الفنانة ميريام فارس
مي الياس من بيروت: الفنان إنسان مثله مثل الآخرين له وجوه عدة، ربما لا نرى منها سوى ما تنقله لنا عدسات الكاميرات من حياته الفنية والعامة، أو ما تحاول صحف الفضائح أو المصطلح عليها بالصفراء من نقله لنا عن خصوصياته أو مشاكله، وأحياناً فضائحه، ونادراً ما نجد من يحاول الإضاءة على أفعال العطاء الحقيقية في حياتهم اليومية، وطريقة تعاطيهم مع مجتمعاتهم عن قرب.
ولكن وضمن فقرة إيدي بإيدك من برنامج إنت مين الذي يبث على قناة أبو ظبي الفضائية، تعرفنا على وجوه أخرى لم نكن نعرفها من قبل عن الفنان. الوجه الإنساني له سواء كان صادقاً أم مزيفاً، ونقصد بهذا أن بعض الفنانين قام quot;بفعل عطاء حقيقيquot; خلال هذه الفقرة إما أصر عليه هو بعد أن إستبعد المقترحات التي قدمها له فريق العمل، وإما إكتشفها فريق العمل من خلال خيوط التقطها من أرشيف الفنان وتتبعها ليجد أفعال عطاء حقيقية لم تتم الإضاءة عليها بشكل كامل من قبل.

ميريام فارس تتكفل بعملية زرع قرنية لشاب فقير
ميريام فارس كانت احد الأمثلة على فنانين فضلوا القيام بفعل quot;عطاء حقيقيquot; فكانت النتيجة ريبورتاج حقيقي جداً، ومؤثر جداً تابعناه يوم الخميس الماضي.
ميريام وضعت يدها بيد عائلة لبنانية فقيرة مكونة من أرملة، توفي زوجها منذ أعوام وتركها لتعتني وحيدة بطفلين (صبي وبنت) عملت بكد طيلة الأعوام الماضية لتوفر لهم اللقمة ومصاريف الدراسة، حتى كبروا وأصبحوا في عمر المراهقة، وقبل عام تقريباً فقد ولدها هاني (17 سنة) القدرة على الإبصار بشكل جيد بعد تعرضه لحادث سيارة، وأجبرته حالته على ترك المدرسة، وبات عاجزاً عن العمل كذلك لمساعدة والدته في مصروف المنزل كما كان يفعل من قبل.
هاني كان بحاجة لعملية زرع قرنية ليستعيد قدرته على الإبصار، لكن الأم كانت عاجزة عن التكفل بمصاريف العملية، يمزقها الشعور بالعجز، وتتملكها الحيرة، ويكاد يقتلها الإحباط.
وعلمت إيلاف بأن ميريام وخلال الإعداد للحلقة رفضت أن تكتفي بزيارة مؤسسة خيرية وقضاء بعض الوقت مع نزلائها لممارسة العمل التطوعي، للإضاءة على جهود هؤلاء المتطوعين والمؤسسات أملاً في تشجيع المواطن العادي على ممارسة العمل التطوعي إقتداءاً بالفنان الذي يحبه، وخصوصاً من جيل الشباب، بالإضافة لتشجيع المواطن المقتدر أو المتوسط الدخل من الإلتزام بتقديم مبلغ شهري وإن كان بسيطاً لدعم هذه المؤسسات دون أن يرهق نفسه وميزانيته لأن كل درهم أو دينار أو ريال أو دولار ... تحدث فرقاً في حياة إنسان محتاج.
ميريام فضلت أن تبحث بمساعدة شقيقتها عن عائلة محتاجة لتسهم مساهمة فعلية في تغيير حياتهم... ورافقها فريق البرنامج في رحلتها الإنسانية هذه ...
ميريام تكفلت بمصاريف عملية هاني، وكذلك بمساعدة العائلة مادياً بعد ذلك حتى يتمكن هاني وشقيقته أماني من إتمام دراستهما الجامعية. وريبورتاجها لم ينتهي بوعد، لكنه إنتهى بتفيذها لهذا الوعد، وبعد أن قام هاني بإجراء العملية فعلاً.
إذن ميريام ساهمت وبشكل فعلي في تغيير حياة هذا الشاب، ورسم البسمة على وجه عائلة كان يسكنها الحزن، وبددت القلق، والشعور بالضعف، وعدم الإحساس بالإمان.
ميريام التي ذاقت نوعاً ما في بداياتها طعم الحاجة، ولم تنس غيرها بعد أن ذاقت طعم النجاح والنجومية، وبعد أن تيسرت أحوالها المادية تبعاً لذلك، ومدت يدها لتساعد هاني وأماني ليكون لهم مستقبل أفضل.

نوال الزغبي وكفالة اليتيم

الفنانة نوال الزغبي مع روزيت ونزار في الكواليس بعد إنتهاء التصوير

نموذج آخر شاهدناه في الحلقة الأولى من هذا البرنامج مع الفنانة نوال الزغبي، التي لم تكن علاقتها بقرى الـ SOS في لبنان سراً، فسبق وشاهدنا صورها في أواخر التسعينات وهي تحيي حفلاً للأطفال نزلاء القرية، وتحمل إبنتها تيا في حضنها وهي تغني، وكانت في حينها حديثة الولادة. الا أن البعض كان يعتقد بأنها كانت زيارة فردية، وتوقفت بعد إنجابها لطفلتها الأولى.
المصادفة وحدها وضعت فريق البرنامج أمام إكتشاف لم يكن ليخطر على البال، عندما قرر فريق العمل إعادة نوال الى قرى الـ SOS لتصوير ريبورتاجها هناك، نوال أبدت ممانعة بداية في التصوير بالـ SOS ولم تفسر للفريق السبب، ولكن ولدى أصرار فريق العمل على التصوير هناك لأنها تمتلك تجربة سابقة مع القرية موثقة في أرشيفها، ولأنها أم لثلاثة أطفال، وافقت على مضض.
وخلال التصوير إختار فريق العمل أحد الأطفال الذين تعلقوا بنوال للظهور كمفاجأة لها خلال الحلقة .... وسافر الطفل نزار مع مرافقته quot;روزيتquot; التي كانت نزيلة سابقة في القرية الى الإمارات للمشاركة في الحلقة على نفقة تلفزيون أبو ظبي ...

نادين فلاح وروزيت ونزار ونوال خلال التصوير

روزيت كانت في طفولتها نزيلة لأحد البيوت في القرية، والتي كانت نوال تزوها بإستمرار... وأصبحت اليوم تعمل أماً هناك بعد أن غادرت الدار حين بلوغها سن 16 عاماً...
وأخبرت فريق الإعداد خلال إجتماعهم بها، بأن نوال كانت تتبنى طفلاً في المنزل الذي كانت تعيش فيه لكنهم (أي الأطفال الـ 12 نزلاء الدار) لم يكونوا على معرفة بهوية الطفل الذي تتكفله نوال بينهم... وكان الهدف من ذلك عدم التمييز بين الأطفال أو هكذا إعتقدت روزيت، فريق العمل واجه نوال بهذه المعلومة فروت له حقيقة علاقتها بالدار، وبأنها لم تكن ترغب بالتصوير هناك لهذا السبب، لأنها أرادت لهذه العلاقة أن تبقى بينها وبين هؤلاء الأطفال، ونجحت في إخفائها طيلة هذه السنوات. لكن فريق العمل أقنعها بضرورة التحدث عن الأمر، لما له من أهمية في حث الآخرين على الإقتداء بها.

وفوجئت روزيت بدورها خلال الحلقة بأن نوال كانت تتكفل جميع الأطفال الـ 12 في تلك الدار ، وبأنها هي وشقيقها مارك من بينهم... نوال تكفلت بهم منذ طفولتهم ولحين مغادرتهم الدار بعد بلوغهم السن القانونية.
وأبدت نوال تعلقها الشديد بمارك شقيق روزيت الأصغر. وتحدثت عن الشعور الذي عانت منه بعد أول زيارة لهم، حيث كانت في ذلك الوقت تحاول الإنجاب ولكن الله لم يشأ.. وأعتبرت أن وجههم كان خيراً عليها لأنها حملت بإبنتها تيا بعد 3 أشهر من تلك الزيارة...
روزيت تحدثت عن زيارات نوال لهم التي إستمرت لسنوات، وقالت بأنها كانت قريبة منهم وحقيقية، وبأنها كانت الوحيدة التي تزورهم وحيدة أو برفقة زوجها وإبنتها تيا، دون أن ترافقها الكاميرات وبعيداً عن وسائل الإعلام... روزيت تحدثت كذلك عن إهتمام نوال بهم وبإحتياجاتهم التي كانت تحرص على توفيرها لهم بإستمرار.. وفعل العطاء الحقيقي هذا الذي إمتد لسنوات واجه إنقطاعاً لفترة بسيطة، بسبب ظروف صحية وحياتية معينة منعت نوال عن زيارتهم وربما أنستها مشاكلها الخاصة هؤلاء الأطفال لفترة.
فعل العطاء لدى نوال لم يتوقف فقد عادت بعد تصوير الحلقة وعرضها على الهواء لتتكفل مجموعة جديدة من أطفال الدار.


أمل حجازي والإندماج مع المختلف

الفنانة امل حجازي مع إحدى نزيلات امركز الينبوع خلال التصوير
الفنانة أمل حجازي كانت هي أيضاً نموذجاً آخر للعطاء فأمل التي زارت مركز الينبوع لتأهيل المعوقين عاشت تجربة مختلفة عندما إقتربت من نزلاء المركز، وخلال حلقتها التي سجلت ولم تعرض بعد كذلك، أعلنت عن رغبتها بالعودة الى المركز والإستمرار بالتواصل مع نزلاءه، وعندما عادت الى بيروت قامت بتنفيذ وعدها وأقامت دعوة عشاء لجميع نزلاء الدار لتشعرهم بإحتضانها لهم، ولتكون نموذجاً لمعجبيها ليمدوا ايديهم للمختلفين في مجتمعنا والتواصل معهم ومحاولة الإقتراب منهم...

رامي عياش وتحقيق الأمنيات

الفنان رامي عياش مع الطفلة نور في الكواليس
الفنان رامي عياش كان هو الآخر نموذجاً من النماذج الأخرى التي مرت خلال البرنامج حيث قام بكل محبة بتحقيق حلم طفلة مصابة بمرض عضال برؤيته، وسجل معها ريبورتاجاً في حلقة لم تعرض بعد، وفاجاها خلال الحلقة بإعلانه بتكفله بمصاريف سفرها الى الخارج للقاء شقيقها، وهي مبادرة لم تكن منتظرة أو مطلوبة منه.

النماذج كثيرة ومستمرة في هذه الفقرة من البرنامج، وسنلقي مستقبلاً الضوء على المزيد منها، ولكن دون أن ننسى الإشارة الى أنه ليس كل من مر بالبرنامج وصور هذه الفقرة، كان صادقاً، وحقيقياً.
كثر منهم إرتدوا الأقنعة على الشاشة، وأبدوا مهارة في التمثيل فاقت مهاراتهم في فقرة quot;بروفاquot; التمثيلية مع برونو طبال.
بعضهم فضل أن يمضيا وقته في التبضع بأسواق الإمارات، على الذهاب لزيارة مريض كان يتلهف للقائه.
وآخرون لم يبدوا أي إهتمام حقيقي خلال الإعداد لهذه الفقرة، وحضروا وصوروا، وتحدثوا في الموضوع وإنتهى الأمر بالنسبة لهم.
وفي النهاية المشاهد ليس غبياً ومن المؤكد بأنه سيكون قادراً على التمييز بين الوجه الحقيقي والوجه المزيف عندما يشاهد الريبورتاجات المصورة في هذه الفقرة.