رانية الاخضر من ستكهولم: غنت لام كلثوم فأذابت جليد الغربة بحنجرتها الدافئة، أدمعت دموع الحاضرين بصوتها العذب الذي أرجعهم الى أوطانهم بحنين وشوق فرضته أغنية على بدلي المحبوب وديني. لم يكن حضور مغنية الاوبرا المصرية ريهام عبد الحكيم على مسرح سودرا في العاصمة السويدية ستكهولم الا حضورا استثنائيا لصوت استثنائي ايقظنا من حالة الهذيان الموسيقى الذي يعيشه العالم العربي. غنت ريهام عبد الحكيم ابنة الاثنين والعشرين ربيعا لتثبت مجددا ان أصالة الصوت العربي بطاقاته وابداعاته لم ينقرض رغم استفحال موجة الغناء الصاخب الذي تحركه الاجساد، اما الكلمات ليس الا "صفصفة كلام والسلام".

جالت بصوتها ارجاء المسرح الذي اكتظ بالحضور لمدى يومين. جاء ابناء الجالية العربية لسماع اغنيات طالما اطربتهم وكانت رفيقة دربهم في مشوار الغربة القاسي، ونجحت ريهام في نقلهم الى زمن الغناء الاصيل الذي بتنا نفتقده. واللافت في الامسية الغنائية هو الحضور الكثيف للسويدين الذين حضروا ليتذوقوا الحس الموسيقي الشرقي والغناء الراقي وان كانت الكلمة غير مألوفة على مسمعهم. الا انها تسللت الى احساسهم بسهولة وصفق السويديون شبابا وكهولا مرارا وتكرارا كلما انتهت ريهام من كوبليت لتنتقل الى آخر. واستطاعت ان تتواصل مع الحضور على اختلاف اعراقهم وجذورهم لتكرس المفهوم السائد بأن الموسيقى هي لغة توحد الشعوب. وهو ما بدد مخاوف ريهام وقلقها حين أطلت لاول مرة العام الماضي من على خشبة المسرح نفسه، وتقول في حديث لـ "إيلاف" عندما دعيت العام الماضي لاحياء حفلة طربية خاصة بالسيدة ام كلثوم وتساءلت كثيرا هل سيجذب الطرب الشرقي إحساس السويدين وكنت خائفة جدا من ان اطل على المسرح ولا ارى جمهورا وافيا". ولكن مخاوف ريهام تبددت في اللحظة التي أطلت بها على جمهور كان عدد السويديون فيه يساوي عدد العرب. وهذا ما شجع ادارة المسرح على دعوة ريهام مجددا هذا العام والاقبال كان بنفس النسبة حيث نفذت البطاقات قبل شهر من موعد الامسيتين.

رافق المطربة الشابة، عزفا، كل من محمد محمد على الفيلون، محمد فوده على الريد، محمد السيد على التامبورين، إيهاب سعفان على الفيلون، محمود بدر على التشيللو، محمد عباس على القانون واحمد عبدالهادي على الدبل باس. استهلت الامسية بأغنية الفوازيرالتي تعود لبدايات مشوار ام كلثوم وانتقلت الى لسا فاكر ومن ثم قدمت مجموعة مقتطفات من اغنيات عدة لسيدة الطرب، وعرجت الى أغنيةعلى بلدي المحبوب ومن ثم غنيلي واختتمت الامسية بأغنية انت عمري. وكما كان متوقعا رفض الجمهور ان تغادر ريهام المسرح، وبدأ التصفيق والصفير لمواصلة الغناء ، فأعادت غناء المقطع الاخير من انت عمري وبها ودعت ريهام جمهورها في السويد.

ريهام التي اكتشفت والدتها موهبتها في سن السابعة انضمت منذ الصغر الى كورال الاطفال في دار الاوبرا المصرية واعتادت الغناء امام الجمهور منذ نعومة حنجرتها مما اكسبها ثقة عالية بنفسها. وها هي تحضر لالبومها الاول ، محاولة المزج بين الاغاني الطربية الاصيلة والشبابية علها تجد لها مكانا في مرحلة لم يعد فيها للاصالة مكانة. وتختم حديثها لـ "إيلاف"، "تفاعل الجمهور الرائع مع ما قدمته يدفعني الى التمني بأن ازور السويد كل عام".