الناسا تنطلق لاكتشاف عطارد اكثر الكواكب اكتنافا بالاسرار

جيروم برنار من واشنطن: بعد ثلاثين سنة على مهمة مارينر-10 تنطلق وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) مجددا لاكتشاف عطارد المكتنف بالغموض والاسرار عبر اطلاق المركبة الفضائية مسينجر الى هذا الكوكب الاقرب من الشمس.

واوضحت الناسا ان الصاروخ دلتا-2 الذي سيحمل المركبة مسينجر سيقلع عند الساعة6،16 بتوقيت غرينتش من قاعدة كاب كانافيرال بفلوريدا (جنوب شرق) ليبدأ رحلة من سنوات عدة. وستقوم المركبة الفضائية بالتحليق ثلاث مرات فوق عطارد في العامين 2008 و2009 قبل ان تستقر في مدارها في اذار/مارس 2011، في رحلة تتجاوز فيها مسافة 9،7 مليار كلم فيما لا يبعد عطارد سوى 91 مليون كلم عن الارض.

وقال اورلندو فيغيروا مدير قسم استكشاف النظام الشمسي في الناسا في مؤتمر صحافي عقده قبل عملية الاطلاق "انها مهمة طموحة. فمعرفة عطارد، كيف تشكل وتطور، ضروري لفهم كواكب ارضية اخرى مثل الزهرة والارض والمريخ".

وقبل ثلاثين عاما حلقت المركبة الفضائية مارينر 10 ثلاث مرات فوق عطارد لكنها لم تتمكن من تصوير سوى نصف الكوكب وتركت كثيرا من الاسئلة عالقة. وفي تلك الاونة لم تسمح المهمة بمعرفة كيف تشكل سطح عطارد. لكن "وبعد ثلاثين عاما يسمح لنا التقدم في مجال التكنولوجيا.. بالعودة" الى الكوكب المحاط بالاسرار كما قال فيغيروا. ومركبة مسينجر اعدت بشكل خاص للصمود امام الظروف المناخية القاسية لعطارد بفضل تغليفها بالمادة الخزفية (السيراميك).

وستوفر المركبة الفضائية اول صور للكوكب بمجمله كما ستجمع معلومات مفصلة جدا حول التاريخ الجيولوجي لعطارد وطبيعة جوه وحقله المغنطيسي. وستقوم المركبة الفضائية التي تزن 2،1 طن ايضا بقياس حجمه وطبيعة باطنه ومصدر حقله المغنطيسي. فمنذ اطلاق مارينر 10 يدرك العلماء ان عطارد كوكب يتميز بكثافة مماثلة لكوكب الارض في حين انه ليس اكبر من القمر بكثير. ومناخ عطارد اقل قساوة من جميع الكواكب الارضية في النظام الشمسي. فمناخه يشهد تغيرات قصوى في درجات الحرارة ما قد يكون سمح ببقاء الطبقة الثلجية. وعند القطبين تتدنى درجات الحرارة عن 108 درجة مئوية تحت الصفر.

والسؤال الكبير يكمن في "معرفة ما اذا كانت هناك ثلوج عند قطبي الكوكب الاقرب من الشمس" على حد قول المسؤول العلمي للمهمة الدكتور شون سولومون من معهد كارنيغي في واشنطن. وفي وجه الاجمال فان هذه المهمة ستسمح بحسب قوله بفهم لماذا الكواكب "تطورت بشكل مختلف" رغم تماثل عملية تشكلها.

وستنقل المركبة الفضائية سبع ادوات علمية: نظام للتصوير وقياس الارتفاع ومناظير طيفية لقياس العناصر على سطح الكوكب ومقياس مغنطيسي ومنظاران طيفيان لقياس الغلاف الجوي والحقل المغنطيسي.

وتكثر الاسئلة عن عطارد. لماذا الكوكب الاكثر كثافة في النظام الشمسي يتألف بشكل رئيسي من الحديد؟ ولماذا يملك حقلا مغنطيسيا؟ وكيف يمكن ان يكون فيه ما يشبه الثلج عن قطبيه فيما هو الكوكب الاقرب من الشمس مع درجات حرارة خلال النهار قريبة من 450 درجة مئوية؟. ويأمل العلماء ان تحمل لهم مهمة مسينجر الاجوبة على هذه الاسئلة لكن ليس قبل سنوات عدة بطبيعة الحال.