إيلاف من القاهرة: قالت عضو مجلس النواب وأستاذة الفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر، الدكتورة آمنة نصير، إنها تقدمت بمشروع قانون ينص على منح الزوجة نصف ثروة الرجل في حالة الطلاق.

وأضافت نصير في مقابلة لـ"إيلاف" أن مشروع القانون يتفق مع الشريعة الإسلامية بنسبة 100 بالمائة، مشيرة إلى أن القاعدة الفقهية تقول "لا ضرر ولا ضرار"، كما أن العلماء يؤكدون أن من حق الزوجة المتفرغة لخدمة بيتها أن تتقاضى أجرًا عن ذلك.

كما وصفت ختان الإناث بأنه "عادة فرعونية مقززة"، ومتجذرة في دول حوض النيل، لافتة إلى أن الأزهر استمر في دراستها لمدة سنتين، وانتهى العلماء إلى أنها غير إسلامية، وربطها بأخلاق الفتاة غير لائق.

وانتقدت انتشار النقاب في المجتمعات العربية، معتبرة أنه "عادة يهودية"، ولا يتناسب مع الشريعة الإسلامية، التي حددت الملابس المحتشمة، بأن تكون فضفاضة لا تصف ولا تشف جسد المرأة.

وانتقدت جماعة الإخوان، متهمة إياها بممارسة العنف والإرهاب. ووصفت السلفيين بأنهم "نكبة الأمة الإسلامية"، مشيرة إلى أنهم جامدو الأفكار، ويقفون عن النصوص، ولا يتطورون مع العصر الحديث.
&
· أثار تقدمك بمشروع قانون يسمح للزوجة بالحصول على نصف ثروة الرجل في حالة الطلاق الجدل في مصر، ما السبب وراء ذلك؟

في أحد الأيام وجدت سيدة تجلس على الرصيف بالشارع أمام منزلي، وتنتحب بشدة، وبجوارها حقيبة بسيطة توجد بها ملابسها، وعندما اقتربت منها للاطمئنان عليها ومعرفة ما الذي يبكيها، قالت لي: "أنا متزوجة من رجل حالته جيدة وعشت معه لمدة 35 عامًا، ولدينا ولد وفتاة، وكنت سندًا طوال حياتنا معًا، حتى تعلم الأبناء وتزوجوا". وأضافت السيدة: "فوجئت بالأمس يدخل المنزل، ويصطحب معه السكريترة الخاصة به، وقال لي: مهمتك خالص انتهت، ابحثي لك عن مكان آخر تعيشين فيه". وتابعت: "أنا مقطوعة من شجرة، وليس معي غير 20 جنيهاً، إلى أين أذهب؟ مأساة هذه السيدة دفعتني إلى &التقدم بالقانون.

· وما أبرز نصوص مشروع القانون الجديد؟

&مشروع القانون يتضمن عدة مواد، وجاءت كالتالي:" يكون من حق الزوجة التي تتفرغ لزوجها وليست لها وظيفة، وإذا مكثت في الحياة الزوجية لمدة &5 سنوات خادمة له في كل شيء، وفي حالة طلاقها، تحصل 5% من دخله، وإذا مكثت معه 10 سنوات تحصل على نسبة 10% من دخله، وكذلك 15 عامًا يكون من حقها الحصول على 15% من ثروته. وفي حال عاشت مع زوجها أكثر من عشرين عامًا، يكون من حقها أن تقاسمه في الثروة، التي جمعها أثناء زواجه بها.

· وهل يتوافق مقترح القانون مع مبادئ الشريعة الإسلامية؟

&بالطبع يتوافق مع الشريعة الإسلامية، ويتماشى مع القاعدة الشرعية التي تقول "لا ضرر ولا ضرار"، لأن الزوجة إنسانة أفنت عمرها في خدمة زوجها وأبنائه، وفقدت شبابها وصحتها من أجلهم، وليس لها أي مصدر للدخل، ولن تتمكن من الزواج مرة أخرى، بعد أن ضاع شبابها. والآية الكريمة تقول: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان". والإحسان هنا معناه كبير جدًا فعندما جاء سيدنا جبريل للرسول "صلى الله عليه وسلم"، وجلس على ركبتيه وجاء بلباس عربي، وأخذ يعلم الصحابة، ما الإسلام؟ ما الإيمان؟ وما هو الإحسان؟، قال: الإسلام أن تؤمن بأساسياته، والإحسان أعظم ما يصل إليه المسلم، وهو مرتبة خاصة، تتمثل في أن تدرك أن الله يراك فتخشاه، فتخاف أن تغضبه وتخشى من الظلم، وهل هناك ظلم أعظم من أن تسلب امرأة شبابها وحياتها وتلقي بها في الشارع. كما كبار الفقهاء يقولون إن المرأة التي تخدم بيتها وتتفرغ له من حقها أن تتقاضى راتباً أو أجراً من زوجها على خدمتها في بيتها. وأطالب رجال القانون أن تتم صياغة هذا المقترح في شكل قانون عادل.

· لكن تعرضت لانتقادات كثيرة بسبب هذا المقترح؟

الهجوم والاتهامات نوع من استعجال الظلم، فالنفس البشرية تهوى أن تكون ظالمة وقوية، &والله سبحانه وتعالى حرم الظلم على نفسه وحرمه على عباده. وحاولت أن أوضح لمن وجهوا إليّ الانتقادات أن طرحي ليس ضد الرجل، لأنه ابني أيضًا، وأن مشروع القانون موجه ضد بعض الرجال، الذين يلقون بزوجاتهم في الشارع دون أن يعطوهنّ أية حقوق.

·هل تتوقعين أن يسهم مشروع القانون ـ في حال صدوره ـ في الحد من ارتفاع معدلات الطلاق؟

بالطبع، سوف يحد مشروع القانون من الطلاق، ويعمل "فرملة" لمعدلات الطلاق المتزايدة، لأن الرجل عندما يعلم أن زوجته التي عاشت معه لمدة 25 عامًا ستحصل على نصف ثروته، سيخاف أن يطلقها، كما أن القاضي هو الذي سيحدد الشروط منعًا من تلون الزوجة مع الزوج، إذا كانت تنوي الزواج من أي رجل ثري لفترة محددة من أجل الحصول على ثروثه، فالنساء لسن ملائكة، لكن الرجل شيطان كبير ينتفع جيدًا لما يمتلك من صلاحيات، والمرأة لئيمة لؤم الدنيا عندما تكون قادرة على التخلي عن الرجل، إذا كانت غير خلوقة. نحن بشر، فتحديد سنوات العشر بين الزوجين سيكون هو المعيار الحقيقي لوضع القانون.

· وماذا عن مشروع تعديل قانون ازدراء الأديان؟ إلى أي مدى وصل هذا المقترح؟

مشروع قانون ازدراء الأديان ضمن أولويتنا في مجلس النواب، وليس الهدف من هذا القانون حماية شخص أو آخر، ولكن هدفي هو حماية حرية الرأي، فالاختلاف في الرأي يقابله رأي آخر، والحجة أمامها الحجة، والإسلام لم يقل أن الرأي أمامه السجن، وما يحدث الآن لأننا حملنا الإسلام ما ليس فيه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقالوا: &يا رسول الله، أنصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا، فقال: تمنعه عن ظلمه، وتأخذ على يديه". مؤسسة الأزهر لو أرسلت إلى القناة التي كان يطل عليها إسلام البحيري، وقالت له هذا الشاب يتكلم في قضايا عقائدية من دون حجة، فإما أن توقفوا البرنامج وتوقفوه عن الخروج على القناة والحديث في مثل هذه الأمور، &ويتم إرساله &إلى المشيخة، لمناقشته في ما يتكلم فيه. كان هذا واجب الأزهر، بدلًا من تركه لمدة سنة وشهرين، وبعد ذلك يُرسل له شخصان يجلسان معه، ويجادلانه وكأننا في محاكمات القرون الوسطى، وبعد ذلك يتعرض للسجن، (أفرج عنه مؤخرًا بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي). هذا عار علينا والله، وإسلام براء من كل هذا، فلابد من أن يواجه الرأي بالرأي الآخر.

· هل طرحت أي بنود لتعديل هذا القانون؟

&تقدمت بمذكرة كاملة بهذه القضية، وتحدثت فيها عن البعد القانوني والبعد العقدي والإنساني والأخلاقي والتاريخي، وظللت لمدة شهرين أعمل فيه، &فأنا لست من محبي الصوت العالي وكل شيء يكون بالدراسة وبعمق.

· هل ائتلاف "دعم مصر" طلب منك إعداد القانون وتقديمه للنواب؟

لا، هذا لم يحدث، فائتلاف "دعم مصر" ليست له علاقة بالقانون، ولم يمارس عليَ أي دور توجيهي، فأنا سيدة لا أساق ولا أحد يفرض عليَ أية أمور، وكل ما أقوم به وفقًا لقناعاتي الشخصية ودراساتي التي تعلمتها وعملت عليها، فأنا أستاذة جامعية.

· من حين لآخر يتجدد الحديث عن ختان الإناث، فكيف ترين الخلاف الدائم حول هذه القضية؟

ختان الإناث كارثة أخلاقية، والموضوع تمت مناقشته في البرلمان وأقر قانون يحظر هذه العادة. إنها عادة فرعونية قديمة ومتجذرة في بلاد حوض النيل، وعلى رأسها مصر تليها السودان والصومال وجيبوتي والنيجر وبعض الجزر في إندونيسيا. الختان يكون للرجل. والكارثة &الكبرى أن يتم ربط أخلاق الفتاة وانضباطها بهذه العملية "المقززة"، كما أن &مركز السكان الدولي بالأزهر ظل لمدة سنتين يدرس هذه المسألة تحت إشراف سيد طنطاوي شيخ الأزهر "رحمة الله عليه"، وبوجود علماء نفس، اجتماع، وتم عقد 6 مؤتمرات حول هذه القضية. وانتهت الأمور إلى أنها عملية لا يأتي من ورائها خير ولا تنتفع بها الأنثى، وربطها بالأخلاق نوع من التطاول الذي لا يليق، فالبنت تنشأ وتتحلى بالتربية الجيدة في بيتها وليس بجزء من جسدها، فالعلماء أفتوا بذلك فهي ليست لها&علاقة بالسنة بالنبوية.
&
· تشغل قضية النقاب أيضًا مصر والعالم، ولديك موقف واضح منها، ونُشرت أخبار عن تقدمك بمشروع قانون لحظره؟

لم أتقدم بأي مشروع قانون لحظر النقاب، ولكن أحد أعضاء ائتلاف دعم مصر تقدم به، وقلت لهم: أنا مستعدة أن أقدم أبحاثاً علمية تفيد بأن النقاب في الشريعة اليهودية موجود في العهد القديم سفر التكوين، وأصر عليه أحبار بني إسرائيل، وموسى بن ميمون اعتبر أن المرأة اليهودية إذا خرجت خارج من ردهة البيت دون غطاء الرأس والوجه تخرج من الشريعة اليهودية، وربطوها بتقوى المرأة. وبعد ذلك تجذرت في الدول العربية، وتجدها حيّة حتى الآن في الجزيرة العربية، وجاء الإسلام ووجد النقاب متجذراً بين العرب، ففرض في سورة النور الآية 30 و31، وأقر أن الزي الإسلامي المحتشم لا يصف ولا يشف ويكون فضفاضاً، ومخالفة ذلك يكون شهرة وريبة. أصبح النقاب في هذا الزمان يستخدم في أعمال إجرامية، &كما أنني وجدت بعض النساء تلبسه لكي تتوارى فيه، وأصبح يستخدم في بعض الأعمال التي نهى الله عنها.

·ما سبب خلافك الدائم مع جماعة الإخوان المسلمين؟

& لا أقبل جماعة الإخوان، رغم أني كثيرًا ما دفعت عنهم في السر والعلن، ولكنهم الآن دخلوا في دائرة قبيحة، وقاموا بقتل أولادنا، ورملوا نساءنا، كما أنني أرفض التصالح معهم، بسبب ممارستهم الإرهاب ضد أهل مصر.

· لديك أيضًا موقف يعتبره البعض متشددًا ضد السلفيين في مصر، ما الأسباب؟

السلفيون نكبة الأمة الإسلامية، وقد حصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه بأفكار السلفية، منذ الأمام أحمد ابن حبل. وأعلم جيدًا أن أفكارهم جامدة وتتسم بالسطحية، ويقفون عند النصوص، فهم لا يتحركون قيد أنملة، مع تقدم العصر، فهم يتجمدون عند النص. فنحن نحتاج إلى علماء مفكرين مجددين للنصوص، فالسلفيون لا يعرفون نور العقل ولا الشرع، فهم حفظة نصوص.
&