مناظر شاهدناها للتو من شاشات التلفزيون العالمية عن القوات العراقي وهي تقتحم معسكر أشرف المسالم بالهراوات، واستخدامها بوحشية متناهية أدت لسقوط 200 جريح، بعضهم في حالة خطرة، وإلى قتل أربعة، وهم جميعا من سكان المعسكر المسالم.
إنها مناظر تذكرنا بهراوات الباسيج ضد المتظاهرين الإيرانيين، سوى أن اللاجئين في معسكر أشرف لم يتظاهروا، بل هم في معسكرهم لا يخرجون منها، ويحترمون وضعهم كلاجئين سياسيين مسالمين بعد أن كانت القوات الأميركية قد جردتهم من السلاح منذ عدة سنوات حين كانت هي التي تشرف على المعسكر، وقد تعهدت بحمايتهم.
إن المقارنة ليست شكلية، لأن ما يجري لسكان المعسكر منذ شهور، وما حدث للتو، ليسا غير استسلام عراقي كامل للمشيئة الإيرانية الغاشمة، وغير تحد لقرارات الأمم المتحدة التي اعتبرت سكان أشرف لاجئين، وأخرجت منظمتهم من قائمة الإرهاب. وكانت قد حذرت الحكومة العراقية من تسليمهم لسلطات طهران. وجدير بالذكر أن الجانب الأميركي كان قد أعلن في حينه أن السيد المالكي قد تعهد بعدم تسليم سكان أشرف لإيران بعد تسليم المعسكر لإشراف السلطات العراقية بموجب الاتفاقية الأمنية- هذه الاتفاقية التي انتهكها الجانب العراقي أكثر من مرة حتى الآن.
لو كان قد صدر عن المعسكر عمل مسلح ضد إيران، كعمليات حزب العمال الكردستاني، المتمتع بحماية كردية، ضد تركيا، لكان موقف الحكومة مبررا تماما، ولكن الحكومة هي التي افتعلت التحرش بمحاولة إقامة مراكز للشرطة ونقاط سيطرة داخل المعسكر، وهي إجراءات لا لزوم لها من الناحية الأمنية.
إن أرض المعسكر هي بالطبع أرض عراقية، ولكن حقوق اللاجئين السياسيين المسالمين مضمونة بالقانون الدولي وبميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، وإذا كان لابد في آخر المطاف من إبعادهم، فيجب أن يتم ذلك باتفاق الطرفين، وبضمانات دولية وعراقية وإيرانية واضحة وصارمة، وهو حل تقدمت به منظمة مجاهدي خلق بعد الهجوم الوحشي. فقد أعلنت استعداد سكان معسكر أشرف للذهاب لإيران بضمانات دولية منها: quot; أن يتعهد النظام الإيراني في رسالة رسمية موجهة للأمم المتحدة، والحكومتين العراقية والأمريكية، ويتم المصادقة على مضمونها، بأنه إذا عاد سكان أشرف لإيران، فإنهم سيتمتعون بحصانة من الاعتقال والمطاردة والتعذيب والإعدام، وأي نوع من الملاحقة القضائية الكيدية ضدهم، وسيتمتعون بحرية التعبير.quot;
نعتقد أن المنظمة تعرف أن نظام الفقيه لن يوافق، ونقول إنه، حتى إن وافق، فإنه لن يحترم تعهداته، فقد اعتاد الغدر وانتهاك الوعود والتمرد على القرارات الدولية.
إننا ندعو الرأي العام الدولي لرفع صوت الاحتجاج عاليا ضد الحملة العراقية الشرسة على المعسكر، ولمطالبة المالكي باحترام تعهداته، ومراعاة المواثيق الدولية بدل الاستمرار في مسايرة إيران في الصغيرة والكبيرة!
بقي أن نعرف موقف الأحزاب السياسية العراقية غير الدينية، ومنظمات وشخصيات المجتمع المدني العراقية، من الحادث الخطير، وكذلك موقف إدارة أوباما من هذه القضية الساخنة، الخاصة بحقوق الإنسان وباحترام المواثيق الدولية.