فيما نفى حزب البعث العراقي المحظور اعلان محافظ صلاح الدين العراقية رائد الجبوري الجمعة مقتل نائب رئيس النظام السابق عزت ابراهيم الدوري بعملية استباقية في منطقة جبال حمرين في محافظة صلاح الدين، وصلت الى بغداد جثة القتيل للتأكد من انها تعود الى الدوري.


أسامة مهدي: وصلت جثة عزة الدوري الى بغداد مساء اليوم وتم نقلها الى السفارة الاميركية للقيام بفحص الحمض النووي والتأكد من انها تعود اليه حيث اختلفت الروايات عن هويته وسط دعوات بعدم الاستعجال في تأكيد مصرعه قبل ظهور نتائج الفحص.

ومن جهته قال خضير المرشدي الناطق الرسمي باسم حزب البعث العراقي المحظور انه "يطمئن العراقيين الشرفاء والاحرار العرب بأن الانباء التي يروج لها بعض السياسيين العراقيين هي مجرد امنيات رخيصة لهؤلاء العملاء واسيادهم تهدف الى التقليل من جهاد البعث ورجاله وهو الان يقود نضال المجاهدين من اجل تحرير العراق من العملاء".

واضاف المرشدي في تصريح لقناة "العربية الحدث" عصر اليوم ان "الدوري بخير ويتمتع بصحة جيدة ويقود مجاهدي البعث نحو النصر الاخير"، ووصف محافظ صلاح الدين بأنه "كذاب وعميل صغير ولا يعتد برأيه والصور التي نشرت عن مقتله مفبركة".

وشدد على ان الدوري موجود في العراق حاليا ويتنقل بين محافظاته ويقود البعث والمقاومة نحو النصر الاكيد". واكد عدم وجود اي علاقة بين الدوري او حزب البعث مع تنظيم داعش وقال ان "الحزب يقاتل الارهاب كما يقاتل الطائفية".

محافظ صلاح الدين اعلن مقتله

وفي وقت سابق اليوم اعلن الجبوري أن "القوات الأمنية تمكنت من قتل الإرهابي عزت ابراهيم الدوري خلال عملية استباقية في منطقة حمرين قرب حقول علاس" واصفا عملية القتل بانها صفعة قوية للارهاب.

واضاف ان معلومات كانت وصلت عن توجه ثلاث سيارات تحمل انتحاريين الى ناحية العلم فقامت القوات العراقية بتنفيذ عملية استباقية هاجمت السيارات التي انفجرت وقتل فيها 9 اشخاص كان بينهم الدوري الذي ظل يتولى قيادة حزب البعث بعد الاطاحة بصدام حسين عام 2003.

واشار الجبوري في تصريحات متلفزة الى انه كان للدوري دور كبير في ادخال تنظيم داعش الى العراق والتعاون معه وتدبير عمليات ارهابية في انحاء العراق.

واوضح انه يتم الان نقل جثة الدوري الى بغداد لإجراء فحوصات دي ان اي لتأكيد مقتله.

ومن جهتها نشرت وكالة السومرية نيوز العراقية صورة قالت انها لجثة عزت الدوري نائب الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين عقب مقتله.

وتقع حمرين بين محافظتي صلاح الدين وكركوك شمال بغداد.

ورصد الاميركيون عشرة ملايين دولار في عام 2003 لمن يساعد في القبض على عزت الدوري.

وكان الدوري يقود تنظيم "جيش رجال الطريقة النقشبندية" وهو تنظيم يضم ضباطاً وعسكريين سابقين والعشرات من أفراد الجيش المنحل ويعتقد انه قوامه أكثر من خمسة آلاف مسلح.

وكان نائب الرئيس العراقي السابق المطلوب للقضاء العراقي عزت الدوري بث خطاباً صوتياً في الخامس من الشهر الحالي أبدى فيه تأييده لعاصفة الحزم واعتبرها "عودة قوية للقومية العربية" مطالباً التحالف العربي بالتدخل لوقف المد الإيراني في العراق والمنطقة.

وكان خطاب للدوري بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل في العاشر من حزيران (يونيو) عام 2014 ) حيّا التنظيمات المسلحة التي شاركت في السيطرة على مدينتي الموصل وتكريت وخاصة تنظيمي داعش والقاعدة بـ"محبة واعتزاز" ووصف ما يحصل بـ"الثورة ضد الاستعمار الصفوي".

ولد الدوري عام 1942 في ناحية الدور ( 150 كيلو مترا شمال بغداد ) على الجانب الشرقي لنهر دجلة بين سامراء وتكريت لعائلة فقيرة واكمل دراسته المتوسطة في الدور ثم انتقل الى بغداد ودخل ثانوية الاعظمية بداية الستينات الا انه لم يكمل دراسته فيها بسبب اضراب الطلبة ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم مطلع العام 1963 حيث كان ناشطا في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة العراق التنظيم الطلابي لحزب البعث الذي انتمى الى صفوفه عام 1959.

وقد اعتاد الدوري لعبة المطاردة مع القوات العراقية وقبلها مع الاميركية كما انهكه تدهور حالته الصحية ويأسه من شطب اسمه من قائمة المطلوبين الخمسة والخمسين.

فمنذ سقوط النظام في نيسان (أبريل) عام 2003 والدوري يتنقل مريضا في محيط مدينة الموصل ومناطق قبائلها حيث له علاقات عشائرية وعائلية هناك وهو المتزوج ثلاثا من& نسائها، يتنقل بين المساكن يحيط به عدد من ابنائه ونفر قليل من حراسه، ومحملا بالكثير من الاموال وبمعاناة من امراض السكري وضغط الدم وتصلب شرايين القلب وسرطان المعدة، لكنه انتقل بعد احتلال الموصل الى مناطق الجبال الشمالية.

الدوري... عضوية مبكرة في حزب البعث

وتولى الدوري مهمة معاون امر الحرس القومي الميليشيا المسلحة التي انشأها الحزب بعد نجاح انقلابه ضد رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم قاسم في شباط (فبراير) عام 1963 وكانت منطقة عمله في منطقة الفضل وسط العاصمة حيث ارتكب وبقية المسلحين البعثيين ابشع المجازر ضد الشيوعيين وانصار الزعيم الراحل.

وبعد انقلاب الثامن عشر من تشرين الاول ( اكتوبر ) 1963 الذي قاده الرئيس الراحل عبد السلام عارف ضد البعثيين اعتقل الدوري ومكث في السجن حتى نهاية عام 1966 حين اطلق سراحه ومجموعة من البعثيين.

وبعد اعادة تشكيل حزب البعث كان الدوري احد القيادات التي عملت على تنشيطه مع صدام حسين واخرين ثم تفرغ للعمل الحزبي واقام في وكر حزبي في منطقة (الطوبجي) بأطراف العاصمة ولتأمين حمايته من السلطة فتح له الحزب دكانا لبيع الثلج تابعا للبيت الذي يقوم فيه وهو مستأجر من الحزب ايضا للتمويه على النشاط الحزبي الذي كان يقوم به.

وزيادة في الاجراءات الاحترازية تولى الحزب تزويجه ودفع نفقات الزواج وشراء سيارة له نوع ( فولكس فاغن ) لتسهيل تنقلاته واتصالاته مع بقية ( الرفاق ).

وبعد انقلاب 17 تمز ( يوليو ) عام 1968 الذي اعاد حزب البعث الى السلطة مرة اخرى كان الدوري يشغل درجة عضو فرع الا انه انتخب عضوا في القيادة القطرية للحزب في اول مؤتمر قطري يعقد في ايلول ( سبتمبر ) عام 1968 ثم تولى مسؤولية المكتب الفلاحي والمجلس الاعلى للاصلاح الزراعي وشغل منصب وزير الزراعة والاصلاح الزراعي ثم وزيرا للداخلية.

الدوري ممثلا لصدام ونائبا له

وعقب تولي صدام حسين مسؤولية الحزب الاولى ورئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس قيادة الثورة في نموز (يوليو) عام 1979 عين الدوري نائبا له في قيادة مجلس الثورة والحزب حيث كان صدام يثق به بشكل مطلق فكلفه برئاسة لجان التحقيق في العديد من القضايا ضد قياديين في الحزب وخاصة بعد ( مؤامرة ) عام 1979 التي راح ضحيتها عشرون من قيادات الحزب والوزراء الذين نفذ فيهم صدام حسين حكم الاعدام لرفضهم توليه الرئاسة من دون انتخاب حزبي او شعبي.

دأب صدام حسين على تكليف الدوري حضور مؤتمرات القمة العربية والاسلامية نيابة عنه لما يتمتع به من (أمانة) في حمل رسائل سيده ووقاحته فقد كان لا يتورع عن المجابهة الحادة التي تصل الى حد توجيه الشتائم الى الاخرين في هذه المؤتمرات ولن ينسى العرب تلك المواجهة التي افتعلها مع الشيخ محمد الصباح وزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتي خلال القمة الاسلامية في الدوحة حين تفوه بكلمات معيبة اثارت استهجان جميع الوفود الاسلامية المشاركة.

معروف عن الدوري صلافته في التعامل مع اعضاء قيادات الحزب وكوادره وتوجيه العبارات الجارحة والمهينة لهم مستندا الى دعم صدام حسين له والذي كان يوجهه في كثير من الاحيان للقيام بهذه التصرفات المرفوضة.

وفي مجازر الانفال التي ارتكبت ضد الاكراد عام 1988 كان عزت الدوري مسؤولا عن لجنة شؤون المنطقة الشمالية فنفذ بحكم موقعه هذا حملة عسكرية بقيادة علي حسن المجيد المعروف بعلي الكيمياوي مجزرة بشعة لم يعرف لها تاريخ الاكراد مثيلا تم فيها مسح خمسة الاف بلدة وقرية من خريطة كردستان العراق وقتل 180 الف مواطن بدأت مقابرهم الجماعية التي اكتشفت مؤخرا تفضح جرائم الابادة الجماعية التي ارتكبها النظام السابق.

فبعد ان عينه صدام قبيل الحرب التي اسقطته ربيع عام 2003 ومن جديد مسؤولا عن المنطقة الشمالية التي اصبحت لا تشمل المحافظات الثلاث التي يحكمها الحزبان الكرديان الرئيسان منذ عام 1991 وهي اربيل ودهوك والسليمانية صار الدوري الحاكم الفعلي لمحافظات الموصل وكركوك وصلاح الدين والمناطق المحيطة بها& لكنه بعد دخول الاميركيين الى بغداد وانسحاب الضباط والجنود الى بيوتهم سلم الدوري هذه المحافظات بدون اطلاق رصاصة واحدة ليبقى طريدا.

الدوري على قائمة الارهاب

وقد اصدرت الحكومة العراقية قائمة جديدة باسماء مطلوبين للمثول امام المحاكم بارتكاب جرائم إبان حكم النظام السابق ممن شغلوا مناصب رفيعة تتهمهم ايضا بدعم وتمويل الجماعات المسلحة في العراق . وظهر المطلوبون في هذه القائمة على صفحات موقع الشرطة الدولية (الانتربول) على الانترنت.

وقال مسؤول في مركز القيادة الوطني في وزارة الداخلية& "ان جميع من وردت اسماؤهم في القائمة الجديدة متهمون بتمويل ودعم الجماعات المسلحة التي تحاول تقويض الامن في العراق".

وأضاف" ان من يتواجد من هؤلاء خارج العراق حاليا سيتم ملاحقته عبر الشرطة الدولية (الانتربول) تمهيدا لتسليمه الى الجهات الامنية العراقية التي تقوم بدورها بتقديمه الى القضاء".

ومن بين الاسماء التي طلب (الانتربول) الابلاغ عن أصحابها الى اقرب مركز شرطة محلية ونشر صور معظمهم فيما قال ان صور آخرين غير متوفرة، هو عزة الدوري نائب رئيس مجلس قيادة الثورة المنحل ويونس الاحمد الامين العام لحزب البعث المدعوم سوريا والمقيم فيها حاليا وطاهر جليل حبوش رئيس جهاز المخابرات السابق ومحمود ذياب الاحمد وزير الداخلية وابنه احمد محمود الاحمد ونجلي مدير الامن العام السابق المعتقل حاليا في العراق سبعاوي ابراهيم الحسن الاخ غير الشقيق للرئيس العراقي السابق صدام حسين أيمن وعمر.

وايضا هناك ابناء وطبان ابراهيم الحسن وزير الداخلية السابق والاخ غير الشقيق لصدام اضافة الى عدد آخر من المسؤولين السابقين الذين وردت اسماؤهم في قائمة ال55 التي اصدرتها وزارة الدفاع الاميركية بعد حرب العراق في اذار (مارس) عام 2003 وخصصت القوات الاميركية في وقت سابق مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد في إلقاء القبض على الدوري.

وجميع اصحاب الاسماء التي وردت في القائمة متهمون بتمويل ودعم الجماعات المسلحة التي تحاول تقويض الامن في العراق.

وستتم ملاحقة من هم خارج العراق عبر الشرطة الدولية وتسليمهم الى الجهات الامنية العراقية ومن ثم تسليمهم الى القضاء حيث ان جميعهم تقريبا هاربون من بلدهم حاليا.