مي الياس ndash; إيلاف: quot;لكل غربال جديد شدةquot; مثل عامي ينطبق على التخبط التام الذي تعيشه قناة روتانا موسيقى منذ أن تحولت من ART5 الى روتانا موسيقى، فالبداية كانت بالإستغناء عن أغلب مذيعات المحطة اللواتي كن سر نجاحها وتميزها، وكن يتمتعن بنجومية عالية رغم عملهن على شاشة كانت مشفرة آنذاك، ونذكر منهن فرح بن رجب، ونادين فلاح اللواتي جمدن بعيداً عن الشاشة لفترة طويلة قبل أن يتم إنفصالهن عن المحطة بشكل رسمي.
وبعد سنوات عدن الى نفس الشاشة كمذيعات Freelancers، فرح بن رجب من خلال برنامج The Manager على شاشة روتانا موسيقى، ونادين فلاح من خلال برنامج سيدتي على شاشة روتانا خليجية.
وكأن الشاشة التي تنكرت لهن عادت لتعترف بخطئها بالإستغناء عنهن، والأهم من ذلك الإستغناء عن برامجهن التي كانت تتميز بخصوصية ولا تشبه غيرها من البرامج على الشاشات الاخرى.
فتوب 20 على أيام نادين فلاح كان أنجح وأفضل من كل النسخ التي حاولت المحطة تقديمها لاحقاً، بإستثناء النسخة الأخيرة التي قدمتها خريجة ستار اكاديمي أمل بوشوشة التي تمكنت من إخراج البرنامج من خانة الملل والرتابة التي صبغته طيلة السنوات الماضية، ومنحته شخصية جديدة من خلال رقصها وغنائها وتقديمها التي إجتمعت جميعها لتضفي على البرنامج إختلافاً عما كان عليه في السابق، الا ان هذه التجربة الجديدة رغم نجاحها، لم تستمر طويلاً بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها المحطة والتي أدت الى إيقاف أغلب البرامج المكلفة.
وبرنامج وراء الأضواء الذي كانت تقدمه فرح بن رجب انجح بكثير من جميع النسخ اللاحقة التي حاولت المحطة تقديمها لتلقي الضوء على كواليس تصوير الأغنيات المصورة، وبضمنها النسخة الأخيرة منه 360 درجة.
المشكلة منذ البداية كانت بأن كل إدارة جديدة تأتي لا تدرس ما كان ناجحاً من قبل وتبني عليه، وإنما تقوم بتغيير شامل يؤدي الى خسارة المحطة لجزء مهم من مشاهديها الذين يرون المحطة تسير من سيء الى أسوأ.
والخلل هنا أن إدارات التلفزيونات العربية لا تعترف بمبدأ المذيع النجم ولا تستثمر به ليصبح علامة مسجلة للمحطة، بعكس المحطات الغربية التي تتبنى نجومها وتسهم في تحويلهم الى ماركة مسجلة تدر ارباحاً طائلة كأوبرا وينفري أو دايان سوير الخ، وتحقق لهم نسب مشاهدة عالية بسبب تعلق الجمهور بمقدم البرنامج النجم، الذي تضاهي نجوميته نجوم السينما والغناء.
بينما المحطات العربية تفكر بأسلوب مد شاشاتها بدم جديد كل فترة، والاستغناء عن نجومها ونجماتها قبل أن تتمكن من رعاية الدم الجديد ليحقق النجومية بدوره، ويصبح قادراً على تعبئة الفراغ عند الإستغناء عن النجوم القدامى، وربما يعمدون الى ذلك بسبب قصر النظر، أو عدم الكفاءة الإدارية، أو وعلى الأغلب لأن تكلفة المذيعة الشابة أقل بكثير من المذيعة النجمة، وترى ان النقود تذهب في الديكور، والمقدمة (هبلة) لا تعرف ماذا يجب أن تفعل امام الكاميرا، دون إدراك منهم بأن سر نجاح أي برنامج يكمن في شخصية مقدمه أو مقدمته وليس بضخامة الديكور فقط، وأفضل برهان على ذلك النجاح الذي حققته وفاء الكيلاني وكل ديكور برنامجها لا يتعدى طاولة وكرسيين موضوعين بإطار جذاب، فكانت شخصية المقدمة ومضمون البرنامج سر نجاحه وليس ضخامة الإنتاج والديكور.
وعندما تم تعيين الأميركية أماندا هارتفورد مديرة لروتانا موسيقى لتنهض بالمحطة من جديد بعد أن فقدت الكثير من بريقها، أرادت المديرة الجديدة أن تخلق نسخة عربية من محطة MTV الموسيقية العالمية، ولم تأخذ بنظر الإعتبار بأن جمهور روتانا موسيقى لا يقتصر على جمهور الشباب فقط، فهي متابعة من جميع الأعمار والفئات، وبالتالي فإن توجيه جميع أو أغلب البرامج لفئة الشباب كان غلطة كبيرة. ولم تنج وفاء وجومانا من خطر التجميد او الإستغناء عنهن من قبل الإدارة الجديدة إلا بإعجوبة.
وفكرة التركيز على النجوم الشباب وخلق برامج لتلميعهم فكرة جيدة لكنها لم تترك للنجوم الكبار فرصة للتواجد على الشاشة، لأن عقلية النجوم العرب تختلف عن عقلية الفنانين الاجانب، فمارايا كيري لاتمانع في الظهور ببرنامج ظهرت فيه فنانة ناشئة على محطة MTV بينما نجوى كرم او عمرو دياب أو وائل كفوري أو أصالة نصري الخ..، يفكرون الف مرة قبل الظهور في برنامج ظهرت فيه سلمى غزالي، او هدى سعد، أو محمد المجذوب مثلاً.
ولسنا هنا ضد سياسة أماندا هارتفورد على العكس كان الإفضل إنشاء قناة جديدة، أو إستخدام قناة متوفرة حالياً كروتانا كليب مثلاً لتحويلها الى محطة بعنوان روتانا Teens وتطبيق سياسة هارتفورد فيها لتجتذب فئة الشباب اليها.
والإستثمار أكثر في محطة روتانا موسيقى لترضي الجمهور الأكبر عمراً الذي كان يستمتع ببرامج وفاء الكيلاني، وجومانا بو عيد، ويهوى البرامج السابقة التي كانت تقدمها فرح بن رجب ونادين فلاح... والإسثتمار في القاعدة الجماهيرية التي كانت تتمع بها هاته المذيعات بدلاً من إيقافهن وإيقاف برامجهن او مسخها الى نسخ أقل نجاحاً، وخسارة الجمهور الذي كان يتابعهن.
وهنا كانت روتانا ستتمكن من إضاء المشاهد اولاً، والمعلن الذي يبحث عن فئة الشباب، والمعلن الذي يتوجه للفئة الأكبر عمراً وذات القدرة الشرائية الأعلى.
واليوم غربال بلال العربي المشرف العام الجديد الذي تم تعيينه من قبل مدير المحطة الجديد تركي شبانة يطال نشرة آخر أخبار روتانا، فيحيلها في الشكل والمضمون الى نشرة باردة وجامدة، أشبه بنشرات الأخبار السياسية، رتيبة ومملة، بعد أن فرض على مقدمي النشرة التحدث باللغة العربية الفصحى، وهم غير مؤهلين لذلك، وبعد أن تم تقصير وقت جميع التقارير وحصره بدقيقتين فقط ، وبعد ان تم دمج أخبار السينما وأخبار الموسيقى في نشرة واحدة، بالإضافة الى دمج الأخبار الأجنبية مع الأخبار العربية، وهو أمر أفقد تقارير النشرة جماليتها وتميزها، وسبقها، فالمشاهد لا ينتظر من النشرة خبراً أو تقريراً مقتضباً وإنما يهتم للتفاصيل، بشكل كبير، ويهوى التقرير المفصل الذي كان يعرض في السابق أكثر من التقرير المقتضب الذي نراه حالياً.
وغالبية متابعي النشرة لاتهمهم الأخبار الغربية، ودمج الأخبار السينمائية والأخبار الأجنبية في النشرة جاء على حساب أخبار الموسيقى التي تهم متابعي المحطة بالدرجة الأساس.
فهل يقضي غربال العربي على آخر ما يشد المشاهد لهذه الشاشة، أم ستمتد يد الإنقاذ سريعاً لتعيد الأمور الى نصابها الطبيعي.