مسقط: تتجه وزارة الصحة في سلطنة عمان إلى إعداد استراتيجية وطنية لمكافحة الإيدز في بداية العام الحالي 2005، على أن يبدأ تطبيقها عمليا في نهاية هذا العام، وتكون مدتها خمس سنوات بحيث تتزامن مع الخطة الخمسية السابعة لوزارة الصحة. وتؤكد الوزارة أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى وضع كل الجهات المعنية في السلطنة من مؤسسات حكومية وأهلية، والمجتمع والمدرسة والأسرة، في إطار متكامل لمكافحة هذا المرض الذي يهدد كل فرد في العالم، بحيث تكون عملية المواجهة له جماعية ومنظمة، وأن لا تعتمد فقط على جهود وزارة الصحة في هذا المسعى.

وفي هذا السياق يقول الدكتور علي باعمر رئيس قسم العوز المناعي المكتسب بوزارة الصحة أن كل جهة تستطيع أن تؤدي دورا معينا في هذا المجال، مشيرا على أنه يمكن لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية مثلا أن تنفذ هذا البرنامج في مجال التوعية الدينية، فيما تستطيع وزارة التربية والتعليم أن تقوم بدور في مجال تربية النشء على السلوك الصحيح، كما أن مشاركة وسائل الإعلام ستكون أكثر وضوحا في الفترة القادمة لتوعية الناس، الأمر الذي يجب على كل جهة أو مسؤول أن يتحمل مسؤوليته في إطار سياسة وطنية متكاملة، حتى يكون هناك مجتمع واع بخطورة هذا الداء. وأكد أن الهدف من ذلك بأن يكون لدى النشء ليس فقط معلومات كاملة عن المرض وطرق انتقاله، ولكن نريد أيضا أن يعلم أين يحصل على المساعدة المعرفية (مثلا من أين يحصل على المعلومات الصحيحة عن المرض)، وأن يمتلك المهارات الصحية والسلوكية لمواجهة أخطار هذه الأمراض، وأن يقول (لا) للسلوكيات الخاطئة ولرغباته الذاتية التي قد تجره إلى الإصابة بهذا المرض.

وكشف المسؤول أنه من خلال التجربة والاستبيانات والدراسات التي أجرتها الوزارة خلال السنوات الأخيرة، تبين أن 39% من الشباب لديهم المعرفة عن الإيدز، لكن تنقصهم المهارة الكافية لقول (لا) في مواجهة الأخطار والسلوكيات الخاطئة، لذلك بدأت الوزارة مشروع تثقيف الأقران ومن ثم وضعت الخط الساخن، كما أنه في كل عام يتم وضع برامج لمكافحة الإيدز ضمن الخطة الخمسية للوزارة. وأوضح المسؤول أن تثقيف الأقران يقصد به توعية مجموعة من الأفراد متجانسة في الأفكار والأعمار والجنس، بحيث تكون أفكارهم قريبة من بعضها عندما يتحاوروا ويتناقشوا، مما يزيد من إمكانية التأثير والتأثر، مضيفا لقد بدأنا برنامج تثقيف الأقران في المدارس، لمجابهة أصدقاء السوء الذين يجرون أصدقاءهم للسلوكيات الخطرة، بأصدقاء مثقفين لديهم معلومات كافية عن مخاطر هذه السلوكيات. ومن ثم رأينا تطبيق هذه الفكرة في الجمعيات النسائية، وسيتم تدريب مجموعات من اللجان ومجالس الإدارة، ليقمن بدورهن في توعية النساء الأخريات عن طريق التجمعات النسائية، وقد بدأنا بطرح البرنامج في بعض الجمعيات النسائية للمرأة في مسقط وسنواصل في العام القادم مع الجمعيات الأخرى.

وأشار إلى أن اليوم العالمي لمكافحة الإيدز ركز في العام المنصرم على المرأة، لأنها اكثر عرضة للإصابة بالإيدز بمعدل مرتين ونصف عن الرجل، وذلك لعدة عوامل منها اقتصادية واجتماعية وفيزيولوجية، مضيفا أن هناك أيضا فكرة الاستفادة من مجالس الآباء والأمهات، لتدريبهم بحيث يقوموا بنشر هذه الرسالة وسط الآباء والأمهات سواء عبر اجتماعاتهم أو بث رسائل معينة. كما قامت الوزارة بمشاركة المرشدين والمرشدات في البرنامج وذلك بالتعاون مع الهيئة القومية للكشافة والمرشدات، مشيرا على أن هناك 700 مرشد ومرشدة يقومون بالتوعية في المخيمات والمعسكرات الطلابية الصيفية والشتوية.وطالب الدكتور باعمر المصابين بفيروس الإيدز بأنه من الأهمية أن يتواصلوا مع الأطباء المعالجين والمرشدين النفسيين في مناطقهم للحصول على الأدوية الضرورية للحد من انتشار الفيروس في جسمهم، وتساعدهم على تقوية المناعة لديهم، بحيث يبدأ المريض بأخذها عندما يقرر الطبيب المعالج ذلك، مشيرا إلى أنه تم تدريب الأطباء الأخصائيين بالمستشفيات المرجعية على هذه الأدوية، ليكونوا على بينة بآخر التطورات العلاجية لهذا المرض، الأمر الذي يتطلب من مريض الإيدز أن يفحص مستوى مناعته لأخذ الدواء الذي يساعد على توقف تدهور المناعة، فالشخص عندما تكون مناعته جيدة يستطيع أن يعيش حياة طبيعية، وأن يقوم بأداء عمله وواجباته الأسرية.

كما أكد المسؤول العماني على ملاحظة هامة وهي أن مرضى الإيدز لا يحتاجون إلى تخصيص أماكن لهم في المؤسسات الصحية للعلاج من الأمراض غير المعدية التي يعاني منها بقية الناس، أما في حالة إصابتهم بأمراض معدية كالسل وغيرها فيتم عزلهم، موضحا إننا نشجع الأشخاص المصابين بالإيدز على الاتصال بالمرشد النفسي إذا أرادوا الحصول على أي خدمة علاجية، حيث سيقوم المرشد بالاتصال بالطبيب المختص وشرح حالة المريض، ومن ثم أخذ موعد معه، ليذهب مباشرة إليه لأخذ العلاج المناسب، وبهذه الطريقة نحافظ على سرية حالة المريض. يذكر أن العدد التراكمي لحالات الإيدز المسجلة في سلطنة عمان بلغ في نهاية شهر أكتوبر من العام الماضي 2004 نحو 902 حالة من مرضى الإيدز و الحاملين لفيروسه الأحياء وفق البيانات الصادرة عن وزارة الصحة، بينما كان عدد المصابين في عام 2003 قد بلغ 846 حالة منذ أن تم الإبلاغ عن أول إصابة بمرض الإيدز في السلطنة عام 1984 وتوالى بعد ذلك اكتشاف الحالات الجديدة.