حوار مع الشاعر العراقي ناجي رحيم:
أبحث عني في نفسي وأتمنى يوما أن أعرفها حقا.

حاورته منى كريم: ناجي رحيم شاعر يعمل على منح نفسه مساحات واسعة ليربي فيها أطفالاً أجمل من القصائد، إنه يرى في هذه الأسئلة – المتاهات – وقت لتعليق ابتسامة.. لا أعرف كيف أتحدث عنه، لكنني أحببت أن نجري معه أول حوار بعد صدور مجموعته الأولى و هي عبارة عن مختارات لمجمل أعماله و قد صدرت المجموعة في العراق / الحلم.

* يقول باتريك دوبوست: " نولد خمسين ألف مرّة في اليوم وندّخر أنفسنا كلّ يوم كي لا نموت " مع ولادتك الأولى "حيث الطفولة ُ نائمة" كيف يتنفس ناجي رحيم؟
- رائع، وأنت تبدئين سؤالك بهذا المقطع الشعريّ الشفيف من قصيدة الشاعر الفرنسي باتريك دوبوست ( نعتني بحديقة أخطائنا كي لا نموت ) والتي أحببتها وتـنفستها كثيرا، ذلك بفضل عطاء الشاعرة المبدعة جمانة حداد التي ترجمتها إلى العربية، شكرا لها. كما وأن هنالك تماثل جميل في سؤالك بين مقطع دوبوست وولادة ديواني الأول... إننا نكتب كي لا نموت، وبالتأكيد فليس المعني هنا هو الموت بحضوره الفيزيائي الثقيل والذي يمكن أن يصيبنا في أية لحظة، ولكن أن تكون حياتنا جديرة بنا ونحن جديرون بها، أن نعمل على إزالة العـوالق والعوائـق الكثيرة، المتشعبة والمتأصلة كي لا نموت في الحياة، أن نمتلك المقدرة على أن نعيش... ولا نحيا فقط والفرق هائل بين الاثنين.كيف أتـنفّس؟ أحاول أن أتفهـّم هذا العالم وأتصالح معه، أن أنتزع منه أفضل ما فيه وأعطيه أفضل ما عندي، أن أعرفه وأعرف نفسي وهذا أمر صعب جدا يستحق المحاولة الدائمة، كل يوم من جديد.. كي لا نموت.
أحاول أن أتنفـّس، بالقراءة وإقامة صداقات دهريه مع عقول، قلوب وأقلام ترفل بالبياض، بالنوازع، بثورات الروح واحتدامها، بشوائبها وجنونها...بالعالم كما هو وكما يمكن أن نصنع منه. أحاول أن أتنفـّس عبر الكتابة وقول كلمتي المتواضعة وما يعنّ لي في لحظات توهج أو احتراق، في لحظات نزق أو تحدّي. أحاول أن أتصالح مع ماضي هذا العمر الراكض، الماضي بمراراته ورماده، كي أستطيع أن أتـنعـّم بعطايا الحاضر وأتذوقها فأتـنفـّس. يكفي أحيانا أن أقرأ مقطعا شعريا نابضا أو سماع موسيقى خرير المطر، مرأى عصفور يبحث عن امرأة الروح أو ملمس وردة، لأكتظ ّ بالفرح الطفولي الباذخ. وقبل مغادرة هذا السؤال، أودّ الإشارة إلى كتابي الأول هذا باعتباره مختارات شعرية، من ثلاث دفاتر لازالت تنتظر الطبع، أردت لها أن تغطي الفترة منذ البدايات في النصف الثاني من عقد الثمانينيات وحتى الآن، كذلك فهو قد ولد بجهود الأديب العراقي نعيم عبد مهلهل، الذي صممه وأشرف على طباعته، وللأصدقاء الذين تساءلوا عن نسخهم أقول، لم أستلم بعد أية نسخة منه.

* ناجي رحيم شاعر عراقي حاصل على جائزة الهجرة الهولندية عن قصيدته " الوقت " مع هذا التقدير الحاصل لك كشاعر عراقي من قبل الوسط الهولندي، هل منحكم الوسط الثقافي العربي أي دافع؟
- لابد أولا من توضيح بسيط، لقد حازت قصيدتي " الوقت" في آذار من العام الماضي على الجائزة الثانية للشعر في مهرجان مؤسسة الهجرة الهولندية، وهي مؤسسة هولندية – عربية تسعى لإقامة جسر يربط بين ثقافتين ويقام هذا المهرجان الثقافي كل عام، متضمنا في فعالياته، لفئات عمرية مختلفة، إضافة للشعر القصة القصيرة والمقال الأدبي. وفي آذار من هذا العام نالت قصيدتاي " امرأة لكل الفصول و"البياض" جائزة الشعر الأولى في نفس المهرجان.وتقام في هولندا كل عام مهرجانات أدبية ثقافية تمنح جوائز مشابهة للهجرة وأخرى أهمّ منها بكثير..
ولا يعني فوزي هذا ولعامين متتاليين من أني دخلت الوسط الأدبي الهولندي، بل لازال عليّ قطع شوط طويل إذا رغبت في دخول هذا الوسط. لست جاحدا، ولقد سعدت جدا بحصول قصائدي الثلاث المذكورة على استحسان المهرجان والقائمين عليه، و كانت فرصة طيبة أخرى للقاء بجمهور كبير والقراءة باللغتين العربية والهولندية، كذلك فأن الأعمال الفائزة تطبع عادة في كتاب باللغة الهولندية، وتكون بهذا متاحة للجمهور الهولندي الأوسع. وكما وصفت ذلك أنت، انه تقدير وحسّ إيجابي قبل أيّ شيء آخر. نأتي الآن إلى الوسط الثقافي العربي، وإجابتي هي، أين هو هذا الوسط؟ ببساطة شديدة، لا يوجد مثل هذا الوسط الثقافي بمعناه المعروف، أنطلق في حكمي هذا من هولندا طبعا. نعم، هنالك مؤسسات ثقافية عربية وعراقية تحديدا، تقيم فعاليات بين الحين والآخر، أغلبها مدّعي وبعضها جاد، إذ دعي شعراء من خارج هولندا ومن داخلها والتقوا بجمهورهم العراقي والعربي في أماس شعرية ناجحة، كذلك أقيمت محاضرات لكتاب ومفكرين عراقيين وعرب وهو نشاط مشكور، نحن في حاجة إليه، غير أن هذه الفعاليات المتباعدة
لا تخلق وسطا ثقافيا قائما.

* ألاحظ في قصائدك بنية متشابهة تتصف بالتفاصيل والقفز بين المشاهد بحيث تظهر سردية شفيفة، هل يحاولناجي رحيم خلق بنية جديدة في كل قصيدة يكتبها، أم أنه يحاول ترسيخ بنية معينة عبر قصائده؟
- لا أدري، إن كان الأمر كذلك. أكتب عادة بشكل عفوي، لا أملك تخطيطا مسبقا قبل وأثناء الكتابة ولا أهتم أو أفكر إطلاقا حول كيف سيكون بناء وشكل أية قصيدة، أتركها تنمو كما تحدد "حالتي الكتابية "، بعيدا عن ترسيخ أية بنية معينة مسبقة. أكتب تلقائيا، فكرة ما على أقرب ورقة، ظرف رسالة، غلاف كتاب أو جريدة، وكم ضيعت ظروف رسائل أو نسيت قراءتها، الأمر الذي أوقعني عدة مرات في مشاكل في عالم من أوراق ومواعيد، لأني أكتب عليها لقربها مني ثم أتركها في أي مكان ولو رأيت غرفة مكتبتي لتذكرت على الفور معنى الفوضى..
أكتب قصائدي القصيرة بنفس واحد ثم أرجع إليها لاحقا، فأحذف مفردات أو أضيف أخرى. ولا يختلف الأمر مع كتابة قصيدة " متوسطة الطول" فهي تبدأ أيضا بصورة ما أو تحديد قصير لحالة معينة ثم تتناسل بطيئا حتى تكتمل بعد أن يكون قد مرّ عليها الكثير من الحذف، إذ أحاول إزالة التفاصيل غير الضرورية والصور المتشابهة التي تصف معنى أو حالة واحدة. وشكرا على ملاحظتك هذه، فهي تشير إلى "روحية" مميزة لما أكتب، إذ أقرأ أحيانا قصيدة واحدة لشعراء مختلفين، وأعتقد أن مرجعية ملاحظتك تكمن في خزين المفردات والأجواء أو التجربة الحياتية الخاصة التي تشكل عالمي الداخلي، ولا أريد الاسترسال في هذه النقطة لأني لا أحبّ الحديث عن نفسي، تجربتي المتواضعة هي التي تتحدث عن نفسها ولست أنا.

* أحيانا أشعر أن ناجي رحيم لم يخرج من نطاق المكان، سواء المكان في الذاكرة، أو المكان الآني، ماذا يعني لك المكان؟
- أعتقد أن شعورك هذا مصيب جدا، لم أخرج من هيمنة المكان الأول، المكان الحميم، المربك والمُعذ ّ ِب. مازلت أتنفـّس روائح ذلك المكان البعيد في الذاكرة، ليست الذاكرة بمعناها المتداول، بل في معنى " عجينة " الروح، في تشكيلها الأعمق.
أشعر وكأني فقدت كنزا وأريد استعادته رغم كل شيء. لا يعنيني هنا التعريف الجغرافي المتداول عن المكان ولا حتى التناول الفلسفي له ولا التهويمات الأدبية التي نقرأها عادة عنه، ما أعنيه هو ذلك التشكيل الخاص جدا والذي يبدأ في مرحلة ما من الطفولة، ثم يتكرّس حفرا في الروح في مراحل لاحقة، هنا يتشابه الآلاف من البشر ويختلفون مع ذلك، تبعا لحساسية أيّ فرد وظروف نشأته. بالتأكيد لا يمكن أن نتجاهل تأثيرات الأمكنة الطارئة بمفرداتها الحياتية المتنوعة، أتذكر هنا مثلا، تجربة الحياة الصعبة في معسكرات اللجوء الصحراوية، في مخيمي الأرطاوية ورفحاء، لم أنتزع من تلك التجربة المكانية المقيتة بعد وقد مرّ على وجودي في هولندا ما يزيد على عقد كامل. مع ذلك يبقى ذلك الوافد في لحظات صفاء، غم أو سفر روحي، ذلك الزمن الأبيض والذي لطخ بأصباغ لا أعرف لونها، طفولة المكان الأول هو المكان بالنسبة لي.

* تقول في قصيدتك " مقابر ُ ترتدي بنطلونات ٍ أو سراويل َ قصيرة ".. مع كل هذه القسوة الحياتية وتكتب؟
- بل، بسبب هذه القسوة الحياتية لابدّ من الكتابة، لا أملك فعلا غير الكتابة كي أرمـّم الخراب، الكتابة الإبداعية معضلة فردية لابدّ منها، تصيب البعض باختيار أو دونه، فلا يستغـنون عن " داءها ودواءها "، وهي ليست ترفا أبدا، كما قد يظن البعض. كما وأن الكاتب أو الشاعر هو كائن مُتعـَب ومهموم، بسبب مخاض تكوينه الخاص. أحاول عبر الكتابة أن أمارس إنسانيتي وأتعرّف على مسببات الصخب الذي أحسه داخلي، أكتب وأمزق أحيانا، بل وحرقت مرة في سورة غضب ثملة مجموعة من القصائد والقصص القصيرة، مقرّرا هجران هذا الوجع وإلى الأبد، مؤمنا بعدم جدواه في عالمنا الأهوج هذا، ولم أكتب لفترة حرفا واحدا، ولكني رجعت صاغرا، وقد قلت قبل قليل، تساوقا مع قصيدة دوبوست الفذة تلك، إننا نكتب... كي لا نموت. والسطر الذي تذكرين هو من قصيدة "الوقت" والتي أنهيت كتابتها في شتاء 2000، هنا في هولندا غير أن صيغتها الأولى كانت قد كتبت في مخيم رفحاء عام 92، وكانت أقصر بكثير مما هي عليه الآن، والثيمة الرئيسية هي موضوعة الموت والمقابر، مقابرنا التي اكتشفت والتي ستكتشف، رائحة الموت التي غطـّت وتغطي سماء الوطن والروح، فكيف أبدّد هذه الرائحة سوى أن أجعلها تتكوّر على الورق، علّيَ أشارك الآخرين رؤيتها وهي تنقشع، هل تنقشع؟

* يقول نيتشه " لا نكون صادقين إلا في أحلامنا "، ألذلك كانت الطفولة نائمة؟
- هذا تماثل جميل آخر. ولو كنا صادقين في يقظتنا أيضا لتغير وجه العالم، عندها نتمكن من مجابهة مآسي وجودنا وجها لوجه ونرى في أيّ مستنقع نحن نعيش.. أجل، تنأى الطفولة بوجهها، بعيدا عن صخب هذا العالم، تنام هناك في ركنها الأبيض، تحفظ لنا تطلعاتنا الأولى، ضحكاتنا، توجسنا، ترقبنا وخوفنا، فتشكل بهذا ملامح عمر كامل. لكنها تطرق بين الحين والحين باب القلب،و تطلّ خجلى، بعيدة وشهية.

* هنالك من يسعى عبر قصائده إلى كسر التابوات من أجل الكسر فقط، هل كانت لك تجربة مماثلة في هذا الاتجاه؟
- أنا مع كسر التابوات، خاصة تلك التي تحول دون صنع حياة جديرة بأن تعاش. التابوات التي تحدّ من حرية الرأي، الفكر والإبداع في كل المجالات. فلا يعقل أن نستورد آخر ما وصلت إليه التكنولوجيا المعاصرة، بدءا بملابسنا وليس إنتهاءا بالموبايل، ونمنع في نفس الوقت استيراد حرية الفكر والإبداع البشري التي ولّدت في حلقاتها الأولى هذه التكنولوجيا.
أن نستعمل في بيوتنا أحدث الآلات، ثم نذهب لننام تحت ركام من المحرّمات ونصحو حذرين لكي لا نعبر الخطوط الحمر التي ترسم أبعاد حياتنا وطرق تفكيرنا وسلوكنا... لكن، وآه من هذه أل..لكن، هل كنت سأنشر هذا الكلام البسيط والذي لا يسمّي أحدا باسمه، لو كنت الآن في العراق، في ظلّ نظام الطاغية؟ بالطبع لا، فهنالك طرق انتحار أخرى،
أرحم بكثير. هذا يوضح إذن، كم صعبة هي عملية كسر التابوات المتحصّنة في عالمنا العربي، في دعاماتها الوعرة الأساسية، في ثالوثها العتيد، السياسي، الديني والجنسي وتفرعاته الكثيرة. في بعض صفحات التراث العربي الإسلامي، كان الحديث والنقد في السياسة وأمور الدين والجنس أكثر إمكانية من الآن، ما سرّ ذلك؟ والعالم، كلّ العالم يعلم بأن الغرب ما وصل إلى ما وصل إليه دون كسر التابوات الأساسية وفصل بعضها لاحقا عن الآخر، كما في مسألتي الدين والسياسة. إن كسر التابو ليس بالعملية الاستعراضية لجذب الأضواء إلى كتابات يعوزها الهمّ الإنساني الصادق، فالكتابة، أيّة كتابة، إذا انتفى عنها عامل الصدق، لا تعدو سوى هراء مفضوح، حتى وإن لفـّت بألف ورقة سيلفون ملوّنة. كما والذين يكتبون من مناطق منفاهم الباردة لا يقارنون مع من يكتب أو يحاول الكتابة في مناطق الغليان، حيث "عين الرقيب التي لا تنام "، بل وحيث عملية الصمت في حدّ ذاتها قد تفتح طريقا مؤديا إلى الهلاك...
نعم، لي قصائد تدخل في إطار كسر التابوات، ولم تكتب من أجل الكسر فقط، بل ولدت لكي تشير، وهكذا أفهم الكتابة الشعرية، فالقصيدة ليست بيانا سياسيا أو رسالة ميثولوجية أو..، لا، إنها تشير بوهجها الخاص. هل أسمّي بعض هذه القصائد، إليك على سبيل المثال: هي الذبيحة وهذه حشرجات، سأم، الوقت، اعتراف، امرأة لكل الفصول وغيرها، تتحدث عن نتائج حروب الطاغية ودمار الفرد العراقي في ظلّ نظامه، نشرت في صحف ومواقع انترنت خارج العراق، لأن الطاغية، كان لا زال جاثما على صدورنا.

* حدثنا عما أنجزته في جانب كتابتك بالهولندية، وعملك على ترجمة الكثير من القصائد إلى الهولندية؟
- لم أنجز الكثير في مجال الكتابة بالهولندية، ست قصائد قصيرة هي كلّ حصيلتي لحد الآن. ولا أدري، إن كنت سأعيد محاولة الكتابة بالهولندية. ولم أنجز الكثير أيضا في مجال الترجمة من العربية إلى الهولندية، ترجمت قصيدتين قصيرتين فقط من الديوان الأخير للشاعر العراقي فاضل العزاوي ( أعراب تحت سماء غريبة )، وقصيدة طويلة واحدة للشاعر المغربي طه عدنان، وكذلك قصيدة واحدة قصيرة للشاعر الليبي عمر الكدي. كما أنجزت ترجمة مسرحية واحدة للكاتب المسرحي العراقي قاسم مطرود. و أحرقت، دون قصد، ترجمتي لمجموعة شعرية صغيرة للفنان والشاعر ناصر مؤنس، تصادف وجودها مع قصائد وقصص لي أحرقتها غضبا، كما سبق وذكرت. ولقد وعدت بإعادة ترجمتها ولم أفعل لحد الآن. لا أدري أيضا، هل هو كسلي، أم فوضويتي، هذه التي تحول دون استثمار معرفتي باللغة الهولندية، لكي أترجم منها وإليها.
لست مترجما أكاديميا طبعا، ولكن دراسة اللغة الهولندية أولا، ومتابعة الدراسة لعلم الاجتماع الهولندي لمدة ست سنوات وعلى مستويين، متوسط وعالي، كذلك تجربة العمل كمساعد اجتماعي في مؤسسة هولندية، جعلني على معرفة طيبة، غير أني أعرف البعض ممن لم يكمل حتى دراسة اللغة، ولا يستطيع كتابة رسالة قصيرة أو إجراء محادثة معقولة، يدّعي كتابة وترجمة الشعر إلى الهولندية ومنها !!

* ناجي.. أين تبحث عن نفسك؟
- " أعطني طفولتي وضحكاتي القديمة على شجرة الكرز
وصندلي المعلّق في عريشة العنب
لأعطيك دموعي وحبيبتي وأشعاري "

مع توضيح أني لم أر بعد أو لا أعرف شجرة الكرز، ولم أملك يوما صندلا علّق في عريشة عنب، لكني هنا أبحث عني.. في فعل الكتابة .وكبساطة الماغوط الصعبة هذه وعفويته الصادقة، أبحث عن نفسي في البساطة والصدق، أختضّ فرحا حينما أسمع كلمة شكرا، وأختضّ حزنا حينما أرى البعض وهم يحسبون بالمسطرة، كم من الربح سينالون من العلاقة مع هذا أو ذاك، وإذا عرفوا، أن لا ربح هناك، أداروا الظهر سريعا، بحثا عن آخر. هنا أبحث عني أيضا، متسائلا، كيف يمكن أن نكتب شعرا، قصة، نقدا أو نرسم لوحة ونغـتسل كلّ يوم، دون أن نغسل الروح أولا؟

" تخفـّـف منها هذي المصائر
لن تكتب شعرا
إن لمْ تغسل ِالروح َ "

أبحث عني... في نفسي وأتمنى يوما أن أعرفها حقا، كما أوصى سقراط، قبل أن يتجرع السمّ من أجل موقف إنسان.

http://mona0.jeeran.com
[email protected]