعية؟!.

لا ينبغي على مثقف عراقي شريف اليوم، أن يشعر بالإهانة أو التجريح، إذا قرأ أن نظام صدام كان طائفياً. فليس المقصود بذلك، توجيه اللوم إلى شريحة أساسية من الشعب العراقي، ونعني بها طائفة السنة، المتدينين منهم والليبراليين. لقد كان نظام صدام، نظاماً دكتاتورياً عائلياً ظالماً. كان حقاً بعيداً عن أهل السنة، لأنه لادين له، إلا القتل والإغتصاب والإثراء على حساب الكادحين، من كافة شرائح الشعب. فإن قدّر لنا أن ننسى شيئاً، فيجب ألا ننسى بطش أتباع صدام، بمواطني الموصل الشجعان، من المسيحيين والأكراد والسنة والشيعة والعلمانيين، بعد عام 1963. وبكافة المعارضين السياسيين، في كل المحافظات. ولم يسلم من ظلم صدام، حتى أحرار تكريت والرمادي. حقيقة أنه لاينبغي الإنزلاق إلى زاوية الوهم، بالإعتقاد أن صدام كان يمثل مصالح الطائفة السنية. إنه وإن بدا كذلك، فإنما كان الغرض من ذلك، هو إستمالة الأنظمة العربية السنية، وغوغاء الشارع العربي السني الجاهل، إلى جانب حروبه العبثية، وتوطيد أركان إمبراطوريته العائلية في بلاد الرافدين، وإعتداءاته المتكررة على جيرانه. والتصفيات الجسدية لمئات الألوف من الأكراد والشيعة، أو دفنهم بالمقابر الجماعية.

وبعد سقوط ذلك النظام الطائفي المقيت، شكل معارضوه مجلس حكم، ومن ثم حكومة مؤقتة. وأريد لتلك المؤسستين، وغيرهما من مؤسسات العهد الجديد، أن تكون مؤسسات ذات كيان وطني شامل يستوعب كافة الطوائف، والأديان، والقوميات، والثقافات التي لها مصلحة في سقوط الدكتاتورية. فلماذا نسمع ونقرأ بين الحين والآخر، أن المؤسسات السياسية الجديدة هي مؤسسات طائفية؟!. ألإنها تشمل طل الطوائف والشرائح؟. إنها، بالعكس، مؤسسات بعيدة عن الطائفية، وتهدف إلى إجتثاث نتائجها الإجتماعية والنفسية. لأنها تمثل كافة الطوائف والأجزاء المجتمعية. إنها إذن مؤسسات وطنية تعددية. وهذا لعمري، أفضل أنواع الحكم الديمقراطي، الذي يشهده العراق والمنطقة، منذ عشرات القرون!!. فهل تقارن مؤسسة حكومية، يجلس فيها السياسي السني والشيعي والكردي والعربي والمسلم والمسيحي، والمحافظ والليبرالي، يجلسون جنباً إلى جنب، لتقرير مصير الأمة العراقية، بمؤسسة بيروقراطية صدامية، إقتصرت على مسؤولين جاءوا من طائفة واحدة، ومن قومية واحدة، ومن قرية واحدة، لا بل تحديداً من عائلة واحدة؟!

وفي الآونة الأخيرة، نضجت برأينا الظروف الموضوعية، التي تحيط بالمجتمع العراقي، لكي يمكنه من أخذ الزمام، والقفز من على العقبة التأريخية، التي كبلته لقرون عديدة، بقيود العنصرية، والطائفية، والإنغلاق الأعمى أمام الرأي الآخر، والثقافات المختلفة، وكل أشكال التقدم والتطور الإجتماعي، النوعي والكمي. في رأينا، أنه قد آن الأوان للمصالحة الوطنية الشاملة! المصالحة الحقيقية لابد أن تكون مدعومة بالمصارحة التأريخية!. ولكي يهدأ بال العراقي الذي كان مضطهداً ثقافياً، من قبل العهود البالية، أن يتصالح معه مثقفو الطوائف الأخرى، بعد أن يتصارحوا معه، ويدينوا المنهج البيروقراطي والطائفي للنظام السابق!. كذلك العراقي الذي كان مضطهداً طائفياً أو قومياً أو دينياً أو فكرياً، ينتظر من أشقائه مثقفي القوميات والأديان والأفكار الأخرى، مصارحة تعقبها مصالحة سليمة. فيا مثقفي العراق، من الإنتماءات السنية أو الشيعية، العربية أو الكردية، ومن مختلف الأديان والأثنيات الحبيبة الأخرى، ومن كافة الأطياف الفكرية التعددية الخيرة، المطلوب منكم أن تتوحد كلمتكم الوطنية المخلصة، وأن تسمو فوق الأفق الطائفي والقومي والتديني والفكري الضيق، لكي تقولوا نعم للعراق التعددي الجديد!. ونعم لشمول كل جزء من المجتمع العراقي، ولو كان صغيراً، بالمسؤولية العراقية الكبرى. ولتزج كل الطاقات الوطنية في معركة المصير المشترك لكل أبناء وبنات وأطفال وادي الرافدين. لا للطائفية! لا للعنصرية! لا للإستعلاء الفكري!. نعم للتوافق بين جميع أجزاء الموزائيك العراقي!. وليس أفضل من حالة الإنتخابات الوشيكة، علاجاً ناجعاً للمرض الطائفي العضال. وغداً تفتح صناديق الإقتراع أمام العراقييين والعراقيات، من جميع الطوائف والأثنيات، لكي يدلوا بأصواتهم منتخبين ممثليهم المرموقين، في أول جمعية وطنية عراقية، بكل حرية ونزاهة وحماس، بعد ليل طويل من الدكتاتورية، والتعسف، والفردية، دام أكثر من 14 قرناً!. ولكي نجهض أية محاولة ظلامية، تحاول نفخ الروح في حطام البنية التحتية، للمنهج الطائفي البغيض، علينا جميعاً ومن كافة الطوائف والقوميات والأديان والإيديولوجيات، المتعايشة بسلام ومحبة وألفة، منذ آلاف السنين في بلاد مابين النهرين، أن نشارك في الإنتخابات!

محلل سياسي مقيم في شيكاغو (الفلوجة حالياً)