حضرت الفنانة العراقية الكبيرة عفيفة إسكندر إحتفالية بمناسبة العيد أقيمت في بيت النائب في مجلس النواب العراقي صفية السهيل ورغم تقدم العمر الا أنها كانت مشرقة وطاب لها الغناء فأحيت نوستالجيا نادرة في ذاكرة الحاضرين.


بغداد:ما الذي يمكن ان يخطر على البال في اللحظة حين مشاهدة المطربة العراقية الكبيرة عفيفة اسكندر ؟ سؤال .. ليس من السهل الاجابة عنه ، فالمشاعر تحتدم ولا يظهر الا بريق في العيون ، يمتلأ بالدهشة والبهجة معا ، فهذه الفنانة التي تحمل على عاتقها 82 عاما (من مواليد الموصل 1927) تحرص ان تظهر بأجمل ما يكون ،حين تدعى الى احتفال ما ، انيقة مشرقة ، ومسحة الجمال ما زالت تلوح على ملامح وجهها ، وتمتلك ذاكرتها ، تزرع في كل مكان تكون فيه الامل والتفاؤل ، ولا بد للمكان الذي تحضر فيه ان يكون ان يكتظ بالمحبة ، وهكذا كان بيت النائبة في مجلس النواب العراقي صفية السهيل في يوم العيد .
حضرت عفيفة اسكندر .. وان كانت على كرسي متحرك ، لكن بهجتها ما تزال ترفرف حولها ، وذلك الثوب (الهاشمي) يضفي عليها رونقا ، استقبلت بمحبة كبيرة من قبل الجميع فازدان الحفل سرورا ، كانت ضيفة من ضمن الضيوف لكنها منذ اللحظة التي حلت فيها تميزت ، ومع الوقت استرخت تماما مع المشهد العام للفرح الذي كان عليه المكان ،ومن الممكن القول انها استعادت فرحها المفقود ونفضت عنها هموم الاهمال والزعل وقد قالت بشيء من الاسى :(لماذا لم يسأل عني احد ، لا احد سأل وزارني ما عدا مؤسسة المدى وخيال الجواهري (ابنة الشاعر الجواهري) ، قالت ذلك بعتب جميل ، كأنها تقول ان بيتها في وسط بغداد ومن غير الممكن ان لا يسأل عنها احد وهي في هذا العمر !!، وهي ليست شكوى بالطبع بقدر ما تكون كلمات للتذكير فقط ، لكنها ابدت سعادتها وهي بين هؤلاء الناس السعداء بحضورها .
عفيفة اسكندر .. وسط الحشد الجميل المبتهج طابت نفسها ، فما وجدت حين اجتمع حولها المعجبون وطالبوها ان تغني الا ان تغني ، فغنت بصوتها المميز وبنبرته الخفيضة التي ظهرت عليها اثار الزمن ، ملبية رغبة الحضور ، غنت اولا :

(يا حلو يا اسمـر
يا حلو يا اسمـر غنى بـك السمَّر
رقّوا ورقَّ الهوى في كل ما صوروا
ما الشـعر مـا سـحره ما الخمر ما السكر
ينـدى على ثـغرك من انفاسـك العنبر)

وحين وجدت ان سعادتها اكبر ازاء هذه الحفاوة التي قليلا ما تشعر بها ربما ، وهي معتزلة في منزلها ، يبدو ان بغداد التي تعشقها ارتسمت في خاطرها وشعرت بالحنين اليها والى ذكريات كثيرة ووجدت انها تستحق منها اغنية فراحت تردد تلك الكلمات المفعمة بالحنين :

هزني الحنين لهلي /
والشوق بي ّ زاد /
هيا بنا يا ربع /
نمشي درب بغداد
وهي الاغنية التي طالما رددتها كلما سئلت عن اشواقها ومحبتها لبغداد التي عاشت فيها ، ومعها طرب الحضور وانشرحت نفوسهم ، فهذه التي غنت لهم عفيفة اسكندر ، ولا يمكن للمرء الا ان يطرب ويسترجع تلك الاغنيات وتلك المسيرة الطويلة والتي لايجد الا يحيي هذه الروح المفعمة بالحياة ، فكانت التحيات تنثر عليها من كل الايدي والالسن .