821

أتلقى يوميا الكثير من رسائل القراء حول مسامير نقدية صغيرة أدقها على باب كل خطأ وخاطئ حتى ولو كان الخطأ صادرا عن صديقي أو صديق صديقي. بعض الرسائل يؤيدني وبعضها "يبسمرني" والقسم الغالب يوجه لي أنواعا من الشتائم ما سمعتُ بها من قبل حتى من أسوأ خلق الله..! كل الرسائل أقرأها وأنصت لمعانيها خاصة رسائل القراء الشاتمين..!
اليوم وصلتني رسالة من "متضرر"..! هو نفسه قال في رسالته أنه تضرر "كثيرا من وجود الاحتلال الأمريكي" ولم يكن صريحا بالقول أنه "تضرر" بسبب سقوط نظام صدام حسين الذي كان يغدق عليه المال والجاه..! وأدعى أنه رجل " أكاديمي " مثقف كان يدرّس في أحدى الجامعات العراقية فاضطر لمغادرة الوطن وهو يتسكع في شوارع دولة مجاورة يبحث فيها عن مصدر عيش لعائلته..! وقال أنه مستاء جدا من كلمتي حول ممارسة غالبية العراقيين حقهم في الانتخابات التي قاطعها هو رغم وجود دار سكنه قرب المركز الانتخابي في عمان لكن ضميره لم يشجعه إلا على مقاطعتها..! رغم عدم تصديقي لمضمون رسالته لكنني تعاطفتُ معه (كسر خاطري..!)
لسبب واحد هو شكواه من الغربة والبطالة في الغربة ومن منطلق هذا التعاطف مع السيد (م.ع.ع) فأنني غضضت النظر عن شتائمه البذيئة الموجهة لي التي اعتبرني فيها مسئولا مباشرا عن بطالة العمال العراقيين وعن ركود النشاط الاقتصادي وعن هروب (الآلا ف المؤلفة..!!) من أساتذة الجامعات والمدارس، بل اعتبرني المسئول عن حل الجيش العراقي ووزارة الأعلام لأنني (شاب..!) أتطلع لمنصب ما..!!
وقد سررتُ لذلك أيما سرور حين وضعني مسئولا " كبيراً" جدا في الدولة العراقية المؤقتة بمستوى المستر بول بريمر والدكتور أياد علاوي وهوشيار زيباري، بل أنا أوجههم بمساميري ضد "البعث"..! وألقى باللوم عليّ وليس على وزير المالية حين أكد انهيار ميزانية الدولة بتخصيص ملايين الدولارات لشراء الأسلحة " الثقيلة " لمحاربة المقاومة العراقية البطلة التي تحظى حسب قوله بتأييد "جميع الحكام العرب "الشرفاء"..!
ثم توالت اتهاماته برسالته ذات الصفحات الثلاث بحجم الفولسكوب : مؤكدا في رسالته البائسة أنني تخليت ُ عن "قوميتي" العربية ودافعت عن قيادات "الأكراد المجرمين" الذي قتلوا بأيديهم أطفال حلبجة واتهموا الرئيس المناضل صدام حسين زورا وبهتانا..!
تخليت عن مذهبي الإسلامي ودافعت عن الشيوعيين العراقيين الكافرين..!
وتخليت عن وطنيتي حين " صفقت " لبول بريمر يوم قابلته شخصيا..! في مجلس الحكم..!!!!
وقد فات هذا اليتيم المتسكع أن يلصق بي تهمة الهولوكوست، و تهمة اصطدام المذنّب (هالي) بكوكب الأرض بعد مليون سنة..! ومن يدري ربما يتهمني ذات يوم بأنني المسئول عن انحراف المجمع الكنسي في مدينة "دود رخت " إذا عرف أنني أعيش في هولندا..!
و.. و.. و.. و... ضحكتُ كثيرا على هذا المسكين الأمي من أيتام صدام حسين الذي أدّعى أنه مدرس في جامعة عراقية لكنه في رسالته لم يفرق بين الضاد والظاء..! ولا يفرق بين الواو والهمزة فقد وجدتُ في رسالته 467 خطأ من أخطاء تلاميذ المدرسة الابتدائية..!!
من يدري ربما مرسل هذه الرسالة هو أحد وزراء صدام حسين الذين تميزوا بأنهم أميين أو شبه أميين
فقد أنهى رسالته بالقول: عاش قائدنا الرفيق المناضل صدام حسين وليخسأ الخاسئون..!!
نصيحتي لهذا اليتيم أن يسرف في البكاء على سقوط نظام سيده صدام حسين فقد ثبت في العلوم الطبية البريطانية الحديثة أن البكاء فيه وقاية من سرطان البروستاتا والقولون واللسان..!

بصرة لاهاي