باندا اتشيه (اندونيسيا) : في هذه المدينة الاندونيسية التي يكتنفها الشقاء واليأس تسرد حياواتي التي يقترب حملها من أيامه الاخيرة قصة نجاة تظهر ان المعجزات يمكن ان تحدث.

كانت حياواتي (38 عاما) التي تنتظر ان تضع مولودها في الأيام القادمة بالمنزل مع اثنين من اولادها الاربعة عندما تسبب زلزال قوي في حدوث موجة مد أودت بحياة الكثيرين في مدينة باندا اتشيه في 26 ديسمبر كانون الاول الماضي.

وفي لحظة من اللحظات تأهبت حياواتي للقاء الموت. وسعت المرأة الى الاحتماء بمسجد قريب بعد ان حث سكان أصابهم الرعب الجميع على الفرار لكن مياه الفيضانات تدفقت إلى الداخل. وعندما عجزت عن الخروج رفعت أحد ابنيها على كتفيها. وغمرتها المياه حتى عنقها. وحل بها الارهاق.

وبعد مرور اسبوع مازالت حياواتي لا تصدق انها نجت بحياتها من الدمار الذي أودى بحياة 94 الف من سكان اتشيه.

كما انها عثرت على عائلتها .. بل وحتى زوجها الذي كان يعمل في كالانج وهي مدينة تقع على الساحل الغربي الذي ابيد من اقليم اتشيه حيث يقول مسؤولون ان 30 في المئة فقط من السكان قد نجوا من الطوفان.

ايضا أسبغت حياواتي رعايتها على احدى أبناء عمومتها التي عثرت عليها في مخيم للاجئين. والفتاة وعمرها 16 عاما لم تعثر على والديها.

وقالت حياواتي وهي تتحس بطنها المنتفخة وهي ترتدي الثياب التقليدية للولادة أثناء حديثها في المخيم الذي اقيم في المدينة المدمرة "ركضت مع ولدي الاثنين .

"ثم توقفت خارج المسجد وقلت لشقيقتي التي كانت تركض معي (خذي الصبيين من فضلك واتركيني هنا.أنا متعبة)."

لكن شقيقتها حثتها على مواصلة السير.

ومع تزايد حالة الذعر من حولهما انتزعت شقيقتها ابنها البالغ من العمر عشرة أعوام وأطلقت ساقيها للريح. وعاودت حياواتي الركض مع طفلها الاخر سيكنو (سبعة أعوام) الذي استبد الرعب به لكن الوهن كان اصابها كما ان المسافة باعدت بينها وبين شقيقتها. وماهي الا لحظات حتى أدركتها مياه الطوفان ودفعت بها الى داخل المسجد. ووقعت عيناها على عشرات الناس الذين كانوا يتعلقون بالسقف الخشبي لمجلس القرية .

ومع ارتفاع مستوى الماء رفعت ابنها سيكنو على كتفيها.

وقالت حياواتي وسيكنو يقف في خجل بجوارها "ثم فكرت وقلت لنفسي (حسنا اذا مت فعلى الأقل سأموت مع طفلي."

وأضافت انه في تلك اللحظة رأت دلوا يندفع الى الداخل عبر احدى نوافذ المسجد ويتجه ناحيتها.

وتذكرت المشهد قائلة "كانت قواي قد خارت. ووقفت وحسب أنظر اليه. ثم تشبست به أنا وابني. اعتقد انها كانت معجزة."

وبدأت المياه تنحسر تدريجيا وتمكنت حياواتي من الخروج. وساعدها مجموعة من الرجال هي وابنها في التسلق الى السطح. كانت منطقتها قد أصابها الدمار الكامل.

وبمحض الصدفة البحتة عثرت على شقيقتها وابنها الثاني في مسجد اخر حيث احتميا من الطوفان.

واتجهوا جميعا وقد استبد بهم الجوع والخوف الى مخيم مؤقت للاجئين داخل مجمع التلفزيون الرسمي (تي في ار اي).

وبعد يومين ظهر زوجها الذي استقل قاربا من كالانج وعثر عليها. كان قد قصد المسجد الذي فرت اليه حياواتي من الموت. وهناك أخبره سكان كانوا مازالوا يتذكرون الام الحامل عن وجهتها.

ثم وصل ابنها الاكبر وعمره 17 عاما. وكان قد فر من الأمواج العاتية على متن دراجات نارية مع أصدقاء له. اما الابن الرابع لحياواتي فكان بمدينة ميدان بشمال سومطرة عندما اكتسح الطوفان المنطقة.

وبعد ان التئم شمل اسرتها جميعا قالت حياواتي ان قلبها ينفطر لابنة العمة موردة (16 عاما) وهي طالبة بمدراسة داخلية اسلامية لفقدانها ابويها جراء أمواج المد.

وأضافت حياواتي قولها "يمكنها ان تأتي معنا الان."

وبدت موردة هادئة وان كانت مازالت ترتعش بشكل واضح وهي ترتدي حجابا أزرق اللون وقالت انها تود ان تصبح طبيبة رغم انها لا تعرف كيف سيمكنها دفع تكاليف تعليمها.

وقالت حياواتي "سنساعدها رغم اني لا أعرف كيف." مضيفة انها تعد الأيام لرؤية طفلها الخامس.