هل هذا ممكن؟ وهل هو معقول؟ ولكن هذه آخر تقليعات الاتهامات التي راحت جهات عراقية رسمية توجهها للقوات الأميركية في العراق، وذلك بالتزامن مع اتهام للسفارة الأميركية في التدخل في الشؤون السياسية العراقية، كما جاء على لسان السيد موفق الربيعي، المستشار الأمني السابق.
الحكاية أنه منذ أيام راحت مصادر في الشرطة العراقية، وفي وزارة الداخلية، وجهات أمنية أخرى، تدعي أن معسكر بوكا، الذي كان يديره الأميركيون، كان لحد إغلاقه quot;مرتعا خصبا لعناصر القاعدةquot;. وتشارك شهادات معتقلين سابقين في هذه الاتهامات، فأحدهم مثلا، باسم أبو محمد من الرمادي، يقول إن المعسكر كان quot;مدرسة تخرج أعدادا كبيرة من التكفيريين والمتطرفين في طريقة مدبرة ومقصودة وغير عشوائيةquot; - كما يزعم!! لاحظ كلمات quot; مدبرة ومقصودة وغير عشوائيةquot; ndash; أي مبرمجة.
يريد هؤلاء الزعم بأن أميركا تتعمد تدمير الأمن العراقي لتظل قواتها، مع أن الجميع يعلمون أنها مستعجلة للخروج، خصوصا مع سياسة اوباما، التي لا تعطي العراق الأهمية الأولى في الإستراتيجية الأمنية الأميركية. يا ترى: هل من مصلحة أميركا أن تفشل كل تجربتها في العراق وتذهب كل تضحياتها البشرية والمادية هباء؟؟!!
نعم: يجوز أن تنتهز عناصر قاعدية قيادية معتقلة الفرص في المعتقل لتجنيد متطرفين جدد من المتهمين بتهم جنائية، أو من بين الشباب غير الموغل في التطرف. ووزيرة الداخلية الأميركية نفسها صرحت مؤخرا أن هناك خطر تجنيد المعتقلين الأكثر خطرا في غوانتينامو لمن هم على وشك الخروج لزجهم في أعمال إرهابية جديدة. ومن هنا، خطر قرار أوباما بتوزيع المعتقلين على بلدان العالم التي تقبلهم. وفي فرنسا، مثلا، يشكل المسجد والسجن أماكن مفضلة عند المتطرفين التكفيريين لتجنيد غيرهم.
مشكلة معسكر بوغوتا أن العديد من معتقلي القاعدة كانوا يدخلونه بأسماء ووثائق مزورة، مما يسمح ببعض التلاعب والاختراقات.
مصادر الحكومة العراقية تستشهد بأن بعض المعتقلين في جرائم الأربعاء والأحد الداميين كانوا من المطلق سراحهم من بوغوتا. وهنا، لابد من السؤال: من الذي طالب بإطلاق سراح من تعتقلهم القوات الأميركية؟ أليست الجهات العراقية نفسها؟ وهذه الجهات هي التي تساهم في التحقيق والفرز. ومنذ أيام، عفت عن 4 عراقيين من معتقلي غوانتينامو تسلمتهم من الأميركيين.
لقد رد الجنرال ديفيد كوانتوك بحزم على تصريحات المسئولين العراقيين. وهذا الجنرال هو قائد القوة المسئولة عن مراكز الاعتقال في العراق. ومما قاله، حسب ما ورد في الصحف:
quot; بعثوا إلينا باسم واحد فقط يتعلق بأحد الانتحاريين المشاركين في اعتداءات 19 آب، وأفرجوا هم عنه بموجب قانون العفو العام. ولا علاقة لنا بذلك.quot; وهنا يظهر أن المجرم المذكور قاعدي والحكومة أطلقت سراحه - أي المسئولية تقع على الحكومة نفسها التي أطلقت سراح ذلك المجرم.
كما قال كوانتوك إنه كان يتم الفصل في المعسكر بين المعتدلين والمتطرفين المتشددين، وأن الرقابة كانت صارمة جدا. وتابع أنه بعد إغلاق معسكر بوكا في 17 أيلول الماضي، يبقى المعتقلون الأكثر خطرا قيد الاحتجاز، وعددهم 6771 شخصا أصدر القضاء العراقي بحق 4000 منهم مذكرات توقيف.
الجنرال الأميركي قال أيضا إن من السهولة توجيه أصابع الاتهام للآخرين، ولكن يجب النظر للمرآة لمعرفة المشاكل وكيفية معالجتها. بعبارة أخرى، أراد أن يقول ضمنا إن على الحكومة العراقية أن تشخص مواقع الخلل الفادح في أجهزتها الأمنية نفسها، وهي الأجهزة المخترقة من عدة جهات، والتي امتد لها الفساد. كما أنه دعا لتحسين الجهاز القضاء العراقي قائلا:
quot; يتم اعتقال الأشخاص في الموصل يوميا، وإذا قرر القضاء إطلاق سراحهم، فسيعاودون فعلتهم في الغد.quot;
quot;رمتني بدائها وانسلت!quot;
هذا هو حال الحكومة العراقية، التي توجه الاتهامات يمينا ويسارا، [عدا لإيران طبعا!!]، لتغطية دور اختراق وعدم كفاءة أجهزتها الأمنية في وقوع العمليات الإرهابية الكبرى التي أدمت بغداد، وغيرها من عمليات الإرهاب خارج بغداد.
ملاحظة أخيرة: لماذا صمت السيد المالكي عن الحقيقة التي أعلنها وزير الدفاع في حينه عن كون أسلحة الأربعاء الدامي كانت إيرانية الصنع؟! ولماذا الصمت عن وقائع مداهمة مخازن سرية للأسلحة الواردة من إيران في البصرة ومدن عراقية أخرى؟!