علي الشطي من الكويت: احتارت فئة الشباب من الكويتيين حينما حظرت أغلب المجمعات الكبيرة والمطاعم الشهيرة والفنادق من دخولها أثناء الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية مما جعلها تتساءل: أين يمكننا أن نحتفل بهذه المناسبة؟..
السؤال بات يؤرق هذه الفئة بعدما أعلنت جميع المطاعم الشهيرة وتلك المرتبطة بالفنادق، تحت منع وزارة الإعلام ومراقبة وزارة الداخلية تحت ضغط من الإسلاميين المتشددين، أنها سوف لن تستقبل طلبات حجز الموائد وستمنع الشباب من دخول المطاعم في هذه الليلة إذا لم يكونوا برفقة عائلة "ممنوع دخول فئة الشباب بمفردها".
كما أعلنت إدارة مجمعين للتسويق هما مجمع المارينا مول ومجمع سوق شرق الشهيرين، وعادة ما يحتفلان بشكل صاخب بليلة رأس السنة، أنهما ستسمحان للأسر فقط بالدخول إلى المجمعين وسوف تمنعان الشباب من الدخول. وعادة ما يستخدم الشباب حيل كثيرة للفرار من هذا الحظر من ضمنها أنها تستجلب عطف بعض الأسر للاعتراف للمسؤولين بأن بعض الشباب هم أفراد ينتمون إلها. أضف إلى ذلك أن قرار وزارة الإعلام بمنع المطاعم والفنادق من إحياء حفلات غنائية، بعد ضغط وتهديد المطاوعة الإسلاميين من خلال نوابهم بمجلس الأمة وتحذيرهم من بروز خروقات أخلاقية أو "إساءات تصرف" في هذه المناسبة، قد زاد من حيرة بعض الأسر بحيث أضيفت إلى حيرة الشباب.

وكانت وزارة الاعلام أحجمت عن اعطاء اي تراخيص لاقامة حفلات غنائية او وصلات عزف لفرق موسيقية في هذه اليلة خوف ان تصدر "اساءات تصرف" يتم تصويرها فتؤثر على موقف وزير الاعلام محمد ابو الحسن وهو على موعد مع منصة الاستجواب في الثالث من يناير المقبل.

لذلك لجأ الراغبون في احياء ليلة رأس السنة الى مخيمات البر (الصحراء) هربا من موانع وزارة الاعلام ورقابة وزارة الداخلية ووصاية المطاوعة، حيث يمكن لهم الاحتفال كيفما شاءوا في صحراء الكويت الرحبة وسط الطقس الجميل في هذه الايام المميزة. وبالفعل اقيمت حفلات خاصة في البر الجنوبي للبلاد مع الحرص على عدم ازعاج الاخرين خوفا من بلاغات ضدهم تجلب لهم رجال الامن في قلب الصحراء.

لكن المفاجأة أن بعض المطاعم والفنادق حجزت فيها قاعات وصالات تحت دعوى حفل عيد ميلاد، رغم ان الواقع يقول انها حفلة رأس السنة وقد تم بيع تذاكرها لكن التذاكر طبعت على شكل دعوات خاصة لكي لا يتحمل اي طرف صاحب الحفل او الحضور ممن اشتروا "التذاكر – الدعوات" اي مسؤولية بمخالفة القانون.

وفي مثل هذه الحالات يقوم صاحب الحفل الذي حجز المطعم بدفع كامل تكاليف الصالة او المطعم مع بوفيه العشاء ليعوض مصاريفه من بيع "الدعوات" بمبالغ تبدأ بعشرة دنانير (30 دولارا) للدعوة وتصل احيانا الى اضعاف هذا الرقم حيث تكون حفلات مختلطة ويجلب من يشاء خموره معه ويتراقص عدد من الحضور على انغام الموسيقى عبر الدي جي او حتى الفرقة الموسيقية.

وكانت تعليمات وزارة الاعلام للفنادق بمنع الحفلات الغنائية واستخدام الآلات الموسيقية أثارت موجة استياء ورفض بعضهم ما وصفوه "الوصاية المتزمتة" على المجتمع الكويتي وطالبوا الحكومة باسترداد الحريات التي كفلها الدستور وحمايتها من الانتهاكات التي تتعرض لها.

ورد اتحاد اصحاب الفنادق على قرار الاعلام منع الحفلات في الفنادق والمطاعم بالقول على لسان مصدر في الاتحاد "ان هذا القرار يؤكد التناقض الواضح لدى الحكومة بشكل عام ووزارة الاعلام بشكل خاص، حيث نسمع ونقرأ يوميا عن الرغبة الجادة لدى الدولة في تطوير وتنمية السياحة الداخلية اولا، والسعي الى التقليل من سفر المواطنين الى الخارج لقضاء الاجازات، ولكننا نراها من جهة اخرى تصدر القرارات التي تساعد على "هجرة" المواطنين الى الخارج في المناسبات المختلفة.

وناشد المصدر الحكومة "ان تكون لها سياسة واضحة وصريحة لتنمية السياحة والا تخضع هذه الصناعة، التي بدأت تنمو، الى المزاجية والتجاذبات السياسية". واكد المصدر ان اصحاب الفنادق والمرافق السياحية هم اكثر حرصا على احترام القوانين المرعية والعادات والتقاليد عند اقامة الحفلات، وليس هناك اي مبرر لوزارة الاعلام التي تشرف على قطاع السياحة، بأن تمنع المواطنين من الاستمتاع باجازاتهم وان تقوم بالتضييق على حرياتهم.

واكد كثير من المواطنين ان الحكومة تدفع نحو اعتماد سياحة السراديب، اذ ان كثيرا من المواطنين الذين كانوا ينوون قضاء ليلة رأس السنة في المطاعم والفنادق قرروا إلغاء حجوزاتهم والاكتفاء بقضاء ليلة العام الجديد في سراديب المنازل.

كما علم ان احدى الجاليات الغربية ألغت حجوزاتها في احد الفنادق واستأجرت مزرعة للتمتع بقضاء عطلة سنة جديدة بعيدا عن "لاءات" الاعلام ووصاية المطاوعة.

وقال مسؤول في أحد الفنادق الكبرى انه تلقى اتصالا هاتفيا من احدى الإدارات المعنية في وزارة الإعلام أبلغته فيه انه خلال ليلة رأس السنة الميلادية يمنع الغناء الحي والعزف، ويسمح فقط بموسيقى الكاسيت. ويضيف المسؤول بالقول ان الفندق قام بإبلاغ زبائنه بأوامر الإعلام فطلب 75% منهم إلغاء حجوزاتهم.

وانتقد النائب الليبرالي محمد الصقر بشدة قرار وزارة الاعلام بمنع الحفلات. وقال ان الكويت كانت دائما مجتمعا منفتحا كما ان حفلات اللهو البريء تشكل جزءا من تراثه التقليدي، وهو يرفض كل اشكال التزمت، هذا عدا ان الكويت كانت دائما مقصد كبار الفنانين العرب، وقد اقاموا الحفلات في ربوعها في العقود الماضية، وابرزهم محمد عبدالوهاب وام كلثوم وعبدالحليم حافظ وفيروز وغيرهم.

واضاف الصقر: ان الشعب الكويتي يرفض تحويل الكويت الى دولة طالبان جديدة، وسائر التجارب التي ادت الى تدمير بلدانها، خصوصا ان قرارات الاعلام تطال الحريات الشخصية وتنتهك حقوق المواطن، وبالتالي تخالف الدستور، ولا يجوز لوزير الاعلام خصوصا والحكومة عموما القيام بكل هذه الانتهاكات رضوخا لابتزاز المتطرفين، خصوصا ان الاستجواب هو احد ثمار هذا الرضوخ المتمادي لاعداء الحرية والفرح.