حوار شامل مع الدكتور رفعت السعيد:
الإخوان المسلمين ومصر الفتاة قدموا خدمة جليلة للحركة الصهيونية

لم تكن هذه هي المرة الأولي التي ألتقي فيها بالدكتور رفعت السعيد، فسبق وإلتقيته منذ سنتين أو أكثر، فأنا من المعجبين بفكره وبأسلوبه السهل الممتنع، وهو دائما يلقاني بتواضع نادراً ما تجده في شخص بثقل د. رفعت السياسي والفكري، فهو أحد مفكري مصر الأحرار، وهو الرجل الثاني بعد خالد محيي الدين أحد أعضاء مجلس قيادة ثورة 23 يوليو في حزب التجمع، وهو لا يمشي

إلا بالحراسة لأن المتأسلمين سادة القتل والإرهاب لن يتورعوا عن قتله لو ظفروا به. أجريت معه الحديث في جو من البساطة و المرح حيث تخلل الحديث شيء من الدعابة وأهداني مجموعة كتبه وآخرها كتابه "المتأسلمون ماذا فعلوا بالإسلام وبنا" وخرجت من عنده وأنا سعيد بهذا الحديث الفكري الدسم، وكان مازال عندي كثير من الأسئلة التي أود طرحها عليه لأستزيد من علمه وفكره وأفيد القراء به، لكن وقته الثمين وكثرة مشاغله لم تسمح بالإجابة، وأجريت هذا الحديث معه على جلستين، وكلي أمل أن ألقاه مرة أخرى.

في الطفولة كان الأب لنا مخيفاً
* متى وأين ولد د. رفعت السعيد؟
- أنا ولدت في 11/5/1932 في مدينة المنصورة.

* ما هي ذكرياتك عن الطفولة ؟
- طفولتي كانت عادية، طفل من أسرة موسرة، ولكن ليست أرستقراطية يمكن أن تقول إنها أسرة فوق المتوسطة، لكنها امتازت أنها كانت تسكن في حي، كان يسكنه أغنى الناس أسمه "منتزه الكناني" وكان جدي يرث ورشة ميكانيكية وهى الأولى من نوعها في الوجه البحري في عهد محمد علي فورثها أبوه من جده، وبما أن هذه الورشة هي محور الاستقلال عن العائلة بنى البيت فوق الورشة، فكنا ‘نعامل في الحي على أننا أولاد الحاج محمد السعيد الذي كان أكثر الناس رهبه وثراء في الحي، كنت ابن السابعة أو الثامنة وكان ذلك في بداية الأربعينات، وأسرتنا كان لها تقليد وهو ألا تقسم الميراث للآخرين بطريقة تكفل أن تذهب الورشة للإبن الأكبر. فمثلاً كان عنده ابنين فبنى ماكينة طحين وأحاطها بمزرعة كبيرة لتتساوى مع الورشة واشترى بيوت للبنات وبنى لكل واحدة بيتاً لتأخذ نصيبها. بحيث أنه عندما مات فوجئوا بأنه قد سجل في المحكمة المختلطة بيعاً وشراء نصيب كل واحد في الميراث. لكن ونحن صغار كان الأب بالنسبة لنا مخيفاً، لا يخيفنا نحن فقط بل يخيف الحي كله، كنا نلعب كورة شراب في الشارع، فجأة نجد جميع الأطفال يهرعون من الشارع. لماذا؟ لأن الحاج محمد ظهر في الشارع. فكنت أجرى معهم أنا أيضاً.

والدتي كانت ترتجف من كلمة سياسة
* كم كان عدد أفراد الأسرة؟
- كنا ستة وخدامتين فنكون ثمانية، والدتي كانت سيده بسيطة جداً طيبة القلب، ولا تهش ولا تنش، مستسلمة لسى محمد، وهى بالمناسبة أبوها شهيد، فكانت ترتجف من كلمة سياسة لأن أبيها كان تاجر قطن كبيراً وخرج للمشاركة في المظاهرة للمطالبة بالدستور سنة 1930 التي كان وقتها النحاس باشا يزور المنصورة ‘فضرب رصاصه فمات. ولم يتذكره أحد، وإن كانت حكومة الوفد عندما أتت عام 1936 عملت نصب تذكارياً، وأتذكر أن أمي كانت تصحبني كل يوم جمعه لقراءة الفاتحة عند النصب التذكاري الواقع في منتزه الكناني مكتوب عليه "استشهدوا في سبيل الوطن" ومكتوب أسماء الناس الذين استشهدوا منهم، وكان من بينهم جدي، ويمكن أن يكون هذا أحد الأسباب التي جعلتني أعمل بالسياسة بعد ذلك، لأنني كنت ناقماً على كل البشر من الحكام، لأنه عندما أتت حكومة إسماعيل صدقي سنة 1946 أمرت بتدمير النصب التذكاري، لأنه هو الذي أمر بقتل الناس، وكنت أمر يوماً فوجدتهم يهدمون النصب التذكاري، فترك ذلك أثراً سيئاً وجرحاً في نفسي.

أبي رجل خير، لكن لم يعمل بالسياسة
* كم كنت تبلغ من العمر وقتئذ؟
- في عام 1946 كان عمري 14 سنة، بعد ذلك بسبعة أشهر كنت منتسباً إلى منظمة الحركة الوطنية للتحرر الوطني. أبى رجل خير وكان وفدياً، لكن لم يعمل بالسياسة، وكان لديه في الورشة "حنفية" وكانت كل نساء الحي تأتى لتأخذ الماء النقي، وإذا كان هناك خلاف بين رجل وزوجته كان أبى هو الذي يصلح ما بينهما، وكان أمره مطاعاً. أما في المنزل فنحن قطط، كنا عفاريت، فكان المنزل لعب وشقاوة وتنطيط. كيف يمكن أن نسمع وسط كل هذا الضجيج حكة جزمه الوالد في عتبة السلم. في لحظة تجد الستة أولاد كل واحد اختفى وجالساً وفى يده كتاب ولا تجد إلا الصمت الرهيب.

فتوة القرية فض بكارة زوجته في الشارع أمامنا
• هل كان الوالد يضربك؟
أبداً.. أبداً لم يضربني أبداً، وكانت والدتي تنهاني فقط بالكلام، الوالد كان هو محور الأسرة، والورشة هي محور الأسرة، وكان يفهم عمله بشكل أكثر من ممتاز، حتى أنه عندما كانت تتعطل إحدى الماكينات ويأتي مهندس كان يبين له أشياء في عمله. مثل المايسترو الذي يعرف كل نغمة آتية من أي آله، هذه الطفولة كان يشوبها شيئان الأول: أنه كان بجوارنا حي فقير، فكنا نذهب إليه لنري عالماً غريباً، كان الحصان يقف أمام باب المنزل والنساء يزلن شعر اليدين والرجلين والحواجب في الشارع والأحياء. وكان لهذا الحي فتوتان، الأول أسمه مسعد الحسنى والآخر محمد عسران، وكانت تؤلف للفتوه الأغاني، محمد عسران تزوج امرأة، وشاعت شائعة أنها ليست بكراً فقرر أن يبين للحي أجمع أنه ليس عبيط، ففض بكارتها في الشارع أمام أعين الناس، ونحن واقفين في ذهول ولك أن تتخيل أن يحدث ذلك في الشارع، وتكونت لنا صداقات مع أولاد هذا الحي حيث كنا نلعب معهم ونحقد عليهم.

كنت أحقد على حرية أولاد الحي الفقراء
* لماذا كنت تحقد عليهم ؟
- لأنهم أحرار، لا أب يخيفهم، ولا يهمهم ساعة معينة يعودون فيها للمنزل، ولا يسألهم أحد لماذا أتسخت ملابسهم، فكنت أحقد على حريتهم وكانوا يسهرون في الشارع كما يشاءون ولا يذاكرون دروسهم وكان لي صديق حميم منهم اسمه عياش. عندما دخلت المدرسة الثانوية وتغير الزمان، وكنت ألبس بنطلون طويل، وهو عربجي حنطور، فكان يلقاني وينادي على: إزيك يلا، وبعد أسبوعين يناديني : إزيك يا أستاذ، وبعد أن كبرت أصبح عندما يراني يدير وجهه في الجهة الأخرى.
وتفرقت السبل. تعلمت من هذا الحي الشقاوة بغير حدود، وأذكر لك واقعة واحدة فقط، كان لنا صديق أسمه جمال عزت وكان أبوه قريباً لنا، وهو تاجر قماش وكان يسمى وقتها تاجر "ماني فاتورة" وكان سوق القماش يسمى سوق الخواجات، وكانت المحلات كثيرة ومتلاصقة وكنا نمر صباحاً على بعضنا البعض للذهاب إلى المدرسة وكانت الإشارة هي الصفير لكي نتجمع، وانتظرنا حتى ذهب جمال إلى المدرسة، وكتبنا على ورقة أنتقل إلى رحمة الله الحاج عزت أبو جمال صديقنا وألصقناها على باب محله، فذهب كل التجار إلى منزل الحاج عزت للعزاء ويقولون: لا إلاه إلا الله الحاج كان معانا امبارح.. لا حول ولا قوة إلا بالله، وعندما وصلوا إلى بيت الحاج عزت، وجدوه هو الذي يفتح الباب فذهلوا.. هذا يدل على الشقاوة التي استقيناها من طبقة اجتماعية مختلفة تعايشنا معها وكنا منبهرين بها.
الشيء الآخر معقد جداً ولا يمكن أن أشرحه لك الآن، فعمى أخو أمي من الأم، وأخو أبى من الأب وكذلك عماتي، وكانت هذه الحالة نادرة جداً، وكان هناك عرف سائد في قريتنا ولا أعرف إن كان لازال سائداً أم لا. فكان العرف يقول: من كان عمه خاله تكون يده مبروكه، وأنا لي أخ أكبر منى لا تقدر عليه أمي.
كنت أشفي المرضي في صغري لأني كنت مباركاً

* كنت الابن رقم كم في الأسرة؟
- كنت الثالث، وكانت والدتي تقول لي: إن ربنا ها يبارك لك، وأنه يحبك وسيدخلك الجنة، وأنت مبارك، وكنت عندما ألمس المرضي ‘يشفون، ولا أعرف عندما كنت ألمسهم كيف يشفون. أتوا لي برجل رجله مجزوعه (أي مقصوعة) وسخنوا زيت الكافور ودعكت له رجله وشفى. وأصبحت شيخاً أو ولياً، وكان هناك الشيخ محمد رفعت قارئ القرآن في ذلك الوقت. وأخذت لقب الشيخ رفعت الذي يشفى مرضي الحي. وعندما استقام عودي تمردت على هذا الوضع.

اشتغلت بالسياسة بالمصادفة البحتة
* ما هي العوامل التي أثرت في فكر د. رفعت؟ وكيف عملت بالسياسة؟
- كنت شاباً عادياً جداً، والدي رجل ثرى كل ما أريده موجود. أما كيف عملت بالسياسة ؟ بالمصادفة البحته سنة 1947 وكان عمري 15 سنه. كان لنا صديق دكانه يقع أمام المدرسة، فكان باب الدكان أمام باب المدرسة وكان الدكان اسمه عزراً جويج، وكان في المنصورة جالية يهودية كبيرة وكان لهم معبد كبير في المنصورة. عزراً جويج هذا كان يصنع الحلويات الحمصية والسمسمية، وكانت تسمى باسمه فلا يقول الناس حلويات لا بل يقولون عزرا جويج، مثلاً الجيلاتي، ينادون محمد عيد. أي ينادون باسم الرجل الذي يعمل الشيء. فكان الناس يمرون وينادون عزرا جويج.. عزرا جويج، ونحن كنا أصحابه فكان يعطينا الحلوى وهى لازالت ساخنة ولم تقطع بعد، وكانت لذيذة الطعم واستمرت صحبتنا له.
القضية الفلسطينية كانت هي نقطة التحول في عام 1947
وفجأة التهبت القضية الفلسطينية في أواخر عام 47 حيث بدأ تقسيم فلسطين، وبدأت تخرج المظاهرات من المدرسة ويقودها الإخوان المسلمين وحزب مصر الفتاة ويهتفون:
فلسطين بايعناك
وعين الله ترعاك
وشباب النيل يحميك
وخرجت في المظاهرات، وفجأة وعندما خرجنا من المدرسة، إذ بعاصفة من الطوب تنهال على محل عزرا جويج لأنه يهودي، فهو مسكين كان كالفأر المذعور فأغلق باب المحل الصاج، وتعود أنه بمجرد أن يسمع الهتافات في المدرسة فيسرع بإغلاق باب المحل على نفسه، ويقذفه الطلبة بالطوب حتى يملون، وكان يصعب عليّ عزراً جويج لأنني لا أجد مبرراً لضربه، وتعاطفت معه لأننا أصحاب ونضحك ونهزر معاً. وفى هذا الوقت لم يكن لي أي نشاط سياسي ولا سمعت كلمة صهيونية ولا أعرف ماذا تعني، وفى يوم وجدت مجموعة من الطلاب خرجت من المظاهرة ووقفوا صفاً متشابكين الأيادي لحماية محل عزراً جويج، ووقفت معهم لأنني اعتقدت أن هؤلاء الشباب مهذبون ويحبون عزراً جويج، فوجدت أن المخبر الدائم أمام المدرسة وأسمه "عم مصطفى" الذي نعرفه جيداً أخرج ورقة وقلم كوبيا وبلله بلسانه وبدأ يكتب أسماء الواقفين، وكتب أسمى واشتهرت بهذا الأمر.

كان الهجوم على اليهود المصريين جريمة لصالح الصهيونية
في اليوم التالي وجدت الطلبة ينادوني أهلاً يا "رفيق" فسألت ما معنى"رفيق" فقالوا: أنت شيوعي لأنك وقفت مع الشيوعيين أمس. كانت الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني في ذلك الوقت "حدتو" ترى أن الهجوم على اليهود المصريين هو جريمة فوق أنها جريمة غير إنسانية هو جريمة لصالح الصهيونية، ذلك أن مصر كانت وقتها بها 40 ألف يهودي، من كبار المثقفين ويعتبرون جزء من الصفوة المثقفة، وكان رأيها أن علينا أن نحتفظ بهؤلاء لكي لا يصبحوا وقوداً لصالح إسرائيل، وكانت الحركة اليهودية منقسمة. وأنا عرفت ذلك بعدين عندما اشغلت بعلم التاريخ. كانت منقسمة بين اثنين : رينيه باشا قطاوى الذي كان رئيس الجالية اليهودية وكان يعتبر اليهود مواطنين مصريين، وكان يرفض الهجرة إلى إسرائيل لأنهم لا يقبلون أن يكونوا في بلد يحارب مصر، وكان هناك رجل ثاني هو : مستر ليون كاسترو كان رئيس جمعية أسمها "جمعية الصهيونيين بمصر" وكان يرى أن الصهيونيين المصريين مقيمون هنا في مصر ترانزيت، وسيطروا على الأندية في الإسكندرية والضاهر، ويسعون إلى تجنيد الشباب حيث يتم سفرهم إلى قبرص ومن قبرص إلى إسرائيل ويذهبون إلى الهاجانا وغيرها، كل هذه المنظمات كانت تجند الشباب من مصر وترسله إلى إسرائيل، اكتشفت بعد ذلك كل هذه المنظمات والمراسلات وليون كاسترو.

الإخوان المسلمين ومصر الفتاة قدموا خدمة جليلة للحركة الصهيونية
وكان رأى "حدتو" أن الإخوان المسلمين ومصر الفتاة يقدمون خدمة جليلة للحركة الصهيونية إذ يدفعون اليهود للاعتقاد بأن الإقامة في مصر خطر عليهم مما دفعهم للسفر والانضمام إلى الحركة الصهيونية. فشكلت "حدتو" في ذلك الوقت "الرابطة الإسرائيلية" لأن كلمة إسرائيلي في مصر كانت بدل كلمة يهودي. ولا تستخدم كلمة يهودي، منذ زمن العثمانيين نجد الديانة مكتوب فيها إسرائيلي. فكان أسمها "الرابطة الإسرائيلية لمكافحة الصهيونية" فهمت كل ذلك بعدين. فوقفت مع الزملاء للدفاع عن عزراً جويج. واقترب منى شخص وقال لى: نحن متشكرين لأنك ساندتنا. من أنتم؟ قال: نحن "حركة الديمقراطية للتحرر الوطني"، ماذا تبيعون؟ قال: نبيع هذا وأعطاني مجلة "الجماهير".

* منذ ذلك الوقت بدأت تعمل بالسياسة؟
- على حرف الهامش، ليس على الهامش، على حرف الهامس، وفجأة ونحن نلعب في الشارع حيث كان عمري 15 سنة وألعب مع أصحابي وأهزر وجدت عربة حنطور وقفت ونزل منها سعد الكنوستبل، ومعهم عم مصطفى المخبر ودخلوا بيتنا. يا نهار أسود. جريت وجدت أبى خارج، سألت وعرفت إن سعد الكنوستبل ذاهب لمقابلة بابا وقال له إن عنده أمر بتفتيش المنزل، فقال له والدي:فتش، فقال له : عيب ولم يفتش المنزل.

* كانوا يفتشون عن ماذا؟
- على أنا. في هذه الأثناء كنا في العام 1948 وألقى القبض عليّ في المنصورة لأول مرة في قضية شيوعية. وكان رئيس النيابة صديق والدي. فوجدني أدخل عليه وأنا لابس شورت، فليس لدى بنطلون طويل، فماذا أفعل؟
فصاح غاضباً : أنتم قابضين على مجموعة عيال، إمشى روح، فخرجت وأنا على السلم أمسكوا بي وقالوا تروح إزاى أنت متهم. فعادوا بي إلى رئيس النيابة وقالوا له: إنني متهم فأفرج عنى بلا ضمان، حيث لم يكن لي حتى بطاقة شخصية وكتب: يخلى سبيله بلا ضمان. فحجزوني وطلبوا لي أمر اعتقال. كل من دخلوا معي الحجز وخرجوا توقفوا عن العمل السياسي بعدها، أما أنا فأكملت العمل السياسي بعد خروجي.
أنا لست نادماً على عملي بالسياسة
* نستطيع القول إنه ابتداء من هذه الواقعة بدأت الانخراط في العمل في المجال السياسي. فهل أنت نادم على عملك بالسياسة. بمعنى أنه لو عاد بك التاريخ إلى هذه الفترة هل كنت تختار العمل السياسي أم تتركه ؟
- أنا لست نادماً على العمل بالسياسة، وهذه هي صورتي وأنا بالسجن (وأشار على صورة له معلقة أمام مكتبه وهو شاب بملابس السجن).

كتبت رواية "السكن في الأدوار العليا" في رأسي وأنا بالسجن
* كم مرة دخلت السجن ؟
- أول مرة دخلت السجن كانت في عام 1948 عقب الأحداث التي ذكرتها،وخرجت في أوائل الخمسين مع حكومة الوفد، ودخلت بعد ذلك قبل حريق القاهرة، ودفع أبى رشوة لحافظ عفيفي لكي أخرج وأؤدي امتحان التوجيهية " الثانوية العامة "، وكان أبى يريد أن يدفع أي مبلغ حتى أحصل على الثانوية العامة وبعدها يرسلني للخارج، فخرجت في أواخر يونيو، وذاكرت في تحد غريب جداً ونجحت بأعجوبة، لأنني ‘مسكت المرة الأولي في يناير 1948و كان عمري 14 عام، ونجحت في الثانوية العامة، ودخلت كلية الحقوق، ونقلت نشاطي السياسي إلى القاهرة، وقعدت سنة واحدة من 1952 نجحت من أولى وانتقلت إلى السنة الثانية و 53 و 54 ديسمبر و‘قبض على لأنني عملت بانتظام وأصبحت زعيماً و أصبحت مسؤولاً عن جامعة عين شمس، وكان أسمها وقتها "جامعة إبراهيم باشا الكبير" وكنت مسئول طلابها، وكنت في هيئة المكتب القيادية الخاصة برابطة الطلاب الشيوعيين، يعني أصبحت معلماً كبيراً.وبرغم المراقبة التي كانت مفروضة علىّ بعد خروجي من السجن استطعت كسرها، فالرفاق إتمسكوا ويتعين أن نواصل المسيرة، هذه الواقعة يمكن أن نقرأها في الرواية التي كتبتها في السجن و اسمها "السكن في الأدوار العليا".
قبض على مرة أخرى، وذهبنا إلى المحكمة العسكرية العليا برئاسة الفريق هلال عبد الله هلال، وأخذت حكم بخمس سنوات أخرى سجن وانتهوا الخمس سنوات وأفرجوا عنى، بمعنى أنهم قلعوني البدلة الزرقاء وألبسوني بدلة بيضاء. وكان ذلك في الواحات وهذه صورتي وأنا بالسجن في هذا الوقت (يشير د. رفعت بأصبعه علي صورة له وهو شاب في السجن معلقة علي الحائط أمام مكتبه)، حيث صورونا من جديد لأنهم أحسوا أن أشكالنا قد تغيرت فقرروا تغيير ملفاتنا، فسرقت هذه الصورة وأضعها أمامي الآن لأتذكر الأيام الخوالي. خرجت في إبريل 1964،خرجت وسني 32 سنة طالب في العام الثاني من كلية الحقوق، وعندي عقدة أن كل زملائي تخرجوا وأصبحوا وكلاء نيابة، فأكملت دراستي وعملت بأخبار اليوم وواصلت حتى أخذت الدكتوراه.

لم أستطع تسجيل رسالة الدكتوراه بسبب عبد الناصر
* ما هو موضوع رسالة الدكتوراه ؟
- بدأت أسجل الدكتوراه بعد أن أخذت الحقوق، وأخذت دبلوم قانون دولي عام، وأخذت دبلوم اقتصاد وبعديين قررت أن أعمل رسالة دكتوراه بعنوان " الآثار المقيدة للحرية في دستور 23 وما تلاه من دساتير" طبعاً في ظل حكم عبد الناصر لم يستطيع أحد أن يسجل لى رسالة الدكتوراه، ولففت عليهم واحداً واحداً، فكان الرفض منهم جميعاً، حتى إن أحدهم قال لي : أنت أهبل أم مجنون، وبالمصادفة كنت بدأت أنشط عبر الأستاذ خالد محيى الدين في حركة السلام، فالتقيت بمستشرق كبير وهو بروفسير من أشهر المستشرقين وطلب منى عمل الدكتوراه عندهم، وبدأت أدرس ووجدتني داخل في تاريخ الحركة الشيوعية، فالآثار المقيدة للحرية كلها كانت في ذلك الوقت منصبة على الشيوعية، فتعمقت أكثر في تاريخ الشيوعية، فقال لي المستشرق: اعمل رسالة تاريخ عن تاريخ الحركة الاشتراكية في مصر، قلت له لكن أنا قانون، قال : لا ضرر. هنا مسموح بعمل دكتوراه في المجال الذي تريد، وعملت دكتوراه في العلوم وأثبت أنه لا توجه ماركسية واحدة بل هناك ماركسيات عدة، وأن كل بلد له ماركسيته الخاصة، فأخذت دكتوراه العلوم ومكثت 14 عام في الدراسة مع هذا المستشرق، وكان كل عام يطلب منى دراسة ولابد أن تكون دراسة منشورة فيقول مثلاً : عاوز دراسة عن الحركة السياسية في مصر فعملت كتابين :"سعد زغلول بين اليمين واليسار"، "مصطفى النحاس السياسي الزعيم والمناضل"، عاوز دراسة عن الإخوان المسلمين، عملت"حسن البنا متى وكيف ولماذا؟" وهكذا إلى أن انتهيت عملت دفاع. دفاع عن ماذا؟ عن حقي في أن أسجل الدكتوراه، وقبلوني أنا كشخص يصلح للرسالة ورفضوا الرسالة، هذه الدكتوراه عملتها بالعند في الجامعة المصرية لأنها رفضت أن تشغلني كمدرس، فعملتها عنداً فيهم، فكنت أنا الوحيد في مصر الذي أخذ بروفسيرشيب ليس بالترقية من الجامعة بل أخذتها عبر رسالة نادرة في علم التاريخ التي هي رسالة دكتوراه العلوم في علم التاريخ.

الحكام العرب انسحبوا من قضية فلسطين بعد سقوط بغداد
* ما هو دور المثقفين العرب بعد انهيار المشروع القوى والإسلامي بسقوط بغداد؟
- لا يوجد شيء اسمه مثقفون مصريون وعرب، فكل واحد يتوقف على موقفه السياسي والاجتماعي والفكري والمذهبي، فهناك حدثان كبيران هما: غزو أمريكا للعراق، والصراع بين أبو عمار وأبو مازن (الحوار تم قبل أن يستقيل أبو مازن من رئاسة الوزارة)حيث الحكام العرب وَجفون مما حدث في العراق، فوجدوا الحجة في أن ينسحبوا من القضية الفلسطينية التي ظلوا طوال عمرهم يقولون أنها قضيتهم المركزية،ويقولون أن الفلسطينيون يتشاجرون الآن على فتات السلطة ماذا نفعل لهم، ولم يبق سوى مصر، لأن القضية الفلسطينية تمثل عمقاً أمنياً لها.

الشيخ الغزالي هاجم شعار "الدين لله والوطن للجميع"
* ذكرت في كتاب " الإرهاب إسلام أم تأسلم " أن الجماعات الإسلامية تعتبر الأقباط هم الحائط المائل في مصر، يضربونه كلما ضغطت عليهم السلطة، وهم يعدون الأقباط رهائن لديها " فما هي جذور الفتنة الطائفية التي تهب علينا رياحها من آن لآخر؟
- هذه الفكرة قديمة جداً وربما كانت موجود منذ بدايات جماعة الإخوان المسلمين، عندما تحدثوا عن حملات التبشير والتنفير، والحقيقة تكشف الأمر عن أنه كانت توجد حملات تبشير فعلاً، لكن لم تكن موجهه للمسلمين، وإنما كانت موجه للأرثوكس ليتحولوا إلى بروتستانت أوكاثوليك، لكن على أي حال المرحوم الشيخ الغزالي له أحد الكتب يهاجم فيه فكرة الوحدة الوطنية ويهاجم فيه شعار " الدين له والوطن للجميع " وقال إن ثورة 1919 قامت على أساس خاطئ هو شعار " الدين لله والوطن للجميع" وظهر في مجلة "الدعوة " ربما في آخر عدد من أعدادها سنة 1981 حيث نشرت فتوى لمفتى جماعة الإخوان المسلمين عندما ‘سئل عن ما حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام؟ فأفتى بأن الكنائس على ثلاثة أنواع : البلاد التي ‘فتحت صلحاً وهذه تبق فيها الكنائس والبيع ولكن لا يجوز إصلاحها أو ترميمها أي تبقى على حالها، والبلاد التي ‘فتحت عنوه فلا يجوز وجود كنائس أو بيع فيها، أما البلاد التي استحدثها المسلمون مثل المعادي والعاشر من رمضان وهليوبلس والعباسية وكل البلدان التي أستحدثها المسلمون فلا يجوز بناء الكنائس فيها.

الجماعات الإسلامية استحلت أموال المسيحيين باعتبارهم كفره
* هذا شن للحرب على إخواننا ومواطنينا الأقباط واضطهاد ديني مرفوض سواء من المجتمع الدولي أو من مواثيق حقوق الإنسان. فهذه فتوى إرهابية مرفوضة جملة وتفصيلا؟
- نعم أتفق معك، فالأقباط مواطنون لهم كل حقوق المواطنة وليسوا رعايا،فإذا قام أحد الأشخاص وحرق كنسية تكون هذه الفتوى هي الموجه الأساسي له، لكن الجماعات الإسلامية ركبت هذه الفكرة تركيباً أكثر خطأ وإجراماً عندما أعلنت استحلال أموال المسيحيين باعتبارهم كفره، وبما أن أغلب تجار الذهب كانوا من المسيحيين فركزوا أعمالهم ضد تجار الذهب. وكان ظاهره أنه كلما ضغطت الحكومة على سد منابع التمويل الخارجي لهذه الجماعة "الجهاد" و "الجماعة الإسلامية" كانت تزيد في المقابل عملية الهجوم على محلات الذهب المملوكة للأقباط والاستيلاء على الذهب فيها وكانت هناك فتوى بإباحة ذلك.

* أي أن الفتوى هي أساس الإرهاب !
- الموقف الفكري هو الأساسي في العمل الإرهابي، فالإرهاب يبدأ فكراً.

* سمعت النداء الذي وجهه د. سليم نجيب رئيس الهيئة القبطية الكندية، أكثر من مرة بشأن اختطاف الفتيات المسيحيات القصر والزواج بهن بعد إجبارهن على الإسلام. فمن الذي يقوم بهذه الأفعال وماذا يريد من وراء ذلك؟
- د. سليم نجيب رئيس الهيئة القبطية الكندية هو رئيس منظمات اجتماعية، وتمثل المنظمات الأكثر نشاطاً لكن لا تمثل الجمهور العادي من المسيحيين المغتربين في الخارج، هذا الكلام به شيء من الصحة لكن الجزء الأكبر منه مبالغ فيه، عادة أنت تخسر القضية عندما تبالغ، مثلاً في قضية الكشح يموت اثنين، يعلنون قتل مئتان، عندما تبحث تجد أنه مات اثنين أو ثلاثة أو عشرة أو عشرين، فتفقد مصداقيتك أمام الجمهور.

لم يحدث أنه قد تم هدم كنيسة العبور كما سمعنا
وأحياناً تجد كلاماً عن هدم كنيسة العبور، وكتب وأرسل لي د. سليم نجيب نسخ بالفاكس لهذه الأحداث فأنا لجأت إلى الأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة التابعة له مدينة العبور، فقال إن لواء البوليس فلان الفلاني ذهب وهدم وزاد في الموضوع، واكتشفنا إن لواء البوليس فلان الفلاني ليس لواء بوليس وأنه رئيس الحي، وثبت بعد ذلك أن هناك ترخيص لبناء الكنيسة وحتى يتم بناء الكنيسة أخذوا الإذن ببناء كشك خشبي للصلاة به، أو بناء خشبي فاقترح أحدهم تطوير الكشك وتحوله إلى مبنى ويصبحوا كنيستين، فذهب رئيس الحي ليتفاهم معهم وأزالوها وعادت كما كانت. وعندما اتصلت بالأنبا مرقص لم يشك من أحد وهو أحد المتشددين من رجال الكنسية. وقال إنه لا توجد مشاكل وتمت التسوية. وتحدث أحياناً أن ‘تستدرج فتاة قاصر، إما لأنها تحب إنساناً مسلماً و يعبث بها فتخاف أن ترجع لأهلها،والقانون لا يسمح لها أن تغير دينها.

لا توجد مؤامرة ضد الفتيات المسيحيات في مصر
* لكن سؤالي بالضبط هو: هل ما يحدث هو أحداث فردية أم هي مؤامرة كما فهمت من نداء د. سليم نجيب؟ وإن كانت مؤامرة من الذي يقف ورائها؟
- منذ عدة سنوات، حدثت حادثة من هذا القبيل، وكنت أنا طرفاً فيها في المنيا، هذا الكلام كان منذ عشر سنوات، الحكاية أن بنت في الإعدادي،أخوها في الجماعات الإسلامية استدرجت صديقتها المسيحية إلى بيتها ليذاكرا معاً، وهناك قام هو بالاعتداء عليها بمساعدة أمه وأخته باعتبار أنها سبى، وبعد ذلك أصبحت مشكلة، البنت خائفة من الرجوع لأهلها، لكن سويت المشكلة لكن هذه الأحداث فردية ونادرة جداً وليست هناك مؤامرة وتخطيط لذلك. ومثل هذه الحوادث تحدث في كل مكان في العالم، حيث نسمع عن حوادث اغتصاب حتى في أمريكا وأوربا من اغتصاب بنت أو ولد، حتى إن رجال الكنسية ثبت إنهم اغتصبوا مئات من الأولاد خارج مصر.


حوادث الاغتصاب حالات فردية وتحدث في العالم أجمع
فلا نستطيع أن نعمم هذا الموضوع. في الفترة الأخيرة كان الأب المسيحي يقدم بلاغاً إلى الشرطة، فيطلب منه أن يلجأ إلى أمن الدولة لأن هذه تعليمات، حيثما تكون هناك شكوى مع أحد المسيحيين تذهب لأمن الدولة نظراً لحساسيتها، فيتهيأ للبعض أنهم لا يعطوه اهتماماً. لكن أنا أعتقد أن البابا أيضاً مهتم بهذا الموضوع، وإن كانت تحدث حالات من ذلك فهي حالات فردية، وحتى وإن كانت حالات فردية فهي غير مقبولة. لكن يحدث أن تقول الفتاه إن لم تكن قاصرة لا أريد العودة لأهلي، ماذا نفعل ؟ ! في مرة أتاني أب وذكر أن السائق المسلم خطف ابنته، وهو يريد أن تعود ابنته وهو رجل غنى، اتصلت بمباحث أمن الدولة، واتضح أنه اختطفها فعلاً لكن بطريقة مبتكرة، أنه علمها الشم، وليس لذلك أي علاقة بالدين، وارتبط بها وطمع فيها وفى فلوس أبيها وبدأت المساومات للسائق ليعيد البنت لأبيها، لكن مثل هذه الأحداث أحداث فردية ولا يمكن اعتبارها ظاهرة عامة لأن هذه الظاهرة خطره ومخيفة حتى ولو كانت حالة فردية.

الإسلام صالح لكل زمان ومكان بالتطور والتجديد مع كل زمان ومكان
* المتأسلمون وشعارتهم البراقة التي يرفعونها، يريدون تطبيق الشريعة. فهل من الممكن تطبيق الشريعة في هذا العصر؟ وخاصة في مصر؟
- ما معنى الشريعة؟ الإسلام عبادات ومعاملات، العبادات لا أحد يعبث بها فلا يستطيع أحد أن يقول أن العصر عصر سرعة فتختصر صلاة العصر إلى ركعة مثلاً. فالعبادات معروفة وملتزم بها وهى نوع من العلاقة بين الإنسان وربه، فلا تستطيع الحكومة التدخل ولا قيمة للتدخل، فمثلاً لنتصور إن المطوفين في السعودية سيجعلون الناس أكثر تقوى، ممكن أن يجعلوهم يصلون، لكن لن يجعلوهم أكثر تقوى. نأتي إلى المعاملات الإسلام كان حريصاً فيها بحيث أن ترك أغلبها للاستحسان، ثبت مسائل معينة ولكن في البيع والشراء تركها لتغيير المعاملات في كل زمان ومكان. فعندما تطالب بتطبيق الشريعة في المعاملات، أنت تريد تجميد هذه المعاملات، مثلاً الإسلام لم يعرف القانون التجاري الإسلامي، و لم يعرف البيع عن طريق الماكينات، الإسلام لم يعرف الشيك، الإسلام لم يعرف القانون البحري، والقانون الدولي وهكذا.. كل هذه الأشياء تم اختراعها أو تطويرها أو نقلها عبر عشرات المئات من السنين وعبر تنوع الحضارات والثقافات. أنت تقول إن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان، ومن ثم لابد أن تدعه يتطور وأن يتجدد مع كل زمان ومكان.
* معني هذا أنك توافق على تكييف فقه المعاملات الإسلامي مع القوانين الوضعية الحديثة؟
- نعم ذلك أمر بديهي.

ما فعله بن لادن أضر بالإسلام والمسلمين وليس من الجهاد في شيء
* "المتأسلمون ماذا فعلوا بالإسلام وبنا" عنوان كتابك الأخير، ما هي الأضرار التي لحقت بنا كعرب وكمسلمين بجريمة 11 سبتمبر؟
- أولاً بغض النظر عن الذي قام بأحداث 11 سبتمبر أريد أن أسأل سؤالاً. هو من تبنى حادث 11 سبتمبر؟ لأن بعض الناس يقولون أننا لسنا نحن المسلمين الذين قمنا بهذه الأحداث، لكن من الذي تبناها؟ الذي تبناها هو ايمن الظواهري وأسامه بن لادن، فإذا كانا فعلاها فهم أغبياء، وإذا كانا لم يفعلاها فهما أكثر غباء. القضية أننا لو اخترنا الإسلام واعتبرنا أن ما يقومون به جهاد، حتى لو اعتبرنا ذلك رغم أنني لا أرى ذلك صحيحاً، فالجهاد له ضوابط، أول ضابط هو الأخذ بالأسباب، أن تكون واثقاً من أن هذا الفعل سيؤذى عدو الله ولكن لا يؤذيك. والمبدأ الثاني في الإسلام والخاص بالجهاد، هو أنه يدفع المفسدة بمفسدة اقل، أما إذا دفع المفسدة بمفسدة أكبر فهو غباء. فهو دفع المفسدة بمفسدة أكبر. وهناك قول قديم هو أن الفعل الفوضوي يمنح العدو نصراً، وهذا هو ما حدث، والنتائج نراها الآن أن طالبان دمروا دولتهم وتحول أمير المؤمنين الملا عمر إلى رجل هارب على موتيسكل، و تحول أيمن الظواهرى وبن لادن من أناس ملئ السمع والبصر في بلدهم إلى هاربين فارين، احتلت أفغانستان ووضعوا حامد قرضاي واحتلت العراق، هذه هي النتائج العملية التي خرجنا بها نتيجة لأحداث 11 سبتمبر.
* الإرهابيون أغبياء يرفعون الحجر الثقيل ليقع في النهاية على أقدامهم؟!
- نعم هذا صحيح تماماً.

لا يوجد شيء في الإسلام أسمه "فسطاط الإيمان"و"فسطاط الكفر"
* قسم أيمن الظواهرى العالم إلى فسطاطين، فسطاط الإيمان، فسطاط الكفر. أي الولاء والبراء، الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين ومعبوداتهم وحداثتهم،فما هي أخطار هذا التقسيم للعالم على مستقبلنا كعرب ومسلمين؟
- هذا التقسيم لم يرد لا في قرآن ولا في سنه، وحتى في الفقه قسموا العالم إلى" دار حرب" و "دار سلام"، ودار الحرب هي الدار التي تعتدي على ديار الإسلام، أي لا نخترع نحن ديار الحرب، أما قصة أن العالم منقسم إلى فسطاطين أنا أسأل: أنا وأنت نكون في أي الفسطاطين، فسطاط أيمن الظواهرى أو في فسطاط الرئيس بوش. فلا هذا ولا ذاك. وأعتقد أن ملايين من المسلمين بنسبه 99.9% لا يعتبروا أنفسهم لا في هذه الفسطاط ولا ذاك. ويكون هذا للتدليل على فساد هذا الكلام.

لا مستقبل لجماعة الإخوان المسلمين إلا بممارسة نقدهم الذاتي لأنهم "ملاوعين"
* كيف يرى د. رفعت مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في مصر؟
- جماعة الإخوان المسلمين لا مستقبل لها إلا إذا قدمت نقداً ذاتياً واضحاً لما ارتكبته من جرائم، ولفكرة وجود جهاز سرى إرهابي في الجماعة. هناك تعبير كانت تقوله أمي " ملاوعين" أي إن الإخوان المسلمين غير واضحين تسألهم: هل كان لديكم جهاز سرى؟ يقولون لا، لا يوجد جهاز سرى. تقول لهم: كان موجوداً وكان به عبد الرحمن السندي. يقولون: آه كان موجود لمحاربة الاستعمار والصهيونية. تسألهم: قتلتم الخازندار والنقراشى. فيقولون نحن من يومها لم نفعل شيئاً آخر، حاولتم قتل جمال عبد الناصر،وتكتشف عندما تحاول أن تدرس كتب الإخوان المسلمين الذين انشقوا من جماعة الإخوان، والذين كانوا يعملون في الجهاز السري في عام 52، 53 أشياء غريبة وأمامنا مجموعتان من الكتب. الكتب التي تدافع عن عبد الرحمن السندي، وهي مثلاً أحمد عادل كمال في كتابه "النقط فوق الحروف" ومحمود الطباخ في كتابه" صنيعة النظام الخاص". والكتب التي تهاجم عبد الرحمن السندي وفى مقدمتها "حصاد العمر" لصلاح شادي و"تاريخ جماعة الإخوان رؤية من الداخل" للأستاذ محمود عبد الحليم الذي يعتبر المنظر الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين، الاثنين في خضم الصراع بينهما تنافسا في ذكر وقائع الإرهاب، ويؤكد كل منهما ما فعله من إرهاب متباهياً بذلك.
وأنا الآن أدرس هذا الموضوع وأنشره في الأهالي مسلسل كل أسبوع، صفحة من تاريخ مصر، عن أقوال قالها قادة في الجهاز السري، والإخوان يؤكدون أنهم كانوا يمارسون الإرهاب ويقولون أنهم كانوا يريدون تفجير مطار ألماظه، كذلك محطات الكهرباء وكانوا يريدون نسف القناطر الخيرية، أشياء مخيفة جداً ويذكرون أنهم عملوا كذا..وكذا. يقولون أننا من 56 و 65 لم نقم بأي أعمال إرهابية. لكن ذلك لا يعنى شيء. لأنه في الإسلام الجريمة لا تسقط بالتقادم. ففي القانون الوضعي الجريمة تسقط بالتقادم بعد 15 سنة، لكن في الإسلام تعمل جريمة وبعد 100سنة سيحاسبك عليها الله، وستذهب للنار،إذن الجريمة لم تسقط مهما مر عليها الزمن،والحل هو التوبة ومعناها بالتعريف العلمي المعاصر أن تمارس نقدها الذاتي وأن تعلن جماعة الإخوان المسلمين، انتقادها لما صدر منها من أفعال. هنا يمكن أن نطمئن إليها.

كيف نصدق الأخوان المسلمين وقد كذبوا عشرات المرات
لكن " الملاوعة " هذه لا تؤدى إلى أي ثقة. لماذا؟ لأن حسن البنا قال إنه لا يوجد للجماعة جهاز سرى، ثم عندما ثبت وجوده قال: لا علاقة لنا بهم وأنهم ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين بعد محاولة نسف محكمة الاستئناف ثم يؤكدوا أن هذه كانت تعليمات حسن البنا. كيف نصدقهم؟ المستشار حسن الهضيبي جاء وقال أنا رجل قضاء ولا أقبل وجود جهاز سرى مخالف للقانون، وطرد عبد الرحمن السندي، ثم نكتشف أنه عمل جهازاً جديداً بقيادة جديدة يوسف طلعت ورجاله. إذن لماذا يطلبون منا أن نصدقهم وقد كذبوا علينا عشرات المرات؟ نصدقهم فقط عندما يؤكدوا أنهم نقدوا أنفسهم نقدا ذاتيا. ثانياً: عليهم أن يحددوا موقفهم من الدستور تحديداً واضحاً، أي من القانون الوضعي من مستحدثات العصر، من الآخر هل هو كافر أم لا، من مخالفهم في الرأي، هل هم جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين. كل هذه الأسئلة يجب أن يجاب عليها قبل أن نعطيهم ثقتنا.

شكري مصطفي أوجد فكرة العدو القريب والعدو البعيد
* بعد أحداث 11 سبتمبر توجه العنف إلى الداخل متمثلاً في جرائم الرياض والدار البيضاء. أي أن العنف بعد أن كان موجهاً للخارج توجه للداخل فما أسباب ذلك؟
- هذه القضية قضية فقهية، قضية العدو القريب والعدو البعيد. وجماعة الجهاد كانت تتحدث دائماً عن العدو القريب، وكان ذلك فكر شكري مصطفى عندما سئل عن موقفه من الصهيونية، قال معركتي هنا لإزاحة الطاغوت الكافر، ونرى بعد ذلك مشكلة الصهيونية، ففكرة العدو القريب والبعيد كانت مسيطرة على جماعة الجهاد وعلى أيمن الظواهرى تحديداً، وأن العدو القريب هو الأوجب بالقتال، وذلك موجود في كتاب "الفريضة الغائبة" بوضوح شديد من أن العدو القريب هو الأوجب بالقتال وأن القول بتحرير القدس ضرب من المستحيل لأنه يجب أولاً التخلص من الطواغيت عملاء الاستعمار. فيجب أولاً أن نزيح عملاء الاستعمار ثم تحرر بعدها القدس. وبعد فشل عديد من العمليات، طلائع الفتح، وعمليه خان الخليلي، و اغتيال صفوت الشريف، ومحاولة اغتيال حسن الألفي، ومحاولة اغتيال عاطف صدقي، بدأت المنافسة بين الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد ترجح في الإجرام لصالح الجماعة الإسلامية. هنا بدأ أيمن الظواهرى يعيد النظر في فكرته ويتحدث عن العدو البعيد بعد أن فشل مع العدو القريب، لجأ للعدو البعيد، وشكل الجبهة العالمية لمحاربة اليهود الصليبيين وهزيمة الاستكبار العالمي. وبعد هزيمة الاستكبار العالمي سنستطلع هزيمة الأنظمة الصغيرة. واضح أنه بعد 11 سبتمبر رجعوا مرة أخرى إلى محاولة ضرب العدو القريب باعتبار أن هذا أقل تكلفه وأقل حاجة إلى ترتيبات أمنية وأشياء من هذا القبيل.

التاريخ لا يقبل التخمينات وسنعرف أسرار سقوط بغداد
* ما هو تفسيرك لسقوط بغداد المفاجئ وتسليم العراقيين جيشاً وشعباً المتطوعين العرب للأمريكان؟
- موضوع بغداد موضوع ملتبس، وأنا رجل أكتب في التاريخ، وأن التاريخ لا يقبل التخمينات، وعندما تظهر الوثائق سنعرف الحقائق، لكن لماذا استسلمت بغداد؟ وكيف ‘سلمت؟ وهل كان هناك خيانة؟ مئات من القصص ولا نستطيع الجزم بصحة أحدها.
* رأيي أن أهل مكة أدري بشعابها. والعراقيون أدري بأمورهم ولا يجب أن تكون لنا وصاية عليهم، وأتفق مع د.محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر عندما ألغي فتوى الأزهر ضد مجلس الحكم في العراق قائلاً:"ليس من حق الأزهر ولا أي شيخ مصري الإفتاء في أمر يخص العراق.
- د.رفعت السعيد لا يعلق.

الجامعة العربية ضرورة لكن المشكلة في انسحابنا من القضايا العربية
* ما هو دور الجامعة العربية الآن؟ وهل من ضرورة لوجودها؟
- نعم هناك ضرورة لوجودها، ودورها الآن هو دور محصلة للمواقف العربية، ومن يتصور أن أمين جامعة الدول العربية من حقه أن يرسم سياسة أو أن يتخذ موقفاً يكون مخطأ، لأن أمين جامعة الدول العربية موقفه يجب أن يكون محصلة لمواقف الدول العربية، جامعة الدول العربية ضرورة، لكن المشكلة أن كثير من الدول العربية بعد سقوط بغداد بدأت تنسحب من القضايا العربية، وخاصة من القضية الفلسطينية لأنها لا تريد أن تغضب أمريكا، وبالتالي لابد أن دور الجامعة العربية يخفت قليلاً، وعلينا أن نحاول أن نكون رافعه لها، بالاعتماد على الشعوب العربية بالاعتماد على مزيد من النضال في القضية الفلسطينية، ومحاولة لرأب الصدع في الصراع الفلسطيني الفلسطيني لأن هذا كله يؤدى إلى سحب الدول العربية من القضية لأنه عندما يكون هناك صراع بين أبو عمار وأبو مازن مثلاً، فيقول القادة العرب إنهم يتصارعون على فتات السلطة وما شأننا بذلك، لذلك وجب الحرص دائماً على وحدة الصف الفلسطيني.
* مع كل الحزن والأسف يبدو أن أبو عمار لا يريد أن يشاركه في سلطة اتخاذ القرار شريك؟!
-يبدو ذلك.
* متى سيتبن العرب القيم الكونية: حقوق الإنسان، احترام الأقليات، وحقوق المرأة وما المانع من تبينها؟
- عندما يصبح العرب عرباً، عندما تكون هناك سلطة للشعوب العربية ونفوذ للرأي العام، عندما تخف قبضة الحكام، عندما يكون هناك تداول سلمى على السلطة.

إيران كانت مدداً لبعض الجماعات الإرهابية رغم اختلاف المذهب
* إيران ذكرت في كتابك " الإرهاب إسلام أم تأسلم" صـ 44 أن المصدر الأساسي للإرهاب في المنطقة هو إيران، وأنه كلما ازداد العراق ضعفاً زاد الدور الإيراني في المنطقة، ما تصورك الآن للدور الإيراني بعد سقوط بغداد؟
- القضية أن الجغرافيا الكونية توازن نفسها، وهذه القضية لا تدرك بسهولة، فمثلاً في بلاد الشرق الأوسط توجد العراق كدولة كبيرة وتوجد جنبها إيران كدولة كبيرة، فبتوازن الاثنان يوجد الاستقرار في المنطقة، وعندما يختل هذا التوازن، ومع استمرار إضعاف العرق، أرى أنه كان يتم ربما استعداداً للغزو، ولكن الذي لا شك فيه أنه أدى إلى إستقواء إيران. إيران أحد مشاكلها أنها دولة شيعية وتمثل خطراً على الدول المجاورة لها مثل البحرين، الكويت، السعودية هذه الثلاث دول بها نسبه شيعيه كبيرة، أحياناً تصل إلى نسبه الأغلبية بينما الحكام سنه وهم يستقوون بالضرورة بإيران، وإيران تستقوي بهم، إيران بطبيعة الحال كانت مدداً لبعض الجماعات الإرهابية رغم اختلاف المذهب، لكن الوضع تغير الآن لأن إيران لا تريد أن تدخل في صدامات مع أمريكا، حتى يتاح لها فرصة بناء مفعالاتها النووية وبناء مزيد من القوة، هي الآن دولة قوية لديها موارد بترولية كبيرة تتصرف فيها بقدر عالي من الكفاءة ولا يوجد فيها حكام ينفقون بالطريقة التي لا تجب. صدام حسين بدد ثروات العراق، هناك حكام آخرين بددوا ثروتهم البترولية دون عمل شيء نافع لبلادهم. فإيران أخذت الدرس من العراق ولن تدخل في مواجهة مباشرة مع أمريكا.

نجاح أمريكا في العراق يتوقف على حل المشكلة الفلسطينية
* كيف ترى مستقبل العراق؟ وهل ستنجح أمريكا فيما أتت من أجله وهو تحرير الشعب العراقي وإرساء أسس الديمقراطية كبداية للتغير في الشرق الأوسط؟
- هل أتت أمريكا من أجل ذلك؟ أمريكا أتت لكي تبقى وتستعمر وتستقر، ولأول مرة في التاريخ الحديث تعترف الأمم المتحدة بوجود قوات احتلال في العراق. أعتقد أن نجاح أمريكا في العراق يتوقف على دور شعب العراق وكفاءة الحكام التي اختارتهم أمريكا للعراق، وعلى دور الشعوب العربية على العموم، على حل المشكلة الفلسطينية، وعلى الدور الأوربي، وعلى دور روسيا واليابان والصين، كل هذه عوامل ستؤثر في مستقبل الوجود الأمريكي في المنطقة.
لا أثق في استطلاعات الرأي لأنها أحياناً تكون مضلله
* ما رأيك في ترحيب ثلثي الشباب الإيراني حسب استطلاع للرأي تحدثت عنه الصحافة الفرنسية بالغزو الأمريكي لإيران؟ أفلا يعنى ذلك فشل الثورة الإسلامية الخمينية وحكم الملالي؟
- أنا لا أثق كثيراً باستطلاعات الرأي، لأنها أحياناً تكون مضللة، وذلك يتوقف على نوع العينة، مثلاً حدث استطلاع رأى عن دور الأحزاب المصرية. فقام أحدهم ووقف أمام عربة قطار الدرجة الأولى، وبدأ يسأل ركاب القطار عن رأيه في الأحزاب، فوجد أن الناس لا تعرف شيء وليس لديها هموم ولا مشاكل ولا تريد التغيير، وهى مرتاحة بهذا الوضع. لو كان ذهب ووقف أمام عربة الدرجة الثالثة لوجد أن نتيجة الاستطلاع مختلفة هذا نموذج. أنا أعلم تلامذتي أنك لو وقفت فوق برج القاهرة ونظرت من زاوية واحدة سترى الزمالك والبيسين والنادي الأهلي ونخل جميل، ستقول بعد ذلك أن القاهرة مدينة جميلة ورائعة وأجمل مدن العالم. أمشى خطوتين في دائرة برج القاهرة ستجد نفسك أمام حي السيدة والبيوت المهدمة ومظاهر الفقر، ستقول القاهرة بلد فقيرة. عندما تكمل الدائرة سترى بنظرة عمومية أن القاهرة مدينة طبقية فيها الأغنياء وفيها الفقراء، عادة استطلاعات الرأي يجرى اختيار العينة وفق رغبة الذي يخطط، أما العينة فيجب أن تكون عشوائيه وممثلة لكافة التيارات والاتجاهات والأعمار، وهذا يحتاج إلى بحث كبير جداً لذلك أنا لا أصدق هذه العينة وهذا الاستطلاع.

عرفات له كاريزما خاصة للشعب الفلسطيني لأنه أبوه الروحي
* عرفات، هل انتهى دوره كزعيم سياسي، وجب عليه أن يترك الفرصة لغيره بعد أن رفضت كل من واشنطن وتل أبيب التعامل معه؟ ولا أبالغ إذا ما قلت أن معظم الأنظمة العربية لم تعد راغبة فيه؟
- عرفات هو الأب الروحي للشعب الفلسطيني، وكان معي أمس على التليفون، وهو رجل كارزمتيك وعنده كاريزما خاصة للشعب الفلسطيني، فهو أبو الشعب الفلسطيني، أما إن أمريكا لا تريد أو إسرائيل أو أن الدول العربية لا تريده، أو ينسحب من القضية الفلسطينية هذه قضية أخرى، أو عرفات صح أم خطأ هذه قضية ثالثة، فعرفات له حسابات أحيانا ًصحيحة وأحياناً خاطئة، ممكن أنه يتشبث بحبال السلطة ممسكاً بها جميعاً والصراع الآن يجرى بين عرفات وأبو مازن على فتات السلطة وليس على السلطة.

فلسطين تتطلب الآن تسوية قد لا تمثل الأماني الكافية للشعب الفلسطيني
* خريطة الطريق، هل تعتقد أنها تحقق الحد الأدنى من المطالب للفلسطينيين وهو إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة؟ وهل يجب على أبو مازن أن يتنازل عن حق عودة اللاجئين كشرط لتطبيق خريطة الطرق؟
- أولاً لا أحد منا يستطيع أن يملى شيء على أحد، أن يرفض أو يقبل ما يتعلق ببلده هو حر، لكن هناك ما يسمى بالاستحسان، وهو أن الوطن الآن يتطلب تسويه سلمية قد لا تمثل الأماني الكافية للشعب الفلسطيني، لكن يجب ألا تقطع الطريق على تحقيق الأماني الكاملة، ما بين الاثنين يجب أن نبحث عن حل.
لا مستقبل أمام الشعوب العر


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف

أضف تعليقك

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.