بغداد: هل أنت بحاجة الى جمجمة أو تنين أو امرأة عارية ؟ فلتهبط بعض الدرجات الى رواق قذر وتدخل الى صالون الوشم الوحيد في بغداد.
في مدينة تشتهر بالقنابل أكثر مما تشتهر بفن الوشم يعتبر فنان عراقي علم نفسه بنفسه رائدا لنوع جديد من التصميمات التي كانت محظورة في عهد الدكتاتور العراقي المخلوع صدام حسين.

سرمد شمائل الذي يستخدم في عمله ابرة محلية الصنع وحبرا من النوع الذي يستخدم في الرسوم المعمارية يقول ان الصلبان السلتية والنسور والجماجم تحظى بشعبية بين دوائر صغيرة من الشباب.

وأضاف متحدثا في معمله الذي علقت على جدرانه المطلية باللون القرنفلي الفاتح صور لعارضات مرتديات ملابس البحر الساخنة "الناس الان يتمتعون بمزيد من الحرية. الناس لديهم الخيار فيما يفعلونه فلا وجود لقوانين لتقيدهم."

وقال شمائل (29 عاما) الذي يتسم حديثه بالعذوبة والذي يهوى الرسم منذ نعومة أظفاره "كثير من الناس يسألونني.. لماذا انت شديد الغرابة؟ لماذا تميل الى الغرب بهذا القدر الكبير ؟ أقول لهم.. لانني أحب هذا."

وبالنسبة للمراهقين العراقيين فان متعة الحصول على وشم التي تكاد تكون استمتاعا بما يعتبر خطأ تقدم لهم لحظة للاستراحة من الحياة في بغداد حيث يمكن أن تنفجر السيارات الملغومة في أي لحظة ويثير رجال الميليشيات الشغب في الاحياء الفقيرة وحيث الفرص ضئيلة في الحصول على عمل.

تمت الدعاية لصالون شمائل عن طريق تناقل أخباره بين الناس وتردد عليه نحو 100 عميل منذ فتح بعد سقوط صدام في ابريل نيسان العام الماضي وقد تبين أن التنين يلقى أكبر اقبال من بين التصاميم التي يقلدها من كتاب مستعمل مستورد من الخارج.

شمائل نفسه هو اعلان عن فنه يسير على قدمين اذ رسم أسدا وتنينا على ساعده فيما ساعده صديق في كتابة جملة "أريد أن أقبلك" بالانجليزية أعلى ذراعه.

ويقول شمائل انه لا داعي للقلق بشأن المخاطر الصحية اذ انه دوما يغمس الابرة التي يستعملها في مطهر.

وتبدأ تكلفة الوشم عند شمائل من 15 دولارا فاكثر غير أن جودة الوشم الذي يرسمه تكاد تضاهي التصاميم المعقدة الموجودة في صور من مجلات أجنبية معلقة على حوائط المتجر. فشمائل يعتمد على تقاليد ثرية.

فمنذ زمن بعيد والعشائر العراقية تستخدم الرسم بالابر على الجلد لتصاميم بهدف شفاء الامراض أو لاستخدامها كتعاويذ سحرية للحب أو لمنع الحسد غير أن المراهقين من سكان المدن الذين يجرؤون على كسر الشيء الذي لا يزال من المحرمات يخاطرون باحتمال أن يصب الاهل جام غضبهم عليهم.

محمد جاسم (19 عاما) قال انه ليس نادما على العقرب وزعيم القبيلة الهندي الاحمر اللذين نقشا على أعلى ذراعية قبل شهرين رغم رد فعل والده حين أدرك أن الوشم لن يزال اذا غسل بالماء والصابون.

وقال جاسم في متجر شمائل الذي نقش له فيه شمائل هذه الرسوم على ذراعيه "قال لي (أبي) أن أحرقها وجاءني بأحماض."

وأضاف "تشاجرت معه ثم تدخلت والدتي وشقيقي وقالا ان الضرر قد وقع وانه اذا وضعت الحامض فلن يفعل شيئا سوى تشويهي."

وليست المجازفة باثارة غضب الابوين وحدها هي التي تدفع بعض العراقيين الى التفكير مرتين قبل رسم حية على بطة الساق أو كتابة اسم الحبيبة على الساعد اذ يربط كثير من العراقيين بين الوشم والسجن حيث يرسم السجناء لاحدهم الاخر رسوما بدائية مثل رسمة القلب حتى تمر السنوات فيما ينظر اليها اخرون بوصفها سوقية.

ويعتبر القلة من العراقيين من عشاق موسيقى الهيفي ميتال أهم عملاء متجر شمائل فيما يهتم بالامر ايضا رجال شرطة عراقيون. فقد ارتاد المتجر قبل بضعة ايام ثلاثة ضباط جاءوا لرسم نفس الوشم وهو لجمجمة لها أجنحة على أذرعهم.

في المناطق القبلية النساء هن الاوصياء على الموروث الغامض عن الوشم فيستخدمن في بعض الاحيان لبن أم ترضع طفلة لخلط الصبغة للوشم الذي يستخدم لاغراض طبية.

ويقول شمائل ان تردد النساء على متجره أمر نادر ليس لانهن لا يرغبن في الحصول على وشم بل لانهم يخشين المجازفة بالخروج من ديارهن في ظل موجة من الجريمة تجتاح بغداد.

وقال سعد سادة (35 عاما) ابن خال شمائل متحدثا في الاستوديو الخاص بالة الجيتار الذي يملكه على بعد بضعة أبواب من متجر شمائل انه يعتقد أن عمل قريبه سيحظى بقبول أوسع نطاقا بكثير. وأضاف "أعتقد أن الوشم سيصبح اكثر شعبية. الان بدأ يتحول الى أحد أشكال الفن." من ماثيو جرين